عطر يجذب الملائكة

بقلم الشيخ / عاطف أبو زيتحار

 
في بعض الأحيان يضع الإنسان عطرا ثم يمر بخلية نحل دون أن يشعر فيجد النحل يجري خلفه ويلتف من حوله لأنها لا تقع إلا على طيب كما قال صلى الله عليه وسلم عن
عبد الله بن بريدة ، قال : ذكر لي أن أبا سبرة بن سلمة الهذلي ، سمع ابن زياد ، يسأل عن الحوض حوض محمد صلى الله عليه وسلم ، فقال : ما أراه حقا بعدما سأل أبا برزة الأسلمي والبراء بن عازب وعائذ بن عمرو ، فقال : ما أصدق هؤلاء ، فقال أبو سبرة : ألا أحدثك بحديث شفاء ؟ بعثني أبوك بمال إلى معاوية فلقيت عبد الله بن عمرو فحدثني بفيه وكتبته بقلمي ما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أزد حرفا ولم أنقص ، حدثني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : ( إن الله لا يحب الفاحش ولا المتفحش ، والذي نفس محمد بيده لا تقوم الساعة حتى يظهر الفحش والتفحش وقطيعة الرحم وسوء المجاورة ، ويخون الأمين ويؤتمن الخائن ، ومثل المؤمن كمثل النحلة أكلت طيبا ووضعت طيبا ووقعت طيبا ، فلم تفسد ولم تكسر ، ومثل العبد المؤمن مثل القطعة الجيدة من الذهب نفخ عليها فخرجت طيبة ووزنت فلم تنقص ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( موعدكم حوضي عرضه مثل طوله ، وهو أبعد مما بين أيلة إلى مكة ، وذلك مسيرة شهر ، فيه أمثال الكواكب أباريق ، ماؤه أشد بياضا من الفضة من ورده ، وشرب منه لم يظمأ بعده أبدا ). المستدرك على الصحيحين للحاكم
وروى البيهقي بسنده عن مجاهد، قال: صاحبت عمر رضي الله تعالى عنه من مكة إلى المدينة فما سمعته يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا هذا الحديث: ( إن مثل المؤمن كمثل النحلة إن صاحبته نفعك، وإن شاورته نفعك، وإن جالسته نفعك وكل شأنه منافع، وكذلك النحلة كل شأنها منافع ) . قال ابن الأثير: وجه المشابهة بين المؤمن والنحلة، حذق النحل وفطنته، وقلة أذاه وخفارته ومنفعته، وقنوعه وسعيه في النهار، وتنزهه عن الأقذار، وطيب أكله، فإنه لا يأكل من كسب غيره، ونحوله وطاعته لأميره.
وإن للنحل آفات تقطعه عن عمله، منها: الظلمة والغيم والريح والدخان والماء والنار، وكذلك المؤمن له آفات تفتر به عن علمه منها: ظلمة الغفلة، وغيم الشك، وريح الفتنة، ودخان الحرام، وماء السعة، ونار الهوى انتهى.
وفي مسند الدارمي، عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، أنه قال: كونوا في الناس كالنحلة في الطير إنه ليس في الطير شيء إلا وهو يستضعفها، ولو تعلم الطير ما في أجوافها البركة، ما فعلت ذلك بها. خالطوا الناس بألسنتكم وأجسادكم وزايلوهم بأعمالكم وقلوبكم فإن للمرء ما اكتسب، وهو يوم القيامة مع من أحب.رواه الدارمي
والمؤمن إذا اقترب من ربه فعل الطاعات وابتعد عن المنكرات تعطر بالإيمان وتجمل بالتقوى اقتربت منه الملائكة كاقتراب النحل من الورد وحفته وطافت به طوفان النحلة بالعطر وكلما زاد عطره وارتفع جماله اقتربت منه أكثر لقد بوب الإمام البخاري في صحيحه بابا أسماه : بَاب نُزُولِ السَّكِينَةِ وَالْمَلَائِكَةِ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وروى تحته حديثا بسنده عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ قَالَ بَيْنَمَا هُوَ يَقْرَأُ مِنْ اللَّيْلِ سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَفَرَسُهُ مَرْبُوطَةٌ عِنْدَهُ إِذْ جَالَتْ الْفَرَسُ فَسَكَتَ فَسَكَتَتْ فَقَرَأَ فَجَالَتْ الْفَرَسُ فَسَكَتَ وَسَكَتَتْ الْفَرَسُ ثُمَّ قَرَأَ فَجَالَتْ الْفَرَسُ فَانْصَرَفَ وَكَانَ ابْنُهُ يَحْيَى قَرِيبًا مِنْهَا فَأَشْفَقَ أَنْ تُصِيبَهُ فَلَمَّا اجْتَرَّهُ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ حَتَّى مَا يَرَاهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ حَدَّثَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ اقْرَأْ يَا ابْنَ حُضَيْرٍ اقْرَأْ يَا ابْنَ حُضَيْرٍ قَالَ فَأَشْفَقْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ تَطَأَ يَحْيَى وَكَانَ مِنْهَا قَرِيبًا فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَانْصَرَفْتُ إِلَيْهِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي إِلَى السَّمَاءِ فَإِذَا مِثْلُ الظُّلَّةِ فِيهَا أَمْثَالُ الْمَصَابِيحِ فَخَرَجَتْ حَتَّى لَا أَرَاهَا قَالَ وَتَدْرِي مَا ذَاكَ قَالَ لَا قَالَ تِلْكَ الْمَلَائِكَةُ دَنَتْ لِصَوْتِكَ وَلَوْ قَرَأْتَ لَأَصْبَحَتْ يَنْظُرُ النَّاسُ إِلَيْهَا لَا تَتَوَارَى مِنْهُمْ قَالَ ابْنُ الْهَادِ وَحَدَّثَنِي هَذَا الْحَدِيثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَبَّابٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ ) رواه البخاري
نزلت الملائكة على أسيد لأن أسيدا لم يلوث بطارد الملائكة (المعصية ) ، ولأن عجائب القرآن أطرن نوم أسيد ، ولأن أسيدا قرأ بقلبه الطاهر فارتفع بقراءته إلى الملأ الأعلى وحلق بروحه الطهور مع ملائكة السماء . انظر بحثنا هل لك في صحبة الملائكة ؟
فكن أخي الكريم في أيام الخير ومواسم الربح من الذين تحبهم الملائكة وتذكرهم في السماء بأعمالهم الصالحة من الصيام والقيام والذكر والدعاء وقراءة القرآن..
اجعلهم أخي يحفونك كالنحل حول الزهر  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق