عاطف أبو زيتحار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن المناسبات الإسلامية , كثيرة في العهد المكي , فكل موقف فيه لون دعوة , أو تضحية , يصلح أن يكون مناسبة , وذلك لقلة عدد المسلمين , وكثرة عدد عدوهم وعلوه في الأرض , وذلك بخلاف العهد المدني , الذي كثر فيه عدد المسلمين , وأصبحت لهم دولة , وقيادة , ودستور ينظم حياتهم .
وبالرغم من تعدد الجبهات المناوئة للدعوة الإسلامية في العهد المدني – يهود , مشركين , منافقين , نصارى على أطرف المدينة - , وقلتها في العهد المكي – جبهة واحدة , هي جبهة المشركين - , فإن عدد المسلمين وقوتهم في العهد المدني غلبت جبهات عدوهم لاختلافهم وتفرقهم , فالمسلمون هم الحاكمون المسيطرون بقيادتهم الحكيمة الرشيدة , ودستورهم الذي ينظم حياتهم , وينظم علاقتهم بغيرهم , وطبيعة ارضهم التي يقطنونها , بخلاف العهد المكي فقلة عدد المسلمين وضعفهم , وكثرة عدد عدوهم , جعل للمواقف الدعوية وما يصحبها من تضحيات مذاق خاص في دراستها وتحليلها...
ومثل المواقف التربوية والدعوية وما صحبها من تضحيات في العهدين , كمثل الوردة وسط الأشواك تلفت الانتباه , أكثر منها وسط أخواتها وإن كانت أجمل , وومضة النور وسط الظلام تجذب البصر أكثر منها وسط الأنوار الساطعة وإن كانت أزهى , ونبع الماء العذب وسط البحيرات المالحة يدعوا للتعجب أكثر منه وسط الأنهار العذبة وإن كانت أحلى وأعذب , والنبتة الخضراء وسط الصحاري القاحلة تلفت الانتباه أكثر منها وسط الحقول والبساتين وإن أنضر وأثمر..
لقد تواجدت المرأة المسلمة في العهد المكي , بجوار الرجال في كل المناسبات التي دون أحداثها المؤرخون وأسند لها المحدثون , فما من مناسبة إسلامية , معروفة في التاريخ إلا ولها تواجد وبصمات واضحة .., وما تركت الميدان للرجال يحملون أخباره , ويتناقلون أسراره..., ويستأثروا به وحدهم...
لقد اخترت بعض المناسبات الإسلامية التي أرخ لها وأصبحت مشهورة مستفيضة بين المسلمين , وجعلت أولها المولد , وثنيت بالهجرة إلى الحبشة , ثم تبعتها بالبيعة والحصار , ثم ذكرت حديث الإسراء عنها , ثم ختمت بدروس من حياتها الكريمة في الهجرة النبوية ..
في رحاب المولد
مع إرهاصات الميلاد , برزت بعض الشخصيات وحفرت اسمها بأحرف من نور , وتناقلت كتب التاريخ أخبارها , ومن بين هؤلاء السيدة آمنة بنت وهب , والسيدة حليمة السعدية , والسيدة أم أيمن , والسيدة ثويبة وغيرهن , فأم النبي – صلى الله عليه وسلم- السيدة آمنة بنت وهب الحسيبة النسيبة , التي ولدت النبي – صلى الله عليه وسلم – من نكاح كنكاح الإسلام , كانت آخر السلاسل الطاهرة التي تقلب النبي –صلى الله عليه وسلم - في أرحامها وظهورها فعن ابن عباس –رضي الله عنهما –في قوله تعالى:" وتقلبك في الساجدين " , قال : من نبي إلى نبي حتى أخرجت نبيا( ).
وعن جعفر بن محمد عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال:" أخرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح"( ).
قال محمد بن اسحاق : حدثني والدي إسحاق بن يسار، قال: حدثت " أنه كان لعبد الله بن عبد المطلب امرأة مع آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة، فمر بامرأته تلك وقد أصابه أثر من طين عمل به فدعاها إلى نفسه، فأبطأت عليه لما رأت من عمل الطين، فدخل فغسل عنه أثر الطين، ثم دخل عامدا إلى آمنة، ثم دعته صاحبته التي كان أراد إلى نفسها فأبى للذي صنعت به أول مرة، فدخل على آمنة فأصابها ثم خرج فدعاها إلى نفسه , فقالت: لا حاجة لي بك، مررت بي وبين عينيك غرة، فرجوت أن أصيبها منك، فلما دخلت على آمنة ذهبت بها منك، قال ابن إسحاق: فحملت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فكانت آمنة بنت وهب تحدث أنها أتيت حين حملت بمحمد - صلى الله عليه وسلم - فقيل لها: إنك قد حملت بسيد هذه الأم...الحديث( ).
قال بن سعد في الطبقات : وقد اختلف علينا في المرأة التي عرضت نفسها على عبد الله بن عبد المطلب ، فمنهم من يقول: كانت قتيلة بنت نوفل ابن أسد بن عبد العزى بن قصي أخت ورقة بن نوفل، ومنهم من يقول: كانت فاطمة بنت مر الخثعمية( ).
لقد فازت آمنة بنت وهب بهذا المولود الذي سيغير الوجود , وسيضيئ الكون , وسيمحو أثر الجاهلية , يروي ابن سحاق أن حليمة قالت بعد حادثة شق صدره في باديتهم : وقال لي أبوه يا حليمة لقد خشيت أن يكون هذا الغلام قد أصيب فالحقيه بأهله قبل أن يظهر ذلك به , قال: فاحتملناه فقدمنا به على أمه , فقالت: ما أقدمك به يا ظئر وقد كنت حريصة عليه وعلى مكثه عندك؟ , قالت : فقلت فقد بلغ الله بابني وقضيت الذي علي وتخوفت الأحداث عليه فأديته إليك كما تحبين , قالت : ما هذا شأنك فأصدقيني خبرك , قالت : فلم تدعني حتى أخبرتها , قالت أفتخوفت عليه الشيطان ؟ قال : قلت نعم , قالت: كلا والله ما للشيطان عليه من سبيل , وإن لبني لشأنا أفلا أخبرك خبره ؟, قالت: قلت بلى , قالت : رأيت حين حملت به أنه خرج مني نور أضاء لي قصور بصرى من أرض الشام , ثم حملت به فوالله ما رأيت من حمل قط كان أخف علي ولا أيسر منه ووقع حين ولدته وإنه لواضع يديه بالأرض رافع رأسه إلى السماء دعيه عنك وانطلقي راشدة( ).
إنها بفراستها في ابنها , وبثباتها أمام هذه المشاهد من شق صدره وغيره , وبنقلها هذه الرؤى والأخبار استحقت هذا التكريم , وكيف لا وهي أم سيد هذه الأمة وخاتم النبيين.
- أما حليمة السعدية – رضي الله عنها- مرضعة النبي – صلى الله عليه وسلم – التي لم ينس النبي- صلى الله عليه وسلم – ماضيها فأحسن إلى قومها هوازن قال الإمام البخاري : ما سأل هوازن النبي - صلى الله عليه وسلم - برضاعه فيهم فتحلل من المسلمين , وما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعد الناس أن يعطيهم من الفيء والأنفال من الخمس , وما أعطى الأنصار وما أعطى جابر بن عبد الله تمر خيبر ( ).
يقو الامام بن كثير : إن بركته عليه الصلاة والسلام حلت على حليمة السعدية وأهلها وهو صغير، ؟ ثم عادت فواضله على هوازن بكمالهم حين أسرهم بعد وقعتهم، وذلك بعد فتح مكة بشهر ؛ فمتوا إليه برضاعه فأعتقهم وتحنن عليهم وأحسن إليهم( ).
كانت السيدة حليمة تحدث أنها خرجت من بلدها مع زوجها وابن لها ترضعه في نسوة من بني سعد بن بكر تلتمس الرضعاء , قالت: وفي سنة شهباء لم تبق لنا شيئا؛ قالت: فخرجت على أتان لي قمراء معنا شارف لنا والله ما تبض بقطرة ولا ننام ليلتنا أجمع من صبينا الذي معنا من بكائه من الجوع ما في ثديي ما يغنيه وما في شارفنا ما يغذيه ولكنا نرجوا الغيث والفرج ؛ فخرجت على أتاني تلك فلقد أذمت بالركب حتى شق ذلك عليهم ضعفا وعجفا حتى قدمنا مكة نلتمس الرضعاء فما منا امرأة إلا وقد عرض عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فتأباه إذا قيل لها إنه يتيم وذلك أنا إنما كنا نرجو المعروف من أبي الصبي فكنا نقول يتيم ما عسى أن تصنع أمه وجده فكنا نكرهه لذلك , فما بقيت امرأة قدمت معي إلا أخذت رضيعا غيري ؛ فلما أجمعنا الانطلاق , قلت لصاحبي: والله إني لأكره أن أرجع من بين صواحبي ولم آخذ رضيعا والله لأذهبن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه؛ قال: لا عليك أن تفعلي عسى الله أن يجعل لنا فيه بركة ؛ قالت: فذهبت إليه فأخذته وما حملني على أخذه إلا أني لم أجد غيره؛ فلما أخذته رجعت به إلى رحلي , فلما وضعته في حجري أقبل عليه ثدياي بما شاء من لبن فشرب حتى روى , وشرب معه أخوه حتى روى ثم ناما , وما كنا ننام معه قبل ذلك , وقام زوجي إلى شارفنا تلك فإذا إنها لحافل فحلب منها ما شرب وشربت حتى انتهينا ريا وشبعا ؛ فبتنا بخير ليلة , يقول صاحبي حين أصبحنا: تعلمي والله يا حليمة لقد أخذت نسمة مباركة قلت والله إني لأرجو ذلك ؛ ثم خرجنا وركبت أتاني وحملته عليها معي فوالله لقطعت بالركب ما يقدر علي شيء من حميرهم , حتى إن صواحبي ليقلن : يا بنت أبي ذؤيب ويحك اربعي علينا أليست هذه أتانك التي كنت خرجت عليها؟ , فأقول لهن: بلى والله إنها لهي , فيقلن: والله إن لها لشأنا , قالت : ثم قدمنا منازلنا من بني سعد ولا أعلم أرضا من أرض الله أجدب منها , فكانت غنمى تروح علي حين قدمنا به معنا شباعا لبنا فنحلب ونشرب وما يحلب إنسان قطرة لبن ولا يجدها في ضرع , حتى كان الحاضر من قومنا يقولون لرعيانهم: ويلكم اسرحوا حيث يسرح راعي بنت أبي ذؤيب فتروح أغناهم جياعا ما تبض بقطرة لبن وتروح غنمي شباعا لبنا
فلم نزل نتعرف من الله الزيادة والخير حتى مضت سنتان وفصلته, وكان يشب شبابا لا يشبه الغلمان فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلاما جفرا, فقدمنا به على أمه ونحن أحرص شيء على مكثه فينا لما كنا نرى من بركته فكلمنا أمه وقلت لها لو تركت بني عندي حتى يغلظ فإني أخشى عليه وباء مكة, فلم نزل بها حتى ردته معنا فرجعنا به, فوالله إنه بعد مقدمنا به بأشهر مع أخيه لفي بهم لنا خلف بيوتنا إذ أتانا أخوه يشتد فقال لي ولأبيه ذاك أخي القرشي قد أخذه رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاه فشقا بطنه فهما يسوطانه ؛ قالت : فخرجت أنا وأبوه نحوه فوجدناه قائما منتقعا وجهه؛ قالت : فالتزمته والتزمه أبوه فقلنا ما لك يا بني؟ قال : جاءني رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاني فشقا بطني فالتمسا فيه شيئا لا أدري ما هو( ).
لقد كانت السيدة حليمة حريصة على هذه الأمانة التي أودعت عندها ومعتنية وخائفة عليها من يصيبها أذى أو مكروه أكثر من أولادها وذلك لما رأت وسمعت عن المستقبل الذي ينتظره , ذكر الواقدي أن أمه حليمة السعدية – رضي الله عنها - بعد أن رجعت به من عند أمه حضرت به سوق ذي المجاز وبها يومئذ عراف من هوازن يؤتى إليه بالصبيان ينظر إليهم فلما نظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وإلى الحمرة في عينيه وإلى خاتم النبوة صاح يا معشر العرب فاجتمع إليه أهل الموسم , فقال: اقتلوا هذا الصبي وانسلت به حليمة , فجعل الناس يقولون أي صبي هو؟ , فيقول : هذا الصبي فلا يرون شيئا , قد انطلقت به أمه , فيقال له: ما هو فيقول: رأيت غلاما وآلهته ليغلبن أهل دينكم وليكسرن أصنامكم وليظهرن أمره عليكم , فطلب بعكاظ فلم يوجد , ورجعت به حليمة إلى منزلها فكانت بعد هذا لا تعرضه لأحد من الناس.
ولقد نزل بهم عراف فأخرج إليه صبيان أهل الحاضر وأبت حليمة أن تخرجه إليه إلى أن غفلت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فخرج من المظلة فرآه العراف فدعاه فأبى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ودخل الخيمة فجهد بهم العراف أن يخرج إليه فأبت فقال هذا نبي( ).
يقول الواقدي : وكانت حليمة بعد رجوعها به من مكة لا تدعه أن يذهب مكانا بعيدا, فغفلت عنه يوما في الظهيرة فخرجت تطلبه حتى تجده مع أخته فقالت في هذا الحر فقالت أخته يا أمه ما وجد أخى حرا رأيت غمامة تظل عليه إذا وقف وقفت وإذا سار سارت حتى انتهى إلى هذا الموضع ؛ تقول أمها أحقا يا بنية قالت إي والله قال تقول حليمة أعوذ بالله من شر ما يحذر على ابني( ).
لقد أفاد النبي – صلى الله عليه وسلم - في بادية بني سعد واستفاد , أفادهم بركة حلت بأموالهم وأولادهم , واستفاد فصاحة وبيانا حيث أصبح فيما بعد من أفصح الخلق، فعندما قال له أبو بكر - رضي الله عنه - يا رسول الله ما رأيت أفصح منك. فقال - صلى الله عليه وسلم - : "وما يمنعني وأنا من قريش وأرضعت في بني سعد" ( ).
- وأما ثويبة فقد أرضعت النبي – صلى الله عليه وسلم – بضعة أشهر قبل حليمة السعدية , وفرحت بمولده فرحا كبيرا , قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:" أرضعتني وأبا سلمة ثويبة "( ).
كانت ثويبة جارية لأبي لهب , أعتقها حين بشرته بميلاد النبي – صلى الله عليه وسلم - .( ).
عروة بن الزبير –رضي الله عنه -أن زينب بنت أبي سلمة –رضي الله عنهما -أخبرته : أن أم حبيبة بنت أبي سفيان –رضي الله عنهما - أخبرتها : أنها قالت : يا رسول الله أنكح أختي بنت أبي سفيان؟ , فقال :" أوتحبين ذلك "؟ ؛ فقلت :نعم لست لك بمخلية وأحب من شاركني في الخير أختي , فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: " إن ذلك لا يحل لي " , قلت: فإنا نحدث أنك تريد أن تنكح بنت أبي سلمة ؟ قال :" بنت أم سلمة؟ ", قلت: نعم, فقال :" لو أنها لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي أنها لابنة أخي من الرضاعة أرضعتني وأبا سلمة ثويبة فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن " ؛ قال عروة : وثويبة مولاة لأبي لهب كان أبو لهب أعتقها فأرضعت النبي - صلى الله عليه وسلم- فلما مات أبو لهب أريه بعض أهله بشرحيبة , قال له : ماذا لقيت ؟ قال أبو لهب: لم ألق بعدكم غير أني سقيت في هذه بعتاقتي ثويبة ( ).
هذا حال من بُشر ومات كافرا, فكيف بمن بَشرت وماتت مؤمنة مسلمة ؟
- أما أم أيمن – رضي الله عنها – واسمها بركة , فكانت الحاضنة والمربية للنبي – صلى الله عليه وسلم - , وكان لها منزلة عالية في نفس النبي – صلى الله عليه وسلم- , فكان يغدو عليها زائرا ما بين والحين عن أنس –رضي الله عنه -قال : قال أبو بكر - رضي الله عنه - بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمر –رضي الله عنه - :انطلق بنا إلى أم أيمن نزورها كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزورها , فلما انتهينا إليها بكت , فقالا لها ما يبكيك ؟ ما عند الله خير لرسوله - صلى الله عليه وسلم – , فقالت: ما أبكي أن لا أكون أعلم أن ما عند الله خير لرسوله - صلى الله عليه وسلم - ولكن أبكي أن الوحي قد انقطع من السماء , فهيجتهما على البكاء فجعلا يبكيان معها( ).
وفي يوم دفعت للنبي – صلى الله عليه وسلم – شرابا فرده إما لصوم أو لغيره فصخبت عليه بطبيعة الأم التي حضنت وربت أنه لم يشرب , فعن أنس –رضي الله عنه – قال : انطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أم أيمن فانطلقت معه , فناولته إناء فيه شراب , قال : فلا أدري أصادفته صائما , أو لم يرده فجعلت تصخب عليه وتذمر عليه ( ).
وأما فاطمة بنت أسد أم علي – رضي الله عنهما – فأوجز النبي – صلى الله عليه وسلم- ماضيها وحالها معه في جوامع كلمه , عن أنس بن مالك قال : لما ماتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أم علي دخل عليها رسول الله – صلى الله عليه وسلم - فجلس عند رأسها , فقال :"رحمك الله يا أمي كنت أمي بعد أمي تجوعين وتشبعيني , وتعرين وتكسونني , وتمنعين نفسك طيب الطعام وتطعميني , تريدين بذلك وجه الله والدار الآخرة , ثم أمر أن تغسل ثلاثا وثلاثا , فلما بلغ الماء الذي فيه الكافور سكبه عليها رسول الله –صلى الله عليه وسلم - بيده ثم خلع رسول الله – صلى الله عليه وسلم - قميصه فألبسها إياه وكفنت فوقه ثم دعا رسول الله – صلى الله عليه وسلم - أسامة بن زيد وأبا أيوب الأنصاري وعمر بن الخطاب وغلاما أسودا –رضي الله عنهم - ليحفروا فحفروا قبرها فلما بلغوا اللحد حفره رسول الله – صلى الله عليه وسلم - بيده وأخرج ترابه بيده , فلما فرغ دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاضطجع فيه :"وقال الله الذي يحيي ويميت وهو حي لا يموت اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ولقنها حجتها ووسع عليها مدخلها بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي فإنك أرحم الراحمين ثم كبر عليها أربعا ثم أدخلوها القبر هو والعباس وأبو بكر الصديق - رضي الله عنهم-( ).
هذه المواقف وانفعال النبي – صلى الله عليه وسلم - تجاهها , يعلمنا أن الحر هو من يرعى ود لحظة , فلم ينس ما فعلته حليمة أو أم أيمن أو فاطمة بنت أسد – رضي الله عنهن أجمعين-
عن أبي الطفيل –رضي الله عنه - قال: كنت غلاما أحمل عضو البعير، فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقسم لحما بالجعرانة، فجاءته امرأة فبسط رداءه، فقلت: من هذه ؟ فقالوا: أمه التي أرضعته( ).
إن ذكر الماضي الحسن من شيم الأحرار والأبرار , ونسيانه عادة نسائية " تكثرن اللعن وتكفرن العشير "( ).
فلتتعلم الأمة رجالا ونساء الإحسان من هذه المواقف , وكيف ترد الجميل إلى من أحسن .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق