على رسلك أيها الفتى3 (الهرمون الدعوي)

عاطف أبوزيتحار


كنا في الريف نزرع الأرض ونتعاهدها بالري والتنقية والنظافة ، ونضع لها السماد البلدي ، ونستمر على هذا الحال حتى تنضج
الزراعة وتستوي على عودها ، فتورق أشجارها وتخضر أورقاها وتظهر ثمارها ، وساعتها كنا نفرح بهذا الثمر ذو المنظر الحسن والطعم الجميل ، واليوم تغير الحال ، وظهر ما يسمى بالهرمون الذي يجعل الزراعة تنضج على غير أوانها ، وتستوي في غير موسمها ، وتظهر في غير فصلها فتجد بسببه زرع الصيف في الشتاء ،وزرع الشتاء في الصيف ،وعندما يوضع على النبات والزرع يجعل أوراقه تكبر وثماره تنضج وسيقانه تكبر ومحصوله يكثر يبهر المنظر ويجذب الأبصار ، ولكنك إذا ما أكلت منه أصابك بمرض ووجدت له طعما ومذاقا مختلفا ، ولكن إذا وضعته في حضانات وصوب طبيعية وتمت رعايته جيدا وأبعدت عنه هذه الهرمونات الضارة أنتج وأثمر وأينع وأشبع
ذكر موقع منتدى زراعة نت على لسان الدكتور فهمي صديق عن الهرمونات : إنها تؤدي إلى تحفيز تكاثر الخلايا داخل جسم الإنسان مما قد يؤدي للإصابة بالسرطان ....ومن ناحية أخرى أكدت إحصائية صادرة عن لجنة الصحة بمجلس الشعب أن عدد مرضى السرطان الذين يعالجون في المستشفيات ومراكز الأورام في تزايد مستمر ويشهد معهد الأورام تردد حوالي 20 ألف مريض سنويا تم اكتشاف الإصابة لديهم، وذلك بخلاف تردد حوالي 170 ألف مريض للمتابعة المستمرة لحالات قديمة أصيبت بالمرض. وأرجعت تقارير صحية أن المتهم الرئيس في تلك الحالات يتمثل في الأغذية والفاكهة التي يتناولها المواطنون وتكون بها هرمونات تم استخدامها أثناء الزراعة.......وأكدت تقارير الصحة أن هناك دلائل تؤكد أن الإصابة بسرطان الجهاز الهضمي ترتبط بعلاقة مباشرة بتلوث الغذاء نتيجة استخدام الهرمونات في الزراعة، مما أدى إلى زيادة عدد المرضى وتصل نسبة الإصابة لدى الأطفال إلى حوالي 60/0 من ناحية أخرى فإن هناك تقريراً صادراً عن المجلس القومي للبحث العلمي والتكنولوجيا عن المشاكل التي تواجه التنمية الزراعية في مصر أكد أن الاستخدام العشوائي للهرمونات في الزراعة أدى إلى تفشي أمراض الفشل الكلوي والكبدي والسرطان وبلغ مقدار الخسائر الاقتصادية الناتجة عن استخدام الهرمونات والمبيدات حوالي مليار دولار في العام 2007 .
أستاذ التغذية وعلوم الأغذية الدكتور وجيه المالكي يقول: إن عدم اتباع التوصيات الإرشادية الخاصة باستخدام الجينات والهرمونات لتكبير حجم الثمرة أو تغيير لونها وغياب الرقابة على تنفيذ تلك الاشتراطات يؤدي لمخاطر كبيرة ......، ويؤكد المالكي أن استخدام الهرمونات والمبيدات بشكل خطأ له تأثير كبير على صحة الإنسان وعلى المحصول خصوصاً الفاكهة التي أصبحت فجأة أكثر أسباب الأمراض لدى الإنسان لأن التفاح مثلا يضاف له مادة معينة كي تؤدي لاحمرار اللون لكن المُزارع قد يزيد من استخدام تلك المادة بنسبة أكبر وهذا له أضرار صحية مباشرة.. كذلك الخضروات فإن استخدام كميات كبيرة من مادة (الآزوت) التي تعطي اللون الأخضر يؤدي إلى ضرر كبير.. كذلك استخدام المبيدات المحظورة وسوء استخدام الجينات أدى إلى وجود خلل في نوعية الإنتاج الزراعي، ووجود المبيدات والهرمونات في الإنتاج الزراعي وتلوث الغذاء بهذه الكيماويات له آثار بالغة على صحة الإنسان لأن تلك المركبات تؤثر على الجهاز العصبي والكبد وتضر بالتناسل وتضعف الخصوبة الجنسية وتصل أحيانا لتشوه الأجنة، ومن المؤكد أنها تؤدي إلى مرض السرطان بشكل سريع جدا.. كما تؤدي إلى حدوث سرطانات المهبل عند النساء والبروستاتا عند الرجال وأيضا تؤدي إلى حدوث مرض السكر وارتفاع الضغط والصداع النصفي. أه بإيجاز
هذه هي الهرمونات وهذا هو ضررها على النبات والإنسان والحيوان .....وبمثل هذه الخطورة بل أشد منها الهرمون الدعوي الخطير الذي أصاب البعض مثل هرمون حب الظهور والرئاسة ، الذي يجعل صاحبه كما قال الأستاذ البلالي : يصر على رأيه ولا يتنازل ، وإن ظهرت له أدلة بطلان رأيه ، ولا يشارك بجدية إن كان مرؤوسا ، ويفشل المبادرات التي لا تصدر من قبله ، ويظهر ما لديه من علم دائما ، ويبالغ في الأمور الخاصة به ، ويعتذر دائما عن التكاليف الصغيرة التي ليس فيها بروز ، ويكثر من النقد بسبب وبغير سبب ، ويضعف بعض البارزين من إخوانه ، ويظهر عيوب أقرانه ، ويشكوا دائما من عدم تقلده لمنصب ما ، ويغير من أقرانه عندما يمدحون ، ويكثر من مدح نفسه ويبرز محاسنها ، لا يقبل النصح من أحد ، كثير الانتقاد للمؤسسة ولقيادتها ،معتد برأيه لا يلتزم بأوامر المؤسسة واحتياجاتها ،....والسر في ظهور هذا الهرمون على نباتات الدعوة وأوراقها وثمارها ووضوح أعراضه بهذه الصورة الخطرة كما قال الأستاذ البلالي هو : عدم أخذ كفايته من التربية الإيمانية ، واغتراره بوضعه الاجتماعي أو علمه الشرعي ، واستغلال منصبه لغايات دنيوية ..، ونسيانه لوضعه قبل البروز والشهرة ، .....إلخ مشاكل وحلول في حقل الدعوة بإيجاز
نحن اليوم في حاجة إلى حضانات وصوب دعوية من نوع خاص تتناسب مع كل مكان ( التجرد والإخلاص ، عمل برامج إيمانية خاصة ، المصارحة والمكاشفة بما هو فيه، توضيح عواقب وخطورة هذا الأمر ........إخراجه من المؤسسة إذا فشلت معه كل وسائل العلاج الأخرى حتى لا يتحول إلى سرطان قاتل في كل الجسد لأن استئصال عضو واحد أخف من انتشار المرض في كل الجسد ....) هذه الحضانات والصوب .....ينبغي أن تكون متوفرة وواضحة لدى الجميع ، لرعاية الجيل الجديد بعيدا عن الهرمون الدعوي الضار الذي يقطف الزهور قبل أوان قطفها ، والثمار قبل استوائها ونضجها ،وحاجتنا إليها أشد من حاجتنا إلى كثرة عدد وعدة وعتاد لأن الهرمون الدعوي الضار تسرب إلى عدد غير قليل من أبناء دعوتنا
نحن في الفترة الأخيرة في حاجة إلى تربية عمر لا إلى هرمون العصر عن عروة بن قيس البجلي أن عمر بن الخطاب لما عزل خالد بن الوليد واستعمل أبا عبيدة على الشام قام خالد فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إن أمير المؤمنين استعملني على الشام حتى إذا كانت سمنا وعسلا عزلني وآثر بها غيري ، قال : فقام رجل من الناس من تحته فقال : اصبر أيها الأمير فإنها الفتنة ، قال فقال خالد : أما وابن الخطاب حي فلا .............حتى يأتي الرجل الأرض يلتمس فيها ما ليس في أرضه فلا يجده.
وعن الحسن قال : قال عمر لما بلغه قول خالد بن الوليد : لانزعن خالدا ولانزعن المثنى حتى يعلما أن الله ينصر دينه ، ليس إياهما. مصنف بن أبي شيبة
وفي أسد الغابة : ولما ولي عمر بن الخطاب الخلافة عزل خالد بن الوليد واستعمل أبا عبيدة، فقال خالد: ولّي عليكم أمين هذه الأمة وقال أبو عبيدة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن خالداً لسيفٌ من سيوف الله " .
وفي الكامل في التأريخ :
في سنة سبع عشرة، عزل خالد بن الوليد عما كان عليه من التقدم على الجيوش والسرايا ، وسبب ذلك أنه كان أدرب هو وعياض بن غنم فأصابا أموالاً عظيمة، وكانا توجها من الجابية مرجع عمر إلى المدينة، وعلى حمص أبو عبيدة وخالد تحت يده على قنسرين، وعلى دمشق يزيد، وعلى الأردن معاوية، وعلى فلسطين علقمة بن مجزز، وعلى الساحل عبد الله بن قيس، فبلغ الناس ما أصاب خالد فانتجعه رجال، وكان منهم الأشعث بن قيس، فأجازه بعشرة آلاف.
ودخل خالد الحمام فتدلك بغسل فيه خمر، فكتب إليه عمر: بلغني أنك تدلكت بخمر، وإن الله قد حرم ظاهر الخمر وباطنه ومسه فلا تمسوها أجسادكم. فكتب إليه خالد: إنا قتلناها فعادت غسولاً غير خمر. فكتب إليه عمر: إن آل المغيرة ابتلوا بالجفاء فلا أماتكم الله عليه.
فلما فرق خالد في الذين انتجعوه الأموال سمع بذلك عمر بن الخطاب، وكان لا يخفى عليه شيء من عمله، فدعا عمر البريد فكتب معه إلى أبي عبيدة أن يقيم خالداً ويعقله بعمامته وينزع عنه قلنسوته حتى يعلمكم من أين أجاز الأشعث، أمن ماله أم من مال إصابة أصابها، فإن زعم أنه فرقه من إصابة أصابها فقد أقر بخيانة، وإن زعم أنه من ماله فقد أسرف، واعزله على كل حال واضمم إليك عمله. فكتب أبو عبيدة إلى خالد، فقدم عليه، ثم جمع الناس وجلس لهم على المنبر، فقام البريد فسأل خالداً من أين أجاز الأشعث، فلم يجبه، وأبو عبيدة ساكت لا يقول شيئاً، فقام بلال فقال: إن أمير المؤمنين أمر فيك بكذا وكذا، ونزع عمامته، فلم يمنعه سمعاً وطاعة، ووضع قلنسوته، ثم أقامه فعقله بعمامته وقال: من أين أجزت الأشعث، من مالك أجزت أم من إصابة أصبتها؟ فقال: بل من مالي؛ فأطلقه وأعاد قلنسوته ثم عممه بيده ثم قال: نسمع ونطيع لولاتنا ونفخم ونخدم موالينا.
قال: وأقام خالد متحيراً لا يدري أمعزول أم غير معزول، ولا يعلمه أبو عبيدة بذلك تكرمة وتفخمة. فلما تأخر قدومه على عمر ظن الذي كان، فكتب إلى خالد بالإقبال إليه، فرجع إلى قنسرين فخطب الناس وودعهم ورجع إلى حمص فخطبهم ثم سار إلى المدينة، فلما قدم على عمر شكاه وقال: قد شكوتك إلى المسلمين، فبالله إنك في أمري لغير مجملٍ. فقال له عمر: من أين هذا الثراء؟ قال: من الأنفال والسهمان، ما زاد على ستين ألفاً فلك، فقوم عمر ماله فزاد عشرين ألفاً فجعلها في بيت المال ثم قال: يا خالد والله إنك علي لكريم وإنك إلي لحبيب ولن تعاتبني بعد اليوم على شيء. وكتب إلى الأمصار: إني لم أعزل خالداً عن سخطة ولا خيانة ولكن الناس فخموه وفتنوا به فخفت أن يوكلوا إليه، فأحببت أن يعلموا أن الله هو الصانع وأن لا يكونوا بعرض فتنة. وعوضه عما أخذ منه.
وفي البداية والنهاية : وقد روى البخاري في التاريخ وغيره من طريق علي بن رباح عن ياسر بن سمي البرني، قال: سمعت عمر يعتذر إلى الناس بالجابية من عزل خالد ، فقال: أمرته أن يحبس هذا المال على ضعفة المهاجرين فأعطاه ذا البأس، وذا الشرف واللسان، فأمرت أبا عبيدة.
فقال أبو عمرو بن حفص بن المغيرة: ما اعتذرت يا عمر، لقد نزعت عاملا استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووضعت لواء رفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأغمدت سيفا سله الله، ولقد قطعت الرحم، وحسدت ابن العم.
فقال عمر: إنك قريب القرابة، حديث السن مغضب في ابن عمك. أه
الله أكبر ما أجمله من موقف تجلت فيه التربية في أبهى مظاهرها حيث تغلب الجميع على الهرمون القاتل وحاربوه وقضوا عليه وكلهم حب وتفان وإخفاء لذاتهم
خالد رضي الله عنه ينصاع للأمر ويستجيب للقيادة من دون غضب ولا تبرم ، تصور معي الأمر : وضع بلال قلنسوة خالد ثم أقامه أمام الناس فعقله بعمامته وخالد في ذهنه كلام حبيبه صلى الله عليه وسلم (ولينوا في أيدي إخوانكم)رواه أحمد فلما جلى لهم الحقيقة ووضح لهم ما التبس عليهم برفق وحب ولين أطلقه بلال وأعاد قلنسوته إليه ، وخالد يسمع لبلال ويطيع لأبي عبيدة وينفذ أمر عمر سمعا وطاعة بل أعلنها بكل حب (ولي عليكم أمين هذه الأمة) لم يشكك في أخيه ، ولم يذكر مآثره وجهاده ، ولكنه بهذا الكلام عن أبي عبيدة يأمر الناس بالالتفاف حول القيادة الجديدة ، وأنها أفضل من القيادة الماضية ،وهذا من شدة حرصه على الدعوة وعلى الأفراد ، ولذلك بادله أبو عبيدة على الفور (إن خالدا لسيف من سيوف الله ) وانظر أخي بعد ثبوت البراءة وظهور صدقه عندما أرسل إليه عمر أسرع الخطى حتى دخل عليه
أما بلال بن رباح رضي الله عنه فقد كان حريصا على أخيه فأبلغه بأمر القيادة وأراد أن ينفذ الأمر كما جاء من أمير المؤمنين دونما نقص أو زيادة فبعد أن أقام خالدا وعقله وتحدث خالد بين الناس وثبتت براءته قام بلال إلى أخيه وخدمه بنفسه في جو مشحون ومملوء بالحب والحنين فعممه بيده الكريمة كما عقله بها وقال : نسمع ونطيع لولاتنا ونفخم ونخدم موالينا ، كأني به وهو يقول هذا الكلام والبسمة تعلو جبينه ليدخل السرور على أخيه بعيدا عن الشماتة والنكاية والكيد والتراشق وحب الظهور عليه والاستعلاء
وأما أبو عبيدة رضي الله عنه هذا الجبل الذي يحب العمل في صمت فقد وقف أمام أخيه والحياء يملأ جسده فلم يقدم شيئا ولم يؤخر فتاريخ خالد أمامه وماضيه الحسن يلفه من كل مكان إن خالدا لسيف من سيوف الله ومن الثوابت عند أبي عبيدة عدم هدم الماضي الجميل لإخوانه وأحبابه فجلس جلسة المؤدب مع إخوانه تكرمة وتفخمة لأخيه خالد ولولا مبادرة بلال في إعلانه لخالد بأمر أمير المؤمنين لما تحدث أبو عبيدة رضي الله عنه فهو الحريص على سلامة الصدور فلم يعلم خالد بعزله حتى أرسل إليه أمير المؤمنين بالإقبال إليه
هذه هي القيادة المؤثرة التي لا تلهث خلف الإمارة ولا تطلبها ولا تتصيد لإخوانها العثرات كالذباب لا يقع إلا على القبيح دائما من أجل ذلك أعينت عليها ونالت حب وتقدير الجميع
وأما عمر رضي الله عنه فلقد جلي الحقيقة للناس بعد وصول خالد للمدينة فنادى على خالد قائلا له : يا خالد : والله إنك علي لكريم وإنك إلي لحبيب ولن تعاتبني بعد اليوم على شيء بل وعوضه عما أخذ منه ووضح الأمر للأمصار عن سر عزله لخالد أنه لم يكن لشك فيه ولا ارتياب ( إني لم أعزل خالدا عن سخطة ولا خيانة ولكن الناس فخموه وفتنوا به فخفت أن يوكلوا إليه)
إنه يريد أن يثبت عند الناس قاعدة الارتباط بالمباديء لا بالأشخاص لأن الأشخاص يعتريهم الزوال والنقصان والتغيير والتبديل ولذلك يقول : فأحببت أن يعلموا أن الله هو الصانع وأن لا يكونوا بعرض فتنة
رحم الله بلالا وعمرا وخالدا وأبا عبيدة وألحقنا بهم غير مبدلين ولا محرفين
لقد أصابتنا نشوة في الفترة الأخيرة بسبب كثرة العدد وفرح البعض بسبب بعض المكاسب القليلة في كثير من البلدان ولكن صحب هذه المكاسب هرمون خطير نحن في حاجة إلى تطهير الدعوة منه
صحبت بعض الأخوة فترة من الزمن وجاورتهم ومعادن الناس لا يتم الكشف عنها إلا بالجوار والصحبة والمعاملة ...كانوا في بلدتهم هم الذين يتصدرون المجالس يحدثون الناس ويحكمون عليهم فهم يملكون التجريح والتعديل وكنت أسمع عنهم من بعيد .... فلما اقتربت منهم وجاورتهم وأصبحت ملاصقا لهم وجدت عندهم بعض المشاكل التربوية فهم يجرحون في إخوانهم الذين أكلوا على مائدتهم ويفضحون ولا يسترون كانوا بين الحين والحين يفتعلون مشاكل ما أنزل الله بها من سلطان إذا ما بحثت عن أصل هذه المشاكل لا تكاد تجد لها أصلا وأثناء حديثهم يتحدثون بلغة المتحامل المتشدد الكاره المبغض ،.... في تحمله على إخوانه ولا حول ولا قوة إلا بالله ، يحسدون ويغيرون من المتقدم ، ويغضبون من تأخرهم ....!!!! وللأسف الشديد أنهم تحولوا في المجتمع إلى رموز كبيرة لها ثقلها ولما أخذت أحلل في شخصيتهم وأدقق في حياتهم الدعوية وأعود بتأريخهم الدعوي إلى الخلف قليلا تبين لي أنهم أصيبوا بالهرمون الدعوي فنبتوا وكبروا في موسم وفصل مختلف عن فصلهم وموسمهم نبتوا على غير أوان !!! وعندي أن العيب ليس فيهم ولكن العيب فيمن وضع لهم هذا الهرمون ولم يجعلهم يستووا على عودهم وساقهم الطبيعي كما يحدث للزراعة في الريف ، واستعجل عليهم وبهرته صورتهم الحسنة وبسمتهم الحانية وجسدهم الكبير وصوتهم الصهيل ..... وهم لا يعلمون خطورتهم على مستقبل الدعوة كالذي يرش زرعه بالهرمون لا يدري خطورته على صحته ، وللأسف الشديد بعد أن وصل هذا النوع الذي أصيب بالهرمون الدعوي أصبح يشف ما خلفه ولا يستر ،ويمرض ويعدي غيره ولايشفي ، ويجيع ولا يشبع ، يفرق ويشتت ولا يجمع ، ويضعف لا يقوي..........
ولهؤلاء الذين أصيبوا بالمرض وأصبحوا في وسط الحقل يراهم الناس وردة كالورود وزهرة كالزهور وثمرة كالثمار ....ولمن قام بوضع الهرمون عليهم ورشهم في وسط الحقل ، أن اتقوا الله في دعوتكم ودينكم فأنتم على ثغر من ثغور الإسلام عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ فَأُصِيبَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَافِلًا وَجَاءَ زَوْجُهَا وَكَانَ غَائِبًا فَحَلَفَ أَنْ لَا يَنْتَهِيَ حَتَّى يُهْرِيقَ دَمًا فِي أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ يَتْبَعُ أَثَرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْزِلًا فَقَالَ مَنْ رَجُلٌ يَكْلَؤُنَا لَيْلَتَنَا هَذِهِ فَانْتَدَبَ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَرَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَا نَحْنُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَكُونُوا بِفَمِ الشِّعْبِ قَالَ وَكَانُوا نَزَلُوا إِلَى شِعْبٍ مِنْ الْوَادِي فَلَمَّا خَرَجَ الرَّجُلَانِ إِلَى فَمِ الشِّعْبِ قَالَ الْأَنْصَارِيُّ لِلْمُهَاجِرِيِّ أَيُّ اللَّيْلِ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَنْ أَكْفِيَكَهُ أَوَّلَهُ أَوْ آخِرَهُ قَالَ اكْفِنِي أَوَّلَهُ فَاضْطَجَعَ الْمُهَاجِرِيُّ فَنَامَ وَقَامَ الْأَنْصَارِيُّ يُصَلِّي وَأَتَى الرَّجُلُ فَلَمَّا رَأَى شَخْصَ الرَّجُلِ عَرَفَ أَنَّهُ رَبِيئَةُ الْقَوْمِ فَرَمَاهُ بِسَهْمٍ فَوَضَعَهُ فِيهِ فَنَزَعَهُ فَوَضَعَهُ وَثَبَتَ قَائِمًا ثُمَّ رَمَاهُ بِسَهْمٍ آخَرَ فَوَضَعَهُ فِيهِ فَنَزَعَهُ فَوَضَعَهُ وَثَبَتَ قَائِمًا ثُمَّ عَادَ لَهُ بِثَالِثٍ فَوَضَعَهُ فِيهِ فَنَزَعَهُ فَوَضَعَهُ ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ ثُمَّ أَهَبَّ صَاحِبَهُ فَقَالَ اجْلِسْ فَقَدْ أُوتِيتَ فَوَثَبَ فَلَمَّا رَآهُمَا الرَّجُلُ عَرَفَ أَنْ قَدْ نَذَرُوا بِهِ فَهَرَبَ فَلَمَّا رَأَى الْمُهَاجِرِيُّ مَا بِالْأَنْصَارِيِّ مِنْ الدِّمَاءِ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ أَلَا أَهْبَبْتَنِي قَالَ كُنْتُ فِي سُورَةٍ أَقْرَؤُهَا فَلَمْ أُحِبَّ أَنْ أَقْطَعَهَا حَتَّى أُنْفِذَهَا فَلَمَّا تَابَعَ الرَّمْيَ رَكَعْتُ فَأُرِيتُكَ وَايْمُ اللَّهِ لَوْلَا أَنْ أُضَيِّعَ ثَغْرًا أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِفْظِهِ لَقَطَعَ نَفْسِي قَبْلَ أَنْ أَقْطَعَهَا أَوْ أُنْفِذَهَا) رواه أحمد والبخاري واللفظ لأحمد
رحم الله عبادا ورضي عنه كان يصلي لله رب العالمين ولكن فقهه وبصيرته جعلته يسجد ويخرج من الصلاة ليس لألام الضرب ولا لنزيف الدماء ولكن خوفا من أن يقتل هو وعمار فيفتح بصلاته وقيامه ثغرا في صفوف المسلمين فيكون سببا في هزيمتهم فيبوء بغضب الله !!!!!!أين هذا من الذين يفتحون أبوابا وشرفات وطرقات وميادين لدخول المنافقين والمتربصين إلى ميدان دعوتنا ليعبثوا بها بعد أن فتحوا لهم الأبواب وزينوا لهم الطرقات بمعاصيهم أو بأحاديثهم وتصريحاتهم أو بتجريحهم في إخوانهم ؟
لو قرأ كل واحد منهم هذا الموقف بكل ما فيه من معاني ودروس لخرجوا من نفقهم ولعادوا إلى رشدهم وصوابهم
روى الإمام أحمد بإسناد صحيح وعبد بن حميد والحاكم عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ....إن خيار عباد الله عند الله الموفون المطيبون)
الأذكياء هم الذين يوفون مع إخوانهم ويطيبوا بذلك نفسا فيعيش أحدهم سعيدا كبيرا لا يصغر أبدا في دعوته وبين إخوانه ، ولا يفتح ثغرا عليهم بأعماله السيئة ولا بلسانه فطيبوا أيها الأحباب فقد أصبحتم زهرة وثمرة كبيرة ولا تنسوا الماضي الجميل لأن نسيانه من الجفاء والغلظة
عمل بين إيمانين
يقول الله عز وجل :{ الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم (1) وَالَّذِينَ آمَنُوا وعملوا الصالحات وآمنوا بِمَا نزلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2) ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ (3) }محمد
قال الإمام الطبري : وذُكر أنه عنى بقوله( الَّذِينَ كَفَرُوا ) الآية أهل مكة،( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) الآية، أهل المدينة.
عن مجاهد : ( ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ ) قال: الباطل: الشيطان. وأما المؤمنون فكفّرنا عنهم سيئاتهم، وأصلحنا لهم حالهم بأنهم اتبعوا الحقّ الذي جاءهم من ربهم، وهو محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ، وما جاءهم به من عند ربه من النور والبرهان( كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ ) يقول عزّ وجلّ: كما بينت لكم أيها الناس فعلي بفريق الكفر والإيمان، كذلك نمثل للناس الأمثال، ونشبه لهم الأشباه، فنلحق بكل قوم من الأمثال أشكالا.تفسير الطبري
وقال القرطبي وعملوا الصالحات " من قال إنهم الأنصار فهي المواساة في مساكنهم وأموالهم ، ومن قال إنهم من قريش فهي الهجرة ، ومن قال بالعموم فالصالحات جميع الأعمال التي ترضي الله تعالى.
" وآمنوا بما نزل على محمد " لم يخالفوه في شئ، قاله سفيان الثوري.
وقيل: صدقوا محمدا صلى الله عليه وسلم فيما جاء به.
" وهو الحق من ربهم " يريد أن إيمانهم هو الحق من ربهم.. أه
فرق بين من كفر بالمنهج ،ولم يكتفي بذلك بل صد عن سبيل الله وآذى من حمله ، وبين من حمله ودافع عنه وفداه بنفسه وماله وبكل ما يملك......
فالأول أضله الله وأقصاه ، لاحظ له في الثواب والأجر وشرف العمل لنصرة هذا الدين (يريد الله أن لا يجعل لهم حظا) والثاني نال الشرف كاملا فأصلح الله له باله ، وكفر عنه سيئاته
قال الإمام النسفي في قوله :( كَفَّرَ عَنْهُمْ سيئاتهم ) ستر بإيمانهم وعملهم الصالح ما كان منهم من الكفر والمعاصي لرجوعهم عنها وتوبتهم ( وأصلح بالهم ) أي حالهم وشأنهم بالتوفيق في أمور الدين وبالتسليط على الدنيا بما أعطاهم من النصرة والتأييد.
وقال سيد قطب رحمه الله : وإصلاح البال نعمة كبرى تلي نعمة الإيمان في القدر والقيمة والأثر . والتعبير يلقي ظلال الطمأنينة والراحة والثقة والرضى والسلام . ومتى صلح البال ، استقام الشعور والتفكير ، واطمأن القلب والضمير ، وارتاحت المشاعر والأعصاب ، ورضيت النفس واستمتعت بالأمن والسلام . . وماذا بعد هذا من نعمة أو متاع؟ ألا إنه الأفق المشرق الوضيء الرفاف .
ولم كان هذا وكان ذاك؟ إنها ليست المحاباة . وليست المصادفة . وليس الجزاف . إنما هو أمر له أصله الثابت ، المرتبط بالناموس الأصيل الذي قام عليه الوجود يوم خلق الله السماوات والأرض بالحق ، وجعل الحق هو الأساس : ( ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل؛ وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم ) في ظلال القرآن .
العمل لابد من أن يحاط بأسوار عالية من الإيمان ، وأبراج شاهقة من التقوى تحوطه من كل مكان حتى يكلل بالنجاح والقبول ، وبسوار من التجرد والإخلاص ولذلك جاء العمل في هذه الآية بين إيمانين حتى لا ينحرف عن الطريق ويبعد عن مساره
قبل الهجرة كان عهد بناء الفرد رجل العقيدة ، وبعد الهجرة عهد الجماعة والتكاليف ، وبين الفردية والجماعية والضعف والقوة يظهر المعدن النفيس من الخبيث وقوي الإيمان من ضعيفه والمتردد من الثابت والنفعي من المتجرد والمتحامل من المحب المؤيد
في العهد المكي لم تظهر الفتن في صفوف المسلمين كما ظهرت وهم في المدينة المنورة بالرغم من شدة الضربات وكثرتها في العهد المكي ، ولذلك ظهر النفاق في المدينة وكثر أنصاره ومؤيدوه
فالتكاليف والانقياد والتسليم للقيادة محصت الصف المؤمن ونقته من الجراثيم والهرمونات ليميز الله الخبيث من الطيب ، فأهل الإيمان أراح الله ضمائرهم وأصلح بالهم
ولذلك من أصيب بهرمون ولم يستوي على عوده وساقه في العهد المدني لم يصلح لبناء الدولة وفتح البلدان ، ظهر هذا مع كثرة العدد واختلاط الناس ، وأثناء النداء للخروج للجهاد
فإذا ما أردنا أن ننهض بدعوتنا فعلينا أن نربي أنفسنا وأن نعود بها إلى الإيمان فنغترف من زاد القرآن والقيام والصيام والذكر ...... لأن اللين في أيدي الإخوان لن يأتي إلا بهذا الزاد والهرمون الفتاك لن يهدأ إلا بهذا الدواء فمثل الأعضاء في الانقياد كمثل الماكينة لا تتحرك إلا بوقود وزيت وإلا توقفت وتعطلت وارتفع صوتها وأكلت مكوناتها
بصرنا الله بعيوبنا وردنا إلى دعوتنا ردا جميلا وأبعد عنها أيدي المنحرفين والمتحاملين آمين



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق