عاطف أبو زيتحار
من خلال حركتنا بين إخواننا الدعاة وصحبتنا لكثير منهم على اختلاف انتماءاتهم الفكرية ومحاريبهم الدعوية .. , هذا إخواني , وهذا سلفي , وهذا أزهري ..... , ومن خلال عمل استبيانات قام بملئها الدعاة أنفسهم , أو من خلال سؤالنا المباشر أو الغير مباشر .., وجدنا عند بعضهم بعض المظاهر السلبية , منها :
- الأبناء منهم المتخلف في دراسته والمتأخر بين زملائه بعضهم حصل على دبلوم متوسط , وبعضهم لم يكمل دراسته , وعندما سألنا عن السبب أجاب الوالد الكريم .. : بانشغالاته الدعوية الكثيرة ومسئولياته الجسام , والأدهى أن بعض الأبناء تناولوا الخمر واتجروا به .. وسلكوا مسالك شيطانية أخرى....
- ومن المظاهر السلبية التي وجدناها: تفلت الزوجة والأبناء من المحراب الدعوي الذي ينتمي إليه الداعية .. , فهم غير عابئين بفكرته ولا بهمه وهمته .. , فهو في واد وهم في واد .., لأنه لم يحملهم من الهم كما يحمل , ولم يربهم على فكرته ولم يرضعهم لبانها ويسقيهم من مائها .. - ومن المظاهر السلبية التي لا حظناها وسألنا عنها في استبيانات متكررة .. غفلة بعض الدعاة عن
أوراد الليل , فهو ماكينة دعوية متحركة بالنهار معلما ومصليا ومتحدثا .. معزيا ومهنئا ........., ولكنه بمجرد أن يصل إلى بيته يخلد إلى الراحة والدعة والسكون , فلا يراه أهله قائما ولا قارئا .. بضاعته قليلة .. , فيقتدون به في بُطئ سيره مع ربه .. , ومن هنا تأتي الخطورة أنه نظم الكون خارج البيت , ورآه الأغراب نشيطا في الدعوة يهز أعواد المنابر والمحاريب , ورآه الأهل فاترا متثائبا .. , فاقتدى به الأصدقاء والأهل كل حسب رؤياه له ومشاهدته لأفعاله ..
- ومن المظاهر السلبية التي لا حظناها أن بعض الدعاة لا يعرف أحد من جيرانه عنه شيء فهو في المحراب الدعوي والخطابي ممتاز .. وله شهرة واسعة , ولكنه مع جيرانه وفي حيه أو عمارته التي يسكن فيها لا يعرفه أحد , إذا ما سألت عنه , قال الناس: لا نعرفه ولا نعرف مسكنه .. , وهذا بسبب عزلته وقلة تواجده بين الناس في أفراحهم وأتراحهم.., فهو في عزلة مستمرة.
- ومن المظاهر السلبية التي لا حظناها: أننا عندما دخلنا إلى بيوت بعض الدعاة وجدنا لون البسطاة كاس على أركان البيت ... , لم يحزننا ذلك بقدر ما أحزننا انعدام الذوق العام في داخل البيت , فهو غير مرتب ولا منسق ولا معطر..., ملا بس الأولاد متناثرة وأحذيتهم تعلو أسرتهم , وستائر البيت متناثرة وغير مرتبة ولا متناسقة بعيدة عن النظافة , تعلوها كومات التراب.. , وإذا ما حدثتك نفسك بالدخول إلى الحمام ... فحدث ولا حرج .., وإذا نظرت إلى مكتبة الداعية فهي مبعثرة غير مرتبة على حسب الموضوعات كتاب هنا وآخر هناك ..., والمكتب تعلوه الأوراق المبعثرة .. , وهكذا تتمنى الخروج وعدم الجلوس .. , وإن جلست قليلاً تتمنى انهاء الزيارة .. بسبب انعدام الذوق في أركان البيت .., وبعضهم لم نجد في بيته مكتبة معدة للكتب , بعض الكتب المتناثرة التى قام بتحصيلها من أيام الجامعة وفقط ..
- ومن المظاهر التي لا حظناها من خلال استبيانات قام بكتابتها بعض الدعاة , وعرفنا بعضا منها بسؤالنا المباشر: جلوس بعضهم أمام النت لساعات , واستخدامه الكمبيوتر لأوقات طويلة ليس في الكتابة أو المطالعة وإنما في الحديث مع زيد وعبيد ..., واغفاله للمطالعة في الكتاب , وعدم تفريغ بعض الوقت للجلوس مع أبنائه ومتابعته لهم في دراستهم .. , مما تسبب في كثير من المشاكل الأسرية مع بعضهم ..
- ومن المظاهر التي لا حظناها إسراف بعضهم في المأكل والمشرب والملبس .. , فلا تلحظ في بيته زهد الدعاة .. - ومن خلال متابعتنا ومراقبتنا لبعضهم , تلاحظ وجود مشاكل بينه وبين جيرانه , فهو مبغوض مكروه لسلوكيات زوجته الشرسة مع جيرانها , أو لمعاملة أبنائه السيئة للناس من حوله , أو لمعاملاته وأخلاقياته الغير محمودة مع الناس من حوله ... , أو بسبب الروائح الكريهة المنبعثة من داخل بيته - عراك مستمر وصغب دائم - ...
- ومن خلال متابعتنا لبعضهم في محراب العمل وجدنا بعضهم يمد يده لمال فيه شبهة , ويطعم أبناءه به ...
- ومن خلال متابعتنا أيضاً: وجدنا لبعضهم صحبة سيئة عليها بعض علامات الاستفهام , لم يكتف بصحبتها خارج البيت , وإنما دخلت محراب السكن والسكينة , أكلت وشربت , وسلمت وصافحت أبناءه , وهو في غفلة عن " لا يدخل بيتك إلا مؤمن ولا يأكل طعامك إلا تقي"
- ومن الملاحظات التي وضعنا أيدينا عليها ضعف متابعة الأبناء خارج البيت وداخله , فهم في واد ورب البيت في واد , ولربما استخدموا نفوذه ومكانته الاجتماعية , وسلطاته الإدارية فيما يضر ولا يصلح , ولو علم الداعية أن أبناءه خارج البيت وفي داخله امتداد طبيعي لدعوته , لأحسن المتابعة الدقيقة لأبنائه في داخل البيت وخارجه . هذه بعض المظاهر التي تكسوا الداعية بالخيبة وتنزع عنه ملابس الهيبة . إن بيت الداعية محراب يسبق محراب المسجد , وقدوة تسبق قدوة العلم والتعليم والتعلم . من أجل ذلك إذا أردت أن تكون قدوة , فاجعل بيتك قبلة لأهل الأرض وقبلة لأهل السماء , وذلك بسلوك هدي الصالحين والمصلحين على مر التاريخ , فهذا عمر رضي الله عنه القدوة في البيت والعمل والمسجد .... , من جميل أقواله : إن الناس ليؤدون إلى الإمام ما أدى الإمام إلى الله، وإن الإمام إذا رتع رتعت الرعية. ولذلك كان شديدا في محاسبة نفسه وأهله، فقد كان يعلم أن الأبصار مشرئبة نحوه وطامحة إليه، وأنه لا جدوى إن قسا على نفسه، ورتع أهله فحوسب عنهم في الآخرة، ولم ترحمه ألسنة الخلائق في الدنيا، فكان عمر إذا نهى الناس عن شيء تقدم إلى أهله فقال: إني نهيت الناس عن كذا وكذا، وإن الناس ينظرون إليكم كما ينظر الطير إلى اللحم، فإن وقعتم وقعوا، وإن هبتم هابوا، وإنى والله لا أوتى برجل وقع فيما نهيت الناس عنه إلا أضعفت له العذاب، لمكانه مني، فمن شاء منكم أن يتقدم، ومن شاء منكم أن يتأخر". تاريخ بغداد ومما ورد عنه أيضاً أنه رضي الله عنه أنه كان شديد المراقبة والمتابعة لتصرفات أولاده وأزواجه وأقاربه , فمنعهم من الاستفادة من المرافق العامة للدولة خوفا من أن يحابى أهله به ، قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : اشتريت إبلاً أنجعتها الحمى فلما سمنت قدمت بها، قال: فدخل عمر السوق فرأى إبلا سمانا فقال: لمن هذه الإبل؟ قيل: لعبد الله بن عمر، قال، فجعل يقول: يا عبد الله بن عمر بخ... بخ... ابن أمير المؤمنين، ما هذه الإبل؟ قال: قلت: إبل اشتريتها وبعثت بها إلى الحمى، أبتغي ما يبتغي المسلمون. قال: فقال: فيقولون: ارعوا إبل ابن أمير المؤمنين، اسقوا إبل ابن أمير المؤمنين. يا عبد الله بن عمر اغد إلى رأس مالك، واجعل باقيه في بيت مال المسلمين. وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : شهدت جلولاء- إحدى المعارك ببلاد فارس- فابتعت من المغنم بأربعين ألفا، فلما قدمت على عمر قال: أرأيت لو عرضت على النار فقيل لك: افتده، أكنت مفتديا به؟ قلت: والله ما من شيء يؤذي بك إلا كنت مفتديا بك منه. قال: كأني شاهد الناس حين تبايعوا فقالوا: عبد الله بن عمر صاحب رسول الله ، وابن أمير المؤمنين وأحب الناس إليه- وأنت كذلك- فكان أن يرخصوا عليك أحب إليهم من أن يغلوا عليك، وإنى قاسم مسئول وأنا معطيك أكثر ما ربح تاجر من قريش، لك ربح الدرهم درهم، قال: ثم دعا التجار فابتاعوا منه بأربعمائة ألف درهم، فدفع إليّ ثمانين ألفا، وبعث بالباقى إلى سعد بن أبى وقاص ليقسمه. قال معيقيب: أرسل إليّ عمر مع الظهيرة، فإذا هو في بيت يطالب ابنه عاصما... فقال لى: أتدري ما صنع هذا؟ إنه انطلق إلى العراق أخبرهم أنه ابن أمير المؤمنين، فانتفقهم (سألهم النفقة) فأعطوه آنية وفضة ومتاعا، وسيفا محلى، فقال عاصم: ما فعلت، إنما قدمت على أناس من قومي، فأعطوني هذا. فقال عمر: خذه يا معيقيب، فاجعله في بيت المال. فهذا مثل من التحري في المال يكتسبه الإنسان عن طريق جاهه، ومنصبه، فحيث شعر أمير المؤمنين عمر بأن ابنه عاصما قد اكتسب هذا المال لكونه ابن أمير المؤمنين تحرج في إبقاء ذلك المال عنده لكونه اكتسبه بغير جهده الخاص فدخل ذلك في مجال الشبهات. ووما يروى في ذلك أيضا أن عمر رضي الله عنه قدم عليه مسك وعنبر من البحرين فقال: والله لوددت أني وجدت امرأة حسنة الوزن تزن لي هذا الطيب حتى أقسمه بين المسلمين، فقالت له امرأته عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل: أنا جيدة الوزن فهلم أزن لك. قال: لا. قالت: لم؟ قال: إني أخشى أن تأخذيه فتجعليه هكذا -وأدخل أصابعه في صدغيه- وتمسحي به عنقك فأصيب فضلاً على المسلمين. يقول الدكتور راغب السرجاني :فهذا مثل من ورع أمير المؤمنين عمر واحتياطه البالغ لأمر دينه، فقد أبى على امرأته أن تتولى قسمة ذلك الطيب حتى لا تمسح عنقها منه فيكون قد أصاب شيئًا من مال المسلمين، وهذه الدقة المتناهية في ملاحظة الاحتمالات أعطاها الله لأوليائه السابقين إلى الخيرات، وجعلها لهم فرقانا يفرقون به بين الحلال والحرام والحق والباطل، بينما تفوت هذه الملاحظات على الذين لم يشغلوا تفكيرهم بحماية أنفسهم من المخالفات. موقع قصة الإسلام بتاريخ 4/10/2006
البيت دعوة صامته فحافظ عليها وراعها وارعاها
ولذلك الناس يرقبون بيتك وأهلك أكثر من مراقبتهم لك ولأعمالك وعباداتك , فحافظ على هذه النعمة واجعلها دعوة لله صامتة حتى يكتب لها البقاء والهناء والسعادة "وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَناً" النحل , فحافظ على هذه النعمة بكثرة القيام والذكر والتسبيح .. عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - : أنَّ النَّبيَّ – صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ :"صَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ ، فَإنَّ أفْضَلَ الصَّلاَةِ صَلاَةُ المَرْءِ في بَيْتِهِ إِلاَّ المَكْتُوبَةَ " متفقٌ عَلَيْهِ . وقد تزول هذه النعمة بسبب الذنوب والمعاصي والسيئات التي قد يتحول البيت بسببها إلى حجيم لا يطاق ، قال الله تعالى :"قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ "النحل26 ، ولذلك نرى اليوم الكوارث خير شاهد في القرى والمدن ..., والمشاكل في البيوت تصل إلى المحاكم ... لقد تعاهد الناس في زراعتهم على مايسمى بالحضانات .. التي تُربى فيها الشتلات الصغيرة ثم تُنقل بعد ذلك إلى أحواضها الكبيرة .. , وهكذا البيت هو الحضانة التي ترعى الزرع الصغير .. , ثم ينقل بعد ذلك إلى الناس في المسجد والسوق والحقل والأفراح والأتراح ..., فإن لم يُربى ويُرعى ويُراعى في حضانته جيداً , ويهتم به اهتماماً كبيراً لن يكون نتاجه عند الانتقال إلى حوضه أو حقله مفيداً أو مؤثرا , بل ستعتريه الأمراض التي تضعف انتاجه , وتحطم ثماره. بين حق الليل وحق النهار يعيش الداعية عن زيد رضي الله عنه أن أبا بكر قال لعمر : " إني موصيك بوصية إن حفظتها :إن لله حقا بالنهار لا يقبله في الليل ، ولله حق بالليل لا يقبله في النهار ، وإنها لا تقبل نافلة حتى تؤدى فريضة ، وإنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم في الدنيا الحق وثقله عليهم ، وحق لميزان لا يوضع فيه إلا الحق أن يكون ثقيلا ، وإنما خفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة باتباعهم في الدنيا الباطل وخفته عليهم ، وحق لميزان لا يوضع فيه إلا الباطل أن يخف ، وإن الله عز وجل ذكر أهل الجنة وصالح ما عملوا ، وتجاوز عن سيئاتهم ، وذكر آية الرحمة ، وآية العذاب ، ليكون المؤمن راغبا وراهبا ، فلا يتمنى على الله غير الحق ولا يلقي بيده إلى المهلكة ، فإن حفظت قولي فلا يكونن غائب أحب إليك من الموت ، ولا بد لك منه ، وإن ضيعت وصيتي فلا يكونن غائب أبغض إليك من الموت ، ولن تعجزه " . تاريخ المدينة فعلى الداعية أن يعطي كل دقيقة حقها لأنه بن وقته , فهو كالبنّاء الماهر الذي يجمع اللبنات بعضها إلى بعض , لا يترك مكاناً فارغاً يشوه صورة جداره المكون من أربعة وعشرين لبنة , فهو في انتباه مع كل لبنة يضعها طوال ليله ونهاره , لا يعرف الغفلة في يقظة مستمرة , موسوس يشد خيطه ويضع ميزانه على كل لبنة حتى يستقيم البنيان . إن عنياتنا بأعمال وأوراد الليل والنهار ,كعناية الرجل الموسوس الذي يكثر عرض نفسه على طبيبه كلما استشعر بدرجة حرارة عالية كما قال الإمام البنا رحمه الله , فلنكن هكذا مع أوراد الليل والنهار . إن البعض يهتم بأعمال النهار يصوم ويصلي ويقرأ ويذكر ويصل رحمه ... وإذا ما أتى الليل أخلد إلى الراحة والدعة والسكون فسمر ولعب ونام ... أو العكس في جد واجتهاد مع العبادة بالليل وغفلة بالنهار... , ونسي المسكين أن هناك تقارير تكتب بالنهار وأخرى بالليل , عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، ويجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر ، ثم يعرج الذين باتوا فيكم ، فيسألهم وهو أعلم بهم : كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون تركناهم ( وهم ) يصلون ، وأتيناهم وهم يصلون . موطأ مالك والأغرب أن البعض يجد ويجتهم في يوم ويفتر في آخر متناسياً أن كل يوم يكتب عنه تقريراً مفصلاً , فالعاقل هو الذي يعطي كل ساعة حقها من ليل أو نهار , ويحرص على أن ترتحل بحمده لا بذمه.
مكانك في مقامك:
هذه حقيقة تتضح وتظهر في صحبة الصالحين عندما يراهم الناس يزورونك في بيتك بين الحين والحين , ساعتها يكثر احترامك ويقبل الناس عليك اقبال المحبين , فيا حبذا لو أكثر الانسان من صحبتهم وطلب منهم ورجا أن يدعو له وأن يصلوا في بيته ... حتى تنزل البركات ويعم الخير , عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : " مثل الجليس الصالح مثل العطار ، إن لم يعطك من عطره " أو قال : " إن لم تصب من عطره أصابك من ريحه " رواه الحاكم في المستدرك , وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" إِنَّمَا مَثَلُ الجليس الصالحُ والجليسُ السوءِ كحامِلِ المسك، ونافخِ الكِيْرِ فحاملُ المسك: إِما أن يُحْذِيَكَ، وإِما أن تبتاع منه، وإِمَّا أن تجِدَ منه ريحا طيِّبة، ونافخُ الكير: إِما أن يَحرقَ ثِيَابَكَ، وإِما أن تجد منه ريحا خبيثَة" . رواه البخاري ومسلم وعلى الداعية أن يستغل وجود الصالحين في بيته فيطلب منهم الدعاء له ولأهله وإن استطاع أن يصلو معه فليفعل .. , عن محمود بن الربيع الأنصاري ، أن عتبان بن مالك – وهو من أصحاب الرسول صلى الله عليه و سلم ، وهو ممن شهدوا بدرا من الأنصار- أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ! قد أنكرت بصري وأنا أصلي لقومي ، فإذا كانت الأمطار سال الوادي الذي بيني وبينهم لم أستطع أن آتي مسجدهم فأصلي بهم ، وددت يا رسول الله أنك تأتيني فتصلي في بيتي فأتخذه مصلى ، قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سأفعل – إن شاء الله - " . قال عتبان : فغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبو بكر حين ارتفع النهار فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأذنت له ، فلم يجلس حتى دخل البيت ، ثم قال : " أين تحب أن أصلي في بيتك ؟ " قال : فأشرت له إلى ناحية من البيت ، فقام رسول الله صلى الله عليه و سلم فكبر ، فقمنا فصففنا فصلى ركعتين ثم سلم . رواه البخاري , يقول الله تعالى"وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28)" الكهف
حتى يترائى البيت لأهل السماء
عليك بكثرة الأذكار وقراءة القرآن وقيام الليل فيه , حتى يتحول البيت إلى نجم مضيئ لأهل السماء وقبلة لأهل الأرض , وليكن لك ورد من العلم الشرعي تفقه فيه الأبناء والزوجة , مثل قراءة فقه السنة أو كتاب من كتب السيرة كالسيرة النبوية للصلابي ... حتى تقي أبناءك الذلل في الدنيا والوقوع في الخطر يوم القيامة يقول تعالى " يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة " سورة التحريم , وهذه الآية أصل في تعليم أهل البيت وتربيتهم ، وأمرهم بالمعروف ، ونهيهم عن المنكر ، قال قتادة : يأمرهم بطاعة الله ، وينهاهم عن معصيته ، وأن يقوم عليهم بأمر الله يأمرهم به ، ويساعدهم عليه. , وقال الضحاك ومقاتل : حق على المسلم أن يعلم أهله من قرابته وإمائه ما فرض الله عليهم وما نهاهم عنه. , وقال علي – رضي الله عنه - : علموهم وأدبوهم . ولتجمع أبناءك كل يوم على قراءة الورد من القرآن في البيت ولا تكتفي بالقراءة في المسجد , أو العمل , أو في وسيلة المواصلات , أو مع الأصدقاء , بل لا بد من القراءة مع الأهل تصحح لهم وتستمع إليهم حتى يُفاخر بك ... , كذلك الأذكار الصباحية والمسائية والدخول والخروج , والدعوات الجماعية قبل الافطار وبعده , وقبل وبعد قراءة الورد وقيام الليل وصلاة النافلة , كذلك قيام الليل تستيقظ الزوجة والأبناء فيصلون جميعاً خلفك , أو تقدم أحد أولادك ليصلي قيام الليل , فيظهر البيت في السماء كنجم ساطع , ويعم الخير على أهل بيت جيرانك وتدفع عنهم البلاء بصلاحك , عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الله ليدفع بالمسلم الصالح عن مائة أهل بيت من جيرانه البلاء ثم قرأ ابن عمر (ولولا دفع الله الناس) رواه الطبري وعن عائشة – رضي الله عنها - قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يصلي من الليل فإذا أوتر قال قومي فأوتري يا عائشة " . رواه مسلم , وقال صلى الله عليه وسلم : " رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى فأيقظ امرأته فصلت ، فإن أبت نضح في وجهها الماء " . رواه أحمد وأبو داود بل يجهر بأذكار الدخول والخروج ليعلن لإبليس تحديه , ولأبنائه تعليمه , وللملائكة صحبته , ولأهل بيت جيرانه هيبته ووقاره , روى مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا دخل الرجل بيته فذكر اسم الله تعالى حين يدخل وحين يطعم ، قال الشيطان : لا مبيت لكم ولا عشاء هاهنا ، وإن دخل فلم يذكر اسم الله عند دخوله قال : أدركتم المبيت ، وإن لم يذكر اسم الله عند مطعمه قال : أدركتم المبيت والعشاء " . رواه الإمام احمد ومسلم , وروى أبو داود في سننه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " إذا خرج الرجل من بيته فقال : بسم الله ، توكلت على الله ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، فيقال له : حسبك قد هديت ، وكفيت ووقيت ، فيتنحى له الشيطان فيقول له شيطان آخر : كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي ؟ " . رواه أبو داود والترمذي ، وهو في صحيح الجامع رقم 499 من المعلوم أن مقاومة مقاومة الذباب والبعوض بالمبيد أو غيره في داخل البيت ضرورة , حتى لاينقل مرضا أو يحدث ضرراً , وأخطر من الذباب والبعوض في البيت إبليس لعنه الله , فضرره في داخل البيت وبين الأبناء أشد , لأنه يُوقع العداوة والبغضاء , ويصد عن سبيل الله وعن ذكره , من أجل ذلك أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بمقاومته بكل الوسائل , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تجعلوا بيوتكم قبوراً ، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة " رواه مسلم , وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اقرءوا سورة البقرة في بيوتكم ، فإن الشيطان لا يدخل بيتا يقرأ فيه سورة البقرة " . رواه الحاكم في المستدرك , وعن فضل الآيتين الأخيرتين منها ، وأثر تلاوتهما في البيت قال عليه الصلاة والسلام : " إن الله تعالى كتب كتابا قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام ، وهو عند العرش ، وأنه أنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة ، ولا يُقرأن في دار ثلاث ليال فيقربها الشيطان " رواه الإمام أحمد فلابد من جعل البيت مكاناً للذكر بأنواعه ؛ سواء ذكر القلب أو ذكر اللسان ، أو الصلوات وقراءة القرآن ، أو مذاكرة العلم الشرعي وقراءة كتبه المتنوعة , قال صلى الله عليه وسلم : " مثل البيت الذي يذكر الله فيه ، والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت "
وأخيرا أخي الداعية الكريم وليس آخرا
- بيتك يختلف عن سائر البيوت فهو محراب عبادة والناس يقتدون بكل ما يدور في داخله , فلا تكن غنيا مع الناس كريما معهم في الجانب العلمي والإيماني بخيلا مع أهلك . - حاول أن يكون تابعك من الأهل أكثر من تابعك من غيرهم , فخير الناس خيرهم لأهله , وتعلم من نوح وموسى وإبراهيم ومحمد عليهم الصلاة والسلام في حرصهم على هداية أهلهم , وتذكر بكاء النبي صلى الله عليه وسلم عندما مرت به جنازة يهودي , فقال: أبكى لأن نفسا تفلتت مني إلى النار , وأنت أما يبكيك أن تتفلت منك الزوجة أو الولد أو البنت أو الأب أو الأخ .. إلى النار؟
- احرص أخي على أن لا تنشر أسراراً سيئة عن أهلك وخصوصا الخلافات الأسرية فإنها منقصة في حقك , واحرص على نشر خلق الرفق بين أهلك فأنت أولى الناس بذلك , عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أراد الله - عز وجل - بأهل بيت خيراً أدخل عليهم الرفق " رواه الإمام أحمد وفي رواية أخرى : " إن الله إذا أحب أهل بيت أدخل عليهم الرفق " رواه ابن أبى الدنيا , أي صار بعضهم يرفق ببعض ، وهذا من أسباب السعادة في البيت ، فالرفق نافع جداً بين الزوجين ، ومع الأولاد ، ويأتي بنتائج لا يأتي بها العنف كما قال صلى الله عليه وسلم : " إن الله يحب الرفق ، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف ، وما لا يعطي على سواه " رواه مسلم - أخي الداعية : أنت على ثغرة من ثغور الإسلام فلا يؤتين من قبلك ولا من قبل بيتك والثغرة كما هو معروف موطن الضعف من الحدود ، أو الثُلمة في الشيء ، أو الفتحة في الثوب... فإياك يا أخي أن تكونَ أنت سبباً في الإساءة إلى الإسلام والمسلمين بتقصيرك في بيتك .
- إن الناس لا يحبون الإسلام لأنه دين سماوي ينسجم مع الفطرة والعقل بقدر ما يحبونه لأنه مطبق في الحياة اليومية ، مجسدٌ في سلوك المسلمين , الناس لا يتعلمون بأذنهم وفقط بل بعيونهم أيضاً ولا ينفرهم من الدين شيء مثل أن يروا الداعية يكثر من الصلاة والصيام ، والأدعية والأوراد ويسيء إلى الناس في معاملته ، وبيعه وشرائه ، ودَينه وقضائه , وتفوح الروائح الكريهة من داخل بيته.
- أخي الداعية: تذكر دائما أنك لا تمثل نفسك ولكنك تمثل الإسلام في بيتك وخارجه , فلا يؤتين الإسلام من قبلك , وتأكد أن سلوكياتك وتصرفاتك في داخل بيتك وخارجه موضوعٌ تحت عدسات مكبِّرة ، والأضواء مسلطة على حركاتك ، وسكناتك ، ولا يحلو للناس شيء كتفحص سلوك ومراقبة أعمالك ، ومحاسبتك على كل صغيرة وكبيرة , ليس في ذلك غرابة ، لأنك في أعين الناس مظنة الصلاح والفلاح ، لأنك تمثل دين الله الذي ارتضاه ، لعباده وتمثل نبيه عليه الصلاة والسلام ، الذي كان مثلاً أعلى في الخلق الكريم والعبادة المتواصلة , وتوقع باستمرار عن الله وعن نبيه في الأرض , فاحذر أن يرى الناس على بيتك بعض الشبهات قال الله عز وجل لموسى عليه السلام " وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ {87}" يونس وللحديث بقية مع همسة آخرى إن شاء الله تعالى نسأل الله القبول
Atef_200955@yahoo.com
من خلال حركتنا بين إخواننا الدعاة وصحبتنا لكثير منهم على اختلاف انتماءاتهم الفكرية ومحاريبهم الدعوية .. , هذا إخواني , وهذا سلفي , وهذا أزهري ..... , ومن خلال عمل استبيانات قام بملئها الدعاة أنفسهم , أو من خلال سؤالنا المباشر أو الغير مباشر .., وجدنا عند بعضهم بعض المظاهر السلبية , منها :
- الأبناء منهم المتخلف في دراسته والمتأخر بين زملائه بعضهم حصل على دبلوم متوسط , وبعضهم لم يكمل دراسته , وعندما سألنا عن السبب أجاب الوالد الكريم .. : بانشغالاته الدعوية الكثيرة ومسئولياته الجسام , والأدهى أن بعض الأبناء تناولوا الخمر واتجروا به .. وسلكوا مسالك شيطانية أخرى....
- ومن المظاهر السلبية التي وجدناها: تفلت الزوجة والأبناء من المحراب الدعوي الذي ينتمي إليه الداعية .. , فهم غير عابئين بفكرته ولا بهمه وهمته .. , فهو في واد وهم في واد .., لأنه لم يحملهم من الهم كما يحمل , ولم يربهم على فكرته ولم يرضعهم لبانها ويسقيهم من مائها .. - ومن المظاهر السلبية التي لا حظناها وسألنا عنها في استبيانات متكررة .. غفلة بعض الدعاة عن
أوراد الليل , فهو ماكينة دعوية متحركة بالنهار معلما ومصليا ومتحدثا .. معزيا ومهنئا ........., ولكنه بمجرد أن يصل إلى بيته يخلد إلى الراحة والدعة والسكون , فلا يراه أهله قائما ولا قارئا .. بضاعته قليلة .. , فيقتدون به في بُطئ سيره مع ربه .. , ومن هنا تأتي الخطورة أنه نظم الكون خارج البيت , ورآه الأغراب نشيطا في الدعوة يهز أعواد المنابر والمحاريب , ورآه الأهل فاترا متثائبا .. , فاقتدى به الأصدقاء والأهل كل حسب رؤياه له ومشاهدته لأفعاله ..
- ومن المظاهر السلبية التي لا حظناها أن بعض الدعاة لا يعرف أحد من جيرانه عنه شيء فهو في المحراب الدعوي والخطابي ممتاز .. وله شهرة واسعة , ولكنه مع جيرانه وفي حيه أو عمارته التي يسكن فيها لا يعرفه أحد , إذا ما سألت عنه , قال الناس: لا نعرفه ولا نعرف مسكنه .. , وهذا بسبب عزلته وقلة تواجده بين الناس في أفراحهم وأتراحهم.., فهو في عزلة مستمرة.
- ومن المظاهر السلبية التي لا حظناها: أننا عندما دخلنا إلى بيوت بعض الدعاة وجدنا لون البسطاة كاس على أركان البيت ... , لم يحزننا ذلك بقدر ما أحزننا انعدام الذوق العام في داخل البيت , فهو غير مرتب ولا منسق ولا معطر..., ملا بس الأولاد متناثرة وأحذيتهم تعلو أسرتهم , وستائر البيت متناثرة وغير مرتبة ولا متناسقة بعيدة عن النظافة , تعلوها كومات التراب.. , وإذا ما حدثتك نفسك بالدخول إلى الحمام ... فحدث ولا حرج .., وإذا نظرت إلى مكتبة الداعية فهي مبعثرة غير مرتبة على حسب الموضوعات كتاب هنا وآخر هناك ..., والمكتب تعلوه الأوراق المبعثرة .. , وهكذا تتمنى الخروج وعدم الجلوس .. , وإن جلست قليلاً تتمنى انهاء الزيارة .. بسبب انعدام الذوق في أركان البيت .., وبعضهم لم نجد في بيته مكتبة معدة للكتب , بعض الكتب المتناثرة التى قام بتحصيلها من أيام الجامعة وفقط ..
- ومن المظاهر التي لا حظناها من خلال استبيانات قام بكتابتها بعض الدعاة , وعرفنا بعضا منها بسؤالنا المباشر: جلوس بعضهم أمام النت لساعات , واستخدامه الكمبيوتر لأوقات طويلة ليس في الكتابة أو المطالعة وإنما في الحديث مع زيد وعبيد ..., واغفاله للمطالعة في الكتاب , وعدم تفريغ بعض الوقت للجلوس مع أبنائه ومتابعته لهم في دراستهم .. , مما تسبب في كثير من المشاكل الأسرية مع بعضهم ..
- ومن المظاهر التي لا حظناها إسراف بعضهم في المأكل والمشرب والملبس .. , فلا تلحظ في بيته زهد الدعاة .. - ومن خلال متابعتنا ومراقبتنا لبعضهم , تلاحظ وجود مشاكل بينه وبين جيرانه , فهو مبغوض مكروه لسلوكيات زوجته الشرسة مع جيرانها , أو لمعاملة أبنائه السيئة للناس من حوله , أو لمعاملاته وأخلاقياته الغير محمودة مع الناس من حوله ... , أو بسبب الروائح الكريهة المنبعثة من داخل بيته - عراك مستمر وصغب دائم - ...
- ومن خلال متابعتنا لبعضهم في محراب العمل وجدنا بعضهم يمد يده لمال فيه شبهة , ويطعم أبناءه به ...
- ومن خلال متابعتنا أيضاً: وجدنا لبعضهم صحبة سيئة عليها بعض علامات الاستفهام , لم يكتف بصحبتها خارج البيت , وإنما دخلت محراب السكن والسكينة , أكلت وشربت , وسلمت وصافحت أبناءه , وهو في غفلة عن " لا يدخل بيتك إلا مؤمن ولا يأكل طعامك إلا تقي"
- ومن الملاحظات التي وضعنا أيدينا عليها ضعف متابعة الأبناء خارج البيت وداخله , فهم في واد ورب البيت في واد , ولربما استخدموا نفوذه ومكانته الاجتماعية , وسلطاته الإدارية فيما يضر ولا يصلح , ولو علم الداعية أن أبناءه خارج البيت وفي داخله امتداد طبيعي لدعوته , لأحسن المتابعة الدقيقة لأبنائه في داخل البيت وخارجه . هذه بعض المظاهر التي تكسوا الداعية بالخيبة وتنزع عنه ملابس الهيبة . إن بيت الداعية محراب يسبق محراب المسجد , وقدوة تسبق قدوة العلم والتعليم والتعلم . من أجل ذلك إذا أردت أن تكون قدوة , فاجعل بيتك قبلة لأهل الأرض وقبلة لأهل السماء , وذلك بسلوك هدي الصالحين والمصلحين على مر التاريخ , فهذا عمر رضي الله عنه القدوة في البيت والعمل والمسجد .... , من جميل أقواله : إن الناس ليؤدون إلى الإمام ما أدى الإمام إلى الله، وإن الإمام إذا رتع رتعت الرعية. ولذلك كان شديدا في محاسبة نفسه وأهله، فقد كان يعلم أن الأبصار مشرئبة نحوه وطامحة إليه، وأنه لا جدوى إن قسا على نفسه، ورتع أهله فحوسب عنهم في الآخرة، ولم ترحمه ألسنة الخلائق في الدنيا، فكان عمر إذا نهى الناس عن شيء تقدم إلى أهله فقال: إني نهيت الناس عن كذا وكذا، وإن الناس ينظرون إليكم كما ينظر الطير إلى اللحم، فإن وقعتم وقعوا، وإن هبتم هابوا، وإنى والله لا أوتى برجل وقع فيما نهيت الناس عنه إلا أضعفت له العذاب، لمكانه مني، فمن شاء منكم أن يتقدم، ومن شاء منكم أن يتأخر". تاريخ بغداد ومما ورد عنه أيضاً أنه رضي الله عنه أنه كان شديد المراقبة والمتابعة لتصرفات أولاده وأزواجه وأقاربه , فمنعهم من الاستفادة من المرافق العامة للدولة خوفا من أن يحابى أهله به ، قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : اشتريت إبلاً أنجعتها الحمى فلما سمنت قدمت بها، قال: فدخل عمر السوق فرأى إبلا سمانا فقال: لمن هذه الإبل؟ قيل: لعبد الله بن عمر، قال، فجعل يقول: يا عبد الله بن عمر بخ... بخ... ابن أمير المؤمنين، ما هذه الإبل؟ قال: قلت: إبل اشتريتها وبعثت بها إلى الحمى، أبتغي ما يبتغي المسلمون. قال: فقال: فيقولون: ارعوا إبل ابن أمير المؤمنين، اسقوا إبل ابن أمير المؤمنين. يا عبد الله بن عمر اغد إلى رأس مالك، واجعل باقيه في بيت مال المسلمين. وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : شهدت جلولاء- إحدى المعارك ببلاد فارس- فابتعت من المغنم بأربعين ألفا، فلما قدمت على عمر قال: أرأيت لو عرضت على النار فقيل لك: افتده، أكنت مفتديا به؟ قلت: والله ما من شيء يؤذي بك إلا كنت مفتديا بك منه. قال: كأني شاهد الناس حين تبايعوا فقالوا: عبد الله بن عمر صاحب رسول الله ، وابن أمير المؤمنين وأحب الناس إليه- وأنت كذلك- فكان أن يرخصوا عليك أحب إليهم من أن يغلوا عليك، وإنى قاسم مسئول وأنا معطيك أكثر ما ربح تاجر من قريش، لك ربح الدرهم درهم، قال: ثم دعا التجار فابتاعوا منه بأربعمائة ألف درهم، فدفع إليّ ثمانين ألفا، وبعث بالباقى إلى سعد بن أبى وقاص ليقسمه. قال معيقيب: أرسل إليّ عمر مع الظهيرة، فإذا هو في بيت يطالب ابنه عاصما... فقال لى: أتدري ما صنع هذا؟ إنه انطلق إلى العراق أخبرهم أنه ابن أمير المؤمنين، فانتفقهم (سألهم النفقة) فأعطوه آنية وفضة ومتاعا، وسيفا محلى، فقال عاصم: ما فعلت، إنما قدمت على أناس من قومي، فأعطوني هذا. فقال عمر: خذه يا معيقيب، فاجعله في بيت المال. فهذا مثل من التحري في المال يكتسبه الإنسان عن طريق جاهه، ومنصبه، فحيث شعر أمير المؤمنين عمر بأن ابنه عاصما قد اكتسب هذا المال لكونه ابن أمير المؤمنين تحرج في إبقاء ذلك المال عنده لكونه اكتسبه بغير جهده الخاص فدخل ذلك في مجال الشبهات. ووما يروى في ذلك أيضا أن عمر رضي الله عنه قدم عليه مسك وعنبر من البحرين فقال: والله لوددت أني وجدت امرأة حسنة الوزن تزن لي هذا الطيب حتى أقسمه بين المسلمين، فقالت له امرأته عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل: أنا جيدة الوزن فهلم أزن لك. قال: لا. قالت: لم؟ قال: إني أخشى أن تأخذيه فتجعليه هكذا -وأدخل أصابعه في صدغيه- وتمسحي به عنقك فأصيب فضلاً على المسلمين. يقول الدكتور راغب السرجاني :فهذا مثل من ورع أمير المؤمنين عمر واحتياطه البالغ لأمر دينه، فقد أبى على امرأته أن تتولى قسمة ذلك الطيب حتى لا تمسح عنقها منه فيكون قد أصاب شيئًا من مال المسلمين، وهذه الدقة المتناهية في ملاحظة الاحتمالات أعطاها الله لأوليائه السابقين إلى الخيرات، وجعلها لهم فرقانا يفرقون به بين الحلال والحرام والحق والباطل، بينما تفوت هذه الملاحظات على الذين لم يشغلوا تفكيرهم بحماية أنفسهم من المخالفات. موقع قصة الإسلام بتاريخ 4/10/2006
البيت دعوة صامته فحافظ عليها وراعها وارعاها
ولذلك الناس يرقبون بيتك وأهلك أكثر من مراقبتهم لك ولأعمالك وعباداتك , فحافظ على هذه النعمة واجعلها دعوة لله صامتة حتى يكتب لها البقاء والهناء والسعادة "وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَناً" النحل , فحافظ على هذه النعمة بكثرة القيام والذكر والتسبيح .. عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - : أنَّ النَّبيَّ – صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ :"صَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ ، فَإنَّ أفْضَلَ الصَّلاَةِ صَلاَةُ المَرْءِ في بَيْتِهِ إِلاَّ المَكْتُوبَةَ " متفقٌ عَلَيْهِ . وقد تزول هذه النعمة بسبب الذنوب والمعاصي والسيئات التي قد يتحول البيت بسببها إلى حجيم لا يطاق ، قال الله تعالى :"قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ "النحل26 ، ولذلك نرى اليوم الكوارث خير شاهد في القرى والمدن ..., والمشاكل في البيوت تصل إلى المحاكم ... لقد تعاهد الناس في زراعتهم على مايسمى بالحضانات .. التي تُربى فيها الشتلات الصغيرة ثم تُنقل بعد ذلك إلى أحواضها الكبيرة .. , وهكذا البيت هو الحضانة التي ترعى الزرع الصغير .. , ثم ينقل بعد ذلك إلى الناس في المسجد والسوق والحقل والأفراح والأتراح ..., فإن لم يُربى ويُرعى ويُراعى في حضانته جيداً , ويهتم به اهتماماً كبيراً لن يكون نتاجه عند الانتقال إلى حوضه أو حقله مفيداً أو مؤثرا , بل ستعتريه الأمراض التي تضعف انتاجه , وتحطم ثماره. بين حق الليل وحق النهار يعيش الداعية عن زيد رضي الله عنه أن أبا بكر قال لعمر : " إني موصيك بوصية إن حفظتها :إن لله حقا بالنهار لا يقبله في الليل ، ولله حق بالليل لا يقبله في النهار ، وإنها لا تقبل نافلة حتى تؤدى فريضة ، وإنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم في الدنيا الحق وثقله عليهم ، وحق لميزان لا يوضع فيه إلا الحق أن يكون ثقيلا ، وإنما خفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة باتباعهم في الدنيا الباطل وخفته عليهم ، وحق لميزان لا يوضع فيه إلا الباطل أن يخف ، وإن الله عز وجل ذكر أهل الجنة وصالح ما عملوا ، وتجاوز عن سيئاتهم ، وذكر آية الرحمة ، وآية العذاب ، ليكون المؤمن راغبا وراهبا ، فلا يتمنى على الله غير الحق ولا يلقي بيده إلى المهلكة ، فإن حفظت قولي فلا يكونن غائب أحب إليك من الموت ، ولا بد لك منه ، وإن ضيعت وصيتي فلا يكونن غائب أبغض إليك من الموت ، ولن تعجزه " . تاريخ المدينة فعلى الداعية أن يعطي كل دقيقة حقها لأنه بن وقته , فهو كالبنّاء الماهر الذي يجمع اللبنات بعضها إلى بعض , لا يترك مكاناً فارغاً يشوه صورة جداره المكون من أربعة وعشرين لبنة , فهو في انتباه مع كل لبنة يضعها طوال ليله ونهاره , لا يعرف الغفلة في يقظة مستمرة , موسوس يشد خيطه ويضع ميزانه على كل لبنة حتى يستقيم البنيان . إن عنياتنا بأعمال وأوراد الليل والنهار ,كعناية الرجل الموسوس الذي يكثر عرض نفسه على طبيبه كلما استشعر بدرجة حرارة عالية كما قال الإمام البنا رحمه الله , فلنكن هكذا مع أوراد الليل والنهار . إن البعض يهتم بأعمال النهار يصوم ويصلي ويقرأ ويذكر ويصل رحمه ... وإذا ما أتى الليل أخلد إلى الراحة والدعة والسكون فسمر ولعب ونام ... أو العكس في جد واجتهاد مع العبادة بالليل وغفلة بالنهار... , ونسي المسكين أن هناك تقارير تكتب بالنهار وأخرى بالليل , عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، ويجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر ، ثم يعرج الذين باتوا فيكم ، فيسألهم وهو أعلم بهم : كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون تركناهم ( وهم ) يصلون ، وأتيناهم وهم يصلون . موطأ مالك والأغرب أن البعض يجد ويجتهم في يوم ويفتر في آخر متناسياً أن كل يوم يكتب عنه تقريراً مفصلاً , فالعاقل هو الذي يعطي كل ساعة حقها من ليل أو نهار , ويحرص على أن ترتحل بحمده لا بذمه.
مكانك في مقامك:
هذه حقيقة تتضح وتظهر في صحبة الصالحين عندما يراهم الناس يزورونك في بيتك بين الحين والحين , ساعتها يكثر احترامك ويقبل الناس عليك اقبال المحبين , فيا حبذا لو أكثر الانسان من صحبتهم وطلب منهم ورجا أن يدعو له وأن يصلوا في بيته ... حتى تنزل البركات ويعم الخير , عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : " مثل الجليس الصالح مثل العطار ، إن لم يعطك من عطره " أو قال : " إن لم تصب من عطره أصابك من ريحه " رواه الحاكم في المستدرك , وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" إِنَّمَا مَثَلُ الجليس الصالحُ والجليسُ السوءِ كحامِلِ المسك، ونافخِ الكِيْرِ فحاملُ المسك: إِما أن يُحْذِيَكَ، وإِما أن تبتاع منه، وإِمَّا أن تجِدَ منه ريحا طيِّبة، ونافخُ الكير: إِما أن يَحرقَ ثِيَابَكَ، وإِما أن تجد منه ريحا خبيثَة" . رواه البخاري ومسلم وعلى الداعية أن يستغل وجود الصالحين في بيته فيطلب منهم الدعاء له ولأهله وإن استطاع أن يصلو معه فليفعل .. , عن محمود بن الربيع الأنصاري ، أن عتبان بن مالك – وهو من أصحاب الرسول صلى الله عليه و سلم ، وهو ممن شهدوا بدرا من الأنصار- أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ! قد أنكرت بصري وأنا أصلي لقومي ، فإذا كانت الأمطار سال الوادي الذي بيني وبينهم لم أستطع أن آتي مسجدهم فأصلي بهم ، وددت يا رسول الله أنك تأتيني فتصلي في بيتي فأتخذه مصلى ، قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سأفعل – إن شاء الله - " . قال عتبان : فغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبو بكر حين ارتفع النهار فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأذنت له ، فلم يجلس حتى دخل البيت ، ثم قال : " أين تحب أن أصلي في بيتك ؟ " قال : فأشرت له إلى ناحية من البيت ، فقام رسول الله صلى الله عليه و سلم فكبر ، فقمنا فصففنا فصلى ركعتين ثم سلم . رواه البخاري , يقول الله تعالى"وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28)" الكهف
حتى يترائى البيت لأهل السماء
عليك بكثرة الأذكار وقراءة القرآن وقيام الليل فيه , حتى يتحول البيت إلى نجم مضيئ لأهل السماء وقبلة لأهل الأرض , وليكن لك ورد من العلم الشرعي تفقه فيه الأبناء والزوجة , مثل قراءة فقه السنة أو كتاب من كتب السيرة كالسيرة النبوية للصلابي ... حتى تقي أبناءك الذلل في الدنيا والوقوع في الخطر يوم القيامة يقول تعالى " يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة " سورة التحريم , وهذه الآية أصل في تعليم أهل البيت وتربيتهم ، وأمرهم بالمعروف ، ونهيهم عن المنكر ، قال قتادة : يأمرهم بطاعة الله ، وينهاهم عن معصيته ، وأن يقوم عليهم بأمر الله يأمرهم به ، ويساعدهم عليه. , وقال الضحاك ومقاتل : حق على المسلم أن يعلم أهله من قرابته وإمائه ما فرض الله عليهم وما نهاهم عنه. , وقال علي – رضي الله عنه - : علموهم وأدبوهم . ولتجمع أبناءك كل يوم على قراءة الورد من القرآن في البيت ولا تكتفي بالقراءة في المسجد , أو العمل , أو في وسيلة المواصلات , أو مع الأصدقاء , بل لا بد من القراءة مع الأهل تصحح لهم وتستمع إليهم حتى يُفاخر بك ... , كذلك الأذكار الصباحية والمسائية والدخول والخروج , والدعوات الجماعية قبل الافطار وبعده , وقبل وبعد قراءة الورد وقيام الليل وصلاة النافلة , كذلك قيام الليل تستيقظ الزوجة والأبناء فيصلون جميعاً خلفك , أو تقدم أحد أولادك ليصلي قيام الليل , فيظهر البيت في السماء كنجم ساطع , ويعم الخير على أهل بيت جيرانك وتدفع عنهم البلاء بصلاحك , عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الله ليدفع بالمسلم الصالح عن مائة أهل بيت من جيرانه البلاء ثم قرأ ابن عمر (ولولا دفع الله الناس) رواه الطبري وعن عائشة – رضي الله عنها - قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يصلي من الليل فإذا أوتر قال قومي فأوتري يا عائشة " . رواه مسلم , وقال صلى الله عليه وسلم : " رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى فأيقظ امرأته فصلت ، فإن أبت نضح في وجهها الماء " . رواه أحمد وأبو داود بل يجهر بأذكار الدخول والخروج ليعلن لإبليس تحديه , ولأبنائه تعليمه , وللملائكة صحبته , ولأهل بيت جيرانه هيبته ووقاره , روى مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا دخل الرجل بيته فذكر اسم الله تعالى حين يدخل وحين يطعم ، قال الشيطان : لا مبيت لكم ولا عشاء هاهنا ، وإن دخل فلم يذكر اسم الله عند دخوله قال : أدركتم المبيت ، وإن لم يذكر اسم الله عند مطعمه قال : أدركتم المبيت والعشاء " . رواه الإمام احمد ومسلم , وروى أبو داود في سننه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " إذا خرج الرجل من بيته فقال : بسم الله ، توكلت على الله ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، فيقال له : حسبك قد هديت ، وكفيت ووقيت ، فيتنحى له الشيطان فيقول له شيطان آخر : كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي ؟ " . رواه أبو داود والترمذي ، وهو في صحيح الجامع رقم 499 من المعلوم أن مقاومة مقاومة الذباب والبعوض بالمبيد أو غيره في داخل البيت ضرورة , حتى لاينقل مرضا أو يحدث ضرراً , وأخطر من الذباب والبعوض في البيت إبليس لعنه الله , فضرره في داخل البيت وبين الأبناء أشد , لأنه يُوقع العداوة والبغضاء , ويصد عن سبيل الله وعن ذكره , من أجل ذلك أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بمقاومته بكل الوسائل , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تجعلوا بيوتكم قبوراً ، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة " رواه مسلم , وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اقرءوا سورة البقرة في بيوتكم ، فإن الشيطان لا يدخل بيتا يقرأ فيه سورة البقرة " . رواه الحاكم في المستدرك , وعن فضل الآيتين الأخيرتين منها ، وأثر تلاوتهما في البيت قال عليه الصلاة والسلام : " إن الله تعالى كتب كتابا قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام ، وهو عند العرش ، وأنه أنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة ، ولا يُقرأن في دار ثلاث ليال فيقربها الشيطان " رواه الإمام أحمد فلابد من جعل البيت مكاناً للذكر بأنواعه ؛ سواء ذكر القلب أو ذكر اللسان ، أو الصلوات وقراءة القرآن ، أو مذاكرة العلم الشرعي وقراءة كتبه المتنوعة , قال صلى الله عليه وسلم : " مثل البيت الذي يذكر الله فيه ، والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت "
وأخيرا أخي الداعية الكريم وليس آخرا
- بيتك يختلف عن سائر البيوت فهو محراب عبادة والناس يقتدون بكل ما يدور في داخله , فلا تكن غنيا مع الناس كريما معهم في الجانب العلمي والإيماني بخيلا مع أهلك . - حاول أن يكون تابعك من الأهل أكثر من تابعك من غيرهم , فخير الناس خيرهم لأهله , وتعلم من نوح وموسى وإبراهيم ومحمد عليهم الصلاة والسلام في حرصهم على هداية أهلهم , وتذكر بكاء النبي صلى الله عليه وسلم عندما مرت به جنازة يهودي , فقال: أبكى لأن نفسا تفلتت مني إلى النار , وأنت أما يبكيك أن تتفلت منك الزوجة أو الولد أو البنت أو الأب أو الأخ .. إلى النار؟
- احرص أخي على أن لا تنشر أسراراً سيئة عن أهلك وخصوصا الخلافات الأسرية فإنها منقصة في حقك , واحرص على نشر خلق الرفق بين أهلك فأنت أولى الناس بذلك , عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أراد الله - عز وجل - بأهل بيت خيراً أدخل عليهم الرفق " رواه الإمام أحمد وفي رواية أخرى : " إن الله إذا أحب أهل بيت أدخل عليهم الرفق " رواه ابن أبى الدنيا , أي صار بعضهم يرفق ببعض ، وهذا من أسباب السعادة في البيت ، فالرفق نافع جداً بين الزوجين ، ومع الأولاد ، ويأتي بنتائج لا يأتي بها العنف كما قال صلى الله عليه وسلم : " إن الله يحب الرفق ، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف ، وما لا يعطي على سواه " رواه مسلم - أخي الداعية : أنت على ثغرة من ثغور الإسلام فلا يؤتين من قبلك ولا من قبل بيتك والثغرة كما هو معروف موطن الضعف من الحدود ، أو الثُلمة في الشيء ، أو الفتحة في الثوب... فإياك يا أخي أن تكونَ أنت سبباً في الإساءة إلى الإسلام والمسلمين بتقصيرك في بيتك .
- إن الناس لا يحبون الإسلام لأنه دين سماوي ينسجم مع الفطرة والعقل بقدر ما يحبونه لأنه مطبق في الحياة اليومية ، مجسدٌ في سلوك المسلمين , الناس لا يتعلمون بأذنهم وفقط بل بعيونهم أيضاً ولا ينفرهم من الدين شيء مثل أن يروا الداعية يكثر من الصلاة والصيام ، والأدعية والأوراد ويسيء إلى الناس في معاملته ، وبيعه وشرائه ، ودَينه وقضائه , وتفوح الروائح الكريهة من داخل بيته.
- أخي الداعية: تذكر دائما أنك لا تمثل نفسك ولكنك تمثل الإسلام في بيتك وخارجه , فلا يؤتين الإسلام من قبلك , وتأكد أن سلوكياتك وتصرفاتك في داخل بيتك وخارجه موضوعٌ تحت عدسات مكبِّرة ، والأضواء مسلطة على حركاتك ، وسكناتك ، ولا يحلو للناس شيء كتفحص سلوك ومراقبة أعمالك ، ومحاسبتك على كل صغيرة وكبيرة , ليس في ذلك غرابة ، لأنك في أعين الناس مظنة الصلاح والفلاح ، لأنك تمثل دين الله الذي ارتضاه ، لعباده وتمثل نبيه عليه الصلاة والسلام ، الذي كان مثلاً أعلى في الخلق الكريم والعبادة المتواصلة , وتوقع باستمرار عن الله وعن نبيه في الأرض , فاحذر أن يرى الناس على بيتك بعض الشبهات قال الله عز وجل لموسى عليه السلام " وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ {87}" يونس وللحديث بقية مع همسة آخرى إن شاء الله تعالى نسأل الله القبول
Atef_200955@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق