بقلم الشيخ /عاطف ابو زيتحار
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ....وبعد
من المعلوم والمسلّم به أن الله خلقنا وخلق لنا أعضاء, وأعطى لكل عضو حدوده وإمكانياته وقدراته على العطاء، فالبصر له حدوده في الإبصار، والسمع له حدوده في السماع، والعقل له حدوده في التفكير، والجسد له حدوده وله قدرته على التحمل والأداء والعطاء ... ,وهكذا كل الجوارح، وبعض الأعضاء دوائرها أوسع وحدودها أكبر من غيرها، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَالَ اللَّهُ: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ﴾( ). فدائرة الأذن وحدها أوسع من دائرة العين، وخاطرة القلب أوسع من دائرة الأذن، وما عند الله أكبر وأوسع من خاطرة القلب، لاحد ولا منتهى له.
لقد خلق الله عز وجل من حولنا مخلوقات كثيرة ,نتعامل معها يوميا بالليل والنهار، منها ما هو محسوس ملموس مألوف لنا، ومنها ما لم نره وما لم نشاهده، فإبليس عليه لعنة الله يرانا ولا نراه يقول الله تعالى : ﴿ يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (27) ﴾( ). وهكذا الملك يرانا ولا نراه، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِيَّاكُمْ وَالتَّعَرِّيَ فَإِنَّ مَعَكُمْ مَنْ لَا يُفَارِقُكُمْ إِلَّا عِنْدَ الْغَائِطِ وَحِينَ يُفْضِي الرَّجُلُ إِلَى أَهْلِهِ فَاسْتَحْيُوهُمْ وَأَكْرِمُوهُمْ".( )
وكم حولنا من أمور وأشياء نتعامل معها ولكننا لا نراها مثل: الرياح وجريان الكهرباء في الأسلاك .....وغير ذلك، ومنها مالا يراه الإنسان بالعين المجردة بل يحتاج إلى مجهر حتى يتمكن الإنسان من رؤيته..، هذه الأشياء جميعها قد تلفت انتباه البعض فتدعوه إلى التفكير فيها والوقوف معها، ولربما غفل عنها البعض بسبب مشاغله وكثرة مشاكله فلم ترعى انتباهه.
ولكن المدهش والذي يدعونا إلى التفكير، هو ما نرتديه من أثواب على أجسادنا وأعضائنا يومياً، يراها الناس وينظرون إليها في الصباح والمساء بأعينهم، ويشمونه بأنوفهم، ويستشعرونه بقلوبهم ,ونحن لا نراها ولا نلتفت إليها بل نغفل عنها ، يمدحنا الناس على ارتدائها, ويشكروننا ويحبوننا على جمالها وارتفاع ذوقها ، أو العكس يبغضوننا ويكرهوننا ولا يلتفتون إلينا، ولربما سخروا منا.
إن هذه الأثواب إما أن تكون مدعاة للسخرية والاستهزاء, ومثاراً للنقد والتجريح والذم، وإما أن تكون مدعاة للحب والقرب, والتآلف والود، فإن كان ما نرتديه جميلاً معطراً استحسنوه وأحبوه, وإن كان قبيحاً كريهاً ردوه وما قبلوه.
من المعلوم أن لكل صنعة في دنيا الناس زيها، فالطبيب له زيه الخاص به أثناء عمله وأثناء إجرائه للعمليات الأخضر والأبيض، ورجل الشرطة له زيه الخاص به من الجندي إلى القائد، ورجل المرور له زيه، ورجل المطافي والإسعاف لهما زيهما، وهكذا المحامي والقاضي ورجل الدين, حتى المسجون له زيه الخاص به....إلخ.
والناس مع زيهم أذواق, منهم من يقبله كما هو، ومنهم من يجدد فيه ويضيف عليه بعض اللمسات الطيبة التي تضفي عليه حلاوةً وبهاءً وجمالاً، وبعض المصالح والهيئات تلزم أفرادها بزيها, حتى تُمَيَّز عن غيرها, ويُعرف من يعمل بها وينتمي إليها، والفرد إن لم يكن راضياً عن الزي، فإنه بعد الانتهاء من العمل يقوم بخلعه ولا يرتديه في الشارع وبين الناس لعدم رضاه عنه، أو بسبب انتهاء العمل، والبعض حتى في ساعات العمل يتخلون عنه بسبب عدم رضاهم وارتفاع بغضه في قلوبهم .
هذا حال المصالح والهيئات مع من يعمل في بلاطها ويتقاضى راتباً منها تلزمهم، ولربما فرضت عقوبات وشرعت وسنت قوانين صارمة ضد من يخالف ذلك، والمرء بإمكانه أن يحتال يهرب مرة ويرتدي أخرى ...
وأيضاً في دنيانا تتنوع الملابس ، تتعدد أشكالها وأحجامها، فمنها الصيفي والشتوي، الصغير والكبير، الجميل والرديء، ومنها ما هو معد للارتداء داخل البيت ,ومنها ما هو معد للخروج، منها الداخلي والخارجي، أصحاب الأذواق العالية يتفننون في صناعة الأناقة، فتجد الموضة في الملبس متناسقة الألوان من الرأس إلى القدم، فإذا ما تحرك أحدهم تجده كأنه عالم أزياء أو معرض للجمال يتحرك فوق الأرض.
وكل إنسانٍ يرتدي حسب حالته، فالفقير يلبس ما يناسبه، والغني يلبس ما يناسبه.
وكما قيل: ارتدي من اللباس ما يعجب الناس, وكل من الطعام ما يعجبك، لأن الملبس أكثر عرضةً للناس من الطعام.
ولذلك قيل: والبس كمثل الناس لا تخرج عن المعتاد في شيء فتخطيء أو تشي .
ومن المعروف أن معارض الأزياء ومحلات الملابس تتسابق فيما بينها مع بداية ومطلع المناسبات والمواسم على أحدث الموضات، فتُسرع في عرض كل ما هو جديد ومستورد, حتى تجذب الناس إليها وتربح أكثر من غيرها.
والإنسان يبحث عما يواري عورته، فإذا ما كشفها كشفها بعيداً عن أعين الناس, على هذا اصطلح الناس, وبه أَمرت الفطرة والدين، وإلا تشبه الإنسان بالحيوان.
هذا هو العرف العام, عليه تعارف الناس, وإليه ركنوا, وخلفه جروا, ومن ينكر ذلك إلا أبله أو به خبل وعته؟، فهُم فيه في الصباح والمساء, في الظهر والعصر والعشاء ، لقد أصبح جزءً لا يتجزأ من حياتهم اليومية وأعمالهم الحياتية .
إن ما ذكرته الآن هو ما يشغل بال أغلب الناس، ويأخذ حيزاً من تفكيرهم، ويسيطر على أركان حياتهم، وللأسف غفلوا عن ثوبٍ أهم وأخطر من طعامهم وشرابهم ولباسهم ونومهم..... وعن زيٍ أجمل من زي العروس في ليلة زفافها, والزوج في ليلة عرسه، أو أقبح من ثوب السجين في ليلة إعدامه.... ألا وهو ثوب الحياة في رحاب الطاعة, أو الموت في ظلال المعصية.......ثوب الجمال والذوق الحسن والموضة الطيبة في جنة الإيمان ونعيم السير في رحابه ، أو ثوب القبح والذوق العفن والموضة القذرة في الجري خلف أبالسة الجن والإنس وأهواء النفس الأمارة بالسوء .
قال عثمان بن عفان رضي الله عنه : "ما من الناس أحد يبذل خيراً أو شراً ، إلا كساه الله رداء عمله".
إن بعض الناس وخصوصاً الشباب مولعٌ ومغرمٌ دائماً بالموضة في كل شيء، ومغرمٌ ومولعٌ بالملابس الجميلة والجذّابة، وندائي إلى كل محب للموضة, مولع بالذوق والأناقة والجمال في داخل بيته أو خارجه، أن يهتم وأن يقدم الباقي على الفاني.
يقول تعالى:﴿ مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (96) مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)﴾( )
ولهؤلاء وغيرهم أقدم هذا البحث، الذي قطفت فيه بعض الثمار التربوية والينابيع الإيمانية، التي أسأل الله عز وجل أن ينفعنا بها في الدنيا، وأن يجعلها نوراً وهدايةً لنا يوم القيامة، وأن يغفر لنا زلاّتنا وتقصيرنا، وأن يملأ قلوبنا بحبه وأن يزيّننا بزينة الإيمان والتقوى آمين، والحمد لله رب العالمين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ....وبعد
من المعلوم والمسلّم به أن الله خلقنا وخلق لنا أعضاء, وأعطى لكل عضو حدوده وإمكانياته وقدراته على العطاء، فالبصر له حدوده في الإبصار، والسمع له حدوده في السماع، والعقل له حدوده في التفكير، والجسد له حدوده وله قدرته على التحمل والأداء والعطاء ... ,وهكذا كل الجوارح، وبعض الأعضاء دوائرها أوسع وحدودها أكبر من غيرها، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَالَ اللَّهُ: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ﴾( ). فدائرة الأذن وحدها أوسع من دائرة العين، وخاطرة القلب أوسع من دائرة الأذن، وما عند الله أكبر وأوسع من خاطرة القلب، لاحد ولا منتهى له.
لقد خلق الله عز وجل من حولنا مخلوقات كثيرة ,نتعامل معها يوميا بالليل والنهار، منها ما هو محسوس ملموس مألوف لنا، ومنها ما لم نره وما لم نشاهده، فإبليس عليه لعنة الله يرانا ولا نراه يقول الله تعالى : ﴿ يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (27) ﴾( ). وهكذا الملك يرانا ولا نراه، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِيَّاكُمْ وَالتَّعَرِّيَ فَإِنَّ مَعَكُمْ مَنْ لَا يُفَارِقُكُمْ إِلَّا عِنْدَ الْغَائِطِ وَحِينَ يُفْضِي الرَّجُلُ إِلَى أَهْلِهِ فَاسْتَحْيُوهُمْ وَأَكْرِمُوهُمْ".( )
وكم حولنا من أمور وأشياء نتعامل معها ولكننا لا نراها مثل: الرياح وجريان الكهرباء في الأسلاك .....وغير ذلك، ومنها مالا يراه الإنسان بالعين المجردة بل يحتاج إلى مجهر حتى يتمكن الإنسان من رؤيته..، هذه الأشياء جميعها قد تلفت انتباه البعض فتدعوه إلى التفكير فيها والوقوف معها، ولربما غفل عنها البعض بسبب مشاغله وكثرة مشاكله فلم ترعى انتباهه.
ولكن المدهش والذي يدعونا إلى التفكير، هو ما نرتديه من أثواب على أجسادنا وأعضائنا يومياً، يراها الناس وينظرون إليها في الصباح والمساء بأعينهم، ويشمونه بأنوفهم، ويستشعرونه بقلوبهم ,ونحن لا نراها ولا نلتفت إليها بل نغفل عنها ، يمدحنا الناس على ارتدائها, ويشكروننا ويحبوننا على جمالها وارتفاع ذوقها ، أو العكس يبغضوننا ويكرهوننا ولا يلتفتون إلينا، ولربما سخروا منا.
إن هذه الأثواب إما أن تكون مدعاة للسخرية والاستهزاء, ومثاراً للنقد والتجريح والذم، وإما أن تكون مدعاة للحب والقرب, والتآلف والود، فإن كان ما نرتديه جميلاً معطراً استحسنوه وأحبوه, وإن كان قبيحاً كريهاً ردوه وما قبلوه.
من المعلوم أن لكل صنعة في دنيا الناس زيها، فالطبيب له زيه الخاص به أثناء عمله وأثناء إجرائه للعمليات الأخضر والأبيض، ورجل الشرطة له زيه الخاص به من الجندي إلى القائد، ورجل المرور له زيه، ورجل المطافي والإسعاف لهما زيهما، وهكذا المحامي والقاضي ورجل الدين, حتى المسجون له زيه الخاص به....إلخ.
والناس مع زيهم أذواق, منهم من يقبله كما هو، ومنهم من يجدد فيه ويضيف عليه بعض اللمسات الطيبة التي تضفي عليه حلاوةً وبهاءً وجمالاً، وبعض المصالح والهيئات تلزم أفرادها بزيها, حتى تُمَيَّز عن غيرها, ويُعرف من يعمل بها وينتمي إليها، والفرد إن لم يكن راضياً عن الزي، فإنه بعد الانتهاء من العمل يقوم بخلعه ولا يرتديه في الشارع وبين الناس لعدم رضاه عنه، أو بسبب انتهاء العمل، والبعض حتى في ساعات العمل يتخلون عنه بسبب عدم رضاهم وارتفاع بغضه في قلوبهم .
هذا حال المصالح والهيئات مع من يعمل في بلاطها ويتقاضى راتباً منها تلزمهم، ولربما فرضت عقوبات وشرعت وسنت قوانين صارمة ضد من يخالف ذلك، والمرء بإمكانه أن يحتال يهرب مرة ويرتدي أخرى ...
وأيضاً في دنيانا تتنوع الملابس ، تتعدد أشكالها وأحجامها، فمنها الصيفي والشتوي، الصغير والكبير، الجميل والرديء، ومنها ما هو معد للارتداء داخل البيت ,ومنها ما هو معد للخروج، منها الداخلي والخارجي، أصحاب الأذواق العالية يتفننون في صناعة الأناقة، فتجد الموضة في الملبس متناسقة الألوان من الرأس إلى القدم، فإذا ما تحرك أحدهم تجده كأنه عالم أزياء أو معرض للجمال يتحرك فوق الأرض.
وكل إنسانٍ يرتدي حسب حالته، فالفقير يلبس ما يناسبه، والغني يلبس ما يناسبه.
وكما قيل: ارتدي من اللباس ما يعجب الناس, وكل من الطعام ما يعجبك، لأن الملبس أكثر عرضةً للناس من الطعام.
ولذلك قيل: والبس كمثل الناس لا تخرج عن المعتاد في شيء فتخطيء أو تشي .
ومن المعروف أن معارض الأزياء ومحلات الملابس تتسابق فيما بينها مع بداية ومطلع المناسبات والمواسم على أحدث الموضات، فتُسرع في عرض كل ما هو جديد ومستورد, حتى تجذب الناس إليها وتربح أكثر من غيرها.
والإنسان يبحث عما يواري عورته، فإذا ما كشفها كشفها بعيداً عن أعين الناس, على هذا اصطلح الناس, وبه أَمرت الفطرة والدين، وإلا تشبه الإنسان بالحيوان.
هذا هو العرف العام, عليه تعارف الناس, وإليه ركنوا, وخلفه جروا, ومن ينكر ذلك إلا أبله أو به خبل وعته؟، فهُم فيه في الصباح والمساء, في الظهر والعصر والعشاء ، لقد أصبح جزءً لا يتجزأ من حياتهم اليومية وأعمالهم الحياتية .
إن ما ذكرته الآن هو ما يشغل بال أغلب الناس، ويأخذ حيزاً من تفكيرهم، ويسيطر على أركان حياتهم، وللأسف غفلوا عن ثوبٍ أهم وأخطر من طعامهم وشرابهم ولباسهم ونومهم..... وعن زيٍ أجمل من زي العروس في ليلة زفافها, والزوج في ليلة عرسه، أو أقبح من ثوب السجين في ليلة إعدامه.... ألا وهو ثوب الحياة في رحاب الطاعة, أو الموت في ظلال المعصية.......ثوب الجمال والذوق الحسن والموضة الطيبة في جنة الإيمان ونعيم السير في رحابه ، أو ثوب القبح والذوق العفن والموضة القذرة في الجري خلف أبالسة الجن والإنس وأهواء النفس الأمارة بالسوء .
قال عثمان بن عفان رضي الله عنه : "ما من الناس أحد يبذل خيراً أو شراً ، إلا كساه الله رداء عمله".
إن بعض الناس وخصوصاً الشباب مولعٌ ومغرمٌ دائماً بالموضة في كل شيء، ومغرمٌ ومولعٌ بالملابس الجميلة والجذّابة، وندائي إلى كل محب للموضة, مولع بالذوق والأناقة والجمال في داخل بيته أو خارجه، أن يهتم وأن يقدم الباقي على الفاني.
يقول تعالى:﴿ مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (96) مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)﴾( )
ولهؤلاء وغيرهم أقدم هذا البحث، الذي قطفت فيه بعض الثمار التربوية والينابيع الإيمانية، التي أسأل الله عز وجل أن ينفعنا بها في الدنيا، وأن يجعلها نوراً وهدايةً لنا يوم القيامة، وأن يغفر لنا زلاّتنا وتقصيرنا، وأن يملأ قلوبنا بحبه وأن يزيّننا بزينة الإيمان والتقوى آمين، والحمد لله رب العالمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق