رسالة إلى حبة القلب >>هلاّ جعلت لك من اسمك نصيباً ؟ (2)الإحسان إلى الاسم

بقلم// الشيخ عاطف أبو زيتحار

من العيب أن تهتم بالناس من حولك وتترك نفسك التي بين جنبيك , إن الانسان الخيّر هو الذي يبذل الخير والمعروف مع أقرب الناس إليه قال صلى الله عليه وسلم " خيركم خيركم لأهله " وقال سبحانه وتعالى: (وأنذر عشيرتك الأقربين ) هذا مع الأقارب والأهل فما بالنا بالاسم الذي يلتصق بنا ولا ينفك عنا ؟ بالتأكيد هو أولى بالاهتمام والرعاية والاحسان ,كان الطرماح بن حكيم الطائي شاعراً معروفاً اهتم بمعرفة الغريب من الأسماء وقعد للناس يوماً , فما سأله إنسان عن كلمة إلا وأجاب عن معناها ودلل على ماقال من كلام العرب حتى سأله رجل عن اسمه الطرماح فسكت , فقالوا اهتم الرجل بالبعيد والغريب وترك القريب , والطرماح لقب عرف به الشاعر، حتى غلب على اسمه الأصلي فاشتهر به منذ القدم. وقد استعمله في شعره، فقال:
أنا الطرماح، فاسأل بي بني ثعل *** قومي إذا اختلط التصدير بالحقبِ
والكلمة بمعنى الطويل المرتفع ثم أطلقت مجازاً على الرجل الذي يرفع رأسه زهواً.
إن الاحسان إلى الاسم أمر مهم للغاية يفطن إليه الأذكياء فيحسنون إلى أسمائهم كما يحسنون إلى الناس من حولهم , وللإحسان إلى الاسم طرق تزينه , وتترك له بصمة وأثراً في نفس الآخرين :
1-اترك بصمة بزرع الجميل:
زارع الجميل ولو في غير موضعه يترك بصمة جميلة حول الاسم , وسيرة حسنة طيبة بعد الانتهاء منه كما قيل :
ازرع جميلاً ولو في غير موضعه فلن يضيع جميل أينما زرع
إن الجميل وإن طال الزمان به لــــن يحصـــده إلا الــذي زرع
كأن تسدي معروفاً أو تقدم خدمة , ترشد ضالاً أو تعين منكوباً , تأخذ بيد الناس إلى الخير والفضيلة , وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر , وتُعطي السائل والمحروم , وتقف بجوار اليتيم والأرملة....فيعلق الجميل بجوار اسمك يختلط به ويلتحم , حتى يصير قطعة واحدة ملتحمة لاتنفك أجزاؤها ولا تنقطع أوصالها .
لقد حمل النبي صلى الله عليه وسلم عن المرأة متاعها وأوصلها إلى مكانها التي تريد أن تصل إليه ولما أوصته بعدم طاعة محمد والسماع له وأخبرها بأنه هو أسلمت وارتبط الاسم في نفسها بالموقف الجميل الذي صنعه وغير السوء في نفسها إلى حسن ..
وما قصة آل أبي سلمة منا ببعيد , فموقف عثمان بن طلحة الذي صحب السيدة أم سلمة إلى المدينة لم يغب أبداً عن خلد الأسرة الكريمة قالت أم سلمة : فما رأيت قط رجل أكرم في العرب من عثمان بن طلحة , كان إذا جئت إلى مستراح أوقف بعيري وتأخر عني , فإذا نزلت عن بعيري أخذ ببعيري وتأخر بالبعير فربطه في الشجرة واضطجع تحت الشجرة , فإذا حان موعد الرحيل جاءني بالبعير فترك البعير وتأخر عنّي , فإذا ركبت البعير جاء وأخذ البعير وسار بي على ذلك أيامًا متتالية حتى قرب من المدينة , فرأى قرية عمرو بن أبي عوف فقال : يا ابنة أبي أمية , زوجك في هذه القرية , قالت : فدخلت القرية فوجدت أبا سلمة , قالت أم سلمة وهي تحفظ الجميل لهذا الرجل ـ: فما رأيت رجلاً أكرم من عثمان بن طلحة قط في العرب .
لقد حفر الرجل اسمه في قلب الأسرة الكريمة بهذا الموقف , ونحن نقول لقد حفر اسمه في التاريخ .. والانسان اسم بجواره موقف . أو موقف متلبس ومختلط باسم.
2- أن تحقق الأفعال الحسنة المتعلقة بالاسم وتجعلها واقعاً محسوساً بين الناس:
فتجمع خصال الخير المتعلقة بالاسم من كل مكان, القرآن والسنة , وأفعال الكرام , وأصحاب الهمم العالية , تفتش هنا وهناك ,وبعد جمع الخصال من كل مكان تقوم بالتطبيق والتنفيذ , هذه الخصال مع الاسم مثلها كمثل الزيت في المصباح , والعمل والتطبيق المقرون بالاسم كالنور المنبعث من المصباح , فمن جمع خصال الخير وقرنها باسمه أنار وأضاء اسمه بعد الانتقال من المكان .
3-أن تبتعد عن الأفعال القبيحة المتعلقة بالاسم:
إن الأفعال القبيحة والخصال السيئة رائحتها كريهة , أرأيت لو أن إنساناً لا يشرب الدخان ولكنه جلس فترة بجوار من يشرب الدخان من المؤكد أن يعلق الدخان بملابسه فترة , وهكذا العطر الحسن والرائحة الطيبة .
إن الاحسان إلى الاسم يحتم علينا أن نبتعد عن أماكن القبح حتى لاتعلق القاذورات بأسمائنا , فنهجر الأماكن سيئة السمعة , ونرتاد الأماكن الطاهرة , ونعمل جاهدين على ربط أسمائنا بهذه الأماكن الطيبة ,وأن نأخذ بيد أصدقائنا إليها .
روي أنه صلى الله عليه وسلم كان يكره الأمكنة المنكرة الأسماء , ويكره العبور فيها ، كما مر في بعض غزواته بين جبلين ، فسأل عن اسميهما ، فقالوا : فاضح ومخز ، فعدل عنهما ، ولم يجز بينهما .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق