حق اللهفي الدخل الشهري (4)

بقلم الشيخ/عاطف أبو زيتحار

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كعادتنا الأسبوعية لقيت صديقي العزيز الغالي على جرعة من القرآن دسمة ، شربت وشرب وطعمت وطعم وبعد استنباط بعض الدروس والعبر استروحنا قليلا وقبل الاستئذان بقليل علت بعض الابتسامات والقفشات التي تنسى في كثير من الأحيان بعض الهموم والأحزان ولأن درجات الحب بيننا عالية والصراحة موجودة ارتسمت السعادة وعمت البهجة وارتفع رصيد الحب .... وكم أشهدت ربي وأنا بعيد عنه أنني أحبه في الله كثيرا , ولقد صحبت من قبله الكثير أحببتهم في الله ولكن لحب هذا الأخ الكريم عبير خاص يفوح عند اللقاء ويكثر الاشتياق إليه عند الغياب والانقطاع , لأنه فريد من نوعه في حبه وإخلاصه وتفانيه
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ ) رواه البخاري
وجدته قبل الختام والانصراف يقبض على يدي ويقول تعلم أنني قرأت لك حق الدعوة في الدخل الشهري في الأشهر الماضية ولقد قمت بطبعها وأعدت قراءتها أكثر من مرة ، اشرح لي أوجه الإنفاق لأنها مازالت غامضة عندي تحتاج إلى توضيح أريد أن أسمع عنها منك أفضل من أن أقرأها
شكرته على متابعته وحرصه ودعوت الله أن
يشرح صدره للخير وأن ينور قلبه بنور الإيمان ، وقلت له إن المصادر كثيرة ومتعددة ومتنوعة أذكر لك ما تسعفني به الذاكرة لأن هذا يحتاج إلى وقت كبير لأن الدعوة ميادينها واسعة ومتشعبة, وأخذت  أعدد  له ...ثم قلت ما ذكرته لك قليل وسط بحار من وجوه الإنفاق المهم أن الأيدي التي تقوم عليه أيد نظيفة طاهرة متوضئة أمينة عفيفة تبتغي رضا ربها والفوز بجنته .
فما كان منه إلا أن قال لي : تعرف أخي أن الأصدقاء لم يعودوا ملكا لأنفسهم وإنما أصبحوا ملكا لكل الناس , هذا حق الدعوة في دخلي الشهري وإن لم أكن منكم ، ففي نهاية كل شهر للدعوة حق في دخلي الشهري كما أن لها حق في دخلكم فهذا باب من أبواب الخير لا ينبغي علي أن يفوتني بأي حال من الأحوال .... وساعتها تذكرت حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن ضمرة بن حبيب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من فتح له باب خير فلينتهزه فإنه لا يدري متى يغلق عنه ) مسند الشهاب
شكرته على مشاعره الفياضة تجاه دعوته وإخوانه ودعوت الله من أعماق قلبي أن يسدد خطاه وأن يبارك في مسعاه وأن يتقبل منه وأن يشرح صدره وأن ينور قلبه بنور الإيمان
ولكن العجب العجاب أن هذا الأخ الكريم الطيب المبارك جاء في يوم وقال لي أخاف على نفسي من ملمات الزمان وفاقته فهذا اشتراكي حتى شهر كذا وقام بالفعل بالدفع مقدما وقال لأنني أخاف أن يدركني الموت ولم أسدد فاتورة ما غاب عني في الأعوام الماضية ....وساعتها وقفت وأخذت أفكر طويلا في حال هذا الأخ الغريب وقلت هل يوجد بين الناس ممن لا ينتمون إلى دعوة الإخوان من يفكر بهذه الطريقة ؟؟ لقد ندر وجودك بين الإخوان أنفسهم
جزيته خيرا وأنا في ذهول من الموقف ثم سلمت عليه وانصرفت ولكنني بعد أن جلست مع نفسي أخذت أفكر طويلا في حال هذا الأخ وحال أقرانه ممن لم ينتموا بعد إلى دعوة الله ولم يعرفوا عنها الكثير وأخذت أسأل نفسي عدة أسئلة : أين كان هذا الكريم الفاهم العميق في فهمه منذ فترة ؟ ولماذا لم ينقب الإخوان عن هذه المعادن النفيسة والجواهر الغالية ؟ ماذا لو قرأ الأحرار والعقلاء عن دعوة الإخوان واستقوا أخبارهم منها بعيدا عن المحرضين في وسائل الإعلام والعملاء والخونة والمنافقين والأفاقين والكذابين ؟؟
أقول لو أعملوا عقولهم وفكروا بروية ويمموا وجوههم تجاه مدرسة الإخوان وتفحصوا فصولها وقرؤوا عن تلامذتها وتعرفوا على مشايخها وعلمائها لاستراحوا وأراحوا ...لاستراحوا في قرارة أنفسهم وأراحوا غيرهم ولدافعوا عنها بكل ما أوتوا من فكر وثقافة
إن هذا الموقف من هذا الأخ الكريم جعلني أعود بذاكرتي إلى الوراء لأقرأ التأريخ من جديد ولأساوق بين موقف هذا الأخ الكريم وما حدث في الزمن الغابر :
1- ما حدث في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية في الأيام الماضية من هجمة شرسة لتشويه صورة الدعوة ولا زالت حتى اليوم وتقضي سنة الله أنها ستستمر ( الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (4) مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآَتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (5) وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (6) العنكبوت
هذه الهجمة الشرسة خيراتها أكثر من شرورها ، وإيجابياتها أكثر من سلبياتها ، وشهدها أكثر من سمها ، وحلاوتها تفوق مرارتها ، ويكفي كل من يعمل في الحقل أن يصل إليه الثواب والأجر وهو نائم قرير العين , هذا يسب بلسانه والآخر يشوه بقلمه ...إلخ وعداد الحسنات يفيض بالخير على كل من حمل هم هذه الدعوة المباركة وتحرك بها ، هذا هو الأجر الجماعي , وفي نفس الوقت يحمل من كذب وقلب الحقائق وشوه الصورة الوزر والسيئات ، يقرأ ذلك أصحاب البصائر الحية .يحكى أن امرأة من العابدات عثرت فانقطع أصبعها فضحكت فقال لها بعض من معها أتضحكين وقد انقطعت إصبعك فقالت أخاطبك على قدر عقلك حلاوة أجرها أنستني مرارة ذكرها. مدارج السالكين
ثم تأتي سلوى القلوب بحديث الأخيار وبسؤالهم واستفسارهم عن هذه الدعوة الربانية فلما تكشفت لهم الحقائق أقبلوا عليها إقبال المحب ، لقد اعتمدوا في قراءتهم على تحكيم عقولهم ولم يلتفتوا إلى أبواق النفاق والكذب والدجل أقبلوا عن قناعة وقد التف حب الدعوة والتضحية من أجلها حولهم من كل مكان
لقد حاول أهل الزيغ والضلال أن يشوهوا صورة الإسلام وصورة نبيه صلى الله عليه وسلم في العهد المكي مع بدايات الوحي ونظموا حربا إعلامية وصلت إلى كثير من البلاد المجاورة لمكة المكرمة
عن جابر قال: مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عشر سنين يتبع الناس في منازلهم، عكاظ ومجنة، في المواسم، يقول: " من يؤوينى ؟ من ينصرني ؟ حتى أبلغ رسالة ربى وله الجنة " فلا يجد أحدا يؤويه ولا ينصره، حتى إن الرجل ليخرج من اليمن أو من مضر، كذا قال فيه، فيأتيه قومه وذوو رحمه فيقولون: احذر غلام قريش لا يفتنك. ويمضى بين رحالهم وهم يشيرون إليه بالأصابع. حتى بعثنا الله إليه من يثرب فآويناه وصدقناه، فيخرج الرجل منا فيؤمن به ويقرئه القرآن فينقلب إلى أهله فيسلمون بإسلامه، حتى لم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رهط من المسلمين يظهرون الإسلام. السيرة النبوية لابن كثير . يقول الدكتور الحميدي : ولم تستطع تلك الحروب الإعلامية المنظمة أن تحاصر دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم بل استطاع محمد صلى الله عليه وسلم أن يخترق حصار الأعداء الذين لم يكتفوا بتنفير ساكني مكة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشويه سمعته عندهم بل صاروا يتلقون الوافدين إليهم ليسمموا أفكارهم وليحولوا بينهم وبين سماع كلامه والتأثر بدعوته فقد كان رسول الله عظيم النجاح في دعوته بليغا في التأثير فيمن خاطبه حيث يؤثر فيمن جالسه بهيئته وسمته ووقاره قبل أن يتكلم ثم إذا تحدث أسر سامعيه بمنطقه البليغ المتمثل في العقل السليم والعاطفة الجياشة بالحب والصفاء والنية الخالصة في هداية الأمة بوحي الله تعالى . التأريخ الإسلامي دروس وعبر للدكتور عبد العزيز الحميدي
يقول الدكتور الصلابي : ومن أبرز الأمثلة على قوته في التأثير بالكلمة المعبرة والأخلاق الكريمة وقدرته على اختراق الجدار الحديدي الذي حاول زعماء مكة ضربه عليه ما كان من موقفه مع ضماد الأزدي والطفيل بن عمرو الدوسي وأبي ذر الغفاري وعمرو بن عبسة عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ ضِمَادًا قَدِمَ مَكَّةَ وَكَانَ مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ وَكَانَ يَرْقِي مِنْ هَذِهِ الرِّيحِ فَسَمِعَ سُفَهَاءَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ يَقُولُونَ إِنَّ مُحَمَّدًا مَجْنُونٌ فَقَالَ لَوْ أَنِّي رَأَيْتُ هَذَا الرَّجُلَ لَعَلَّ اللَّهَ يَشْفِيهِ عَلَى يَدَيَّ قَالَ فَلَقِيَهُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنِّي أَرْقِي مِنْ هَذِهِ الرِّيحِ وَإِنَّ اللَّهَ يَشْفِي عَلَى يَدِي مَنْ شَاءَ فَهَلْ لَكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَمَّا بَعْدُ قَالَ فَقَالَ أَعِدْ عَلَيَّ كَلِمَاتِكَ هَؤُلَاءِ فَأَعَادَهُنَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَ فَقَالَ لَقَدْ سَمِعْتُ قَوْلَ الْكَهَنَةِ وَقَوْلَ السَّحَرَةِ وَقَوْلَ الشُّعَرَاءِ فَمَا سَمِعْتُ مِثْلَ كَلِمَاتِكَ هَؤُلَاءِ وَلَقَدْ بَلَغْنَ نَاعُوسَ الْبَحْرِ قَالَ فَقَالَ هَاتِ يَدَكَ أُبَايِعْكَ عَلَى الْإِسْلَامِ قَالَ فَبَايَعَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى قَوْمِكَ قَالَ وَعَلَى قَوْمِي قَالَ فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً فَمَرُّوا بِقَوْمِهِ فَقَالَ صَاحِبُ السَّرِيَّةِ لِلْجَيْشِ هَلْ أَصَبْتُمْ مِنْ هَؤُلَاءِ شَيْئًا فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ أَصَبْتُ مِنْهُمْ مِطْهَرَةً فَقَالَ رُدُّوهَا فَإِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمُ ضِمَادٍ ) .رواه مسلم
ولذلك شعارنا مع كل كذاب ومداهن ومنافق يقلب الحقائق ويزيف الأمور (.....قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (119) إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120) آل عمران
وكُلُّ شديدةٍ نزلت بحيٍّ ... سيأتي بعد شِدَّتها رَخاءُ
وبعض خلائق الأقوام داءٌ ... كداء الشَّيخِ ليس له شِفَاءُ
إن إقبال هؤلاء الأبطال على دعوة الله ليسألوا عنها ويستفسروا ويستوضحوا لهو أكبر دليل على كذب دعوى الأفاقين وافتراءاتهم ودجلهم وصدق دعوتنا وتمام أخوتنا
2- كم فينا وليس منا وكم منا وليس فينا
وصدق من قال ذلك ، فالبعض يحمل الفكرة ويضحي من أجلها ولكن هناك بعض الأتربة التي لو أزيلت لاتضحت له الرؤيا ولانكشفت له الحقيقة ، لقد أصبح التراب الذي يغطي الحقيقة متعدد الأنواع فمنه ما هو متراكم بسبب وقوع بعض المخالفات من بعض المنتسبين إلى قافلتنا الدعوية مما يجعل هؤلاء يربطون الدعوة بسلوك هذا الشخص فيظل بعيدا حتى يغير من قناعاته ويربط الحق بالمبادئ لا بالأشخاص ، وساعتها يسرع الخطى ويقبل عليها لأنه أيقن وآمن من أعماقه بأن الأشخاص يعتريهم الزوال والنقصان والتغيير والتبديل (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (62) الحج
(ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (30) لقمان
(وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144) آل عمران
والبعض الآخر عاقل فاهم مدرك ولكن التراب الموجود عنده بسبب رصيد قديم استقاه وكونه من وسائل الإعلام ومن المغرضين والمحرضين على دعوتنا ، وهذا أدعوه للقراءة والنزول إلى الميدان ولينزع ما وضعه على عينه وما حشاه في أذنيه حتى يرى بعينه وبصيرته الحقيقة وليكن قدوته في ذلك الطفيل بن عمرو ومن سار في طريقه
لقد التقيت بعد رمضان بمجموعة من الشباب يحملون مؤهلات عليا هذا خريج تربية والأخر تجارة والثالث معيد ...... وهكذا ودارت الأسئلة بينهم وكم سعدت بها لأني وجدت في أغلبها الصراحة والمكاشفة ولكن ماذا بعد أن انجلت الحقيقة أمامهم ؟؟ ما كان منهم إلا أن تعاقدوا فيما بينهم على مواصلة السير والصبر على متاعبه ومشاكله
3- نقبوا عن المعادن النفيسة والجواهر القيمة
وهذا رجاء لكل من حمل هم هذه الدعوة فكم في أمتنا من جواهر نفيسة ولكنها تحتاج إلى من ينقب عنها في كل ميدان وساحة وحارة وبيت وقرية ...والتنقيب عن الجواهر أمر ليس بالسهل ولا باليسير لأنه يحتاج إلى خبراء يجيدون فنون التنقيب والبحث لقد بحث النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه المعادن النفيسة منذ أن بعث إليه وأمر بالتبليغ والبيان فكان من جملة هؤلاء زوجه الكريمة السيدة خديجة رضي الله عنها والصِّديق وعلي رضي الله عنهم ، ثم ركز جهده بعدما أقفرت مكة وتحولت إلى أرض سبخ لا تقبل ماء ولا تنبت كلأ إلى التنقيب عنهم خارجها فلما دُلَّ في رحلة الإسراء والمعراج على أن مكانهم في المدينة ما سمع بوافد من أهلها إلا وتصدى له ودعاه حتى كانت بيعة العقبة الأولى ثم الثانية ثم هجرته بعد ذلك إليها ليبني دولة الإسلام الأولى على ترابها
4- ماذا لو عثرنا عليهم ؟؟
بمثابة العثور على كنز بعد فقر وهوان ، لابد من تعريفهم وشرح الدعوة لهم ولابد من عمل لقاءات مع رموز الدعوة ومفكريها ليشرحوا لهم الأركان ويوضحوا لهم المستقبل ويبثوا فيهم الثبات والطمأنينة ولابد من تيسير الطريق لهم في الوصول إلى الكتب التي تعينهم على فهم طبيعة الدعوة وفقه المرحلة
5- من العيب أن يسبقك اللاحق إلى الله وتتأخر أنت
بفهمه الراقي وعقله الواعي حرَّك المشاعر وفعل ما لم يفعله الكثيرون فأخرج حق الدعوة مقدما والتأريخ والحياة موقف فسبق ومشى مع سياق القرآن (وسابقوا) (وسارعوا) (فاستبقوا) (ومنهم سابق)
إن في دعوتنا أناس أصبحوا كالماء الراكد بسبب ثباتهم على وضعهم وحالهم وفهمهم فتم وصفهم بهذا الوصف الذي درج على ألسنة الفقهاء في الطهارة وعلى ألسنة العوام لمن لا يقوى على التفكير وتحمل المسئوليات ، فلنقبل عليه ولنبادر ولنسارع في خدمة دعوته ( هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (38) محمد
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38) إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39) التوبة
أسأل الله أن يوفقنا إلى كل خير وأن يجنبنا كل شر وأن يعصمنا من الخطأ والزلل وأن ينصر دعوتنا وأن يبارك أخوتنا آمين...آمين والحمد لله رب العالمين


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق