الممسوخون الجدد(4)

عاطف أبو زيتحار

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 الطبع الردي لا يليق به الخير:

 من المعروف أن المسخ في الأمم السابقة تحويل خلقٍ عن صورته الحقيقية وقلبها من إنسان إلى حيوان , والمسخ في أمتنا حتى اليوم مسخ أفكار وقلوب وعقول . والانقلاب : هو تحويل الشيء عن وجهه ومنه حجر مقلوب ، وكلام مقلوب. وقَلَبَ رداءه. وقلبه لوجهه : كبّه، وقلبه ظهراً لبطن. وقلب السرير : جعل قوائمه لأعلى .. فالانقلاب
مسخ , والمسخ انقلاب , لأن كليهما يشتركان في قلب الأمور وتحويل صورتها , وتغيير وجهتها . فمن قلب الحق باطلا ممسوخ , ومن قلب الحرية إلى عبودية ممسوخ , ومن قلب المدنية إلى عسكرية ممسوخ , ومن نحى الشريعة ورضي بالأحكام الوضعية ممسوخ .., وهكذا
لقد بدا لنا اليوم المسخ في أوضح صوره على شرائح متعددة من أبناء مجتمعنا .. , شرائح كنا نحسبها ونظنها من جنسنا وعالمنا , فاتضح لنا بعد أن انجلى الغبار أن تفكيرهم وعقولهم وقلوبهم من عالم آخر "أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ" ومما أحزننا , وأوجع قلوبنا , أن نرى من بين هؤلاء رجال دين كنا نظنهم علماء , ونحسبهم على خير , ولكن مقلب القلوب والأبصار كشف ستره عنهم , ففاح نتنهم , وظهر خبثهم , وانكشفت مؤامراتهم وسوءاتهم , فبعد أن كانوا موضع احترام الناس وتقديرهم , سخر الناس منهم وسخطوا عليهم . وصدق فينا - عندما أحسنا الظن بهم - قول القائل :
 ظننتم والسفيه له ظنون ... وما إن ذاك من أمر الصواب
ولعلنا إذا نظرنا إلى تاريخهم القديم وجدناه ينضح بالسوء , فخبايا نفوسهم وضمائرهم كانت قبيحة وقلوبهم ممسوخة , أو تم مسخها مع مرور الزمن بسبب اجترائهم على الله وخيانتهم لدينه ورسوله , فباطنهم محشو بالغدر والخيانة والكذب , أخفوا غدرهم وكتموا خيانتهم سنين عديدة وأزمنة مديدة , حتى كشف الله سترهم وفضح أمرهم . ولذلك علينا أن لا نتعجب من صنيعهم , وأن لا نُكثر من الالتفات إلى شغبهم , مادام تاريخهم ينضح بالسوء . فعندما نراهم يوالون الظالم , وينصرونه على المظلوم , أو يصفقون للعاهر منتهك الأعراض مغتصب الحرائر ويسبون الشرفاء , أو يؤيدون القتل ويشجعون القاتل المجرم , ويشمتون ويسخرون من المقتول , فعلينا أن لا نتعجب لأن الله مسخ عقولهم وقلوبهم , "يريد الله أن لا يجعل لهم حظا " والطبع الردي لا يليق به الخير.
وهل يكره أحد العدل ويحب الظلم , ويحب القهر والذل ويكره الحرية إلا ممسوخ طبع الله على قلبه ؟ إنهم يسيرون في ركاب عبد الله بن ملجم , وعمرو بن جرموز , وأبو لؤلؤة غلام المغيرة , وعيسى بن موسى , فالأول غدر بعلي وقتله , والثاني غدر بالزبير وقتله , والثالث غدر بعمر وقتله , والرابع غدر بأبي جعفر وعزله .
 يقول الإمام الأبشيهي : خرج قوم لصيد فطردوا ضبعة حتى ألجؤها إلى خباء أعرابي فأجارها وجعل يطعمها ويسقيها، فبينما هو نائم ذات يوم إذ وثبت عليه فبقرت بطنه وهربت، فجاء ابن عمه يطلبه، فوجده ملقى فتبعها حتى قتلها، وأنشد يقول: ومن يصنع المعروف مع غير أهله ... يلاقي كما لاقى مجير أم عامر أعد لها لما استجارت ببيته ... أحاليب ألبان اللقاح الدرائر وأسمنها حتى إذا ما تمكنت ... فرته بأنياب لها وأظافر فقل لذوي المعروف هذا جزاء من ... يجود بمعروف على غير شاكر وحكى بعضهم قال: دخلت البادية فإذا أنا بعجوز بين يديها شاة مقتولة وإلى جانبها جرو ذئب. فقالت: أتدري ما هذا؟ فقلت: لا، قالت: هذا جرو ذئب أخذناه صغيراً وأدخلناه بيتنا وربيناه، فلما كبر فعل بشاتي ما ترى، وأنشدت: بقرت شويهتي وفجعت قومي ... وأنت لشاتنا ابن ربيب غذيت بدرها ونشأت معها ... فمن أنباك أن أباك ذيب إذا كان الطباع طباع سوء ... فلا أدب يفيد ولا أديب اللهم إنا نعوذ بك من البغي وأهله، ومن الغادر وفعله.(المستطرف في كل فن مستظرف للإمام الأبشيهي 281ط دار الحديث الطبعة الأولى 1421- 2000). لقد أعطيناهم أسماعنا , وفرغنا لهم جزءا من أوقاتنا , رددنا غيبتهم بين الناس ليلا ونهارا , وقرأنا كتبهم وتتلمذ البعض على أيديهم , وما كنا ندري أننا ندافع عن ذئاب وضباع ترتدي ثوب إنسان .!!
وهؤلاء غضب الله عليهم أشد من غيرهم , لما عندهم من علم لم يوظفوه في خدمة دين الله وعباده , ولم يستخدموه في تعبيد الناس لله , روى الطبراني بسنده عن أبي سفيان ، عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أوحى الله إلى ملك من الملائكة أن اقلب مدينة كذا وكذا على أهلها قال : إن فيه عبدك فلانا لم يعصك طرفة عين قال : اقلبها عليه وعليهم ، فإن وجهه لم يتمعر لي ساعة قط » وروى البيهقي بسنده عن مالك قال : « إن الله ، عز وجل أمر بقرية أن تعذب فضجت الملائكة ، قالت : إن فيهم عبدك فلانا ، قال : أسمعوني ضجيجه ، فإن وجهه لم يتمعر غضبا لمحارمي » هذا عابد اعتزل الناس , ولم يقترف معهم المنكر , فما بالنا بمن خالط الناس في منكرهم , أو أمر باقترافه , والمجاهرة به ؟ , أخرج أبو داود بسنده عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ مَنْ نَصَرَ قَوْمَهُ عَلَى غَيْرِ الْحَقِّ فَهُوَ كَالْبَعِيرِ الَّذِي رُدِّيَ فَهُوَ يُنْزَعُ بِذَنَبِهِ". يقول الإمام ابن الأثير : أراد أنه وَقَع في الإثْم وهَلَك كالبعير إذا تَردَّى في البِئر . وأرِيد أن يُنْزَع بذَنَبه فلا يُقْدَر على خَلاصه. (النهاية في غريب الحديث 2/ 219)
 وإن مثل الممسوخين من رجال الدين - الذين كنا نحسن بهم الظن بالأمس - كمثل رجلين أحدهما في بني إسرائيل , والثاني في بني حنيفة من أتباع مسيلمة .
فأما الأول : فهو بلعم أو بلعام ابن باعوراء:
 وهو رجل من بني إسرائيل آتاه الله اسمه الأعظم , ومنحه استجابة الدعاء , فانسلخ من الإيمان واتبع الكفر والطغيان , ترك موسى واتبع القوم الجبارين , يقول الله تعالى :" وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ۝ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ "(الأعراف الآيتان: 165,167) . يقول الإمام ابن كثير:والمشهور في سبب نزول هذه الآية الكريمة: إنما هو رجل من المتقدمين في زمن بني إسرائيل، كما قال ابن مسعود وغيره من السلف، وكان يعلم اسم اللّه الأكبر، وكان مجاب الدعوة، ولا يسأل اللّه شيئاً إلا أعطاه إياه، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: لما نزل موسى بهم يعني الجبارين ومن معه أتاه - يعني بلعم - بنو عمه وقومه فقالوا: إن موسى رجل حديد ومعه جنود كثيرة، وإنه إن يظهر علينا يهلكنا، فادع اللّه أن يردَّ عنا موسى ومن معه، قال: إني إن دعوت اللّه أن يرد موسى ومن معه ذهبت دنياي وآخرتي، فلم يزالوا به حتى دعا عليهم فسلخه اللّه ما كان عليه، فذلك قوله تعالى: { فانسلخ منها فأتبعه الشيطان} الآية. وقال السدي: لما انقضت الأربعون سنة التي قال اللّه: { فإنها محرمة عليهم أربعين سنة} ، بعث يوشع بن نون نبياً فدعا بني إسرائيل، فأخبرهم أنه نبي، وأن اللّه أمره أن يقاتل الجبارين، فبايعوه وصدقوه، وانطلق إلى رجل من بني إسرائيل يقال له: بلعام فكان عالماً يعلم الاسم الأعظم المكتوم، فكفر - لعنه اللّه - وأتى الجبارين، وقال لهم: لا ترهبوا بني إسرائيل فإني إذا خرجتم تقاتلونهم أدعو عليهم دعوة فيهلكون، وقوله تعالى: { فأتبعه الشيطان} أي استحوذ عليه وعلى أمره فمهما أمره امتثل وأطاعه، ولهذا قال: { فكان من الغاوين} أي من الهالكين الحائرين البائرين..أ.ه واليوم كم بيننا من بلعم أيد الظالم وصفق له , وسب المظلوم وتحامل عليه !! إنهم كُثُر نراهم في الصباح بين الاتجاهات الإسلامية المعاصرة يضلون أتابعهم , والمؤسسات الدينية الرسمية يكفرون معارضيهم , ويعدونهم من الخوارج , ويحرضون على قتلهم والانتقام منهم .
 والثاني: رجل من بني حنيفة:
 يدعى نهار الرجال أو الرجال بن عنفوة أسلم مع وفد بني حنيفة وهاجر إلى المدينة وقرأ القرآن الكريم , ولكنه ارتد عن الإسلام وكان سببا في ردة كثير من بني حنيفة , بل كان المحرض الأساسي والمؤثر القوي , وذلك لمكانته بينهم قبل أن يرتد . يقول الإمام الطبري : وكان معه – يعني مسيلمة - نهار الرجال بن عنفوة ، وكان قد هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم ؛ وقرأ القرآن ؛ وفقه في الدين ، فبعثه معلماً لأهل اليمامة وليشغب على مسيلمة ، وليشدد من أمر المسلمين ؛ فكان أعظم فتنة على بني حنيفة من مسيلمة ؛ شهد له أنه سمع محمداً صلى الله عليه وسلم يقول : إنه قد أشرك معه ؛ فصدقوه واستجابوا له ، وأمروه بمكاتبة النبي صلى الله عليه وسلم ، ووعدوه إن هو لم يقبل أن يعينوه عليه ؛ فكان نهار الرجال بن عنفوة لا يقول شيئاً إلا تابعه عليه ؛ وكان ينتهى إلى أمره ، وكان يؤذن للنبي صلى الله عليه وسلم ، ويشهد في الأذان أن محمداً رسول الله ؛ وكان الذي يؤذن له عبد الله بن النواحة ، وكان الذي يقيم له حجير بن عمير ، ويشهد له ، وكان مسيلمة إذا دنا حجير من الشهادة ، قال : صرح حجير ؛ فيزيد في صوته ، ويبالغ لتصديق نفسه ، وتصديق نهار وتضليل من كان قد أسلم ؛ فعظم وقاره في أنفسهم .(انظر: تاريخ الرسل والملوك 2/155, الكامل في التاريخ 1/373) ويقول ابن خلدون : وكان الرجال بن عنفوة من أشراف بنى حنيفة شهد لمسيلمة بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشركه معه في الأمر لأن الرجال كان قد هاجر وأقام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأ القرآن وتفقه في الدين فلما ارتد مسيلمة بعثه النبي صلى الله عليه وسلم معلما لأهل اليمامة ومشغبا على مسيلمة فكان أعظم فتنة على بنى حنيفة منه واتبع مسيلمة على شأنه وشهد له وكان يؤذن لمسيلمة ويشهد له بالرسالة بعد النبي صلى الله عليه وسلم فعظم شأنه فيهم وكان مسيلمة ينتهى إلى أمره وكان مسيلمة يسجع لهم باسجاع كثيرة يزعم أنها قرآن يأتيه ويأتى بمخارق يزعم أنها معجزات فيقع منها ضد المقصود.(تاريخ ابن خلدون2/74) ويقول ابن كثير : والرجال بن عنفوه بن نهشل، وكان الرجال هذا صديقه الذي شهد له أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أنه قد أشرك معه مسيلمة بن حبيب في الأمر، وكان هذا الملعون من أكبر ما أضل أهل اليمامة، حتى أتبعوا مسيلمة، لعنهما الله، وقد كان الرجال هذا قد وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقرأ البقرة، وجاء زمن الردة إلى أبي بكر فبعثه إلى أهل اليمامة يدعوهم إلى الله ويثبتهم على الإسلام، فارتد مع مسيلمة وشهد له بالنبوة * قال سيف بن عمر عن طلحة عن عكرمة عن أبي هريرة: كنت يوما عند النبي صلى الله عليه وسلم في رهط معنا الرجال بن عنفوة، فقال: إن فيكم لرجلا ضرسه في النار أعظم من أحد، فهلك القوم وبقيت أنا والرجال وكنت متخوفا لها، حتى خرج الرجال مع مسيلمة وشهد له بالنبوة، فكانت فتنة الرجال أعظم من فتنة مسيلمة * رواه ابن إسحاق عن شيخ عن أبي هريرة * (البداية والنهاية6/356) وعن رافع بن خَدِيج، قال: كان في الرّجال بن عنفوة من الخشوع، واللزوم لقراءة القرآن والخير، فيما يرى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، شيء عجيب، فخرج علينا يومًا، والرّجال معنا جالس، فقال: "أحدُ هؤلاء النفر في النّار"، قال رافع: فنظرت فإذا هم: أبو هريرة، وأبو أرْوَى، والطّفيل بن عمرو، والرّجال؛ فجعلت أنظر وأتعجب؛ فلما ارتدَّت بنو حنيفة سألتُ: ما فعل الرّجال؟ فقالوا: افتتن، وشَهِد لمسيلمة أنَّ رسول الله أشركه في الأمر، فقلت: ما قال رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم هو الحق، قالوا: وكان الرّجال يقول: كبشان انتطحا، فأَحبُّهما إلينا كَبْشُنَا ــ يعني : مسيلمة .(مختصر تاريخ دمشق 7/7) وكم بيننا اليوم من أناس حالهم كحال الرجّال بن عنفوة يشهدون الزور , ويملأ قلوبهم الفجور , يخونون الأمانة , ويقلبون الحق والحقيقة , يفتون بغير ما أنزل الله , يأمرون بالمعروف ولا يأتونه , وينهون عن المنكر ويأتونه .. وهؤلاء ينبغي علينا أن نكشف خداعهم وضلالهم وزيفهم للناس حتى لا يفتنوا بما عندهم من علم , كما فتن أتباع مسيلمة بما عند الرجال من علم . عن حذيفة بن اليمان – رضي الله عنه – قال: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر قال نعم قلت وهل بعد ذلك الشر من خير قال نعم وفيه دخن قلت وما دخنه قال قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر قلت فهل بعد ذلك الخير من شر قال نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها قلت يا رسول الله صفهم لنا قال هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا قلت فما تأمرني إن أدركني ذلك قال تلزم جماعة المسلمين وإمامهم قلت فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام قال فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك" (أخرجه البخاري ومسلم ) فانتقوا أيها الأحبة الكرام من تأخذون منه دينكم , وتتعلمون منه مكارم أخلاقكم , واحذروا أن تربطوا الحق بأي شخص أيا من كان وما كان حاله , أو براية مهما ارتفعت وعلا شأنها , فالأشخاص يعتريهم النقصان والتغيير والتبديل .., ويطرأ عليهم المسخ القلبي والانحراف الفكري , والرايات تسقط بانحراف الأشخاص , وزيغهم وضلالهم . ثبتنا الله على الحق وبصرنا بالحقيقة .
وللحديث بقية . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق