المرأة بين العنف الجاهلي ورحمة الإسلام
عاطف أبو زيتحار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد جاء الإسلام والمرأة مكسورة الجناح , مهضومة الحقوق عند بعض العرب , فهي المأسورة المسبية , وهي الموءودة المقتولة , وهي التي لا رأي لها ولا شورى , ولا حق لها في الميراث , وهي سبب الغيرة المصحوبة بالريبة ..
لقد حظيت المرأة في الإسلام بمكانة لم تحظى بها في تاريخ البشرية ، وأعطى لها من الحقوق ما لم تتحصل عليه امرأ في أي مكان أو زمان أو دين , ومصداق ذلك ما جاء في كتاب الله , وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم - :
فقد ساوى القرآن والسنة المطهرة بين الرجل والمرأة في الحقوق العامة والحريات , قال تعالى :( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِن)( ).
وقال تعالى :(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )( ).
وأعطاها حقها كاملا غير منقوص في الميراث , بل قدمها على الرجل في كثير من مسائل الميراث وأعطاها نصيبا أكبر من نصيبه , ففي ثلاث حالات أعطى الرجل ضعف المرأة , وفي أكثر من سبعة عشرة حالة ترث المرأة ضعف الرجل , وفي ثلاث عشرة حالة ترث المرأة مثل الرجل , فصار نصيب المرأة في الميراث أكثر من نصيب الرجل.
وأمر الرجل أن لا يقهر المرأة على فعل ما لا تريد ما دام في طاعة الله ولم يخرج عن حيز الشرع .
قال تعالى : (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) ( ) , والعضل : القهر , وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) ( ).
روى البخاري بسنده عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما- في قول الله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ ) قَالَ : كَانُوا إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ كَانَ أَوْلِيَاؤُهُ أَحَقَّ بِامْرَأَتِهِ إِنْ شَاءَ بَعْضُهُمْ تَزَوَّجَهَا وَإِنْ شَاءُوا زَوَّجُوهَا وَإِنْ شَاءُوا لَمْ يُزَوِّجُوهَا فَهُمْ أَحَقُّ بِهَا مِنْ أَهْلِهَا فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي ذَلِكَ ( ).
وجعل القوامة حراسة ورعاية , قال تعالى : (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ ) ( ) ؛ فهو خادمها في رحلاته , والقائم على حراستها ورعايتها في أسفاره , فهي الملكة والدرة المصونة .
(وهذه القوامة ليست مطلقة أو تعسفية , بل مقيدة بحسن المعاشرة والرعاية والمودة والوفاء والأمانة والانسجام والتشاور في البيت ؛ ولهذه فالبساطة والتواضع مع شريكة العمر ورفيقة الدرب التي عقدت على الزوج آمالها منهج من مناهج الإسلام فنبي الإسلام –صلى الله عليه وسلم - كان يقوم على خدمة أهله بنفسه فكان يخسف البعل ويخسف الثوب ويكنس الدار ؛ ومن تمام المعاشرة في الإسلام أن تحسن المرأة أنها غالية لدى زوجها عالية المقدار يغار عليها غيرة معتدلة فلا يبالغ في إساءة الظن ولا يسرف في تقصي كل حركاتها وسكناتها ولا ينظر لكل عيوبها , معتدل الغيرة لا يتغافل عن الأمور التي يخشى مغبتها ويصعب علاجها إذا أهملت , ولا يسكت عن تقصي في واجب أو ميل إلى سوء , أو تلبس بمنكر فلا بد من الرقابة التي تقطع العلة قبل وقوعها وتوقف الداء قبل سريانه قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لاً يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ " ( ) .فعلى الزوج أن يهتم بسلامة دينها وخلقها وصحة اتجاهها قال تعالى : " وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا " ( ).
أعطاها إذا طلقت , وليس هذا في أي دين سماوي أو قانون أرضي إلا في الإسلام , قال تعالى : (لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ) ( ) , وقال تعالى : (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى) ( ), وقال تعالى : (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً) ( ) , وقال تعالى : (وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) ( ) , وقال تعالى : (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) ( ) , وقال تعالى : (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً) ( ).
حذر الإسلام من الخوض في أعراضهن من غير بينة ولا شهود قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) ( ).
أمر الله تبارك وتعالى من طلق امرأة فعليه أن يكون دون اعتداء على حقها , فقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً) ( ), وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً) ( ).
أعطاها حقها كاملا في التعليم كالرجل كتفا بكتف وذراعا بذراع روى البخاري بسنده عن أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه – قال : قالت النساء للنبي - صلى الله عليه وسلم - : غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يوما من نفسك ، فوعدهن يوما لقيهن فيه فوعظهن وأمرهن ، فكان فيما قال لهن : "ما منكن امرأة تقدم ثلاثة من ولدها إلا كان لها حجابا من النار" , فقالت امرأة : واثنتين ؟ فقال :" واثنتين" ( ).
راعى حياءها , وأعطاها حقها في شهود الجمع والجماعات ليلا أو نهارا , روى البخاري عن سهل بن سعد – رضي الله عنه - قال : كان رجال يصلون مع النبي - صلى الله عليه وسلم - عاقدي أزرهم على أعناقهم كهيئة الصبيان , ويقال للنساء: لا ترفعن رءوسكن حتى يستوي الرجال جلوسا "( ) , وهذا فيه أدب رفيع في مراعاة شعور المرأة وحيائها بأن ترى عورة الرجال ؛ وروى البخاري بسنده عن عائشة – رضي الله عنها - قالت : لقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات في مروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد "( ) ؛ وهذا فيه خروج المرأة من بيتها لشهود صلاة الفجر وهو من حقهن , ورى البخاري بسنده عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :" إذا استأذنكم نساؤكم بالليل إلى المسجد فأذنوا لهن"( ) .
أعطاها الحرية في اختيار الزوج وإبداء رأيها , روى البخاري بسنده عن أبي سلمة أن أبا هريرة –رضي الله عنه - حدثهم : أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: ( لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن ) ؛ قالوا يا رسول الله وكيف إذنها ؟ قال :( أن تسكت ) " ( ).
سوى الإسلام بينهما في الإيمان والاعتقاد والأمور التعبدية وفي العقاب الدنيوي من حدود وأخروي من نعيم وعذاب , قال تعالى : (يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا)( ) ؛ وهذا داخل تحت قوله تعالى : (وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون) ( ) , وقالوله تعالى : (ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا) ( ).
وفي العقاب لم يفرق الإسلام بين المرأة والرجل ؛ قال تعالى : (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم) ( ) , وقال تعالى : (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين) ( ).
وجعل لها ملكيتها الخاصة وحرية البيع والشراء والوكالة وغيرها مما يحتاج إليه الإنسان , فهي والرجل في ذلك سواء .
وكما جعل الله الطلاق بيد الرجل إذا كره زوجته بشرط أن يعطيها كافة حقوقها ، جعل لها في المقابل الخلع إذا كرهت زوجها بشرط أن تعطيه ما أمهرها ؛ فهما متساويان هنا ؛ قال تعالى : (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون) ( ) ؛فهذه الآية جمعت بين الطلاق والخلع .
وهي مسئولة في مكانها كالرجل تماما أن كل واحد راع في مكانه ومسؤول عن رعيته روى البخاري بسنده عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته الإمام راع ومسئول عن رعيته ، والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته ، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها ، والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته وكلكم راع ومسئول عن رعيته ( ).
لقد عالج الإسلام رسائل الجاهلية السلبية , محى رذائلها وفسد فعالها , فما عادت المرأة هي الموءودة والمسبية , والمقهورة والمظلومة بعد ان عاب عليهم خصالهم وأفعالهم السيئة , وسفه صنيعهم قال تعالى : (وإذَا بُشَّرَ أحَدُهْم بِالأنثى ظَلّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشّرَ بِهِ أَيُمسِكُه عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ في الُّترابِ ألاَ سَاءَ ماَ يحْكمونَ)( ) ؛ وقال تعالى: (وإذا المَوْءُودَةُ سُئلَتْ بِأيَّ ذَنْبٍ قِتلت)( ) ؛ وقال تعالى : (قَدْ خَسِرَ الَّذِين قَتَلُوا أوْلادَهم سَفَهاً بِغَيْرِ علْمٍ وحَرَّمُوا ما رَزَقَهُمُ اللهُ اْفِتراءٍ عَلَى اللهِ قَد ضَلُّوا وما كانوا مُهْتَدِين)( ).
كان قيس بن عاصم المِنقري بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم – متحدثا عن ضحايا الموءودات وأنه ذهب باثنتي عشرة منهن ؛ فقال – صلى الله عليه وسلم - :"مَنْ لا يَرحم لا يُرحم "( ) ,وأمره أن يعتق بكل واحدة جاريةً مؤنة.
بل يذهب النبي – صلى الله عليه وسلم إلى ما هو أكثر من ذلك حتى يقض على هذه السنة السيئة ، فلم يكن يضن بوقته الأعَزّ أن يداعب فيه الولائد من بناته أو بنات صحابته ؛ فيحمل أمامة بنت أبي العاص ابنة زينب – رضي الله عنها- في صلاته ليسوي بينها وبين الحسن أو الحسين .
ويداعب أم خالد ويلاعبها ويلاطفها وهي صغيرة ويبحث عنها ليكسوها , عن أم خالد بنت خالد –رضي الله عنها- : أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بثياب فيها خميصة سوداء صغيرة فقال :( من ترون أن نكسو هذه ؟) , فسكت القوم , فقال :( ائتوني بأم خالد ) , فأتي بها تحمل فأخذ الخميصة بيده , فألبسها وقال: ( أبلي وأخلقي ) , وكان فيها علم أخضر أو أصفر ,فقال :( يا أم خالد هذا سناه ) ؛ وسناه بالحبشية حسن( ).
إن الأحاديث الواردة في فضل تربية البنت أكثر من الأحاديث الواردة في فضل تربية الولد ليقضي قضاءا تاما على عادات كره البنات ومن ذلك قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم- :"إذا ولد للرجل ابنة بعث الله - عز وجل -ملائكة يقولون: السلام عليكم أهل البيت، يكتنفونها بأجنحتهم، ويمسحون بأيديهم على رأسها، ويقولون: ضعيفة خرجت من ضعيفة، القيم عليها معان إلى يوم القيامة"( ).
ولذلك أكثر من وصاياه بالإحسان إلى المرأة أيا ما كانت عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :( استوصوا بالنساء , فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه , فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء ) ( ).
من خلال ما سبق نجد أن النبي –صلى الله عليه وسلم - ارتقى بالمجتمع تربويا حتى محى معالم الجاهلية , وقضى على كثير من آثارها , وكان نتاج ذلك أن قال معن بن أوس وكان له ثمان بنات : ما أحب أن يكون لي بهن رجال .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق