عاطف أحمد أبو زيتحار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ظهرت نابتة على شاشات التلفاز تدعي تجديد الخطاب الديني , وتُعلن بداية ثورة تصحيحية على التراث الإسلامي , ونحن لا نعارض التجديد , لأن ديننا الحنيف يأمر بذلك .. , بل يزداد إعجابنا ورضاؤنا عندما يقوم به أهل التخصص في كل مجال من مجالات الفكر والبحث .., ولكن أن تتصدر الواجهة وتحمل راية التجديد , نابتة ثوبها الفكري ممزق , وعورتها الثقافية مكشوفة , وشقها التاريخي مائل منحرف منحاز , تحمل حقداً وغلاً في قلبها لكل ماهو إسلامي وسطي .., فهذا ما يدعونا إلى التوقف ..
لقد سمعنا بأسماعنا , وشاهدنا بأعيننا , هذه الحملات المسمومة المنظمة التي انطلقت على شاشات التلفاز , وصفحات الجرائد , ومحطات المذياع , تهاجم كتب السنة النبوية وأئمتها .., وعلى رأسهم الإمام البخاري..
والإمام مسلم عليهما الرحمة والرضوان وصحيحيهما.., فسمعنا المدعو إسلام البحيري , والمدعو إبراهيم عيسى .., وغيرهم وهم يهاجمون الإمام البخاري وجامعه الصحيح وهكذا الإمام مسلم , يدعون إلى محوهما وحذفهما من ذاكرة المسلمين , بل دعى أحدهم صراحة إلى حرق هذه الكتب جملة واحدة ..
وهنا لا بد من وقفات :
أولا: نحن نؤمن من أعماقنا بأن هذه الهجمة ليست وليدة الصدفة , أو فجائية القدر , بل هي استكمال لسلسة بدأت قديما على يد المتصهينين والمنافقين ومازالت حتى اليوم وإن تغير زيها ومكياجها..
ثانيا : مكمن الخطورة أن أعداء السنة بالأمس لم يكن لديهم وسائل إعلام في المجتمع المسلم غير أبواق المنافقين , أما اليوم , فقد فتحت لهم وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية أبوابها وشرفاتها , فأصبح صوتها مسموعا في كل مكان ..ولذلك تحتاج في الرد عليها إلى مجهود أكثر من ذي قبل , لأنا رأينا تأثير هذه الوسائل على العوام من الناس , وكيف صنعت عقلا جمعيا في كثير من القضايا.
ثالثا : بالأمس تصدى رجال الحديث لأباطيلهم وإفكهم , وبجوار ذلك وقف فهم الأمة ووعيها حجر عقبة في طريق نباحهم , أما اليوم فأوصدت أبواب وسائل الإعلام في وجوه رجال الحديث , وأصبح جهل المجتمعات طريقا ممهدا لقبول هذه الشبهات .
رابعا : نحن نؤمن من أعماقنا بأن السنة محفوظة بحفظ الله لها لأنها وحي كالقرآن الكريم , روي الإمام الدارمي بسنده عن حسان بن عطية - رضي الله عنه – قال : كان جبريل – عليه السلام - ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم بالسنة كما ينزل عليه بالقرآن"( ) وقال الله عز وجل :" ﴿ وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحي ﴾ ( ) (أَيْ مَا يَخْرُجُ نُطْقُهُ عَنْ رَأْيِهِ، إِنَّمَا هُوَ بِوَحْيٍ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، لِأَنَّ بَعْدَهُ: ﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى ﴾ .( ) ولذلك سينتهي شغبهم بخيبة أملهم , وفوزهم بالسفال والخسار.
خامسا : بِحِسّنا الحديثي نؤمن أن هؤلاء هم الشياطين التي أوثقها سليمان عليه السلام بالأمس , انحلت اليوم , وظهرت في صورة فقهاء علماء , عن عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما - قال : يوشك أن يظهر شياطين قد أوثقها سليمان يفقهون الناس في الدين"( ). يريد الكذابين وأهل البدع الداعين إلى بدعتهم وهواهم، شبههم بالشياطين لتزيينهم الهوى للناس، وكذلك أهل البدع يدعون الناس إلى بدعتهم ويزينونها لهم فيتبعهم الجهلة والعوام ومن لم يحذرهم. ( )
, وعن عبدالله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما – قال: إن في البحر شياطين مسجونة أوثقها سليمان يوشك أن تخرج فتقرأ على الناس قرآنا"( )
سادسا : على علماء الشريعة أن تتكاتف جهودهم , وأن يسخروا أوقاتهم وعلمهم لمواجهة هذا الفكر المنحرف , وأن لا يستهينوا بهذه المهاترات ,فيستخدموا كل وسيلة متاحة في الرد عليهم , وأن يُسمعوا الدنيا حقيقة هؤلاء , وأن يكشفوا عن زيفهم وكذبهم.
سابعا : على الأئمة أن يستيقظوا من غفلتهم , وأن يقوموا من رقدتهم , وأن يعودوا إلى رشدهم , وأن يخرجوا من الدوائر التي رسمها لهم أعداؤهم .. , فيكشفوا للناس حقيقة هؤلاء الأدعياء اللقطاء , وخطورة سماعهم , وأن يبينوا للناس قيمة كتب السنة النبوية , ومنزلة أئمتها الكرام. وذلك من خلال خطبهم ودروسهم وقوافلهم الدعوية.
ثامنا :على الاتجاهات الإسلامية المعاصرة , أن تخرج من تيهها , وأن تفطن للمارد الذي يريد أن يعطل مسيرة دينها في إصلاح قلوب البشرية , وأن يجتثها من جذورها , فتوحد صفها , وتجمع شملها , وتخاطب أمتها بلغة خطابية واحدة , وإن تعددت راياتها.
تاسعا : على المؤسسات الخيرية ورجال الأعمال أن لا يبخلوا بأموالهم , وأن يعلموا أن دورهم لا يقل أهمية عن دور الأئمة والدعاة وعلماء الشريعة , فهم الظهير والعون والسند بأموالهم ومؤسساتهم الخيرية , فالعلماء بألسنتهم وعقولهم , وهم من ورائهم بأموالهم ..
عاشرا : على جموع الأمة أن لا تلوث سمعها بهذه المهاترات , وأن تُعرض عن هذه التفاهات سريعا , وأن يرفعوا شعار " وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ( )
كفانا الله شرهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق