عاطف أبو زيتحار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وصحبه ومن والاه .
وبعد
فإن الله عز وجل كرم المرأة وجعل لها ما للرجل وعليها ما عليه في مجمل التكليفات الشرعية , إلا أموراً تخص الرجال وحدهم , أو النساء وحدهن , لطبيعة خلقة كل نوع .., بل أكد القرآن ورسخ مبدأ المساواة في كثير من آيه , يقول الله تعالى :" ( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصادِقَاتِ وَالصّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ والصَّائِمِينَ والصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَاكِرَتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيما ) ( ).
فالمرأة في الإسلام مصونة مكرمة معززة , إنها بالنسبة للرجل قسيمة الحياة ، ومباءة الشكاه، وعماد الأمر، وعتاد البيت ، ومهبط النجوى، وهي آية الله ومنته ورحمته .
يقول ربنا – سبحانه وتعالى :" وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"( ).
يكابد الرجل طيلة يومه , ويكد ويتعب من أجل تحصيل لقمة عيشه , ثم يعود فيجد وزير الصدق في استقباله بعواطف فياضة يتجلى بها قلبها الخفاق , وكلماتها الرقيقة , وبسماتها الحانية , وصفاء قلبها الرقراق , تُظهر له وفاءها , ووَلاءها، وحنانها , وإحسانها، وتسليتها , ونقاء سريرتها...، وما إلى ذلك مما يقيم مائل الحياة، ويلم صدعات الحوادث .., فتمسح وتزيل عنه ما علق بقلبه وبدنه من عنت ومشقة .
لقد ريع النبي – صلى الله عليه وسلم – في غار حراء مع بدء الوحي , لرويته مشهداً لم يألفه من قبل , وملكه الفزع منه , فلم يجد - وهو صفي الله وصفوتهُ من خلقه - من يُسرى روعه , ويخفف عنه , ويَشُدُّ قلبه , إلا زوجه خديجة –رضي الله عنها – أخرج الإمام البخاري بسنده عن عائشة أم المؤمنين – رضي الله عنها- أنها قالت :أول ما بدئ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم , فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح , ثم حبب إليه الخلاء , وكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه - وهو التعبد - الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله ويتزود لذلك , ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها , حتى جاءه الحق وهو في غار حراء فجاءه الملك فقال : اقرأ قال:" ما أنا بقارىء " , قال:" فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني" , فقال: اقرأ , قلت:" ما أنا بقارئ , فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني", فقال: اقرأ , فقلت :"ما أنا بقارئ ,فأخذني فغطني الثالثة ثم أرسلني", فقال : "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ " ( ) . فرجع بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرجف فؤاده , فدخل على خديجة بنت خويلد - رضي الله عنها – فقال:" زملوني زملوني" , فزملوه حتى ذهب عنه الروع , فقال لخديجة وأخبرها الخبر: " لقد خشيت على نفسي " , فقالت خديجة – رضي الله عنها - : كلا والله ما يخزيك الله أبدا , إنك لتصل الرحم , وتحمل الكل , وتكسب المعدوم , وتقري الضيف , وتعين على نوائب الحق ..، فانطلقت به خديجة – رضي الله عنها - حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ابن عم خديجة –رضي الله عنها - , وكان امرءا تنصر في الجاهلية , وكان يكتب الكتاب العبراني , فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب , وكان شيخا كبيراً قد عمي , فقالت له خديجة – رضي الله عنها - : يا بن عم اسمع من ابن أخيك , فقال له ورقة : يا بن أخي ماذا ترى ؟ , فأخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خبر ما رأى , فقاله له ورقة :هذا الناموس الذي نزله الله به على موسى – عليه السلام - يا ليتني فيها جذع ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك , فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- :" أومخرجي هم ؟ , قال : نعم , لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي , وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا ... , ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي( ).
ذلك قول المرأة التي آزرت نبي الله – صلى الله عليه وسلم - ، وَوَاسَتْهُ بمالها وقلبها، وفرّجَت عنه مواطن محدقة مُطبقة , واحتملت دونه خطوباً جمة فوادحَ، وكان قولها أنفذ في نشر دين الله من ألف سيف تنْتَضى في سبيل الله..., إنه إلهام الوحي الذي نزل على لسانها ليكون برداً وسلاما على قلب نبي الله – صلى الله عليه وسلم -
إن من رحمة الله – عز وجل - وكرمه ومنه على عباده , أن منَّ عليهم وجعل لهم سكناً من أنفسهم , فما كان الله لِيَدَع الرجل تحت أوقار الدهر, وأثقال الحياة، حتى يخلق له من نظام نفسه، من يذود عنه هموم نفسه، ويحتمل دونه الكثير من شئونه، ويضيء له ما ظهر من شعاب العيش وظلم الخطوب.
إن المرأة بجوار كل ما سبق من فضل وكمال نفس , وشرف عاطفة , تبلغ بأمومتها منزلة لم يبلغها الرجال , مهما ارتفع علمهم , وتقدمت مكانتهم وولايتهم وقوامتهم , فبأمومتها تنزل المرأة عن حقها من الوجود لمن فصل عن لحمها ودمها تسهر لينام ، وتظمئ ليروى، وتحتمل الألم والمرض - راضية مغتبطة - لتذيقه طعم الدعة، وتنشيه نسيم النعيم..., تلك هي التضحية بالنفس بلغت بها الأمومة غايتها..., والجود بالنفس أقصى غاية الجود .. أخرج الطبراني في الأوسط من حديث أنس بن مالك – رضي الله عنه – أن سلامة حاضنة إبراهيم بن النبي - صلى الله عليه وسلم- قالت: يا رسول الله تبشر الرجال بكل خير ولا تبشر النساء , قال :"أصحابك دسسنك لهذا ؟ ", قالت: أجل , هن أمرنني, قال:" أفما ترضى إحداكن أنها إذا كانت حاملا من زوجها وهو عنها راض , أن لها مثل أجر الصائم القائم في سبيل الله , فإذا أصابها الطلق لم يعلم أهل السماء وأهل الأرض ما أخفي لها من قرة أعين , فإذا وضعت لم يخرج منها جرعة من لبنها ولم يمص مصة إلا كان لها بكل جرعة وبكل مصة حسنة , فإن أسهرها ليلة كان لها مثل أجر سبعين رقبة تعتقهن في سبيل الله , سلامة تدري لمن أعني بهذا للمتمتعات الصالحات المطيعات لأزواجهن اللواتي لا يكفرن العشير"( ).
وفي سبيل ذلك يقول حَّطانُ بن المعلَّى( ):
لولا بُنَيَّات كزُغْب القطا ... رُددن من بعض إلى بعض
لكان لي مُضْطَرَب واسع ... في الأرض ذات الطول والعرض
وإنما أولادنا بيننا ... أكبادنا تمشي على الأرض
لو هبت الريح على بعضهم ... لامتنعت عيني عن الغمض( )
ولقد قرأت موقف بطولة لإحدى النساء اللواتي ضحين بأنفسهن من أجل انقاذ حياة أبنائهن , وهو موقف يقف دونه الرجل عانَىِ الوجوه نادِىَ الجبين , (ففي صيف 1329هـ كانت إحدى بواخر النيل تحمل العابرين غادية رائحة بين كفر الزيات ودسوق.. وفي ذات مرة أخرج الرُّبان صدرها بمن احتملهم من قصاد المولد الدسوقي، فقذفها بضعفي ما تحمل.
سارت البواخر متعثرة تتحامل على نفسها وتضطرب في خطاها فما كادت تنكشف إلى عرض النيل قليلاً حتى آدها حملها، فانبتَّ عِقدها، وانحلت عُقدتها ومالت على نفسها، وتدفق الماء من منافذها..., هنالك خرج الناس عن عقولهم، وتملكهم الفزع الأكبر، وظنوا أنهم أحيط بهم، فأخذوا يتدافعون على صدر النيل علَّهم يلقون يداً تدفعهم أو ترفعهم.....؛ بين هذا الحفل المتماوج المتدافع تقطعت الأنساب ، فلا أب ولا أم ولا زوج ولا ولد... "لكل امرئ منهم لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ"( )... ؛ وفي ذلك الموطن الذي دارت عليه كؤوس الموت مُترعة ظهرت امرأة لا تتلمس الشاطئ كما يتلمسون، ولا تُلَوَّح بيدها كما تلوحون بل كان كن شُغلها والموج يرفعها ويخفضها والموت يقبضها ويبسطها: أن نزعت خمارها، وأدرجت فيه ولدها، ثم لوحت به إلى زوجها، وقذفته على صفحة الماء مترافقة إليه وصاحت به متهدجة قائلة : خذ يا فلان فذلك وصيتي إليك. . . , قالت ذلك ثم غاصت بين طيات الماء بعد ان أسلمت وديعتها وأبرأت إلى الله نفسها. . ., إلى تلك المنزلة السامية رفع الله المرأة ليكل إليها أشرف منازل الحياة: منزلة التربية والتعليم، منزلة الأستاذ الذي لا يمحو علمه، ولا ينسخ آيته أستاذ سواه، بل كل سائر على سنته، ومستنبع طريقه( ).
لقد كان من سنن اليونان أيام سقراط وأفلاطون ومن لفَّ لفهما أن يقف الرجل خاشعاً حاسراً الرأس إذا مرت به حامل , وما كان ذلك لمظهر جثماني فليس في ذلك ما يدعو إلى الهيبة والخشوع، بل ذلك لما مهد الله لها من عمل روحي ملكّي مقدّس( ).
إن المرأة ليست باْلَخلْق الضعيف...، فإن من احتمل ما احتملته في ظلمات التاريخ من عنت الدهر، وعسف الأب، وصَلَف الزوج، إلى وَقْر اَلحْمل، وألم المخاض وسُهد الأمومة - راضياً مطمئناً - لا يكون ضعيفا...؛ وليست بالخلق الحقير...؛ فإن من وكَلَهُ الله بابتناء الكون وإنشاء الأمة لا يكون حقيراً...؛ ألا إنما المرأة دعامة الكون لا يزال ناهضاً مكيناً ما نهضت به. فإن وَهَنَتْ دونه، وتخاذلت عنه، تهاوت عمده، وتصاعدت جوانبه.
ولقد فتح المعز لدين الله ما يلي أفريقية حتى البحر المحيط، ثم أخذ يرنو إلى مصر واجماً متهيباً فلم يزال ذلك أمره حتى قال قائل: إن نساء قصر الإخشيد أغرقن في الترف واستهن بالفضيلة. . . فما لبث أن قال: اليوم فتحت مصر. . .( ).
لقد أعطى الإسلام المرأة وأولاها عناية خاصة , وأفرد لها حديثاً مطولاً في مصدريه – القرآن , والسنة - , وذلك لانتشالها مما كانت فيه من ظلم البعض وعنتهم , ولواذعهم , وأشواكهم في المشرق والمغرب على السواء , فهي الأمة المستعبدة الذليلة , وهي الموءودة المقتولة بسبب أنوثتها , ولولا هذه الهنات تجاهها , فإنا واجدوا العرب من وراء ذلك يكادون يذوبون عطفاً وحناناً على بناتهم، فهم ينزلون عما ملكت أيمانهم إغلاء لهن وإيثاراً للعز والنعمة والدلال فيهن..., في المشرق كانت أو في المغرب..
إن الإسلام انتشلها من براثن الظلم الواقع عليها , وحظيت في ظل تعاليمه بمكانة عالية , ولأن حسن الأشياء يأتي بأضدادها نشير إلى ما كانت عليه قبل مجيء الإسلام إليها ونزوله بأرضها , وقد أشار أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في عبارة موجزة إلى وضع النساء في مجتمع ما قبل الإسلام فقال: والله إنا كنا في الجاهلية ما نعد للنساء أمرا حتى أنزل الله فيهن ما أنزل، وقسم لهن ما قسم ( ).
ولم تكن المرأة في المجتمعات الأخرى غير العربية أحسن حالا، سواء منها ما له صلة بالأديان، أو ما هو نتاج فكر بشرى.
وفيما يلي نتعرف على بعض الأقوال الواردة في هذا الشأن:
أ - يقول "سقراط" الفيلسوف اليوناني المعروف مصوراً نظرة الحضارة اليونانية القديمة إلى المرأة: إن وجود المرأة هو أكبر منشأ ومصدر للأزمة والانهيار في العالم، إن المرأة تشبه شجرة مسمومة، ظاهرها جميل، ولكن عندما تأكل منها العصافير تموت حالا( ).
ب - ويقول المؤرخ المعروف "وستر مارك " معبرًا عن وضع المرأة في الديانة البوذية: في نظر البوذيين أن جميع النساء كالمصيدة، وضعن لإغواء وفتنة الرجال، وأن هذه القوة تجسدت بأخطر الأشكال في أصل المرأة بحيث تغوى الرجال، وهذا الإغواء هو الذي يعمى أفكار العالم( ).
يصور الشيخ "أبو الحسن الندوى" وضع المرأة في المجتمع الهندي فيقول: "لقد نُزَّلَتْ النساء في المجتمع الهندي منزلة الإماء، وكان الرجل قد يخسر امرأته في القمار، وإذا مات صارت كالموءودة لا تتزوج، وتكون هدف الإهانات والتجريح، وكانت أمة في بيت زوجها المتوفى وخادم الأحماء وقد تحرق نفسها على إثر وفاة زوجها تفاديًا من عذاب الحياة وشقاء الدنيا" ( ).
د - وفي الحضارة الرومانية المتألقة قبل الإسلام سلبت المرأة جميع حقوقها، فهي محرومة من كل حقوقها المدنية والقانونية والأخلاقية والاجتماعية والمالية، وكان الأب هو السلطان الحاكم على زوجته وأولاده، وله أن يحكم على زوجته بالإعدام في بعض التهم، كما أن له الحق في بيع أولاده أو قتلهم أو تعذيبهم، وأن يضم إلى أسرته من غير صلبه، أو ينفي من شاء من أبنائه عنه( )0
هـ - والمرأة عند اليهود تكون فى أثناء حيضها نجسة، وكل ما تلمسه من طعام أو كساء أو إنسان أو حيوان ينجس، ولذلك يعزلونها بعيدًا عنهم، ويرون أن كل ما يفعله الرجل من أعمال لا أخلاقية مرده إلى المرأة.
وأما في النصرانية فالمرأة هي الباعثة على خطيئة آدم - عليه السلام - ولذا فإن الفضيلة لديهم هي في الفرار منها، وعدم الاقتران بها، ومن اقترن بها فهو يتعاطى شراً، لابد منه.
يقول "كدائى سوستام" - الذي يعد من أكبر أولياء الديانة المسيحية - في شأن المرأة: هي شر لابد منه، ووسوسة جبلية، وآفة مرغوب فيها، وخطر على الأسرة والبيت، ومحبوبة فتاكة، ورزء مطلى مموه ( ).
هكذا يصورونها ويتصورونها , أما في الإسلام فهي المصونة موفورة الكرامة والعزة , (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا) ( ).
ولكي يزيل الله من النفوس شبهة انتقاص المرأة , قدمها على الأولاد في الذكر عندما بين فضله على عباده في هبته بالذرية، فقال سبحانه: "لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ"( ).
ولعلني في هذا المبحث الموجز , المخطوط على عجالة أسلط الضوء على مكان وجدت به , أو أناس حلوا بفكر جديد حولها , فغيروا حالها من سيء إلى حسن .. , أو العكس , ولأكشف عن وهن التعامل معها من قبل بني جنسها أو فتوره في هذه الفترة وخصوصاً بعد أن اعتنقت هذا الفكر الوافد الجديد لما رأت فيه من حيوية وإبداع وتجديد ...
إن الدراسة البحثية في التاريخ الإسلامي , فيما يخص المشرق العربي ودوله قبل ظهور الإسلام وبعده ضرورة علمية , وفريضة فكرية.., وذلك لفوائده الجمة , ومكتسباته العظيمة في كافة جوانب الممارسات العلمية في المجال التاريخي ..
ومما يزيد ويرفع درجة الالحاح لإعادة دراسة حقب التاريخ المختلفة لهذه المنطقة , ما نلمسه من رغبة بين الباحثين من الشباب في المشرق والمغرب حول وجود رغبة في التجديد , والتوجه نحو إبراز جوانب الالتقاء في سائر الجوانب الحياتية , وقراءة النصوص التاريخية بفقه عصري متجرد يسمى بفقه المرايا المكسورة لا المصقولة... ، وتجريد القراءات التاريخية للمستشرقين مما علق بها من تحسين لصورة الجاهلية قبل الإسلام , أو لصورة الاستعمار , وإضفاء صبغة المشروعية عليه..
ولذلك جاء هذا البحث بطلب من شيخي وأستاذي الأستاذ الدكتور إبراهيم مرجونة تساوق مع حاجة في نفسي , ليبرز المواقف البطولة من صنع المرأة العربية في كثير من جوانب حياتها في العهد المكي قبل هجرة النبي – صلى الله عليه وسلم -..، وكيف قهرت عذرها , وتغلبت على لواء حياتها , وصبرت على ظلم بني جلدتها , ولعلني أصيب وأخطئ , فإن كان من إصابة فمن توفيق الله , وإن كان من خطأ فمن نفسي .. , وأدعو الله أن يغفر لي تقصيري , وأن يبارك لي في شيخي وأستاذي , وأن يمد في عمره , وأن ينفعنا بعلمه ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق