الأرواح جنود مجندة


جزء من بحثنا هل لك إلى صحبة الملائكة؟؟

كلما ارتفعت الروح التقت مع غيرها من الأرواح العالية، وكلما هبطت التقت مع غيرها من الأرواح الهابطة، ونفس الملك نفس عالية راقية خلقت وجلبت على الطاعة والعبادة ، أخرج أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم عن أبي ذر رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا وعليه ملك واضع جبهته" وأخرج الطبراني عن جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ما في السماوات السبع موضع قدم ولا شبر ولا كف إلا وفيه ملك قائم أو ملك ساجد، فإذا كان يوم القيامة قالوا جميعا: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك إلا أنا لم نشرك بك شيئا"( )
ونفس المؤمن نفس عالية بإيمانها وعباداتها، قال بعض السلف : "إذا أقبل العبد بقلبه على الله عز وجل أقبل عليه بقلوب أوليائه حتى يرزقهم مودته"،ودائما يقولون إن البيئات الخسيسة لا تعرف حبا ، وبيئة الملائكة بيئة خصبة صالحة للحب والتقارب.

إن الملائكة عباد الله قد أخلصوا له في عبادتهم، فهم في عبادة مستمرة له سبحانه وفي طاعة مطلقة لأوامره عز وجل﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (*) وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (*) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (*) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ﴾( )
﴿ وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ (*) وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (*) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ﴾( )
والمؤمن في طاعة مستمرة وعبادة متواصلة لله، فاقتربت روحه بعبادته من روح الملك وارتفعا إلى الملأ الأعلى، فحدث الأنس والطمأنينة ، والقرب والود والحب، قال عبد الله ابن عمرو رضي الله عنهما :" أجد في كتاب الله المنزل أن العبد إذا قال : ( الحمد لله)قالت الملائكة (رب العالمين) وإذا قال ( الحمد لله رب العالمين) قالت الملائكة : ( اللهم اغفر لعبدك ) وإذا قال (سبحان الله )قالت الملائكة (وبحمده ) وإذا قال ( سبحان الله وبحمده) قالت الملائكة : ( اللهم اغفر لعبدك )وإذا قال ( لا إله إلا الله ) قالت الملائكة:( اللهم اغفر لعبدك )"( )
يقول الدكتور محمد ياسين في كتاب الإيمان : (... فعندما يضل الركب الطريق وتسود الجاهلية الجهلاء ويصبح المؤمن غريبا في وطنه وبين أهله وقومه ويجد منهم الصدد والاستهزاء والتخذيل والتثبيط عن طاعة الله والاستقامة على أمره في هذه الغربة يجد المؤمن أنيسا ورفيقا يصحبه ويرافقه ويواسيه ويصبره ويطمأنه ويشجعه على مواصلة السير على درب الهدى فهذه جنود الله معه : تعبد الله كما يعبد وتتجه إلى خالق السماوات والأرض كما يتجه وتبارك خطواته وتشد من أزره وتذكره بالخير عند ربه فهو إذا ليس وحده في الطريق إلى الله ولكنه يسير مع الركب العظيم ومع الأكثرية من مخلوقات الله عز وجل : مع الملائكة الكرام ومع الأنبياء عليهم السلام ومع السماوات والأرض فهو الأكثر رفيقا وهو الأقوى سندا فتجعله هذه المشاعر الصادقة صابرا مطمئنا لا يزيده صدود الناس إلا ثباتا وجهادا )( )
نعم لست وحدك وإنما معك من يؤانسك ويزيل وحشتك وغربتك في الطريق ، ذكر ابن أبي شيبة في مصنفه باب : الرجل يعطس وحده ما يقول ؟ روى أبو الأحوص عن حصين عن إبراهيم قال: إذا عطس وهو وحده فليقل : الحمد لله رب العالمين ، ثم يقول: يرحمنا الله وإياكم ، فإنه يشمته من سمعه من خلق الله.
وروى أبو بكر بن عياش عن عاصم عن أبي وائل قال : إذا عطست وأنت وحدك فرد على من معك - يعني من الملائكة.
وذكر في باب: ما يقول إذا عطس وما يقال له ؟ روى ابن مسهر عن ابن أبي ليلى وعيسى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إذا عطس أحدكم فليقل : (الحمد لله ، وليرد عليه من حوله (يرحمك الله) وليرد عليهم : يهديكم الله ويصلح بالكم".( )
وروى البيهقي بسنده عن سلمان قال:" لا يكون رجل بأرض فئ فيتوضأ إن وجد ماء وإلا يتيمم فينادي بالصلاة ثم يقيمها إلا أم من جنود الله عز وجل ما لا يرى طرفاه أو قال طرفه".( )
وفي رواية أخرى عن سلمان الفارسي قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم:" ما من رجل يكون بأرض فئ فيؤذن بحضرة الصلاة ويقيم الصلاة فيصلي إلا صف خلفه من الملائكة ما لا يرى قطراه يركعون بركوعه ويسجدون بسجوده ويؤمنون على دعائه".( )
إن الملائكة عباد الله المكرمين اختارهم الله واصطفاهم ، ولهم مكانة عند ربهم والمؤمن الذي يعبد الله ويتبع رضوانه ويجد ويجتهد في العبادة لامناص له من أن يحب الملائكة وأن يوقرهم، ويتجنب كل ما من شأنه أن يسئ إليهم ويؤذيهم، والملائكة أيضا تبادله هذا الحب وتهتم بنشاطه وعطائه، وتقدر مجهوده وسعيه وتبكيره إلى الخير، قال صلى الله عليه وسلم :"إذا كان يوم الجمعة وقفت الملائكة على باب المسجد يكتبون الأول فالأول، ومثل المهجر كمثل الذي يهدي بقرة ثم كبشا ثم دجاجة ثم بيضة، فإذا خرج الإمام طووا صحفهم ويستمعون الذكر "( )
فاجتهد أخي في العبادة تلحق بركب الملائكة الأبرار، تجدهم يحبونك ويقتربون منك ، يدعون لك ويتمنون لك الخير الكثير، اجعل روحك تلتقي مع أرواحهم وأعمالك الصالحة تحلق مع أعمالهم وسعيك وجدك ونشاطك يسابق نشاطهم وسعيهم، اجعلهم يغبطونك ويتمنون أن يكونوا مثلك،ولا تجعلهم يمقتونك ويتمنون زوالك وبعدك.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق