بقلم الشيخ/عاطف أبو زيتحار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قرأنا عن الأخوة الإسلامية كدعامة من دعائم البناء في العهدين المكي والمدني؛ ورأينا كيف ساعدت بشكل كبير في بناء وترسيخ وتثبيت قواعد الدولة وانتشارها واتساع رقعتها؛ ورأينا الحب وهو ينتشر بينهم ويسري في أجسادهم ويجري في عروقهم؛ كسريان وجريان الماء العذب فوق تراب الأرض الصالحة للزراعة؛ فأنبت أشجارا صالحة للتحمل والبناء؛أصبحت مع الزمن كثيرة الثمار؛ جمة الفوائد؛غزيرة العطاء؛ لأن الحب في القلب الصالح؛ كالشجرة الصالحة في الأرض الصالحة؛والكره والشحناء والبغضاء والغلظة والجفاء؛ كالشجرة الضارة في الأرض السبخة .
وأثناء قراءتنا عن واقعهم وعن حال الحب بينهم؛ رأينا عجبا عجابا: أن الحب يزداد متانة وثباتا في قلوبهم مع ارتفاع الضربات وكثرة الملاحقات وشراسة الهجمات من قبل أعدائهم ؛رأينا ذلك من الزوجة مع زوجها ومن القريب مع قريبه ومن الصديق مع صديقه ؛ومن الأخت المسلمة مع أختها؛ فخديجة رضي الله عنها تستقبل زوجها بكلمات كلها حب وثقة ويقين مع بداية حياته في محراب النبوة؛ وكأن الوحي ساق هذه الكلمات التي انسابت على لسانها تقطر ثباتا ويقينا وأملا ليُعلّم بها أجيالاً تلو أجيالٍ جوامع كلم الحب "كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ"رواه البخاري
إنها الكلمات المعبرة عن الحب المغلف بالثقة الملتفة بالأمل الكبير في المستقبل الباهر الذي ينتظره؛ والتي تمسح بها متاعب الحياة ومشاكلها جملة وتفصيلا .
هذا الموقف الغائر في الماضي اقتدت به كثير من النسوة زوجات الصحابة الكرام وأمهاتهم وأخواتهم عليهن الرضوان فرأيناهم يضربن أروع الأمثلة من التفاني في الحب المفضي إلى التضحية والعطاء كما حدث مع أم سلمة التي ثبتها حبها على مبادئها حتى هاجرت خلف زوجها رضي الله عنهما وفي الطليعة معهن بنات النبي صلى الله عليه وسلم زينب وأم كلثوم وفاطمة ورقية.ثم فاطمة بنت الخطاب وأسماء وعائشة وسمية وأم شريك وزنيرة والنهدية وابنتها رضي الله عنهن أجمعين.....
وهذا موقف آخر يكشف لنا عن معدنهم الأصيل وشجرتهم النافعة مع الحب الذي أفضى بهم إلى التضحية واستعذاب العذاب في سبيل الله روى بن كثير بسنده قال: لما رأى عثمان بن مظعون ما فيه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من البلاء وهو يروح ويغدو في أمان من الوليد بن المغيرة قال: والله إن غدوي ورواحي في جوار رجل من أهل الشرك، وأصحابي وأهل ديني يلقون من البلاء والأذى في الله ما لا يصيبني لنقص كثير في نفسي ! فمشى إلى الوليد بن المغيرة فقال له: يا أبا عبد شمس، وفت ذمتك، وقد رددت إليك جوارك.قال: لم يا بن أخي ؟ لعله آذاك أحد من قومي ؟ قال: لا، ولكني أرضى بجوار الله عز وجل، ولا أريد أن أستجير بغيره.قال: فانطلق إلى المسجد فاردد على جواري علانية كما أجرتك علانية.قال: فانطلقا، فخرجا حتى أتيا المسجد، فقال الوليد بن المغيرة: هذا عثمان قد جاء يرد على جواري.قال: صدق، قد وجدته وفيا كريم الجوار، ولكني قد أحببت ألا أستجير بغير الله، فقد رددت عليه جواره.ثم انصرف عثمان رضي الله عنه، ولبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر في مجلس من قريش ينشدهم، فجلس معهم عثمان فقال لبيد:
ألا كل شئ ما خلا الله باطل فقال عثمان: صدقت.فقال لبيد: وكل نعيم لا محالة زائل؛ فقال عثمان: كذبت، نعيم الجنة لا يزول. فقال لبيد: يا معشر قريش، والله ما كان يؤذى جليسكم، فمتى حدث هذا فيكم ؟ !فقال رجل من القوم: إن هذا سفيه في سفهاء معه، قد فارقوا ديننا، فلا تجدن في نفسك من قوله.فرد عليه عثمان حتى شرى أمرهما، فقام إليه ذلك الرجل ولطم عينه فخضرها، والوليد بن المغيرة قريب يرى ما بلغ من عثمان، فقال: أما والله يابن أخي إن كانت عينك عما أصابها لغنية، ولقد كنت في ذمة منيعة.قال: يقول عثمان: بل والله إن عينى الصحيحة لفقيرة إلى مثل ما أصاب أختها في الله ! وإنى لفى جوار من هو أعز منك وأقدر يا أبا عبد شمس.فقال له الوليد: هلم يابن أخي إلى جوارك فعد.قال: لا.السيرة النبوية لابن كثير
إن الرجل ارتفع الحب في قلبه حتى قاده إلى أن يستعذب العذاب في سبيل الله تعالى والدخول في نفس الدائرة التي دخل فيها إخوانه؛ والسر في ذلك أنه خاف أن ينقض براحته عُرى الحب والأخوة فشاركهم فيما هم فيه؛ وهذا للأسف فقه يجهله بعض أدعياء الحب حديثا؛ ولو قام به بعض الناس اليوم لقالوا مجنون أو به خبل؛ ولأطلقوا عليه أبواقا من الهدم ؛ولأسسوا ووضعوا له فقهاً جديداً .
إن ساحات قلب الرجل لم يدر عليها معارك طاحنة؛ في فقه الموازنة مع هذا الموقف بين المنافع والمضار؛ لأن حبه لإخوانه حول المضار في قلبه وعقله إلى منافع ؛بعد أن وزن الأمر بميزان الحب والمشاعر الفياضة.
إن البعض مع التطلع إلى زهرة الدنيا والتفاف بريقها من حوله وإقامته الدائمة بين دوائر الأمن والأمان والعيش الرغيد؛ لربما نسي لذة الحب وحلاوة القرب من إخوانه؛ لأن المكان تغلب على المكانة؛ولربما كان طغيان وارتفاع أشواك الحياة من حوله سرا من أسرار زرع بذور الجفاء وحلول الغلظة مكان الرقة والبغض مكان الحب والألفة؛ فما كان لأبي ذر أن يقول لأخيه يا ابن السوداء بين جبال مكة ومطاردة أهل الشرك؛ ولكن قالها هناك في المدينة بين مياهها العذبة وخيراتها الجمة بعيدا عن التشابك مع جبهات المواجهة من المنافقين والمشركين واليهود.
عَنْ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ: لَقِيتُ أَبَا ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ وَعَلَى غُلَامِهِ حُلَّةٌ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلًا فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ "رواه البخاري
نلحظ أن أباذر رضي الله عنه بعد هذا الموقف وهذا التوجيه النبوي؛ قد وضع لنفسه خطا يسير عليه وهو إزكاء مياه الحب دائما بينه وبين كل الناس من حوله؛ فغلامه يجلس بجواره ولم يشعر الناس بفارق بينهما في الملبس والمطعم.
وهذا ربيعة بن كعب الأسلمي يبرهن على حقيقة هذا الكلام قائلاً: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَانِي أَرْضًا وَأَعْطَى أَبُو بَكْرٍ أَرْضًا وَجَاءَتْ الدُّنْيَا فَاخْتَلَفْنَا فِي عِذْقِ نَخْلَةٍ فَقُلْتُ أَنَا: هِيَ فِي حَدِّي؛ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هِيَ فِي حَدِّي؛ فَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي بَكْرٍ كَلَامٌ؛ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ كَلِمَةً كَرِهَهَا وَنَدِمَ فَقَالَ لِي يَا رَبِيعَةُ رُدَّ عَلَيَّ مِثْلَهَا حَتَّى تَكُونَ قِصَاصًا قَالَ قُلْتُ لَا أَفْعَلُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لَتَقُولَنَّ أَوْ لَأَسْتَعْدِيَنَّ عَلَيْكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ مَا أَنَا بِفَاعِلٍ قَالَ وَرَفَضَ الْأَرْضَ وَانْطَلَقَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَانْطَلَقْتُ أَتْلُوهُ فَجَاءَ نَاسٌ مِنْ أَسْلَمَ فَقَالُوا لِي رَحِمَ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ فِي أَيِّ شَيْءٍ يَسْتَعْدِي عَلَيْكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَالَ لَكَ مَا قَالَ فَقُلْتُ أَتَدْرُونَ مَا هَذَا هَذَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ هَذَا ثَانِيَ اثْنَيْنِ وَهَذَا ذُو شَيْبَةِ الْمُسْلِمِينَ إِيَّاكُمْ لَا يَلْتَفِتُ فَيَرَاكُمْ تَنْصُرُونِي عَلَيْهِ فَيَغْضَبَ فَيَأْتِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَغْضَبَ لِغَضَبِهِ فَيَغْضَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِغَضَبِهِمَا فَيُهْلِكَ رَبِيعَةَ قَالُوا: مَا تَأْمُرُنَا؛ قَالَ: ارْجِعُوا قَالَ: فَانْطَلَقَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَبِعْتُهُ وَحْدِي حَتَّى أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَدَّثَهُ الْحَدِيثَ كَمَا كَانَ فَرَفَعَ إِلَيَّ رَأْسَهُ فَقَالَ يَا رَبِيعَةُ مَا لَكَ وَلِلصِّدِّيقِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَانَ كَذَا كَانَ كَذَا قَالَ لِي كَلِمَةً كَرِهَهَا فَقَالَ لِي قُلْ كَمَا قُلْتُ حَتَّى يَكُونَ قِصَاصًا فَأَبَيْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَلْ فَلَا تَرُدَّ عَلَيْهِ وَلَكِنْ قُلْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ قَالَ الْحَسَنُ: فَوَلَّى أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ يَبْكِي"رواه أحمد
إنها الدنيا يقبل مع إقبالها الخلاف في بعض الأحوال؛ ولكن الأمر العجيب مع إقبال الدنيا ووجود الخلاف بين الصحابيين الكريمين رضي الله عنهما؛ أن المستوى التربوي قد ارتفع إلى درجات عالية وهو ما جعل ربيعة يكتم الكلمة التي قالها له أبو بكر رضي الله عنه أثناء روايته لما حدث بعد ذلك ولم يعرفها أحد ولن يعرفها إلى يوم القيامة؛ وعلى الجانب الآخر سرعة أبو بكر في الأوبة والرجوع لأنه ربيب مدرسة "إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ ، وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ"
ولطبيعتنا البشرية ولكثرة الكدر من حولنا نحن في حاجة إلى فقه أبي ذر وأبي بكر رضي الله عنهما لعل هذا الفقه إذا قرناه بهذه الخماسية ومزجنا بينهما أن نرطب به من حرارة العبوس فنحوله إلى بسمة والشدة والغلظة إلى لين ورحمة :
1- ليكن لنا لقاء أسبوعي؛ نجدد فيه الحب ونغسل وننقع فيه نار الجفاء ونمحوا به جو الغلظة والفظاظة فإن لم يتيسر اللقاء والمقابلة فلنتقابل في صلاة الجمعة في أحد المساجد خلف أحد العلماء الأجلاء فنجمع بين خير الجمعة واللقاء أو من خلال درس ديني في أحد المساجد ولنحرص قبل اللقاء ولنتجهز بالآتي :إذا ما أشرف حبيبك من بعيد فأسرع الخطى إليه وابدأه بالسلام واستقبله بكليتك وأكثر من النظر إلى وجهه وعينيه فإذا ما التقيت به حاول أن تمد يديك قبل يديه ومع سلامك ومصافحتك إملأ بصرك من بصره ويديك من يديه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إِنَّ الْمُسْلِمَيْنِ إِذَا الْتَقَيَا فَتَصَافَحَا وتَسَاءَلا أَنْزَلَ اللَّهُ بَيْنَهُمَا مِائَةَ رَحْمَةٍ، تِسْعَةً وَتِسْعِينَ لأَبَشِّهِمَا، وأَطْلَقِهِمَا، وأَبَرِّهِمَا، وأَحْسَنِهِمَا مُسَاءَلَةً بِأَخِيهِ"رواه الطبراني
والمصافحة : إلْصاق الكَفِّ بالكَفِّ، وإقبال الوجْه على الوجْه
وفي مصنف بن أبي شيبة عن مجاهد قال : إذا التقى الرجلُ الرجلَ فضحك في وجهه تحاتت عنهما الذنوب كما ينثر الريح الورق اليابس من الشجر ، قال : فقال رجل ويحك إن هذا من العمل يسير، قال : فقال : ما سمعت قوله تعالى : ﴿لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم﴾.
وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : « إن المسلم إذا لقي أخاه فأخذ بيده تحاتت عنهما ذنوبهما ، كما يتحات الورق اليابس من الشجر في يوم عاصف ، وإلا غفر لهما وإن كانت ذنوبهما مثل زبد البحر » وفي روية أخرى له عن العلاء بن عبد الرحمن ، قال : قال أبي : قال أبو هريرة : وقف نبي الله صلى الله عليه وسلم على حذيفة ، فقال : « يا حذيفة هلم يدك » ، فكف حذيفة ، فقال الثانية ، فكفها حذيفة ، ثم قال الثالثة ، فقال حذيفة : يا رسول الله إني جنب، وإني أكره أن تمس يدي يدك قال : « هلمها ، أما علمت يا حذيفة أن المرء المسلم إذا لقي أخاه فسلم عليه ، وصافحه تحاتت - أو قال : تحاطت - الخطايا والذنوب بينهما ، كما يتحات الورق من الشجر » .رواه البيهقي في شعب الإيمان
فلنحرص على هذا الزاد الطيب الذي يرفع من درجات الحب؛ ويمحوا ما علق بالقلب من فظاظة وغلظة؛ وقبل كل ذلك يكفر عنا سيئاتنا ويمحوا ما علق بنا ذنوب وسيئات.
2-ثم نثني بآخر عائلي أزورك في بيتك أو تزورني في بيتي عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ أَيْنَ تُرِيدُ قَالَ أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ قَالَ هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا قَالَ لَا غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ"رواه مسلم
ما أجملها من لحظات ونحن نصطحب معنا الأولاد لتكتمل الدائرة ويتمم اللقاء وتكسوه سحابة أو خيمة الحب؛ فنكوّن لبنة اجتماعية قوية تخفف عنا هموم الغلاء والوباء وترفع من درجات القرب .
3-التليفون أو الإميل وسيلتان للتأليف والتقريب والحب والود؛ تقربان المسافات البعيدة؛ أسمع صوتك الذي اشتاق إليه كل يوم عند همس الغروب أثناء هتافي اليومي "اللهم إنك تعلم أن هذه القلوب قد اجتمعت على محبتك والتقت على طاعتك،وتوحدت على دعوتك، وتعاهدت على نصرة شريعتك؛ فوثق اللهم رابطتها وأدم ودها واهدها سبلها، واملأها بنورك الذي لا يخبو، واشرح صدورها بفيض الإيمان بك، وجميل التوكل عليك، وأحيها بمعرفتك، وأمتها على الشهادة في سبيلك، إنك نعم المولى ونعم النصير، اللهم آمين "أتفقدك وتتفقدني أسأل عنك وتسأل عني أعرف أخبارك وتعرف أخباري فترتفع درجات الإتلاف وتتلاقى الأرواح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ"رواه مسلم
4-جهز عبارة جميلة تدخل بها السرور عليه مع أول لقاء؛ تشرح بها صدره وتفرح بها نفسه؛ كأن تصرح له بعبارات الحب إني أحبك في الله ، لك وحشة ؛لا غيب الله لك وجها؛لم تفارقني طوال غيابك؛صورتك وابتسامتك الجميلة مرسومة معي باستمرار ؛أو تسأله عن حال أهله وعن صحته وتظهر اهتماما بذلك؛ فكن سباقا وابدأ مع أول لقاء.
5-هل أنت مستعد لاستقبال صدمات الانفعال ومتوقع حدوثها ؟إن كنت على استعداد فكن الصاحب ولاتكن الظل الذي أشار إليه أبو العتاهية في قوله :
وإني لمحتاج إلى ظل صاحب يروق ويصفوا إن كدرت عليه
نسأل الله أن يؤلف بين قلوبنا وأن يجمع بيننا في الفردوس الأعلى في الجنة إخوانا متحابين على سرر متقابلين والحمد لله رب العالمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق