على رسلك أخي >>>>مَنْ يعدِّل مَنْ ؟؟ ومَنْ يجرِّح مَنْ ؟؟



عاطف أبو زيتحار

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بين أصدقائي وأحبابي الأعزاء جلست ، ومن معينهم الفياض شربت حتى ارتويت ، ومن خيراتهم الكثيرة أكلت حتى شبعت ، ومن عبيرهم وعطرهم الفواح استنشقت ، وفي أعينهم الجميلة نظرت ، ومن حركات وجوههم المضيئة اقتبست ، ومن فلتات ألسنتهم العذبة تعلمت ، قرأنا بعضا من آيات القرآن ثم أخذنا قسطا من السيرة والفقه ، ثم انتقلنا إلى الحديث والعقيدة ثم ملنا إلى الرقائق ثم تدارسنا أحوال المسلمين وما آلت إليه أمتنا ثم عدنا إلى أحوالنا الداخلية ثم بدأنا نتصفح حال دعوتنا وأخوتنا وما وصلت إليه ، ثم طرحنا بعض القضايا وعرضنا بعض الأمور ، وما كان من بعض الأخوة الكرام إلا أن أثار قضية من أخطر القضايا وهي قضية التعديل والتجريح أو ما يسمى بالتصعيد من مرحلة إلى مرحلة والانتقال بالفرد من سلم إلى سلم ومن درجة إلى درجة ، أو ما يسمى عندي بمصافي الدعوة ، أو ما يسمى بالتوثيق والتضعيف ، وعندما أثار القضية لم أنطق بكلمة لحساسية الموضوع قلت
استمع أفضل وأرجئ حديثي حتى النهاية ، تم عرض بعض الشخصيات الطيبة المحترمة المحبة للدعوة والمتفانية فيها والتي ضحت من أ جلها بالكثير والكثير يحمل علما وفهما وفكرا راقيا ، تجده في العبادة سباق وفي الفكر همام وفي البصيرة نافذ ، كلما سمع هيعة طار إليها ، ولكنه في الفترة الأخيرة أصبح ماء راكدا في نظر وفي عيون البعض ولم يعد باديا لهم وتم عرضه على مقياس ريختر الحساس فرسب الجميل في بعض الأمور وأخذوا يعددوا بعض السلبيات التي وقع فيها ، وضعت يدي تحت ذقني وأخذت أدور ببصري بينهم ، مرة أمامي ومرة عن يميني وأخرى عن شمالي ولربما فرقت بين بصري وسمعي في موقف واحد فكان السمع في اتجاه والبصر يراقب آخر والقلب حزين بين الاثنين ، ومن كثرة ما قيل شعرت أن الأخ الكريم قد ذاب لحمه وسقط شحمه ولم يعد باقيا فيه سوى الهيكل العظمي ...انتظرت واحدا يذكره بخير أو يذكر حسنة واحدة فلم أجد وكأن المجلس خصص للتجريح فقط !!! وما أحزنني وما أقلقني هذا الصنيع بقدر ما أقلقني ما كان من بعض الأخوة الكرام الذي أطلق بوقا من الهدم والتجريح والألفاظ التي لا تليق بميدان وساحة الدعوة ومحرابها التعبدي حتى ظننت أنني في كوفي شوب أو مطعم أو أنني أقف على ناصية أو في موقف أوتوبيس أو محطة قطار....وبسرعة وجدت الآية الكريمة مرسومة أمام عيني ( وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم )
ووجدت نفسي أقطع الحديث وأخرج عن صمتي قائلا : هذه الألفاظ لا تليق بالمحراب الدعوي والأولى أن نستغفر الله منها ونعتذر لأُخوتِنا ولدعوتنا عما حدث .... ولأنني أقرب منه إلى هذا الأخ وأعرف عنه ما لم يعرفه ...سألته عن سر كلامه وصدق حديثه فوجدته يستند إلى ظنون بعيدة عن الحقائق ...سمعت أن بينه وبين الأستاذ فلان خلاف على قطعة أرض واشتكى لي منه... ابنه عنده مشاكل مع زملائه ....في اليوم الفلاني رفع صوته على الأستاذ فلان ولم يحترمه .. تنهدت وأخذت شهيقا وقلت في نفسي آن للشيخ أن يمد رجليه ثم ينصرف ... ذكَّرت الأخ الكريم بالاستغفار مما قال وما بدر منه وأنهيت حديثي ثم انصرفت
ولكنني بعد أن جلست وأردت أن أتناول طعام العشاء ما استطعت ، ذهبت لأقرأ ما استطعت أخذت أتقلب على فراشي طوال الليل من شدة وكثرة القلق وكم الهم الذي تجمع حولي من كل مكان وقلت كم من الإخوان بيننا تم هدمهم وهدم ماضيهم بسبب تجريح هذا الأخ ومن يسير في فلكه ويتبع منهجه وكم في صدور البعض من حاجات لا يعلمها إلا الله وكم تم هدم ماض جميل بسبب تفاهات البعض ؟؟؟ دارت في عقلي الكثير من الأسئلة وأخذت أتذكر الأخ فلان والأستاذ فلان والدكتور فلان والمهندس فلان ....انتفضت وأمسكت بقلمي وقلت أقاوم ما أصابني من هموم وآلام بأن أبث همي وما يحاك في صدري بين سطور ورقتي وصفحات كتابي في نقاط لعل من يتحكم في مصافي الدعوة أو من يملك فن التجريح والتعديل أو من يجلس على كراسي التربية يغوص بين الإخوان معلما مرة ومفقها أخرى ومربيا ثالثا أن يقرأها فتستوقفه جمله أو آية أو حديث .........
1- المنظار العادل
هو الذي يوصف الضعف والقوة المرض والصحة يرى الأبيض والأسود ويكتشف الجميل والقبيح الحلو والمر ويعرف الصغير والكبير المثقف والجاهل ... فعلى من يتحكم في مصافي الدعوة أن يكون منظاره عادلا يرى به كل الألوان ثم يوازن بينها ويتعرف على كل الشرائح وينزل إليها وأن يكون عنده القدرة على فهم النفوس لأنه إن لم يكن عنده القدرة على الموازنة أفرط في جانب وفرط في جوانب أو العكس
2- احذر التشهير
عند تعديل إخوانك أو تجريحهم لتعد بذاكرتك إلى الوراء قليلا ولتتذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ حَمَى مُؤْمِنًا مِنْ مُنَافِقٍ أُرَاهُ قَالَ بَعَثَ اللَّهُ مَلَكًا يَحْمِي لَحْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ وَمَنْ رَمَى مُسْلِمًا بِشَيْءٍ يُرِيدُ شَيْنَهُ بِهِ حَبَسَهُ اللَّهُ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ ) رواه أبو داود ساعتها تقدم مصلحة الدعوة وتخلص نفسك من كل خواطر النفس وأهوائها لأنك إن غصت في بحار الأهواء والنفس الأمارة ...فالطريق مرسوم وواضح وبيِّن
3- احذر التجريح من أجل التجريح
العاقل هو من يَعُدّ على نفسه كل كلمة وكل حركة وكل سكنة ، والجاهل هو من يتكلم من أجل الكلام المهم أنه موجود ، وما على هذا اصطلحنا ولا تعرفنا لأن أخلاقنا تأبى علينا ، وإنما اصطلحنا وتربينا على أن من وطأ أرض هذه الدعوة ومشى تحت سمائها وسكن تحت سقفها ونظر من شرفاتها يَعْدِل إذا جرَّح وينصف إذا عدَّل لا يفرق بين قريب وغريب ولا يحابي ولا يبغض
قسوته رحمة ، فقسا ليزدجروا ومن يك حازماً ... فليقس أحياناً على من يرحم . ورحمته عدل
إن من يريد إثبات ذاته وشخصيته في هذا الموطن ضعيف في رأيه ستلفظه وتقصيه الدعوة في يوم من الأيام ولا مكان له ولا موطن في هذا المحراب الشريف ومثله في ذلك كمثل من قال :
رأيت على صخرة عقرباً ... وقد جعلت ضربها ديدنا
فقلت لها: إنها صخرة ... وطبعك من طبعها ألينا
فقالت: صدقت ولكنني ... أريد أعرفها من أنا
عَنْ أَيُّوبَ بْنِ سَلْمَانَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ صَنْعَاءَ قَالَ : كُنَّا بِمَكَّةَ فَجَلَسْنَا إِلَى عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ إِلَى جَنْبِ جِدَارِ الْمَسْجِدِ فَلَمْ نَسْأَلْهُ وَلَمْ يُحَدِّثْنَا قَالَ ثُمَّ جَلَسْنَا إِلَى ابْنِ عُمَرَ مِثْلَ مَجْلِسِكُمْ هَذَا فَلَمْ نَسْأَلْهُ وَلَمْ يُحَدِّثْنَا قَالَ فَقَالَ مَا بَالُكُمْ لَا تَتَكَلَّمُونَ وَلَا تَذْكُرُونَ اللَّهَ قُولُوا اللَّهُ أَكْبَرُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ بِوَاحِدَةٍ عَشْرًا وَبِعَشْرٍ مِائَةً مَنْ زَادَ زَادَهُ اللَّهُ وَمَنْ سَكَتَ غَفَرَ لَهُ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَمْسٍ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا بَلَى قَالَ مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ فَهُوَ مُضَادُّ اللَّهِ فِي أَمْرِهِ وَمَنْ أَعَانَ عَلَى خُصُومَةٍ بِغَيْرِ حَقٍّ فَهُوَ مُسْتَظِلٌّ فِي سَخَطِ اللَّهِ حَتَّى يَتْرُكَ وَمَنْ قَفَا مُؤْمِنًا أَوْ مُؤْمِنَةً حَبَسَهُ اللَّهُ فِي رَدْغَةِ الْخَبَالِ عُصَارَةِ أَهْلِ النَّارِ وَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أُخِذَ لِصَاحِبِهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ لَا دِينَارَ ثَمَّ وَلَا دِرْهَمَ وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ حَافِظُوا عَلَيْهِمَا فَإِنَّهُمَا مِنْ الْفَضَائِلِ ) رواه أحمد
4- لا تكن سببا...
في قساوة قلب ولا تكن سببا في كسر قلب ولا تكن سببا في زرع هم ولا تكن سببا في تفريق جمع ولا تكن سببا في بذر غيبة وحصد نميمة بميلك وانحرافك عن الجادة والصواب ، وكن معتدلا في تعديلك رحيما في تجريحك عَنْ الْحَسَنِ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ عَادَ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَقَالَ لَهُ مَعْقِلٌ إِنِّي مُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَا مِنْ عَبْدٍ اسْتَرْعَاهُ اللَّهُ رَعِيَّةً فَلَمْ يَحُطْهَا بِنَصِيحَةٍ إِلَّا لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ ) رواه البخاري وفي رواية أخرى (ما من عبد استرعاه الله رعية ، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته ، إلا حرم الله عليه الجنة )
إن من يأخذ بحجز إنسان إلى الطاعة بعد المعصية ثوابه كبير وأجره عميم وفير عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ قَالَ فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا فَقَالَ أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالُوا يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ فَأْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَ بَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ فَبَرَأَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ فَقَالَ عَلِيٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا فَقَالَ انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فِيهِ فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ ) رواه البخاري
أما من كان سببا في طرده وهلاكه فالنتيجة معروفة أن يبوء بإثمه فالحذر الحذر من تقديم هوى النفس على مصلحة الدعوة حتى لا تعلن على نفسك حربا لا قبل لك بها عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ قَالَ : مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ ...) رواه البخاري ومن يقدر ويقوى على حرب الله ؟؟؟
5- ليست تكية
لا نؤمن بالتوريث ولا نعرف التربيط لأن دعوة الله ليست تكية خاصة بنا فهي دعوة نتعبد لله بحملها والسعي في ميدانها والوقوف في محرابها ، يولي الله أهل الصلاح ومن يقدر على حملها ( وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78) الحج ومن نكص على عقبيه فآمن بالتحريف والميل استبدل به غيره وأقصاه ( وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39) التوبة
6- تذكر أنك ترتدي سربالا سربلك إياه الله عز وجل
عثمان بن عفان رضي الله عنه بعد أن حدثت الفتنة وتم حصار بيته فاوضوه على ترك الخلافة ( والله لتفعلن أو لتخلعن أو لتقتلن. فأبى عليهم وقال: لا أنزع سربالاً سربلنيه الله. ) تاريخ الرسل والملوك
لقد اختار الناس عثمان ولكن فقه الرجل وفهمه الراقي قاده إلى أنه لم يلبس سربالا بشريا قلده إياه زيد أو عمرو ولكنه ارتدى سربالا ربانيا ألبسه إياه ربه عز وجل فهو خليفة الله وخليفة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأنت أيها الحبيب وإن اختارك الناس فلتشعر بأنك تحمل سربالا ربانيا ألبسك إياه ربك إن زغت أو انحرفت نزعه منك وألبسه غيرك
7- إبليس بجوارك هل تراه ؟
إن لم يكن يجري في دمك وفي عروقك يزين لك كل سوء ولا يذكرك بالخير ، فهو بجوارك ينتظر منك أن تفتح له مجالا أو طريقا فالحذر الحذر ، ومثل هذه الألفاظ السيئة التي تنساب على اللسان هي في الحقيقة إن لم تكن من عدو الله فهي تسهل له الدخول إلى الميدان والمكث في الحارة واللعب بين الأشقاء في الساحة لتفريقهم وبث روح الفوضى بينهم (هذا الأخ لاسِع _ أنا ما بنهضمش هذا الأخ - ما بيفهمش - مخه طخين - عنده جفاء وغلظة - شكله وحش _ أخ سيء السمعة- دا إنسان غبي ....ومثل ذلك من الألفاظ التي تفتح قنوات لإبليس يرتع فيها ويلعب ويجري ويمرح
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا شَتَمَ أَبَا بَكْرٍ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْجَبُ وَيَتَبَسَّمُ فَلَمَّا أَكْثَرَ رَدَّ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ فَغَضِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَامَ فَلَحِقَهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يَشْتُمُنِي وَأَنْتَ جَالِسٌ فَلَمَّا رَدَدْتُ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ غَضِبْتَ وَقُمْتَ قَالَ إِنَّهُ كَانَ مَعَكَ مَلَكٌ يَرُدُّ عَنْكَ فَلَمَّا رَدَدْتَ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ وَقَعَ الشَّيْطَانُ فَلَمْ أَكُنْ لِأَقْعُدَ مَعَ الشَّيْطَانِ ثُمَّ قَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ ثَلَاثٌ كُلُّهُنَّ حَقٌّ مَا مِنْ عَبْدٍ ظُلِمَ بِمَظْلَمَةٍ فَيُغْضِي عَنْهَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا أَعَزَّ اللَّهُ بِهَا نَصْرَهُ وَمَا فَتَحَ رَجُلٌ بَابَ عَطِيَّةٍ يُرِيدُ بِهَا صِلَةً إِلَّا زَادَهُ اللَّهُ بِهَا كَثْرَةً وَمَا فَتَحَ رَجُلٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ يُرِيدُ بِهَا كَثْرَةً إِلَّا زَادَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا قِلَّةً ) مسند احمد
هذا هو ميدانه وهذه حارته يلعب فيها ويمرح فلا تفتح له المجال وجرح بقَدر ولمصلحة الدعوة
واحذر على نفسك هذه الألفاظ التي يمليها عليك إبليس واذكر الفعل في موطنه إن طلب منك روى الإمام أحمد عن النعمان بن مقرن المزني قال: وسب رجل رجلا عنده قال فجعل الرجل المسبوب يقول عليك السلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أما إن ملكا بينكما يذب عنك كلما شتمك هذا قال له بل أنت وأنت أحق به وإذا قلت له وعليك السلام قال لا بل عليك وأنت أحق به ) رواه أحمد
إنها أخلاق الملائكة الأطهار ، وإنها الأرواح المؤتلفة التي تحابت وتصافت فأصبحت روحا واحدة يحزنها ما يحزن الأخرى ويفرحها ويسعدها ما يسعد الأخرى
وما أجملها من لحظات يسودها الحب ويقودها العفو والتسامح ساعة أن تذكر أخوك بالخير فتنزل الملائكة مباركة هذا اللقاء فإذا ما اعتدى أحدهم على أخيه وغير جو اللقاء وغيمه ردت عليه ودافعت عن الآخر وخصوصا إذا كان مظلوما ، فاحذر من تلبيس إبليس واستحي من وجود الملك
7- الستر أولى في الأمور التي لا تضر الدعوة
مادام الأمر يتعلق بالفرد في شخصه ولا يتعدى ضرره إلى غيره فكله إلى أرحم الراحمين فهو أرحم به منا ومن تجريحنا وأرفق به من تعديلنا ( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156) الأعراف أما إذا كان الأمر يتعلق بأمر الدعوة مثل الثرثرة والاعتداد بالرأي والجبن والبخل بالوقت والمال والتقصير في التكليفات الدعوية أو عليه بعض الشبهات وعلامات الاستفهام المعينة .....فلا بأس من الوقوف عندها لمصلحة الدعوة
8- ماذا لو كنت أنت ؟
بأي وجه ستجرح وبأي لون ستعدل ؟ وماذا تتمنى إذا عدلك غيرك أو جرحك ؟
هذا الذي حمل من الهم الدعوي كما حملت هو أنت بفكره ، لو ارتفعت مادة الشعور في الجوارح لنطقت به وتحدثت وأخبرت عنه
قال لي المحبوب لما زرته من ببابي قلت بالباب أنا
قال لي أخطأت تعريف الهوى حينما فرقت فيه بيننا
ومضى عام فلما جئته أطرق الباب عليه موهنا
قال لي من أنت قلت انظر فما ثم إلا أنت بالباب هنا
قال لي أحسنت تعريف الهوى وعرفت الحب فادخل يا أنا
9- أنت قاضي
القاضي على المنصة ينبغي عليه أن يتجرد من فكرته ومن حزبيته ومن عصبيته فإذا ما كنت في وضع التعديل أو التجريح فكن قاضيا واقض بين الناس بالعدل وإذا خفت على نفسك فاعتذر أولى لك
روى الشعبي عن مسروق عن عبد الله يرفعه : ( ما من حاكم يحكم بين الناس إلا وكل به ملك آخذ بقفاه حتى يقف به على شفير جهنم فيرفع رأسه إلى الله فإن أمره أن يقذف قذفه في مهوى أربعين خريفا ) وروى أبو داود الطيالسي عن عائشة رضي الله عنها أنها ذكر عندها القضاة فقالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (يؤتى بالقاضي العدل يوم القيامة فيلقى من شدة الحساب ما يتمنى أنه لم يقض بين اثنين في تمرة قط )
10- من نفس الإناء ستشرب
قال الإمام البخاري : وَسُمِّيَتْ أُمَّ الْكِتَابِ أَنَّهُ يُبْدَأُ بِكِتَابَتِهَا فِي الْمَصَاحِفِ وَيُبْدَأُ بِقِرَاءَتِهَا فِي الصَّلَاةِ وَالدِّينُ الْجَزَاءُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ كَمَا تَدِينُ تُدَانُ ) عن أبي قلابة رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( البر لا يبلى والإثم لا ينسى والديان لا يموت فكن كما شئت كما تدين تدان ) تفسير الألوسي
فاصنع مستقبلك واسقي من كأس العدل تشرب منه ، عن ابن عباس، قوله( أَئِنَّا لَمَدِينُونَ ) يقول: أئنا لمجازوْن بالعمل، كما تَدِين تُدان.
كما قيل :وَاعْلَمْ وأَيْقِنْ أنَّ مُلْككَ زائلٌ... واعلمْ بأَنَّكَ مَا تدِينُ تُدَانُ
لقد صرخ بنا طائر الطاووس منذ القدم عند نبي الله سليمان عليه السلام، فقال: أتدرون ما يقول ؟ قالوا: لا. قال إنه يقول: كما تدين تدان. وصاح عنده هدهد، فقال: أتدرون ما يقول ؟ قالوا لا. قال: فإنه يقول: من لا يرحم لا يرحم.
11- هل من العقل أن يُهدم الماضي بذلة ؟؟
(يكثرن اللعن ويكفرن العشير) إنها عادة نسائية ، فلا تكثر اللعن فتهدم ماضيا جميلا من التضحية والجهاد بسبب أمر تافه ، فما هدم الإسلام وما نسي ماضي حاطب ولا الثلاثة الذين خلفوا ولقد ذكَّر القرآن الكريم أبي بكر رضي الله عنه بماضي مسطح ولم ينس النبي صلى الله عليه وسلم ما فعله أهل الشرك معه من مواقف طيبة وجميلة فقال في حق المطعم : ( لو كان المطعم حيا لتركت له هؤلاء النتن ) قال الإمام الشافعي رحمه الله : ( الحر من يرعى وداد لحظة )
هذه نصائح ينبغي أن نراعيها عند حديثنا عموما عن إخواننا خوفا من الوقوع في الخطأ ، أسأل الله أن يشرح صدورنا وأن ييسر لنا أمورنا وأن يبارك أخوتنا آمين ..آمين والحمد لله رب العالمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق