الإسراء والمعراج رحلة الاستعداد وجمع الزاد (1)

دكتور/ عاطف زيتحار 
 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

 نطالع فصول الإسراء وحقائق المعراج منذ نعومة أظفارنا, وعُلّمنا وتعلمنا أن الإسراء رحلة أرضية والمعراج رحلة سماوية.., وأيقنا أن الإسراء والمعراج معجزة خالدة أفرد القرآن لها حديثاً مطولاً في سورتي الإسراء والمعارج وكذلك أفردت لها السنة حديثاً مطولاً حول فصولها ومحطاتها, مذكّرة بزاد المستقبل, ومعالم الطريق وآفاق انتشار الإسلام, ومعوقات المرحلة المقبلة, والتعريف بأعداء المسلمين.. جاء الإسراء بعد سبع سنوات عجاف أسرفت فيها قريش في حرب الدعوة والداعية والمنهج, أو بمعنى آخر طالت كل شيء من الإنسان إلا قلبه وعقيدته, وبالرغم من هذا التضييق إلا أن الدعوة كانت تكسب كل يوم أنصاراً جدداً, 

فهذان حمزة وعمر رضي الله عنهما يلحقان بركب الدعوة, وكلما كسبت الدعوة أنصاراً جدداً جن جنون قريش فازدادت في حربها وتفننت في أساليب قمعها, فختمت سنواتها العجاف بحصار الشعب الذي ألجأ الصحابة وآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أكل ما لا يستساغ, ثم اشتد حربها بعد وفاة النصيرين زوجه السيدة خديجه وعمه أبو طالب, وسط هذا الجو لم يجد النبي صلى الله عليه وسلم مفراً من الخروج إلى بلدة أخرى حتى يتمكن من تبليغ دعوة الله فذهب إلى الطائف فاستقبله أهلها بما يكره, فعاد إلى مكة وهو يردد " اللَّهُمَّ إِلَيْكَ أَشْكُو ضَعْفِي، وَهَوَانِي عَلَى النَّاسِ، أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ إِلَى مَنْ تَكِلُنِي؟ إِلَى بَعِيدٍ يَتَجَهَّمُنِي، أَمْ إِلَى قَرِيبٍ مَلَّكْتَهُ أَمْرِي، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ سَاخِطًا عَلَيَّ فَلا أُبَالِي، لَكَ الْعُتْبَى حَتَّى تَرْضَى، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِكَ أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ" أخرجه الضياء المقدسي في الأحادي المختارة. ودخل مكة وكله ثقة في موعود الله أن الله ناصر دينه ومظهر نبيه, قال له رفيق رحلته إلى الطائف زيد بن حارثه كيف تدخل عليهم، يعني قريشاً، وهم أخرجوك؟ فقال: "يا زيد إن الله جاعل لما ترى فرجاً ومخرجاً وإن الله ناصر دينه ومظهر نبيه"، ثم انتهى إلى حراء، فأرسل رجلاً من خزاعة إلى مطعم بن عدي: أدخل في جوارك؟ فقال: نعم، ودعا بنيه وقومه فقال: تلبسوا السلاح وكونوا عند أركان البيت فإني قد أجرت محمداً، فدخل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ومعه زيد بن حارثة حتى انتهى إلى المسجد الحرام، فقام مطعم بن عدي على راحلته فنادى: يا معشر قريش إني قد أجرت محمداً فلا يهجه أحد منكم، فانتهى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى الركن فاستلمه وصلى ركعتين وانصرف إلى بيته، ومطعم بن عدي وولده مطيفون به. الطبقات الكبرى لابن سعد. وبعد ذلك جاء التكريم في رحلة أرضية أعقبتها رحلة سماوية طاف من خلالهما أرجاء الأرض وحلق بين السماوات حتى وصل إلى سدرة المنتهى. ومن هذه الرحلة نستنبط دروساً من أهمها: 1-التأهيل قبل الانطلاق شرط التفوق والنجاح والوصول إلى القمم والنهايات: التأهيل الاستعداد؛ يقال: تأهب للأمر: استعد له, وأهبة الحرب: عدتها, فالتأهب والاستعداد لدى الفرد قبل الدخول فيما يطلب ويريد من متطلبات بناء الدول والأوطان وإصلاح الحكومات والأمم، ومن مستلزمات كسب المادة وجمع الثروة والبحث عن الغنى، ومن أدوات النزول إلى ميدان الجهاد والدعوة, أو الخوض في غمار الثقافة والفكرة، أو الجري في ميادين الرياضة والبحث عن القوة ومصادرها.., فأياً ما كان الأمر..., فالاستعداد يمنح الفرد القدرة على الاستجابة بسرعة وعلى نحو مناسب عند الاقتضاء والطلب, فالتأهب للأمر يهب المتأهب ويمنحه ترتيبات كفيلة بنجاحه وتفوقه, وتجعله يتخطى الصعاب ويتصدى لما يهدده من مخاطر. وقبل الانطلاق في رحلة الإسراء كان هذا التأهيل النفسي والبدني للنبي صلى الله عليه وسلم, وذلك بأمرين: الأول: شق صدره الشريف, حيث شُق صدر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات: الأولى وهو صغير عند حليمة السعدية لتطهير قلبه ولنزع حظ الشيطان منه، والحديث في ذلك ثابت صحيح ‏أخرجه مسلم بسنده عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى ‏الله عليه وسلم أتاه جبريل وهو يلعب مع الغلمان فأخذه فصرعه فشق عن قلبه فاستخرج ‏القلب فاستخرج منه علقة فقال: هذا حظ الشيطان منك ثم غسله في طست من ذهب ‏بماء زمزم ثم لأمه ثم أعاده في مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه - يعني ظئيره- فقالوا إن ‏محمداً قد قتل. فاستقبلوه وهو منتقع اللون. قال أنس: أرى أثر المخيط في صدره". والظئير ‏المرضعة وهي هنا حليمة كما هو معلوم.‏ والشق الثاني: كان عند مبعثه حتى يقوى ويتمكن من تلقى ما يوحى إليه بقلب قوي في أكمل الأحوال من التطهير؛ قال ‏الحافظ في الفتح عند شرحه لحديث باب المعراج من البخاري قال: وثبت شق الصدر عند ‏البعثة كما أخرجه أبو نعيم في الدلائل.‏., وقد ذكر هذه الشقة أصحاب السير.‏ والشق والشق الثالث: عند الإسراء والمعراج ليتأهب للمناجاة.., وليقوى على مشاهدة الأحداث واختراق السماوات ولقاء الملائكة والأنبياء, وليتمكن من الصعود إلى سدرة المنتهى..؛ فعن شريك بن عبد الله قال: سمعت أنس بن مالك يقول ليلة أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة: إنه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه وهو نائم في المسجد الحرام فقال أولهم: أيهم هو؟ فقال أوسطهم: هو خيرهم، فقال آخرهم: خذوا خيرهم . فكانت تلك الليلة فلم يرهم حتى أتوه ليلة أخرى فيما يرى قلبه ، وتنام عيناه ولا ينام قلبه - وكذلك الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم - فلم يكلموه حتى احتملوه فوضعوه عند بئر زمزم، فتولاه منهم جبريل، فشق جبريل ما بين نحره إلى لبته حتى فرغ من صدره وجوفه، فغسله من ماء زمزم، بيده حتى أنقى جوفه، ثم أتي بطست من ذهب فيه تور من ذهب محشوا إيمانا وحكمة، فحشا به صدره ولغاديده - يعني عروق حلقه - ثم أطبقه. ثم عرج به إلى السماء الدنيا.. الحديث أخرجه البخاري. قال الحافظ بن حجر: ويحتمل أن تكون الحكمة في ‏هذا الغسل لتقع المبالغة في الإسباغ بحصول المرة الثالثة كما تقرر في شرعه صلى الله عليه ‏وسلم وقد ثبتت هذه المرة في الصحيحين وغيرهما.‏ قال عبد العزيز اللمطي في نظمه قرة الأبصار في سيرة المشفع المختار:‏ وشق صدر أكرم الأنام وهو ابن عامين وسدس العام وشق للبعث وللإسراء أيضاً كما قد جاء في الأنباء فشق صدره في المرات الثلاث لتطهيره وليقوى على الرؤية والمشاهدات وتلقي الوحي والتكليفات, وهذا الشق لون من ألوان التأهب والاستعداد لما هو آت في عالم الرسل والرسالات. الثاني: تناوله الفطرة قبل العروج إلى السماء وهو بإيلياء –بيت المقدس-: حيث سقاه جبريل عليه السلام الفطرة النقية قبل العروج إلى السماء ليطهر باطنه بها, كما طهر قلبه بشقه وغسله؛ روى مسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتي ليلة أسري به بإيلياء بقدحين من خمر ولبن فنظر إليهما فأخذ اللبن فقال له جبريل عليه السلام: "الحمد لله الذي هداك للفطرة لو أخذت الخمر غوت أمتك". قال النووي: فألهمه الله تعالى اختيار اللبن لما أراده سبحانه وتعالى من توفيق هذه الأمة، واللطف بها، فلله الحمد والمنة.. شرح النووي على مسلم. والفطرة كما قيل فيها: هي الإسلام والاستقامة وهي أصل الخلقة التي يكون عليها كل مولود, وهي هدايات السماء إلى الأرض, فحشى الله صدر نبيه منها ليقوى على المشاهدة والتّحمَّل والاختراق وإلا لاحترق ومات.. وهذا اللون من التأهيل والاستعداد لنا معه وقفات: أ-التأهيل ضرورة حياتية وفريضة شرعية وذلك لأنه يجبر قصورك أمام الله والملأ من حولك, وعدمه تقصير تلام عليه من ربك ويلومك بسببه من حولك... ولذلك اشترط الله على من أراد الصلاة أن يتهيأ لها بالوضوء, فإذا ما أحسنه وأتقنه غفرت له سيئاته ورفعت له درجاته وكانت صلاته نافلة له روى مالك عن عبد الله الصنابحي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إذا توضأ العبد المؤمن فتمضمض خرجت الخطايا من فيه, وإذا استنثر خرجت الخطايا من أنفه, فإذا غسل وجهه خرجت الخطايا من وجهه حتى تخرج من تحت أشفار عينيه, فإذا غسل يديه خرجت الخطايا من يديه حتى تخرج من تحت أظفار يديه, فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من أذنيه, فإذا غسل رجليه خرجت الخطايا من رجليه حتى تخرج من تحت أظفار رجليه", قال:" ثم كان مشيه إلى المسجد وصلاته نافلة له".., ولأن الوضوء تأهب واستعداد للصلاة جعل الإسلام تجديد الوضوء لكل صلاة سنة ولكنه ليس بواجب ففي صحيح مسلم من حديث بريدة - رضي الله عنه- قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ عند كل صلاة، فلما كان يوم الفتح توضأ، ومسح على خفيه، وصلى الصلوات بوضوء واحد، فقال له عمر: يا رسول الله؛ إنك فعلت شيئاً لم تكن تفعله، فقال: عمداً فعلته يا عمر..؛ وروى البخاري عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، قُلْتُ: كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ؟ قَالَ: يُجْزِئُ أَحَدَنَا الْوُضُوءُ مَا لَمْ يُحْدِثْ. فالوضوء يجدد نشاط المرء وحيويته ويذهب الفتور والكسل, ويذيب سيئات جمعها المرء بين الصلاتين فيدخل على ربه طاهر البدن والقلب... وبعد الوضوء يستاك مرضاة لربة ومطهرة لفمه, ثم يتأهب للفريضة بصلاة النافلة القبلية كلون من ألوان التدريب على حضور القلب بين يدي الله فإذا غفل في النافلة أو سها استحضر في الفريضة ما غفل عنه, واستدرك ما فاته, وانتقم من شيطانه بخشوعه وتبتله. فإذا ما أقيمت الصلاة أدرك تكبيرة الإحرام وتأهب لها ولركعاتها ولقراءته فيها بحضور النية وذلك مع تكبيرة ترتج لها أركانه ويغيظ بها شيطانه ويتحرك لها عقله وفؤاده, فيقف خاشعاً منصتاً متدبراً إن كان مأموماً, وحاضر الفؤاد متوقد الذهن إن كان إماماً. وإذا كانت الصلاة صلاة جمعة حضر مبكراً واغتسل لها وتهيأ وتطيب قال صلى الله عليه وسلم عن الاستعداد للجمعة :" من توضأ، فبها ونعمت، ومن تغسل فالغسل أفضل" وثبت عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يخطب فدخل عثمان وهو يخطب، فكأنه عرض به، أي عرض بعثمان أنه تأخر إلى الخطبة فقال عثمان: (والله يا أمير المؤمنين ما جئت ما زدت على أن توضأت ثم أتيت)، فقال: والوضوء أيضاً وقد قال النبي صلي الله عليه وعلى آله وسلم:" إذا أتى أحدكم الجمعة فليغتسل". وهذا الغسل سنة قال النووي: واختلف العلماء في غسل الجمعة، فحكي وجوبه عن طائفة من السلف، حكوه عن بعض الصحابة، وبه قال أهل الظاهر، وحكاه ابن المنذر عن مالك، وحكاه الخطابي عن الحسن البصري ومالك، وذهب جمهور العلماء من السلف والخلف وفقهاء الأمصار إلى أنه سنة مستحبة ليس بواجب. شرح النووي على مسلم. فهذه كلها ألوان من الاستعداد لأداء فريضة الصلاة, وقس على ذلك سائر الفرائض التي لابد من التهيئة والاستعداد لأدائها حتى يكون المرء حاضر الذهن لا شارده, موجود بكليته فيها لا غائباً عنها. ب-التأهيل يقودك إلى الاستمرارية, فلا يسقط في الطريق أو يتوقف من تأهل, فهو بمثابة وقاية وحماية يحمل المرء على التعافي من التهديدات المُحتملة أثناء سيره في طريق إنجاز مهمته... ومما يروى في ذلك أن جبريل توقف عند محطة معينة ولم يكمل ومما ورد في ذلك ما نقله النووي عن القاضي عياض أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فارقني جبريل وانقطعت عني الأصوات...؛ ومنها كذلك ما حكاه ابن عاشور في تفسيره عن مقاتل في قوله تعالى: (وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ) [الصافات:164]. ونحن في سيرنا إلى الله نحتاج هذا اللون من الاستعداد الذي يقود إلى الاستمرارية, فنحن نتعبد لله حباً ونتمنى لقياه ورؤيته ونجمع لذلك الزاد الذي يؤهلنا لرؤياه في الآخرة عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- جُلُوسًا فَنَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْلَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ فَقَالَ « إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا لاَ تُضَامُّونَ فِى رُؤْيَتِهِ فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لاَ تُغْلَبُوا عَلَى صَلاَةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا ». ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا) أخرجه أبو داود.. فأجمل شيء في الآخرة التمتع برضا الله ورؤياه, وعدم السقوط بين الهلكى من الأمم, ومواصلة السير حتى نهاية الطريق وهو الفوز بهذه المنزلة العالية؛ أخرج مسلم بسنده عن أبي سعيد الخدري أن ناساً في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول الله هل نري ربنا يوم القيامة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" نعم؛ قال هل تضارون في رؤية الشمس بالظهيرة صحوا ليس معها سحاب؟ وهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر صحوا ليس فيها سحاب؟ قالوا لا يا رسول الله قال ما تضارون في رؤية الله تبارك وتعالى يوم القيامة إلا كما تضارون في رؤية أحدهما؛ إذا كان يوم القيامة أذن مؤذن ليتبع كل أمة ما كانت تعبد, فلا يبقى أحد كان يعبد غير الله سبحانه من الأصنام والأنصاب إلا يتساقطون في النار حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر وفاجر وغبر أهل الكتاب -بقاياهم جمع غابر- فيدعى اليهود فيقال لهم ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد عزير بن الله, فيقال: كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد, فماذا تبغون؟ قالوا: عطشنا يا ربنا فاسقنا, فيشار إليهم ألا تردون؟ فيحشرون إلى النار كأنها سراب يحطم بعضها بعضا فيتساقطون في النار؛ ثم يدعى النصارى, فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد المسيح بن الله, فيقال لهم: كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد, فيقال لهم: ماذا تبغون؟ فيقولون: عطشنا يا ربنا فاسقنا, قال: فيشار إليهم ألا تردون؟ فيحشرون إلى جهنم كأنها سراب يحطم بعضها بعضا فيتساقطون في النار, حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله تعالى من بر وفاجر أتاهم رب العالمين سبحانه وتعالى في أدنى صورة من التي رأوه فيها قال فما تنتظرون؟ تتبع كل أمة ما كانت تعبد, قالوا: يا ربنا فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم ولم نصاحبهم, فيقول: أنا ربكم فيقولون نعوذ بالله منك لا نشرك بالله شيئا (مرتين أو ثلاثا) حتى إن بعضهم ليكاد أن ينقلب فيقول هل بينكم وبينه آية فتعرفونه بها؟ فيقولون نعم فيكشف عن ساق فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود ولا يبقى من كان يسجد اتقاء ورياء إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة كلما أراد أن يسجد خر على قفاه ثم يرفعون رؤوسهم وقد تحول في صورته التي رأوه فيها أول مرة فقال أنا ربكم فيقولون أنت ربنا, ثم يضرب الجسر على جهنم وتحل الشفاعة, ويقولون: اللهم سلم سلم, قيل يا رسول الله وما الجسر؟ قال:" دحض مزلة فيه خطاطيف وكلاليب وحسك تكون بنجد فيها شويكة يقال لها السعدان فيمر المؤمنون كطرف العين وكالبرق وكالريح وكالطير وكأجاود الخيل والركاب فناج مسلم ومخدوش مرسل ومكدوس في نار جهنم حتى إذا خلص المؤمنين من النار فوالذي نفسي بيده ما منكم من أحد بأشد منا شدة لله في استقصاء الحق من المؤمنين لله يوم القيامة لإخوانهم الذين في النار, يقولون: ربنا كانوا يصومون معنا ويصلون ويحجون, فيقال لهم: أخرجوا من عرفتم فتحرم صورهم على النار, فيخرجون خلقا كثيرا قد أخذت النار إلى نصف ساقيه وإلى ركبتيه ثم يقولون ربنا ما بقي فيها أحد ممن أمرتنا به, فيقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من خير فأخرجوه فيخرجون خلقا كثيرا, ثم يقولون: ربنا لم نذر فيها أحدا ممن أمرتنا, ثم يقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار من خير فأخرجوه, فيخرجون خلقا كثيرا, ثم يقولون: ربنا لم نذر فيها ممن أمرتنا أحدا, ثم يقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خير فأخرجوه, فيخرجون خلقا كثيرا, ثم يقولون: ربنا لم نذر فيها خيراً" وكان أبو سعيد الخدري يقول: إن لم تصدقوني بهذا الحديث فاقرؤوا إن شئتم {إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما} [ 4 / النساء / الآية - 4 ] فيقول الله عز وجل:" شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط قد عادوا حمما فيلقيهم في نهر في أفواه الجنة يقال له نهر الحياة فيخرجون كما تخرج الحبة في حميل السيل ألا ترونها تكون إلى الحجر أو إلى الشجر ما يكون إلى الشمس أصيفر وأخيضر وما يكون منها إلى الظل يكون أبيض؟ فقالوا يا رسول الله كأنك كنت ترعى بالبادية؟ قال:" فيخرجون كاللؤلؤ في رقابهم الخواتم يعرفهم أهل الجنة هؤلاء عتقاء الله الذين أدخلهم الله الجنة بغير عمل عملوه ولا خير قدموه ثم يقول ادخلوا الجنة فما رأيتموه فهو لكم فيقولون ربنا أعطيتنا ما لم تعط أحدا من العالمين فيقول لكم عندي أفضل من هذا فيقولون يا ربنا أي شيء أفضل من هذا ؟ فيقول رضاي فلا أسخط عليكم بعده أبدا". أخرجه مسلم فمن أراد الفوز والوصول إلى القمة فليخطط لها من الآن., وليتأهب وليستعد لهذا اللقاء بجمع الزاد والمستلزمات..؛ ومن أراد الفشل والطرد والفوز بالسفال والخسار فليعش في وادي العشوائية التعبدية والعقائدية والأخلاقية والدعوية. ج-النزول إلى الميدان قبل التدريب والتأهيل قد يفضي بالمرء إلى الانقطاع أو التقصير في حق نفسه أو غيره.., فمن لم يتدرب على الصيام والقيام قبل رمضان نسي كثيرا ونام طويلاً في رمضان, ولم يتدرب على صدقة التطوع قد يقصر في أداء الزكاة, ومن لم يتدرب على قراءة أوراده قد يقصر في حق قرآنه.., وهكذا فيجب التدريب على النوافل حتى لا يقصر المرء المسلم في آداء الفرائض أو ينقطع أثناء الآداء لأنه شق على نفسه ولم يتدرب جيدا قبل الدخول في غمارها.., عن عمرو بن دينار، أن إنسانا جاء أبا هريرة، فقال: أصبحت صائما، فنسيت فطعمت، وشربت قال: " لا بأس، الله أطعمك، وسقاك " قال : ثم دخلت على إنسان آخر ، فنسيت فطعمت، وشربت قال: " لا بأس، الله أطعمك، وسقاك " قال: ثم دخلت على إنسان آخر فنسيت، وطعمت، فقال أبو هريرة : " أنت إنسان لم تعاود الصيام ". أخرجه عبد الرزاق. الدرس الثاني من دروس الإسراء والمعراج: أن الله يتيح لأوليائه فرص الاطلاع على ملكوته وطلاقة قدرته وذلك لأسباب: 1-ليزدادوا طمأنينة وثباتاً فهذا نبي الله إبراهيم عليه السلام يطلب من ربه مشاهدة يد القدرة وهي تعمل قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) وهذا نبي الله موسى عليه السلام يطلب رؤيا ربه ليمتع بصره وفؤاده ويزداد ثباتا فوق ثباته, قال تعالى: (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ) وهذا نبي الله عيسى عليه السلام يسأل الله آية من السماء ليقهر خصمه على اتباعه ويزداد طمأنينة وثباتاً, يقول تعالى: (قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ).. ونبي الله محمد صلى الله عليه وسلم يريه الله في رحلة الإسراء والمعراج ملكوت السموات والأرض, وعظمة بنائهما, ويطلعه على جمال الأنبياء وصفوة الملائكة, وكأنه يقول له: ما قيمة هؤلاء الذين يعارضونك بين طيات السموات, إن غضبة واحدة من رافع السموات وباسط الأراضين لا تبقى لهؤلاء أثراً ولا ترفع لهم لواء. 2-إن هذا الذي ترونه من أعداء الله لا يساوي شيئاً في ملكوت السموات والأرض, فما قيمة مكة وسط هذا الملكوت وما قيمة الطائف بكل ما عليها, فازدادوا ثباتاً بأن المستقبل لكم لا لغيركم. 3-الإسراء والمعراج رحلة التكريم والرضا واستعادة المكانة والمنزلة والثقة بالنفس: لقد طالت ضربات قريش كل شيء الداعي والمدعو والدعوة, فكان لا بد من استراحة تمنح الداعية والمدعو زيادة ثقة, فكانت الإسراء والمعراج, فيحمل على البراق بعد أن مشى سيرا على الأقدام من مكة إلى الطائف ذهابا وإيابا, ويرافقه جبريل أمين الوحي, ويستقبله الأنبياء بعد أن استقبله هؤلاء السفهاء هنا وهناك, فيحمل من قبح المعاملة إلى حسنها وجمالها, فيستعيد بذلك ثقته بنفسه وبدعوته. 4-ضاقت الأرض على نبيه بما رحبت ففتح الله له أرجاء السماء, يقول الله تعالى: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) غافر: 10. وبمثل ذلك يسوق الله لأوليائه من البشريات والآيات التي يربط بها على قلوبهم المكدودة وذلك في صور متعددة مثل الرؤيا الصالحة أو يسوقها حقيقة ما ثلة بين أيديهم, ومن ذلك أن عمران بن حصين أصيب بمرض واشتد به فكانت الملائكة تنزل عليه وتجالسه وتؤانسه, روى الطبراني بسنده في الكبير عن قتادة قال: إن الملائكة كانت تصافح عمران بن حصين حتى اكتوى. قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وقد ثبت عن عمران بن حصين أنه كان يسمع كلام الملائكة. وقال المباركفوري في شرح الترمذي: عمران بن حصين... كان من علماء الصحابة وكانت الملائكة تسلم عليه وهو ممن اعتزل الفتنة. وذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمة رجل - حكى عنه أبو بكر محمد بن داود الدينوري المعروف بالدقي الصوفي - قال هذا الرجل: كنت أكاري على بغل لي من دمشق إلى بلد الزبداني، فركب معي ذات مرة رجل، فمررنا على بعض الطريق، على طريق غير مسلوكة، فقال لي: خذ في هذه، فإنها أقرب. فقلت: لا خبرة لي فيها، فقال: بل هي أقرب. فسلكناها فانتهينا إلى مكان وعر وواد عميق ، وفيه قتلى كثير، فقال لي: أمسك رأس البغل حتى أنزل. فنزل وتشمر، وجمع عليه ثيابه، وسل سكينا معه وقصدني، ففررت من بين يديه وتبعني، فناشدته الله وقلت: خذ البغل بما عليه. فقال: هو لي، وإنما أريد قتلك . فخوفته الله والعقوبة فلم يقبل ، فاستسلمت بين يديه وقلت: إن رأيت أن تتركني حتى أصلي ركعتين؟ فقال : صل وعجل. فقمت أصلي فأرتج علي القرآن فلم يحضرني منه حرف واحد، فبقيت واقفا متحيرا وهو يقول: هيه. افرغ. فأجرى الله على لساني قوله تعالى : (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء)، فإذا أنا بفارس قد أقبل من فم الوادي، وبيده حربة، فرمى بها الرجل فما أخطأت فؤاده، فخر صريعا، فتعلقت بالفارس وقلت: بالله من أنت؟ فقال: أنا رسول [ الله ] الذي يجيب المضطر إذا دعاه، ويكشف السوء. قال: فأخذت البغل والحمل ورجعت سالما. وذكر في ترجمة " فاطمة بنت الحسن أم أحمد العجلية " قالت: هزم الكفار يوما المسلمين في غزاة، فوقف جواد جيد بصاحبه، وكان من ذوي اليسار ومن الصلحاء، فقال للجواد: ما لك؟ ويلك. إنما كنت أعدك لمثل هذا اليوم. فقال له الجواد: وما لي لا أقصر وأنت تكل علوفتي إلى السواس فيظلمونني ولا يطعمونني إلا القليل؟ فقال: لك علي عهد الله أني لا أعلفك بعد هذا اليوم إلا في حجري. فجرى الجواد عند ذلك، ونجى صاحبه، وكان لا يعلفه بعد ذلك إلا في حجره، واشتهر أمره بين الناس، وجعلوا يقصدونه ليسمعوا منه ذلك، وبلغ ملك الروم أمره، فقال: ما تضام بلدة يكون هذا الرجل فيها. واحتال ليحصله في بلده، فبعث إليه رجلا من المرتدين عنده، فلما انتهى إليه أظهر له أنه قد حسنت نيته في الإسلام وقومه، حتى استوثق، ثم خرجا يوما يمشيان على جنب الساحل، وقد واعد شخصا آخر من جهة ملك الروم ليتساعدا على أسره، فلما اكتنفاه ليأخذاه رفع طرفه إلى السماء وقال: اللهم، إنه إنما خدعني بك فاكفنيهما بما شئت، قال: فخرج سبعان إليهما فأخذاهما، ورجع الرجل سالما. تفسير بن كثير. لقد بطشت يد القدرة بالعدو فقهرته وغلبته, وحمت أهلها وأولياؤها, وساقت لهم هذه البشريات حقيقة وواقعاً وأطلعتهم عليها فرأوها بأم أعينهم فازدادوا ثباتاً ويقيناً. وبمثل ذلك ما ساقه ابن كثير في البداية أثناء حديثه عن أحداث سنة خمس وستين وخمسمائة, حيث يقول: وفي صفر منها حاصرت الفرنج مدينة دمياط من بلاد مصر خمسين يوما; بحيث ضيقوا على أهلها وقتلوا أمما كثيرة; جاءوا إليها من البر والبحر; رجاء أن يملكوا الديار المصرية وخوفا من استيلاء المسلمين على القدس، فكتب صلاح الدين إلى نور الدين يستنجده عليهم ويطلب منه أن يرسل إليه بأمداد من الجيوش; فإنه إن خرج من مصر خلفه أهلها بسوء، وإن قعد عن الفرنج أخذوا دمياط وجعلوها معقلا لهم يتقوون بها على أخذ مصر، فأرسل إليه نور الدين ببعوث كثيرة يتبع بعضها بعضا، ثم إن نور الدين اغتنم غيبة الفرنج عن بلادهم فصمد إليهم في جيوش كثيرة، فجاس خلال ديارهم وغنم من أموالهم وقتل من رجالهم وسبى من نسائهم وأطفالهم شيئا كثيرا، وكان من جملة من أرسل إلى صلاح الدين أبوه الأمير نجم الدين أيوب في جيش من تلك الجيوش ومعه بقية أولاده، فتلقاه الجيش من مصر في رجب وخرج العاضد لتلقيه إكراما لولده صلاح الدين، وأقطعه الإسكندرية ودمياط والبحيرة، وكذلك بقية أولاده، وقد أمد العاضد صلاح الدين في هذه الكائنة بألف ألف دينار، حتى انفصلت الفرنج عن دمياط.., وأجلت الفرنج عن دمياط; لأنه بلغهم أن الملك نور الدين قد غزا بلادهم، وقتل خلقا من رجالهم وسبى كثيرا من نسائهم وأطفالهم وغنم مالا جزيلا من أموالهم، فجزاه الله عن المسلمين خيرا، ثم سار نور الدين في جمادى الآخرة إلى الكرك; فحاصرها وكانت من أمنع البلاد وكاد أن يفتحها ولكن بلغه أن مقدمين من الفرنج قد أقبلا نحو دمشق، فخاف أن يلتف عليهما الفرنج، فترك الحصار وأقبل نحو دمشق فحصنها، ولما انجلت الفرنج عن دمياط فرح نور الدين والمسلمون فرحا شديدا، وأنشد الشعراء كل منهم في ذلك قصيدا، وقد كان الملك نور الدين شديد الاهتمام قوي الاغتمام بذلك; حتى إنه قرأ عليه بعض طلبة الحديث جزءا فيه حديث مسلسل بالتبسم، فطلب منه أن يبتسم ليتصل التسلسل، فامتنع من ذلك، وقال: إني لأستحيي من الله أن يراني متبسما والمسلمون تحاصرهم الفرنج بثغر دمياط. وقيل: أن نور الدين قبيل المعركة انفرد بنفسه تحت تل "حارم" وسجد لله، ومرَّغ وجهه وتضرع، وقال: "يا رب! هؤلاء عبيدك وهم أولياؤك، وهؤلاء عبيدك، وهم أعداؤك، فانصر أولياءك على أعدائك" ..... "أيش فضول محمود في الوسط" وهو يعني أنك إن نصرتنا فدينك نصرت، فلا تمنع النصر عن المسلمين بسببي، ثم قال: "اللهم انصر دينك ولا تنصر محموداً، من محمود الكلب حتى يُنصر"؟!. وقد ذكر الشيخ أبو شامة أن إمام مسجد أبي الدرداء بالقلعة المنصورة رأى في تلك الليلة التي أجلى فيها الفرنج عن دمياط رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول له سلم على نور الدين وبشره بأن الفرنج قد رحلوا عن دمياط، . فقلت: يا رسول الله بأي علامة ؟ فقال : بعلامة ما سجد يوم تل حارم وقال : في سجوده اللهم انصر دينك ولا تنصر محمودا ومن هو محمود الكلب حتى ينصر؟ فلما صلى نور الدين عنده الصبح بشره بذلك وأعلمه بالعلامة، وكشفوا تلك الليلة فإذا هي هي. البداية والنهاية. فهذه بشرى ساقها الله لقلوب مكدودة مهمومة, فبشرها بما يفرحها على لسان نبيها عليه السلام.., في صورة رؤيا, ورؤيا الأنبياء حق. إن الإسراء والمعراج كانت بشرى طيبة وسط هموم متراكمة, وآية أطلع الله فيها نبيه صلى الله عليه وسلم على ملكوت السموات, فمسحت أثر الماضي ورسمت بذور النجاح للمستقبل. وللحديث بقية حول حادثة الإسراء والمعارج وعلى الله القصد ومنه القبول. دكتور/ عاطف زيتحار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق