رياح الخير لا يتعرض لها إلا من ذاق نعيم نسماتها

بقلم الشيخ/ عاطف أبو زيتحار

مواسم الربح وأيام الخير تهب على المكدودين لتخفف عنهم ما حل بهم ومانزل بساحاتهم ترفع درجاتهم وتمحوا ما علق بأبدانهم وقلوبهم من سيئات وأوزار . لقد نادي أحد المصلحين والعلماء المجددين
على كل محب للعطر مشتاق للجمال قائلا : فيا أيها الأخ العزيز : أمامك كل يوم لحظة بالغداة ولحظة بالعشي , ولحظة في السحَر , تستطيع أن تسمو فيها كلها بروحك الطهور إلى الملأ , فنظفر بخير الدنيا والآخرة , وأمامك يوم الجمعة وليلتها , تستطيع أن تملأ فيها يديك وقلبك وروحك بالفيض الهاطل من رحمة الله على عباده , وأمامك مواسم الطاعات وأيام العبادات وليالي القربات , التي وجهك إليها كتابك الكرم ورسولك العظيم , فاحرص على أن تكون فيها من الذاكرين لا من الغافلين , ومن العاملين لا من الخاملين , واغتنم الوقت فالوقت كالسيف , , ودع التسويف فلا أضر منه : وكن صارما كالوقت فالمقت في عسى وخـل لعـل فهي أكبر علـة .انتهى
فلنكن أذكياء مع رياح الإيمان كلما هبت استفدنا منها ملأنا الحقائب وتمتعنا بعذب نسماتها وانغمسنا في بحار جودها وكرمها
عن العباس قال : كنا جلوسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة فهاجت ريح فوقع ما كان عليها من ورق نخر وبقي ما كان من ورق أخضر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما مثل هذه الشجرة ؟ فقال القوم : الله ورسوله أعلم . قال : مثلها مثل المؤمن إذا اقشعر من خشية الله عز وجل وقعت عنه ذنوبه وبقيت له حسناته ) البيهقي في شعب الإيمان
هاجت عليك من قبل رياح الخير في رمضان والجمعة والأشهر الحرم والحج وأوقات الصلاة وليلة الجمعة وليلة القدر والعشر الأول من ذي الحجة فهل اغترفت من معينها واستنشقت عبيرها ونسماتها وسعدت بمافيها ؟؟ واقشعر جلدك من كثرة التعرض لها والتمرغ في ساحاتها (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23) الزمر
فاحذر أن تكون كالذي نزل إلى الوادي وأخذ يلتفت حتى أغرقه السيل ولم يغترف من مياهه أو يستفد من رياحه
عن عبد الله ، قال : مثل المؤمن والمنافق والكافر مثل ثلاثة نفر انتهوا إلى واد فوقع أحدهم فعبر ، ثم وقع الآخر حتى أتى على نصف الوادي ناداه الذي على شفير الوادي : ويلك أين تذهب ؟ إلى الهلكة ، ارجع عودك على بدئك ، وناداه الذي عبر : هلم النجاة ، فجعل ينظر إلى هذا مرة وإلى هذا مرة ، قال : فجاء سيل فأغرقه ، والذي عبر المؤمن والذي غرق المنافق ، ( مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ) والذي مكث الكافر ) تفسير بن أبي حاتم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق