بقلم الشيخ : عاطف أبو زيتحار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفهم نعمة من نعم الله عز وجل على البشر من حرمها فقد حرم الخير كله يعيش من فقدها في الحياة صغيرا ويموت صغيرا بل ربما عاش مكروها مبغوضا بين الناس في الدنيا وساء ذكره بعد وفاته وكثر ذمه ، فلا يعظم في الدنيا ولا يذكر في الآخرة ، أما من تربعت على عرش قلبه فإنه يعيش سعيدا محبوبا عند الناس وعند الله ، يعظم في الدنيا ويخلد بها بعد الموت بين الأهل والولد
ومن الفهم أن يلتفت الإنسان إلى عيوب نفسه ليعدل منها أولا قبل أن يعدل من عيوب غيره
ومن الفهم أيضا أن يعيش الداعية في حدود ما يملك من علم وثقافة لأنه إن عاش في حدود ما يملك أراح واستراح فكلما ظهر له أمر أو نهي وقف عند نفسه ، ومن العيب أن يعيش أكبر من حجمه فلا يعيش دور حافظ القرآن وهو يخطأ في التجويد ولا يعيش دور مجود السنة وهو لم يقرأ الرحيق ولا يعيش دور محدث الدنيا وهو سليط اللسان قد ركن إلى السلطان ولا يعيش دور الصائم القائم وهو بعيد كل البعد عنهما وهكذا
ولذلك كل داعية بل كل إنسان لو عاش بالفعل في حدود إمكانياته لأراح غيره واستراح في نفسه وهذا من صميم السنة ومن جميل وصايا النبي صلى الله عليه وسلم ...( انْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ دُونَكَ وَلا تَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكَ فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لا تَزْدَرِي نِعْمَةَ اللَّهِ عِنْدَكَ ) رواه الطبراني
يظن بعض المنتسبين إلى قافلة العلم والعلماء حديثا أنهم بكثرة نقدهم وتجريحهم للناس قد وصلوا إلى أعلى الدرجات فإذا ما تحدثوا عن ذلة عالم تعدى في علمه القلتين تحدثوا من برج عال وسور شاهق ونسوا أن الماء إذا بلغ القلتين لم يحمل الخبث
أمر عجيب وظاهرة غريبة تسري بين شباب الصحوة تدعوا كل غيور على العلم والعلماء أن يتصدى لها بكل ما أوتي من فكر وثقافة وحجة مربيا مرة ومعلما أخرى ومذكرا ثالثة ومطلقا لليأس ومحبا للأمل يطرق القلوب المعوجة والأفكار المنحرفة أكثر من ألف مرة فلربما يفتح في المرة الأولى بعد الألف أو الثانية.... حتى لا يتحول الأمر في المستقبل إلى كارثة دعوية وظاهرة غير صحية تطيح بالمجتمع فتأكل الصغير والكبير ولا تبقي على شيء
والملاحظ على من يفعل ذلك أنه يؤمن بالاعتداد بالرأي وهو أمر يعصف بالحرية والتواضع في آن واحد ويُقَعِّد للكبر وسوء الفهم
فهلا استعنا بالله وتركنا الجدال وعملنا لله بدلا من العمل للرايات وابتعدنا عن الأهواء وأعلناها صريحة ( رأيي في نظري صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب ) وقرأ الجميع عن الجرح والتعديل وشروطه وآدابه حتى لا نجد بيننا من قرأ كتابا بالأمس قد تحول إلى مفتى اليوم محدث غدا يجرح ويعدل كيفما شاء
إنه أمر خطير للغاية يدعوا العلماء لأن يبذلوا قصارى جهدهم في التصدي له
وأنا هنا أذكر إخواني وأخواتي ممن يتصدرون المجالس ويحكمون على الناس أيا كان فكرهم أو عملهم أو منزلتهم بآداب الجرح والتعديل وشروطه لأننا في كثير من الأحيان ننسى طبيعتنا مع الغفلة عن ماضينا فنذكر الناس بسيئ أفعالهم وقبيح كلامهم متجاهلين ماضيهم الحسن فنقلد الذباب في صنيعه ونبتعد عن النحل في رحيقه ونجهله... نقطب الجبين وننسى الابتسام نشيح بالوجه ونعطيهم الظهر نبخل بالكلمة الجميلة الحسنة ونجود بالسيئ القبيح !!! نعم لقد قلب البعض الموازين التربوية واختلت عنده الأعراف الدعوية والتقاليد الفكرية .... كل ذلك بسبب إدمان الجهل وبغض الفهم وعدم التجرد والعمل للراية وعبادة الرأي الواحد وخصوصا بين الشباب فبعد قراءة كتاب أو كتابين يظن البعض بأنه أصبح الحبر الفهامة والعالم العلامة ومحدث الدنيا ومعلمها !!!نسأل الله العفو والعافية في الدين
ولذلك ينبغي على إخواني وأخواتي ممن يتصدرون أماكن التربية أن يتقوا الله عز وجل في تربية هذه الأجيال وإلا سنجد في المستقبل جيلا لا يعرف حرمة ولا يراعي أخلاقا فلحم العلماء عنده مستباح وغنيمة للسانه ولا حول ولا قوة إلا بالله
أخاف في المستقبل القريب أن ينحرف هذا الفكر رويدا رويدا حتى نجد جيلا منحرفا يقود الشباب إلى ظلام دامس لا مكان فيه للنور ودخان يعمى البصيرة ويزكم الأنف لا عطر معه ، وغباء وجهل يصم عن الفهم
ولذلك أذكر إخواني الكرام وأخواتي الكريمات بشروط وآداب الجرح والتعديل حتى لا نجد أنفسنا يوم القيامة في طابور المفلسين بسبب أننا أهدينا صيامنا وقيامنا وصلاتنا وحجنا وكل حسناتنا إلى غيرنا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ قَالُوا الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ فَقَالَ إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ ) رواه مسلم
والمؤشر الخطير على ذلك أنه بالرغم من كثرة عبادته وتبتله لا يجد أثرا ولا لذة لعبادته بسبب هذه الهدايا المتكررة منه إلى غيره كل يوم ...
* شروط المعدل والجارح
1- أن يكون عدلا ضابطا عالما تقيا ورعا صادقا أمينا متجانبا للتعصب .
لأنه إن لم يكن بهذه المثابة فكيف يصير حاكما على غيره بالجرح والتعديل وهو مازال مفتقرا إلى إثبات عدالته وتنزيه فكره ؟
قال بن حجر وتقبل التزكية من عارف بأسبابها لا من غير عارف وينبغي أن لا يقبل الجرح إلا من عدل متيقظ أي مستحضر ذي يقظة تحمله على التقوى والضبط فيما يصدر عنه . نزهة النظر شرح نخبة الفكر للحافظ بن حجر ص71
2- أن يكون عالما بأسباب الجرح والتعديل حتى لا يترتب على حكمه خطأ أو تقصير فيعدل من ليس أهلا للعدالة أو يجرح من ليس مجروحا
قال الحافظ السبكي : من لا يكون عالما بأسبابها أي الجرح والتعديل لا يقبلان منه لا بإطلاق ولا بتقييد . جمع الجوامع للسبكي
3- أن يكون عالما بتصاريف كلام العرب لا يضع اللفظ لغير معناه ولا يجرح بنقله لفظا هو غير جارح ولا يدلي برأيه في النقد دون بينة ودليل وعليه أن يتقي الله فيما يتصدى له من حكم ، حذرا من انتهاك الأعراض وتجريح الناس .قاعدة في الجرح والتعديل ص35 ، 54 نقلا عن بحوث في علوم الحديث ص 70 ، 71
* آداب الجارح والمعدل :
1 - الاعتدال في التعديل فلا يرفع الراوي عن مرتبته ولا ينزله عنها .
2 - أن يكون الجرح بقدر فلا يجوز الجرح بما فوق الحاجة لأن الجرح شرع للضرورة والضرورة تقدر بقدرها كما قال علماء الأصول.
3 - أن لا يقتصر على نقل الجرح فقط فيمن وجد فيه الجرح والتعديل بل لابد من ذكر أقوال النقاد لأن في ذلك إجحافا بحق الراوي وقد عاب المحدثون من يفعل ذلك .
4- أن لا يكون الجرح بسبب المعاصرة لذا قال العلماء لا يقبل جرح المعاصر على المعاصر أي إذا كان بلا حجة لأن المعاصرة تقتضي المنافرة غالبا .
5- لا يجوز جرح من لا يحتاج إلى جرحه لأن الجرح شرع للضرورة فما لم توجد الضرورة إليه لا يجوز الخوض فيه وقد شدد العلماء النكير على من فعل ذلك ونبهوا على خطأه ولكن هذا لم يجد نفعا ويا للأسف مع بعض الغلاة من المنتسبين إلى العلم في هذا العصر فقد ظنوا أن مجابهة مخالفهم بالظن والقذف دليل على وفرة العلم وقوة الفهم حتى صار ...( من عاداتهم الخبيثة : أنهم كلما ناظروا أحدا من الأفاضل في مسألة من المسائل توجهوا إلى جرحه بأفعاله الذاتية وبحثوا عن أعماله العرضية وخلطوا ألف كذبات بصدق واحد وفتحوا لسان الطعن عليه بحيث يتحجب منه كل ساجد وغرضهم منه إسكات مخاصمهم بالسب والشتم وللنجاة من تعقب مقابلهم بالتعدي والظلم يجعل المناظرة مشاتمة والمباحثه مخاصمة . الرفع والتكميل ص 47
وهذا النوع مردود لما رواه مسلم
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ ) بَاب تَحْرِيمِ ظُلْمِ الْمُسْلِمِ وَخَذْلِهِ وَاحْتِقَارِهِ وَدَمِهِ وَعِرْضِهِ وَمَالِهِ
نفعني الله وإياكم وهدانا إلى الصواب ورزقنا الفهم والإخلاص وجرد أعمالنا من الرياء والسمعة وجعلها خالصة له وحفظ ألسنتنا من الغيبة وتجريح الأشخاص ورزقنا شكر هذه النعمة وأدامها علينا وثبتها في قلوبنا آمين آمين والحمد لله رب العالمين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفهم نعمة من نعم الله عز وجل على البشر من حرمها فقد حرم الخير كله يعيش من فقدها في الحياة صغيرا ويموت صغيرا بل ربما عاش مكروها مبغوضا بين الناس في الدنيا وساء ذكره بعد وفاته وكثر ذمه ، فلا يعظم في الدنيا ولا يذكر في الآخرة ، أما من تربعت على عرش قلبه فإنه يعيش سعيدا محبوبا عند الناس وعند الله ، يعظم في الدنيا ويخلد بها بعد الموت بين الأهل والولد
ومن الفهم أن يلتفت الإنسان إلى عيوب نفسه ليعدل منها أولا قبل أن يعدل من عيوب غيره
ومن الفهم أيضا أن يعيش الداعية في حدود ما يملك من علم وثقافة لأنه إن عاش في حدود ما يملك أراح واستراح فكلما ظهر له أمر أو نهي وقف عند نفسه ، ومن العيب أن يعيش أكبر من حجمه فلا يعيش دور حافظ القرآن وهو يخطأ في التجويد ولا يعيش دور مجود السنة وهو لم يقرأ الرحيق ولا يعيش دور محدث الدنيا وهو سليط اللسان قد ركن إلى السلطان ولا يعيش دور الصائم القائم وهو بعيد كل البعد عنهما وهكذا
ولذلك كل داعية بل كل إنسان لو عاش بالفعل في حدود إمكانياته لأراح غيره واستراح في نفسه وهذا من صميم السنة ومن جميل وصايا النبي صلى الله عليه وسلم ...( انْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ دُونَكَ وَلا تَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكَ فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لا تَزْدَرِي نِعْمَةَ اللَّهِ عِنْدَكَ ) رواه الطبراني
يظن بعض المنتسبين إلى قافلة العلم والعلماء حديثا أنهم بكثرة نقدهم وتجريحهم للناس قد وصلوا إلى أعلى الدرجات فإذا ما تحدثوا عن ذلة عالم تعدى في علمه القلتين تحدثوا من برج عال وسور شاهق ونسوا أن الماء إذا بلغ القلتين لم يحمل الخبث
أمر عجيب وظاهرة غريبة تسري بين شباب الصحوة تدعوا كل غيور على العلم والعلماء أن يتصدى لها بكل ما أوتي من فكر وثقافة وحجة مربيا مرة ومعلما أخرى ومذكرا ثالثة ومطلقا لليأس ومحبا للأمل يطرق القلوب المعوجة والأفكار المنحرفة أكثر من ألف مرة فلربما يفتح في المرة الأولى بعد الألف أو الثانية.... حتى لا يتحول الأمر في المستقبل إلى كارثة دعوية وظاهرة غير صحية تطيح بالمجتمع فتأكل الصغير والكبير ولا تبقي على شيء
والملاحظ على من يفعل ذلك أنه يؤمن بالاعتداد بالرأي وهو أمر يعصف بالحرية والتواضع في آن واحد ويُقَعِّد للكبر وسوء الفهم
فهلا استعنا بالله وتركنا الجدال وعملنا لله بدلا من العمل للرايات وابتعدنا عن الأهواء وأعلناها صريحة ( رأيي في نظري صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب ) وقرأ الجميع عن الجرح والتعديل وشروطه وآدابه حتى لا نجد بيننا من قرأ كتابا بالأمس قد تحول إلى مفتى اليوم محدث غدا يجرح ويعدل كيفما شاء
إنه أمر خطير للغاية يدعوا العلماء لأن يبذلوا قصارى جهدهم في التصدي له
وأنا هنا أذكر إخواني وأخواتي ممن يتصدرون المجالس ويحكمون على الناس أيا كان فكرهم أو عملهم أو منزلتهم بآداب الجرح والتعديل وشروطه لأننا في كثير من الأحيان ننسى طبيعتنا مع الغفلة عن ماضينا فنذكر الناس بسيئ أفعالهم وقبيح كلامهم متجاهلين ماضيهم الحسن فنقلد الذباب في صنيعه ونبتعد عن النحل في رحيقه ونجهله... نقطب الجبين وننسى الابتسام نشيح بالوجه ونعطيهم الظهر نبخل بالكلمة الجميلة الحسنة ونجود بالسيئ القبيح !!! نعم لقد قلب البعض الموازين التربوية واختلت عنده الأعراف الدعوية والتقاليد الفكرية .... كل ذلك بسبب إدمان الجهل وبغض الفهم وعدم التجرد والعمل للراية وعبادة الرأي الواحد وخصوصا بين الشباب فبعد قراءة كتاب أو كتابين يظن البعض بأنه أصبح الحبر الفهامة والعالم العلامة ومحدث الدنيا ومعلمها !!!نسأل الله العفو والعافية في الدين
ولذلك ينبغي على إخواني وأخواتي ممن يتصدرون أماكن التربية أن يتقوا الله عز وجل في تربية هذه الأجيال وإلا سنجد في المستقبل جيلا لا يعرف حرمة ولا يراعي أخلاقا فلحم العلماء عنده مستباح وغنيمة للسانه ولا حول ولا قوة إلا بالله
أخاف في المستقبل القريب أن ينحرف هذا الفكر رويدا رويدا حتى نجد جيلا منحرفا يقود الشباب إلى ظلام دامس لا مكان فيه للنور ودخان يعمى البصيرة ويزكم الأنف لا عطر معه ، وغباء وجهل يصم عن الفهم
ولذلك أذكر إخواني الكرام وأخواتي الكريمات بشروط وآداب الجرح والتعديل حتى لا نجد أنفسنا يوم القيامة في طابور المفلسين بسبب أننا أهدينا صيامنا وقيامنا وصلاتنا وحجنا وكل حسناتنا إلى غيرنا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ قَالُوا الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ فَقَالَ إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ ) رواه مسلم
والمؤشر الخطير على ذلك أنه بالرغم من كثرة عبادته وتبتله لا يجد أثرا ولا لذة لعبادته بسبب هذه الهدايا المتكررة منه إلى غيره كل يوم ...
* شروط المعدل والجارح
1- أن يكون عدلا ضابطا عالما تقيا ورعا صادقا أمينا متجانبا للتعصب .
لأنه إن لم يكن بهذه المثابة فكيف يصير حاكما على غيره بالجرح والتعديل وهو مازال مفتقرا إلى إثبات عدالته وتنزيه فكره ؟
قال بن حجر وتقبل التزكية من عارف بأسبابها لا من غير عارف وينبغي أن لا يقبل الجرح إلا من عدل متيقظ أي مستحضر ذي يقظة تحمله على التقوى والضبط فيما يصدر عنه . نزهة النظر شرح نخبة الفكر للحافظ بن حجر ص71
2- أن يكون عالما بأسباب الجرح والتعديل حتى لا يترتب على حكمه خطأ أو تقصير فيعدل من ليس أهلا للعدالة أو يجرح من ليس مجروحا
قال الحافظ السبكي : من لا يكون عالما بأسبابها أي الجرح والتعديل لا يقبلان منه لا بإطلاق ولا بتقييد . جمع الجوامع للسبكي
3- أن يكون عالما بتصاريف كلام العرب لا يضع اللفظ لغير معناه ولا يجرح بنقله لفظا هو غير جارح ولا يدلي برأيه في النقد دون بينة ودليل وعليه أن يتقي الله فيما يتصدى له من حكم ، حذرا من انتهاك الأعراض وتجريح الناس .قاعدة في الجرح والتعديل ص35 ، 54 نقلا عن بحوث في علوم الحديث ص 70 ، 71
* آداب الجارح والمعدل :
1 - الاعتدال في التعديل فلا يرفع الراوي عن مرتبته ولا ينزله عنها .
2 - أن يكون الجرح بقدر فلا يجوز الجرح بما فوق الحاجة لأن الجرح شرع للضرورة والضرورة تقدر بقدرها كما قال علماء الأصول.
3 - أن لا يقتصر على نقل الجرح فقط فيمن وجد فيه الجرح والتعديل بل لابد من ذكر أقوال النقاد لأن في ذلك إجحافا بحق الراوي وقد عاب المحدثون من يفعل ذلك .
4- أن لا يكون الجرح بسبب المعاصرة لذا قال العلماء لا يقبل جرح المعاصر على المعاصر أي إذا كان بلا حجة لأن المعاصرة تقتضي المنافرة غالبا .
5- لا يجوز جرح من لا يحتاج إلى جرحه لأن الجرح شرع للضرورة فما لم توجد الضرورة إليه لا يجوز الخوض فيه وقد شدد العلماء النكير على من فعل ذلك ونبهوا على خطأه ولكن هذا لم يجد نفعا ويا للأسف مع بعض الغلاة من المنتسبين إلى العلم في هذا العصر فقد ظنوا أن مجابهة مخالفهم بالظن والقذف دليل على وفرة العلم وقوة الفهم حتى صار ...( من عاداتهم الخبيثة : أنهم كلما ناظروا أحدا من الأفاضل في مسألة من المسائل توجهوا إلى جرحه بأفعاله الذاتية وبحثوا عن أعماله العرضية وخلطوا ألف كذبات بصدق واحد وفتحوا لسان الطعن عليه بحيث يتحجب منه كل ساجد وغرضهم منه إسكات مخاصمهم بالسب والشتم وللنجاة من تعقب مقابلهم بالتعدي والظلم يجعل المناظرة مشاتمة والمباحثه مخاصمة . الرفع والتكميل ص 47
وهذا النوع مردود لما رواه مسلم
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ ) بَاب تَحْرِيمِ ظُلْمِ الْمُسْلِمِ وَخَذْلِهِ وَاحْتِقَارِهِ وَدَمِهِ وَعِرْضِهِ وَمَالِهِ
نفعني الله وإياكم وهدانا إلى الصواب ورزقنا الفهم والإخلاص وجرد أعمالنا من الرياء والسمعة وجعلها خالصة له وحفظ ألسنتنا من الغيبة وتجريح الأشخاص ورزقنا شكر هذه النعمة وأدامها علينا وثبتها في قلوبنا آمين آمين والحمد لله رب العالمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق