
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تكثر الشكوى وترتفع مرارتها مع ارتفاع الغلاء وكثرة الوباء وتَعدد المحن وتجرع المر ووقوف الغصة في الحلقوم ...تكثر الزفرات وتسمع الآهات من كل طوائف المجتمع وشرائحه ولكن تكثر على وجه الخصوص من فئة وشريحة أدمنت الكلام وآمنت به وطلقت العمل وهجرته
يشكون كما يشكوا العقلاء من تفشي الأمراض وارتفاع كلمة الباطل وقلة الحق وكثرة الظلم ورفع رايات الاستبداد وبيع خيرات بلادنا بأبخس الأثمان لأعداء أمتنا وعالمنا العربي والإسلامي .....ولكنك إذا سألت هؤلاء عن مشاركاتهم في التغيير والإصلاح سكتوا بل وضعوا أيديهم على وجوههم حياء وخجلا وإذا تحدثوا تمتموا بالكلام عيا
إن السلبية خطرها عظيم وكبير والممسك بحبالها والمستظل بأشجارها وصفه القرآن الكريم بالكلب والحمار (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (5)) الجمعة
(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176)) الأعراف
فلا تشكوا من المر إذا لم تنهض لتغييره ، ولا من حرارة الشمس تحت الشجرة التي لا أوراق ولا أغصان لها إذا لم تغير من مكانك , ولا من العطش إذا لم تطلب الماء ، ولا من الجوع إذا لم تطلب الطعام ، ولا من البرد إذا لم تطلب الكساء والغطاء ....عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنهما قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا مِنْ قَوْمٍ يُعْمَلُ فِيهِمْ بِالْمَعَاصِي هُمْ أَعَزُّ مِنْهُمْ وَأَمْنَعُ لَا يُغَيِّرُونَ إِلَّا عَمَّهُمْ اللَّهُ بِعِقَابٍ ) رواه أحمد وابن ماجه
نحن في الأسرة الواحدة والبيت الواحد والقرية الواحدة والمركز الواحد والمحافظة الواحدة والدولة... ...كالذي يعيش في سفينة تجمع بين أهل الصلاح والفساد والحق والباطل والخير والشر فلو لم يدفع أهل الصلاح بصلاحهم أهل الباطل وباطلهم لغرقت السفينة عن النعمان بن بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَثَلُ الْمُدْهِنِ فِي حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا مَثَلُ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا سَفِينَةً فَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَسْفَلِهَا وَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَعْلَاهَا فَكَانَ الَّذِي فِي أَسْفَلِهَا يَمُرُّونَ بِالْمَاءِ عَلَى الَّذِينَ فِي أَعْلَاهَا فَتَأَذَّوْا بِهِ فَأَخَذَ فَأْسًا فَجَعَلَ يَنْقُرُ أَسْفَلَ السَّفِينَةِ فَأَتَوْهُ فَقَالُوا مَا لَكَ قَالَ تَأَذَّيْتُمْ بِي وَلَا بُدَّ لِي مِنْ الْمَاءِ فَإِنْ أَخَذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَنْجَوْهُ وَنَجَّوْا أَنْفُسَهُمْ وَإِنْ تَرَكُوهُ أَهْلَكُوهُ وَأَهْلَكُوا أَنْفُسَهُمْ) رواه البخاري
قال بن حجر قَوْله : ( فَإِنْ أَخَذُوا عَلَى يَدَيْهِ )أَيْ مَنَعُوهُ مِنْ الْحَفْر( أَنْجَوْهُ وَنَجَّوْا أَنْفُسَهمْ )
........... ، وَهَكَذَا إِقَامَة الْحُدُود يَحْصُل بِهَا النَّجَاة لِمَنْ أَقَامَهَا وَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ ، وَإِلَّا هَلَكَ الْعَاصِي بِالْمَعْصِيَةِ وَالسَّاكِت بِالرِّضَا بِهَا . قَالَ الْمُهَلَّب وَغَيْره : فِي هَذَا الْحَدِيث تَعْذِيب الْعَامَّة بِذَنْبِ الْخَاصَّة ، وَفِيهِ نَظَر لِأَنَّ التَّعْذِيب الْمَذْكُور إِذَا وَقَعَ فِي الدُّنْيَا عَلَى مَنْ لَا يَسْتَحِقّهُ فَإِنَّهُ يُكَفِّر مِنْ ذُنُوب مَنْ وَقَعَ بِهِ أَوْ يَرْفَع مِنْ دَرَجَته . وَفِيهِ اِسْتِحْقَاق الْعُقُوبَة بِتَرْكِ الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ ، وَتَبْيِين الْعَالِم الْحُكْم بِضَرْبِ الْمَثَل ، وَوُجُوب الصَّبْر عَلَى أَذَى الْجَار إِذَا خَشِيَ وُقُوع مَا هُوَ أَشَدّ ضَرَرًا ، وَأَنَّهُ لَيْسَ لِصَاحِبِ السُّفْل أَنْ يُحْدِث عَلَى صَاحِب الْعُلْو مَا يَضُرّ بِهِ ، وَأَنَّهُ إِنْ أَحْدَثَ عَلَيْهِ ضَرَرًا لَزِمَهُ إِصْلَاحه ، وَأَنَّ لِصَاحِبِ الْعُلْو مَنْعه مِنْ الضَّرَر . وَفِيهِ جَوَاز قِسْمَة الْعَقَار الْمُتَفَاوِت بِالْقُرْعَةِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ عُلْو وَسُفْل . فتح الباري بإيجاز
إن أهل الفساد يخرقون في السفينة ويدمرون فيها فهل تضرب معي على أيديهم حتى ننجوا جميعا من الغرق ؟ كما ضرب ذو القرنين على يد يأجوج ومأجوج بسوره العظيم ومنعهم من الفساد (حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (93) قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94) قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95) آَتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آَتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96) فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97) ) الكهف
الإنسان السلبي إنسان تنازل عن كرامته فهو محروم ومسلوب الإرادة معكم معكم عليكم عليكم يسمي نفسه عبد المأمور لقد عد الزبرقان بن بدر مثل هذه الألفاظ قدحا في كرامته وشجاعته ورجولته عندما هجاه الحطيئة قائلا بأهجى بيت قالته العرب لو وصف به البعض في زماننا لعده مدحا:
دَعِ المكارمَ لا ترحلْ لبغيَتِها ... واقعدْ فإنَّكَ أنتَ الطاعمُ الكاسِي
فاستعدى عليه عمر، فقال: قد أحسن إليك، جعلك تطعم وتكسو، فقال: يا أمير المؤمنين، فأين طلب المعالي وما يليق بأمثالي؟ فقال عمر: سلوا عنه لبيد وحسَّان، فسألوهما، فأمَّا لبيد فقال: ما يسرّني أنَّه نالني من هذا البيت ما نال الزبرقان وأنَّ لي حمر النّعم. وأمَّا حسان فقال: ما هجاه ولكن ذرق عليه. فحبس عمر الحطيئة. حماسة الظرفاء
فتحرك أخي وخذ حقك المسلوب وحريتك الضائعة عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي قَالَ فَلَا تُعْطِهِ مَالَكَ قَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ قَاتَلَنِي قَالَ قَاتِلْهُ قَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلَنِي قَالَ فَأَنْتَ شَهِيدٌ قَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلْتُهُ قَالَ هُوَ فِي النَّارِ ) رواه مسلم
إن المسلم الحق هو الذي يسخر وقته وقوته لرفعة أمته ومجتمعه لقد أنكر أبو أيوب رضي الله عنه على من سمى ووصف من يسخر ملكاته لخدمة أمته ورفعتها بإلقائه نفسه إلى التهلكة ورد عليه قوله عَنْ أَسْلَمَ أَبِي عِمْرَانَ قَالَ غَزَوْنَا مِنْ الْمَدِينَةِ نُرِيدُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ وَعَلَى الْجَمَاعَةِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَالرُّومُ مُلْصِقُو ظُهُورِهِمْ بِحَائِطِ الْمَدِينَةِ فَحَمَلَ رَجُلٌ عَلَى الْعَدُوِّ فَقَالَ النَّاسُ مَهْ مَهْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يُلْقِي بِيَدَيْهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ إِنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِينَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ لَمَّا نَصَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ وَأَظْهَرَ الْإِسْلَامَ قُلْنَا هَلُمَّ نُقِيمُ فِي أَمْوَالِنَا وَنُصْلِحُهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ( وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) فَالْإِلْقَاءُ بِالْأَيْدِي إِلَى التَّهْلُكَةِ أَنْ نُقِيمَ فِي أَمْوَالِنَا وَنُصْلِحَهَا وَنَدَعَ الْجِهَادَ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ فَلَمْ يَزَلْ أَبُو أَيُّوبَ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى دُفِنَ بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ ) رواه أبو داود
عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَوَدُّ أَهْلُ الْعَافِيَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يُعْطَى أَهْلُ الْبَلَاءِ الثَّوَابَ لَوْ أَنَّ جُلُودَهُمْ كَانَتْ قُرِضَتْ فِي الدُّنْيَا بِالْمَقَارِيضِ) رواه الترمذي
فلا تكن سلبيا مع قضايا أمتك وهمومها بعدم نزولك وحتى لا تمكن الباطل من أن يرتع وحده في الميدان
وحتى لا تشارك في التزوير السلبي بغيابك وانقطاعك لأن شُهاد الزور ينتظرون غيابك حتى يتسع لهم الميدان فيرتعوا فيه كيفما شاءوا .
وحتى لا توصف بهذا الوصف المشين ( الفسق )
(قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24) قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (25) قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (26)
السلبي الذي يعطي فرصة للمجرمين والمخربين والمفسدين لا يستحق ذكرا كمثل الساكت عن الحق في قصة أصحاب السبت (وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (163) وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165) الأعراف فقد ذكر الله في نهاية القصة شأن فئتين التي اقترفت المنكر والفئة المصلحة وسكت عن السلبية لأنها لا تستحق ذكرا وكما قيل سكوت الله عنهم عذاب
إننا محملون بالأوزار والسيئات وبالإيجابية نمحو ما علق بنا من ذنوب ومعاص إن المرأة البغي غفر الله لها ذنوبها بسبب أنها نفضت عن رأسها غبار السلبية قال صلى الله عليه وسلم : ( إن بغيا سقت كلبا فغفر الله لها )فهيا بنا الباب مفتوح أدرك وخذ مكانك وحدد موقعك قبل أن يغلق ولا تتمكن من الدخول ، واصنع مع أبناء أمتك العز وابتعد عن شبح الذل والانكسار عن أنس بن مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنْ قَامَتْ السَّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَفْعَلْ ) رواه أحمد
متعني الله وإياكم بالصحة والعافية وبارك لنا في أوقاتنا وأبعد عن بلادنا الظلم والظالمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق