رفقا بالأزهر الشريف

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بعد الأزمة التي أثيرت عن عمد حول موضوع النقاب بعد زيارة شيخ الأزهر لأحد المعاهد الأزهرية لقيني بعض الأخوة حفظهم الله ممن لا يعرفون شيئا عن الأزهر الشريف وقال لي نعرف عنك أنك دائما تتحدث عن المواقف العصرية المتجددة على الساحة فلماذا لم تتحدث عن موقف شيخ الأزهر الأخير؟ قلت له متجاهلا :وما هو؟ قال موضوع شيخ الأزهر ونزعه لخمار الطالبة ورده عليها بهذا الأسلوب ، وأخذ يكيل التهم للأزهر في صورة شيخه ...قلت له وهل سمعته؟ ..فبُهت وقال لا . ثم استدرك وقال ولكن وسائل الإعلام قالت هذا الكلام قلت له ولكني تعلمت أن لا أستقي معلوماتي في كثير من الأحيان من وسائل الإعلام وإن كنت تستقي معلوماتك من وسائل الإعلام فإن الرجل نفى هذا الكلام وهل تعلم أن للطالبات مدنا جامعية مخصصة لهم لا يدخلها الرجال؟


هل تعلم أن البنات في الأزهر لا يختلطون بالشباب في مراحل التعليم المختلفة؟ هل تعلم أن المعاهد الابتدائية ذات الكثافة العالية تم تخصيص فصول للبنات منفصلة عن فصول الذكور؟هل تعلم أنه يتم الآن الاكتفاء بمُعلِّمات لمرحلتي الإعدادي والثانوي لمعاهد الفتيات إذا هذه تربية في الأزهر


فما حاجة النقاب بين الطالبات في داخل الفصل الواحد والمدينة الواحدة أما في الشارع فلا حرج ولا تضييق هل تعلم أن شيخ الأزهر خرج على وسائل الإعلام ونفي هذا الكلام تماما وقال إنها مكيدة بُيتت بليل ثم قلت له هل تعلم أني تربيت في الأزهر ولحم عقلي نبت فيه أتريد مني أن أشعل فتنة بين العوام من الناس على المنبر أو في الدرس ضد بيتي وأهلي وعشيرتي لا وألف لا ( الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها)


لا أخفيكم سرا عن كم الحب والوفاء الموجود في قلبي للأزهر الشريف الذي تربيت في أحضانه وتعلمت في رحابه ونهلت من معينه العذب الصافي في مراحل التعليم المختلفة
ومن شدة حبي له أنني تعتريني الغيرة وأشعر بها تجري في عروقي وشراييني عندما أسمع إنسانا يتحدث عن الأزهر الشريف بأسلوب لا يليق بمكانته ...... إن الأزهر الشريف هذه المؤسسة العريقة يراد لها الآن أن تهدم وأن تباد من على وجه الأرض من قبل أعداء الدين من شيوعيين وعلمانيين ومنافقين وكفرة ومشركين والمؤامرات مستمرة حول مناهجه التي يراد لها أن تغير وأن تساوق التربية والتعليم وأن تسير في ركابها وأن ينسلخ الأزهر من تراثه وأن يبعثر ويباد تاريخه وأن ينسى ماضيه وأن يهدم مجده وحضارته وأن يستبدل به غيره وأن ينثر فوق رأسه التراب وأن يمرغ في الأرض وأن يتحول إلى اسم من أسماء كان


إنني على يقين من أن الأزهر الشريف هو صمام أمان للمجتمع من الانحراف


ولذلك علينا أن نعمل جميعا على أن لا يتحول إلى طابور ثالث لأحد أبدا ولابد من احترام استقلاليته وعدم تقديم أحد عليه سواء من المؤسسات التربوية أو الجماعات الفكرية
إنه مصنع الرجال والأبطال والشجعان والعلماء والقادة الذين فتحوا الدنيا من مشرقها إلى مغربها ومن شمالها إلى جنوبها وعملوا في كل ميادين الحياة فلم يدخروا جهدا ولا وقتا بذلوا الغالي والرخيص وضحوا وقدموا أنفسهم وأموالهم تركوا بيوتهم وزوجاتهم وأبنائهم من أجل نشر الإسلام في كل مكان من أرض الله
الأزهر الشريف الذي إذا ذكر الدين بأكمله ذكر معه لقد حفظ الله به الدين ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) الحجر
فرفقا به أيها الأحباب في وسائل الإعلام ولا تربطوا الأزهر أبدا بالأفراد لأن الأشخاص يعتريهم الزوال والنقصان والتغيير والتبديل ومن العيب علينا أن نربط الأزهر الشريف الحصن الحصين والقلعة العالية الشامخة بأشخاص مهما بلغوا من المنزلة والمكانة الاجتماعية أو العلمية أو الفكرية ...لأن الله علمنا في كتابه أن نربط الحق به فقال ( ذلك بأن الله هو الحق ) وقال في حق نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزى الله الشاكرين ) آل عمران لأنه من العيب أن نساوق بين السيف والعصا وبين السكين والحجر وبين النار والرماد وبين الماء والطين

ألم تر أن السيف يصغر قدره               إذا قيل هذا السيف أمضى من العصا


إنه أكبر من الأشخاص ومن أن يحصر في صورتهم وفي أفعالهم وأقوالهم وتصريحاتهم ومناصبهم وعلمهم وأموالهم
ومن العيب أيضا أن نصغر الأمر الكبير ونحقره ونكبر الأمر الصغير ونعظمه ونشغل أنفسنا به فنهدم بذلك صرحا عاليا فعندنا من القضايا ما هو أحق بذلك ( الأقصى الذي يدنس من قبل الاحتلال _حصار غزة _ ما يحدث للأقليات المسلمة في كل مكان ( الصين مثلا) _قضية التوريث في الحكم_ الغلاء والوباء الذي حل بنا_الفساد الذي انتشر في مجتمعاتنا _الحديث عن القرآن المعطل في حياتنا ...) عندنا الكثير ولكننا نرتدي في كثير من الأحيان منظارا ملونا يجعلنا نرى الأمور على غير وجهها وبعيدا عن حقيقتها وهكذا يراد لنا
ومن العيب أيضا أن نقوم بنشر غسيلنا على ملأ من الناس فينظرون إلينا نظرة ازدراء ويحتقروننا وينتقصون منا وأعيب هنا على بعض العلماء الذين يتحدثون في وسائل الإعلام عن الأزهر الشريف وموقف شيخه من قضية النقاب وما أثير حولها ألستم معي أنه كان بالإمكان أن نميت هذا الأمر في مكانه ومهده ولا يتحدث به أحد أبدا ولكن العاطفة وحدها من دون تفكير في عواقب قد يكون ضررها أكثر من نفعها ، ولست هنا أدافع عن شيخ الأزهر الذي لا يمثل نفسه وإنما يمثل مؤسسة عريقة وينبغي عليه أن يربأ بنفسه عن مثل هذه الأمور ولا ينظر إلى شخصه على أنه موظف في الدولة يفعل ما يراد وما يطلب منه ولكن ينظر إلى الأجيال التي ستأتي من بعده وإلى التأريخ الذي يكتب ولا يرحم


بصرنا الله بعيوبنا ورد إلى الأزهر هيبته وأبعد عنه أيدي الجهال والمتمردين آمين
أخوكم /عاطف ابوزيتحار
إمام وخطيب ومدرس بوزارة الأوقاف







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق