أين عطرك ومزيل عرقك؟

عاطف زيتحار 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 
 بدون هذا العطر -مع ارتفاع حرارة الجو وكثرة العرق- يفوح منك وتظهر الروائح الكريهة ,التي لا تقبلها ولا تحبها, ولا يقبلها الناس من حولك، بل تنفر منها وينفر منك بسببها أقرب الناس إليك . كان هرم بن حيان يقول :" ما أقبل عبد بقلبه إلى الله عز وجل ، إلا أقبل الله تعالى بقلوب المؤمنين إليه, حتى يرزقه مودتهم ومحبتهم. ﴿إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ﴾ 

 ويروى أن هذه الآية نزلت في عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، وذلك أنه لما هاجر إلى المدينة، وجد في نفسه على فراق أصحابه بمكة، فأنزل الله عز وجل، الآية يعزّيه بها، ويخبره أنه سيحدث له في قلوب المؤمنين الذين هاجر إليهم محبة . وقيل : إن الله تعالى جعل له في قلوب المؤمنين محبة ً، فلم يره مؤمن إلا أحبه . 
هذا هو العطر الذي لا يشترى بمالٍ ولا بجاهٍ ولا سلطانٍ، وإنما يشترى بالجري في محاريب الطاعة وميادينها، والسعي إلى رضوانه، والعكوف على محبته بالليل حتى يفوح بالنهار، وبالنهار حتى يظهر بالليل، فأزل روائحك الكريهة بهجر النوم, والوقوف بين يديه, والابتعاد عن شباك المعصية وحماها . عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِأَصْحَابِهِ: " مَنِ الْمُؤْمِنُ ؟ قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ: " الْمُؤْمِنُ الَّذِي لَا يَمُوتُ حَتَّى يَمْلَأَ اللهُ مَسَامِعَهُ مِمَّا يُحِبُّ، وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا اتَّقَى اللهَ فِي جَوْفِ بَيْتٍ إِلَى سَبْعِينَ بَيْتًا عَلَى كُلِّ بَيْتٍ بَابٌ مِنَ الْحَدِيدِ لِأَلْبَسَهُ اللهُ رِدَاءَ عَمَلِهِ حَتَّى يَتَحَدَّثَ بِهَا النَّاسُ وَيَزِيدُونَ " قَالُوا: وَكَيْفَ يَزِيدُونَ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ: "لِأَنَّ التَّقِيَّ لَوْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَزِيدَ فِي بِرِّهِ لَزَادَ " ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنِ الْكَافِرُ ؟ " قَالُوا اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ: " الَّذِي لَا يَمُوتُ حَتَّى يَمْلَأَ اللهُ مَسَامِعَهُ مِمَّا يَكْرَهُ، وَلَوْ أَنَّ فَاجِرًا فَجَرَ فِي جَوْفِ بَيْتٍ إِلَى سَبْعِينَ بَيْتًا عَلَى كُلِّ بَيْتٍ بَابٌ مِنْ حَدِيدٍ لِأَلْبَسَهُ اللهُ رِدَاءَ عَمَلِهِ حَتَّى يُحَدِّثَ بِهِ النَّاسُ وَيَزِيدُونَ" قَالُوا: كَيْفَ يَزِيدُونَ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ: " لِأَنَّ الْفَاجِرَ لَوْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَزِيدَ فِي فُجُورِهِ لَزَادَ ".، وفي رواية أخرى : "لَوْ أَنَّ ابْنَ آدَمَ عَمِلَ بِالْخَيْرِ فِي سَبْعِينَ بَيْتًا لَكَسَاهُ اللهُ رِدَاءَ عَمَلِهِ حَتَّى يُعْرَفَ " ولذلك لا تنتظر من الناس مدحاً بالنهار وثناءً وأنت نائمٌ بالليل، فعلى قدر همّتك وجريك وسعيك في المحراب التعبدي يلبسك الله رداءه، فجمّله وزيّنه وكبّره وعطّره إن كنت زكياً بالسعي لا بالنوم، وبالكد لا بالراحة، وبالنشاط والهمّة لا بالكسل والفتور، وبالطاعة والإيمان لا بالمعصية واتباع الشيطان، هذا ما جعل أبو بكر رضي الله عنه قبل وفاته ينصح به عمر رضي الله عنه ويشد على يديه:" إني موصيك بوصيةٍ إن أنت حفظتها : إن لله حقاً بالنهار لا يقبله بالليل وإن لله حقاً بالليل لا يقبله بالنهار، وأنه لا يقبل نافلةً حتى تؤدي الفريضة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق