تراصت صفوفهم وتوحدت كلمتهم ضد جلاء المحتل السوفيتي , ومع عملهم وأثناء جهادهم كان فيرس العدو والأيدي الخبيثة تلعب بينهم , وبمجرد أن خرج الدب الروسي وقهروه , بدأ التنازع والخلاف ينتشر بينهم " وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46)"
وكأني بهم وهم يصرخون ويهتفون هل تسمعون أو تبصرون ما حل بنا وما نزل بأرضنا ؟؟ إن أبصرتم ورأيتم أو سمعتم ونظرتم , فإنه يراد لكم ما حل بنا وما نزل بأرضنا , فكونوا أقوياء بوحدتكم , وأعزة بدينكم وأخوتكم , كونوا على حذر من شغبهم فإنهم يشاغبون ثم يقلبون شغبهم إلى فكر , وفكرهم إلى هم , وهمهم إلى واقع , وحينها تكونوا ضعفاء تتناوشكم سهامهم , وتفرقكم أفكارهم , وتدمر صحتكم سمومهم , بسبب غفلتكم عن تطور شغبهم من الشغب إلى الواقع المر , فاستيقظوا قبل أن تحصدوا الندم والسفال والخسار..
لقد تطلعنا إلى زهرة الدنيا وتسابقنا على الإمارة ولم يتجرد البعض من الهوى , فكانت طامة أكبر من طامة أحد , ونكبة حصدت خيارنا , وقتلت أشرافنا , وحطمت زروعنا , وبددت اقتصادنا , وفتحت للعدو ثغرة لينفث سمومه بيننا ..
لقد كتب التاريخ صفحات سوداء عن واقعنا الداخلي , بعد أن تنافسنا على حطام الدنيا , فهل
يكتب عنكم كما كتب عنا ؟ أم تعدّلوا صفحاته وتبيّضوا كتاباته , وتضيفوا إليه جمالاً فوق جماله , وحضارة جديدة فوق حضارته , وانتصاراً جديداً بعد انتصاراتكم , وفتحاً جديداً بعد فتح بلادكم على يد عمرو جديد بعد عمر ؟
لا ترفعوا شعار الغفاري يوم بدر( ننهب مع من ينهب) ولكن ارفعوا شعار نبني ونعطي مع من يبني ويعطي .
هل تعلمون أن تركيا كانت في ظل الخلافة الإسلامية دولة تخيف جيرانها بعزة إسلامها , وقوة إيمان شعبها .. وعندما تردّت وارتمت في أحضان الغرب , وانسلخت من هويتها , واتبعت هواها , وأعطت ظهرها لدينها بقيادة أتاتورك.. أصبحت دويلة تتسول اقتصادها من الاتحاد الأوربي تعيش على فتات اقتصاده , فلما عادت إلى إسلامها وبدأت في إزاحة الغبار عن وجهه وتزيّنت به وتوشّحت بوشاحه , ارتسمت البسمة على جبينها , وعلى جبين أمّتها وعالمها الإسلامي ومحيطها العربي , فاحْذوا حذوها , واقْتفوا أثرها , ولاترتموا في أحضان عدوكم وعدوها, فتضلوا في متاهات الحيرة وتكونوا كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران.
إن تركيا عندما انسلخت وشردت وارتمت قلدت الغرب , فاقتبست العادات والتقاليد , واستُدرجت حتى أصبحت تابعا أعمى يسير خلف متبوعه على غير بصيرة ولا هدى ... وعندما عادت إلى حظيرة إسلامها أصبحت تصدر الخير ومشاعل النور إلى كل مكان..
إن الله وهبنا العقل للتفكير والتفاعل مع القضايا المثيرة للانتباه , ومن لم يحرك فكره ويقوم بتشغيل عقله وينفعل بأمور أمته ومجتمعه , فقد ألغى عقله ومحى وجوده وكيانه وذاته..
العقلاء يتحركون مع قضايا أمتهم , وينفعلون بها , يبتكرون الصالح ويقاومون الضار , يسدون الخلل ويقوّمون الاعوجاج ... يقرّبون ويسدّدون ..
إن التقليد محمود ومقبول في النافع أما الضار وغير المفيد فلا تقليد فيه..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق