الأشعرية وإمامهم
بين الاعتزال والاعتدال
دراسة وتعليق
اعداد / عاطف أحمد
أبوزيتحار
المقدمة
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على
أشرف المرسلين , سيدنا محمد وعلى آله وصحبه , ومن تبع هداه إلى يوم الدين ..
وبعد
فإن دراسة مناهج الفرق الإسلامية تثري العقل
وتنير الفكر , وترسم الطريق لكل باحث عن الحقيقة والاعتدال , وتبين وتوضح له معالم
السير إلى العقيدة السليمة , والعبادة الصحيحة .
إن بعض الفرق المنتسبة إلى الإسلام، يظهر
انحرافها وزيغها بمجرد وضعها على أصول وقواعد الكتاب والسنة بفهم علمائها
المعتدلين من الفقهاء والأصوليين ورجال الحديث ...., بل يظهر لكل ذي بصيرة أنّ هذه
المعتقدات وُجِدت نتيجة تسرُّب بعضِ الأفكار الدخيلة من تلك الديانات السابقة، إلى
طوائفَ من المسلمين؛ حملوها جهلاً، أو بغرض الطعن في الدين، وتبنَّوها، ودعوا
النَّاس إلى اعتناقها
ولعلني في هذا البحث أتناول فرقة إسلامية لها
قيمتها في الدفاع والزب عن الدين , في وقت كثر الصراع السياسي والفكري بين
المسلمين ..
ولقد قسمت هذا البحث إلى ثلاثة فصول :
الفصل الأول : حياة أبي الحسن الأشعري
وشخصيته
الفصل الثاني : الأشعري بين الاعتزال
والاعتدال.
الفصل الثالث : أئمة المذهب ودورهم في الدفاع
عن الإسلام .
أسأل الله القبول والسداد .
الفصل الأول : حياة أبي الحسن الأشعري – رحمه
الله - وشخصيته .
ويشتمل على مبحثين , بيانهما كالتالي :
المبحث الأول : نشأته وحياته .
المبحث الثاني : كتابه الإبانه ونسبته إليه .
نسبه مولده :
أبو الحسن الأشعري : هو علي بن إسماعيل بن
إسحاق بن سالم بن إسماعيل بن عبد الله بن موسى بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري –رضي
الله عنه -، ولد سنة ستين ومائتين ومات سنة نيف وثلاثين وثلاثمائة من الهجرة
النبوية([1]).
والأشعري: بفتح الهمزة وسكون الشين المعجمة
وفتح العين المهملة وبعدها راء، هذه النسبة إلى أشعر، واسمه نبت بن أدد بن زيد بن
يشجب، وإنما قيل له أشعر لأن أمه ولدته والشعر على بدنه، هكذا قال السمعاني، والله
أعلم([2]).
قال أبو عبد الله بن بانيال : سمعت بندار بن
الحسين وكان خادم أبي الحسن علي بن إسماعيل بالبصرة , قال : كان أبو الحسن يأكل من
غلة ضيعة وقفها جده بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه - على
عقبه , قال : وكانت نفقته في كل سنة سبعة عشر درهما([3]).
شيوخه :
أخذ أبو الحسن الأشعري الحديث عن زكريا بن
يحيى الساجي أحد أئمة الحديث والفقة , وعن أبي خليفة الجمحي وسهل بن سرح ومحمد بن يعقوب
المقرئ وعبد الرحمن ابن خلف البصريين ، وروى عنهم كثيراً في تفسيره المختزن , وأخذ
علم الكلام عن شيخه زوج أمه أبي علي الجبائي شيخ المعتزلة ، ولما تبحر في كلام
الاعتزال وبلغ فيه الغاية كان يورد الأسئلة على أستاذه في الدرس ولا يجد فيها
جواباً شافياً فتحير في ذلك فحكي عنه أنه قال: وقع في صدري في بعض الليالي شيء مما
كنت فيه من العقائد , فقمت وصليت ركعتين وسألت الله تعالى أن يهديني الطريق
المستقيم ونمت فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المنام فشكوت إليه بعض
ما بي من الأمر ، فقال لي رسول الله - صلى الله علية وسلم - :"عليك بسنتي"
, فانتبهت !! ، وعارضت مسائل الكلام بما وجدت في القرآن والأخبار ، فأثبته ونبذت
ما سواه ورائى ظهري ، قال أبوبكر أحمد بن علي بن ثابت المعروف بالخطيب البغدادي
المتوَفى سنة (463هـ) : أبو الحسن الأشعري المتكلم صاحب الكتب والتصانيف في الرد
على الملحدة وغيرهم من المعتزلة والرافضة والجهمية ، والخوارج وسائر أصناف
المبتدعة... إلى أن قال : وكانت المعتزلة قد رفعوا رؤوسهم حتى أظهر الله تعالى
الأشعري فجزهم في أقماع السمسم([4]).
تلامذته :
روى عن أبي الحسن الأشعري كثير من التلامذة
وكان منهم : عبد العزيز بن محمد بن إسحاق أبو الحسن الطبري المعروف بالدمل , وأبو
عبد الله الحمراني , وغيرهما .
نشأته وحياته العلمية :
كانت ولادته في البصرة ونشأته فيها لذا تُعد
من العوامل المهمة في صياغة حياته الفكرية، لما امتازت به من مزيج من الألوان
الفكرية التي كانت تزخر بها البصرة فلا عجب أن ينشأ أبو الحسن على مذهب زوج امه
ابي علي محمد بن عبدالوهاب الجبائي أحد رجال الفكر الاعتزالي ومنظريه, فنشأ أبو
الحسن تلميذاً للمعتزلة تربى بأفكارهم منذ نشأته الاولى وبقي يتتلمذ على زوج أمه،
ويحضر المجالس الفكرية والمناظرات التي كانت تُدار في البصرة منشأ الاعتزال ومعقله([5]).
ولشخصية أبي الحسن صفات عديدة منها ذكاؤه
الحاد وسعة اطلاعه وثقافته، وكان عالماً بالتفسير والحديث ....، وكانت فيه دعابة
ومرح كثير وقال مسعود بن شيبة في كتاب التعليم: كان حنفي المذهب ومعتزلي الكلام لأنه
كان ربيب أبي علي الجبائي، وهو الذي رباه وعلمه الكلام([6]).
قال بن خلكان : وكان فيه دعابة ومزاح كثير،
وله من الكتب كتاب " اللمع " وكتاب " الموجز " وكتاب "
إيضاح البرهان " وكتاب " التبيين عن أصول الدين " وكتاب "
الشرح والتفصيل في الرد على أهل الإفك والتضليل " وهو صاحب الكتب في الرد على
الملاحدة وغيرهم من المعتزلة والرافضة والجهمية والخوارج، وسائر أصناف المبتدعة([7]).
قال أبو محمد علي بن حزم الأندلسي: إن أبا
الحسن له من التصانيف خمسة وخمسون تصنيفاً.
وقيل : بلغت مؤلفاته أكثر من مائة من أهمها
مقالات الإسلاميين , وإثبات القياس، وتخرج عليه خلق كثير، ويعتبر من مجتهدى
الشافعية ،أقام ببغداد يرد على أهل البدع وينصر السنة([8]).
وقال الزركلي : قيل: بلغت مصنفاته ثلاثمئة
كتاب، منها : إمامة الصدّيق , والرد على المجسمة , ومقالات الإسلاميين وجزان،
والإبانة عن أصول الديانة , ورسالة في الإيمان , ومقالات الملحدين , والرد على ابن
الراونديّ , وخلق الأعمال والأسماء والأحكام , واستحسان الخوض في الكلام , واللمع
في الرد على أهل الزيغ والبدع , يعرف باللمع الصغير, ولابن عساكر كتاب :تبيين كذب
المفتري، فيما نسب إلى الإمام الأشعري , ولحمودة غراب : الأشعري([9])
.
ثناء الأئمة عليه :
قال ابن العماد الحنبلي في الشذرات : ومما
بيض به أبو الحسن الأشعري وجوه أهل السنة النبوية وسود به رايات أهل الاعتزال
والجهمية ، فأبان به وجه الحق الأبلج ولصدور أهل الايمان والعرفان أثلج مناظرة كما
قال ابن خلكان: سأل أبو الحسن الأشعري أستاذه أبا على الجبائي([10])
عن ثلاثة إخوة ؛ كان أحدهم مؤمناً براً تقيا والثاني كان كافراً فاسقً شقياً ،
والثالث كان صغيراً ، فماتوا فكيف حالهم؟ ، فقال الجبائي : أما الزاهد ففي الدرجات
, وأما الكافر ففي الدركات ، وأما الصغير فمن أهل السلامة فقال الأشعري: إن أراد
الصغير أن يذهب إلى درجات الزاهد هل يؤذن له؟ ، فقال الجبائي: لا !!؛ لأنه يقال
له: أخوك إنما وصل إلى هذه الدرجات بعطائه الكثير وليس لك تلك الطاعات ، فقال
الأشعري: فإن قال ذلك التقصير ليس مني ، فإنك ما أبقيتني ولا أقدرتني على الطاعة ،
فقال الجبائي: يقول البارئ جل وعلا: كنت أعلم لو بقيت لعصيت وصرت مستحقاً للعذاب
الأليم فراعيت مصلحتك ، فقال الأشعري: فلو قال الأخ الأكبر يا إله العالمين كما
علمت حاله فقد علمت حالي ، فلم راعيت مصلحته دوني فانقطع الجبائي !!!
وقال ابن العماد: وفي هذه المناظرة دلالة على
أن الله تعالى خص من شاء برحمته واختص آخر بعذابه ([11]).
وقال تاج الدين السبكي في طبقات الشافعيه
الكبرى: شيخنا وقدوتنا إلى الله تعالى
الشيخ أبو الحسن الأشعرى البصرى , شيخ طريقة
أهل السنة والجماعة وإمام المتكلمين وناصر سنة سيد المرسلين والذاب عن الدين
والساعى فى حفظ عقائد المسلمين سعيا يبقى أثره إلى يوم يقوم الناس لرب العالمين , إمام
حبر وتقى بر حمى جناب الشرع من الحديث المفترى , وقام فى نصره ملة الإسلام فنصرها
نصرا مؤزرا.
بهمة فى الثريا إثر أخمصها وعزمة ليس من عاداتها السأم
وما برح يدلج ويسير وينهض بساعد التشمير حتى
نقى الصدور من الشبه كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس , ووقى بأنوار اليقين من
الوقوع فى ورطات ما التبس , وقال فلم يترك مقالا لقائل , وأزاح الأباطيل والحق
يدفع ترهات الباطل([12]).
المبحث الثاني : كتابه الإبانة ونسبته إليه :
وقبل البحث في صحة نسبة هذا الكتاب إلى أبي
الحسن الأشعري نذكر نبذة قليلة من تواليفة التي ألفها بعد توبته من الاعتزال ،
فنقول: قال الحافظ ابن عساكر في كتابه تبيين كذب المفتري ذكر ابن حزم الظاهري أن
لأبي الحسن الأشعري خمسة وخمسين تصنيفاً ، ثم قال: ترك ابن حزم من عدد مصنفاته
أكثر من مقدار النصف ، وبعد ذلك سردها ، فقال : منها كتاب اللمع ، وكتاب أظهر فيه
عوار المعتزلة سماه بكتاب كشف الأسرار وهتك الأستار , ومنها تفسيره المختزن ؛ وهو
خمسمئة مجلد لم يترك فيه آية تعلق بها بدعي إلا أبطل تعلقه بها ، وجعلها حجة لأهل
الحق ، وبين المجمل وشرح المشكل ونقض فيه ما حرفه الجبائي والبلخي في تفسيريهما , ومنها
الفصول في الرد على الملحدين والخارجين على الملة كالفلاسفة والطبائعيين والدهريين
وأهل التشبيه , ومنها مقالات المسلمين استوعب فيه جميع اختلافهم ومقالاتهم , وذكرها
الحافظ ابن عساكر بأسمائها وموضوعاتها في كتابه التبيين ، وهي مطبوعة: اللمع،
والابانة ، والمقالات الاسلامية ..
قال ابن عساكر : وتصانيف أبي الحسن الأشعري
بين أهل العلم مشهورة معروفة وبالجادة والاصابة للتحقيق عند المحققين موصوفة ، ومن
وقف على كتابه المسمى بالإبانة عرف موضعه من العلم والديانه ([13]).
ثم قال : فإذا كان أبو الحسن كما ذكر عنه من
حسن الاعتقاد مستصوب المذهب عند أهل المعرفة بالعلم والانتقاد يوافقه في أكثر ما
يذهب إليه أكابر العباد ، ولا يقدح في معتقده غير أهل الجهل والعناد فلا بد أن
نحكي عنه معتقده على وجهه بالأمانة ، ونتجنب أن نزيد فيه أو ننقص منه تركاً
للخيانة لتعلم الحقيقه حاله في صحة عقيدته في أصول الديانة ؛ فاسمع ماذكره في أول
كتابه الذي سماه بالإبانة ونذكر ما يأتي في آخر الرسالة إنشاء الله تعالى([14]).
ثم قال في جملة أبيات نسبها لبعض المعاصرين
له:
لو لم يصنف عمره غير الإبانة واللمع
لكفى فكيف وقد تفنن في العلوم بما جمع
مجموعة تربي على ال مائتين مما قد صنع
لم يأل في تصنيفها أخذا بأحسن ما استمع
فهدى بها المسترشد ب ن ومن تصفحها انتفع
تتلى معاني كتبه فوق المنابر في الجمع
ويخاف من إفحامه ... أهل الكنائس والبيع
فهو الشجا في حلق من ترك المحجة وابتدع
فعليه رحمة ربه ما غاب نجم أو طلع ([15]).
وممن عزا الإبانة إلى أبي الحسن الأشعري
الحافظ الكبير أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي الشافعي المتوفى في سنة
458هـ ؛ قال : ذكر الشافعي رحمه الله ما دل على أن ما نتلوه من القرآن بألسنتنا
ونسمعه بآذاننا ، ونكتبه في مصاحفنا يسمى كلام الله عز وجل وان الله عز وجل كلم به
عباده بأن أرسل به رسوله - صلى الله عليه وسلم - وبمعناه ذكره أيضاً علي بن
إسماعيل في كتابه الإبانة([16]).
وممن ذكر الإبانة وعزاها لأبي الحسن الأشعري
الحافظ المعروف بالذهبي قال : قال الأشعري في كتاب (الابانة في أصول الديانة) له
في باب الاستواء: فإن قال قائل: (الرحمن على العرش استوى) الى آخر ما في الابانة ...
ثم قال: وكتاب الابانة من أشهر تصانيف أبي الحسن الأشعري , شهره الحافظ ابن عساكر
واعتمد عليه , ونسخه بخطه الامام محيي الدين النواوي ([17]).
وممن نسبها إلى أبي الحسن الاشعري ابن فرحون
المالكي ؛ قال : ولأبي الحسن الأشعري كتب منها كتاب اللمع الكبير واللمع الصغير وكتاب
الابانه في أصول الديانة([18]).
وممن عزاها لأبي الحسن الأشعري أبو الفلاح
عبد الحي ابن العماد الحنبلي المتوفى سنة (1089هـ) ، قال أبو الحسن في كتابه
الابانة في أصول الديانة وهو آخر كتاب صنفه , وعليه يعتمد أصحابه في الذب عنه عند
من يطعن عليه ، ثم ذكر فصلاً كاملاً من الابانه ([19]).
وممن عزاها لأبي الحسن الأشعري السيد مرتضى
الزبيدي قال: صنف أبو الحسن الأشعري بعد رجوعة من الاعتزال الموجز؛ وهو في ثلاث
مجلدات كتاب مفيد في الرد على الجهمية والمعتزلة ومقالات الاسلاميين وكتاب
الابانة، وقد تقدم حكاية عن ابن كثير أن الابانة هي آخر كتاب صنفه أبو الحسن
الأشعري([20]).
وممن ذكر أن الابانة تأليف أبي الحسن الأشعري
أبو القاسم عبدالملك بن عيسى بن درباس الشافعي قال في رسالته : إعلموا معشر
الاخوان أن كتاب الابانة عن أصول الديانة، الذي ألفه الامام أبو الحسن علي بن
إسماعيل الاشعري هو الذي استقر عليه أمره فيما كان يعتقده وبه كان يدين الله
سبحانه وتعالى بعد رجوعه من الاعتزال بمن الله ولطفه ، وكل مقالة تنسب إليه الآن
مما يخالف ما فيه فقد رجع عنها وتبرأ إلى الله سبحانه منها وكيف وقد نص فيه على
أنه ديانته التي يدين الله سبحانه بها: وروي أثبت أنه ديانة الصحابة والتابعين
وأئمة الحديث الماضين وقول أحمد بن حنبل رضي الله عنهم أجمعين ، وأن ما فيه هو
الذي يدل علية كتاب الله وسنة رسولة - صلى الله علية وسلم - ، فهل يسوغ أن يقال
إنه رجع عن هذا إلى غيره فإلى ماذا يرجع أتراه يرجع عن كتاب الله وسنة نبي الله
خلاف ما كان عليه الصحابة والتابعون وأئمة الحديث المرضيون وقد علم أنه مذهبهم ،
ورواه عنهم ؟ !! هذا لعمري ما لا يليق نسبته إلى عوام المسلمين وكيف بأئمة الدين
أوهل يقال: إنه جهل الأمر فيما نقلة عن السلف الماضين مع افنائه جل عمره في
استقراء المذاهب وتعرف الديانات ، هذا مما لا يتوهمه منصف ، ولا يزعمه إلا مكابر
مسرف ، وقد ذكر الابانه واعتمد عليها وأثبتها عن الامام أبي الحسن الأشعري وأثنى
عليه بما ذكره فيها وبرأه من كل بدعة نسبت إليه ، ونقل منها إلى تصنيفه جماعة من
الأئمة الأعلام من فقهاء الاسلام وأئمة القراء وحفاظ الحديث وغيرهم([21]).
وممن ذكر الابانه ونسبها إلى أبي الحسن
الأشعري تقي الدين أحمد بن عبد الحليم ابن عبدالسلام الشهير بابن تيمية المتوفى
سنة 728هـ؛ في الفتوى الحموية الكبرى صفحة72.
وممن عزاها إلى أبي الحسن الأشعري شمس الدين
أبو عبدالله محمد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي المعروف بابن قيم الجوزية الحنبلي
الدمشقي المتوفى سنة 751هـ قال في كتابه اجتماع الجيوش الاسلامية على غزو المعطلة
والجهمية الطبعة الهندية صفحة111.
هذه نقول الأئمة الأعلام التي تضمنت بالصراحة
التي لا ينتطح عليها عنزان أن كتاب الابانة ليس مدسوساً على أبي الحسن الأشعري كما
زعمه الأغمار من المقلدة بل هو من تواليفه التي ألفها أخيراً واستقر أمره على ما فيها
من عقيدة السلف التي جاء بها القرآن الكريم والسنة النبوية.
الفصل الثاني : الأشاعرة من الاعتزال إلى
الاعتدال
وقسمته إلى مبحثين , بيانهما كالتالي :
المبحث الأول : في التعريف بالفكر المعتزلي
وأصولهم الخمسة .
المبحث الثاني : أبو الحسن الأشعري من
الاعتزال إلى الاعتدال.
المبحث الثالث : عقيدة أبي الحسن الشعري .
المبحث الأول : في التعريف بالفكر المعتزلي
وأصولهم الخمسة .
اختلفت الروايات في سبب تسمية هذه الفرقة بالمعتزلة
فمن هذه الروايات:
1- روايات تُرجع أصل الاعتزال الى الفترة
التي اعقبت مقتل الخليفة الراشدي الثالث عثمان بن عفان - رضي الله عنه - متمثلة
بعدد من الصحابة الذين اعتزلوا الفتنة كعبد الله بن عمر وسعد بن أبي وقاص ومحمد بن
مسلمة الانصاري، واسامة بن زيد بن حارث الكلبي مولى رسول الله - عليه افضل الصلاة
والسلام - وتبعهم عدد من المسلمين ، وهؤلاء اعتزلوا عن علي - عليه السلام -
وامتنعوا من محاربته والمحاربة معه بعد دخولهم في بيعته والرضا به فسموا المعتزلة
وصاروا أسلاف المعتزلة الى آخر الأبد وقالوا . لا يحل قتال علي - عليه السلام -
ولا القتال معه ([22]).
2- وروايات اخرى تُرجع أصل الاعتزال الى موقف
سياسي من القتال الدائر بين الامام علي - عليه السلام - ومعاوية بن ابي سفيان،
بوصف القتال الدائر بين المسلمين فتنة، فيجب الاعتزال عن هذه الفتنة واللجوء الى
العبادة ([23]).
روايات تذهب الى ان الاعتزال هو الانشقاق
الذي أحدثه " واصل بن عطاء زعيم المعتزلة وواضع لبناتها الاولى " في
موقفه ازاء قضية " مرتكب الكبيرة " مخالفاً بذلك شيخه واستاذه العالم
الجليل الحسن البصري اذ قال : ان الفاسق من المسلمين في منزلة بين المنزلتين
لامؤمن كمال الايمان ولا كافر حد الكفر. فقال الحسن ازاء هذا الرأي من قبل واصل
اعتزلنا واصل فمنذ ذلك الحين عرف واتباعه بالمعتزلة([24]).
4- وهناك روايات تقول بأن الاعتزال اسم مدحٍ
اطلقه المعتزلة على انفسهم وتباهوا به ، قصدهم من ذلك اعتزال الباطل بحسب اعتقادهم
.
5- اما الاسماء التي يطلقها المعتزلة على انفسهم
خلاف ما تقدم فهم يسمون أنفسهم " بالعدلية " لقولهم بعدل الله وحكمته أو
"الموحدة " لقولهم لا قديم مع الله([25]).
وبناءاً على ما تقدم وهو الأرجح بحسب ما تذكر
لنا المصادر التأريخية أن التسمية الحقيقية لهم انبثقت مع أول اعلان مهم عن موقفهم
إزاء مرتكب الكبيرة وذلك في حلقة الحسن البصري في مسجد البصرة بعد أن سُئل الحسن
من قبل رجل في رأيه عّمن أرتكب معصية من المسلمين فتفكّر الحسن وقبل ان يجيب أجاب
واصلٍ برأيه وهو المنزلة بين المنزلتين ، فعندها قال الحسن اعتزلنا واصل، فشاع هذا
الاسم واصبح لصيقاً بكل من يجلس في حلقة واصل، واطلق الناس عليهم اسم المعتزلة
منذُ ذلك اليوم ([26])
.
أصول المذهب:
لقد أجمع شيوخ الاعتزال الكبار على خمسة أصول
اعتقادية، وهذه الاصول أشبه ما تكون بالأعمدة الرئيسة التي لا يُنال شرف الانتساب
اليهم إلا من قام فكره على أساسها وقواعدها ([27]).
... وتعد الاصول الخمسة الجامع المشترك الذي
التقى عليه قاطبة أهل الاعتزال فيما بعد ، بحيث أصبح اعتمادها سمة فارقة وعلامة
مميزة يعرف بها رجال الاعتزال عمن سواهم، كما يذكر لنا ذلك الخياط المعتزلي : وليس
يستحق احد منهم اسم الاعتزال حتى يجمع القول بالاصول الخمسة : التوحيد والعدل،
والوعد والوعيد، والمنزلة بين المنزلتين ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،
فاذا كملت في الانسان هذه الخصال فهو معتزلي([28]).
والخلاصة :
فالمعتزلة لهم ما لهم وعليهم ما عليهم من
انحراف في بعض الجوانب العقائدية والفكرية , غير أن الحقيقة التي لا مرية فيها لكل
ذي بصيرة أنهم مفكروا الإسلام وحملة لواء العلم والمعرفة وأصحاب الجدل والحِجاج،
هم من فهم العقائد فهماً فلسفياً، وقاموا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ورد
كيد الزنادقة والملاحدة والكفار في نحورهم، وكان لابد من وجودهم ليقفوا بوجه
الأفكار الهدامة التي تعرضت للعقيدة الاسلامية سواءٌ أكانت من الداخل أم من
الخارج.
فقد ضمت المدرسة الاعتزالية رجالاً امتازوا
بالذكاء وسرعة البديهية وجراءة في القول وقدرة على فهم الاحداث السياسية والدينية
ومن ثم بالتالي توظيف طاقاتهم الفكرية الخلاقة لإيجاد علاقة موائمة وتكيف ما بين
الاسلام كدين سماوي وطروحات العقل البشري المتمثلة بالفلسفات الشرقية والغربية،
فحاولوا من خلال الاصول التي توصلوا اليها بعد البحث والدرس والاستقراء والمناقشات
والحوار مع الذات ومع الاخر - معالجة القضايا والاشكالات الداخلية والخارجية التي
كان يعاني منها العالم الاسلامي([29]).
وقد نشأت هذه المدرسة في العصر الاموي،
وازدهرت ونضجت في العصر العباسي ، وأخذت دوراً مهماً في الساحة الفكرية ومثلت بحق
علم الكلام الاسلامي كما أشار إلى ذلك صاحب كتاب مفتاح السعادة بقوله : أعلم أن
مبدأ شيوع الكلام كان بأيدي المعتزلة والقدرية في حدود المائة من الهجرة([30])
.
وبعد ذلك اخذ الفكر المعتزلي بالنضوج والتطور
كمدرسة منظمة لها فلسفتها الخاصة في جميع مناحي العقيدة([31])
، ولها أتباعها وطلابها الذين يأخذون الاعتزال عن شيوخهم.
المبحث الثاني : أبو الحسن الأشعري من
الاعتزال إلى الاعتدال :
واصل الأشعري مسيرته في الفكر الاعتزالي حتى
صار إماماً من أئمة المعتزلة, والذي يبدو
من المصادر التاريخية ان الأشعري حتى عندما وصل إلى هذه المنزلة العالية في
الاعتزال كان قلقاً ولم يصل حد الاقتناع الكامل بما يقوله المعتزلة، وهذا نابع
ربما من ذكائهِ العالي، وهمته وقدرته على البحث في مسائل الكلام، وبحثه عن
الحقيقة، لكن أليس هذه الصفات كانت قاسماً مشتركاً , يجتمع عليهِ طلاب ورجال
الاعتزال؟ فلماذا لم يتحولوا جميعهم عن الاعتزال؟ إذاً لابد من أن نقف قليلاً عند
هذهِ المسألة والنظر اليها من زوايا مختلفة.
الأشعري كان يعاني من حالة عدم استقرار فكري
، ويتحدث الأشعري عن معاناته هذه بقوله : وقع في صدري في بعض الليالي شيئاً مما
كنت فيه من العقائد فقمت وصليت ركعتين وسألت الله تعالى ان يهديني الطريق
المستقيم، ونمت فرأيت الرسول - صلى الله عليه وسلم - في المقام فشكوت إليه بعض ما بي
من الأمر فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليك بسنتي فأنتبهت وعارضت مسائل
الكلام بما وجدت في القرآن والأخبار، فأثبته ونبذت ما سواه ورائي ظهريا([32]).
... وتذكر المصادر أسباباً وصوراً متعددة
لتغير الأشعري وتحوله من الاعتزال إلى مذهب أهل السنة والجماعة، ونقلت رواية رؤية
النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام وأمره الأشعري بترك الاعتزال وسلوك سبيل
السنة والرّد على المذاهب المبتدعة: نقلت هذه القصة بروايات متعددة , وهذا مما
يجلعها عرضة للنقد كذلك وردت رواية اخرى أوردها ابن عساكر على لسان الشيخ الأشعري
تحكي سبب تركه الاعتزال والظهور بمعتقد يخالف فيه المعتزلة ، ويوافق أهل السنة
مدار الرواية حول مسألة رؤية الله تعالى. وهي من المسائل التي كانت مثار جدال بين
أهل السنة والمعتزلة، ففيما كان أهل السنة يثبتون الرؤية كان المعتزلة ينفونها([33]).
ونحن نجد أن الدكتور عبدالرحمن بدوي في كتابه
مذاهب الاسلاميين لم يقتنع بهذه الرواية، كذلك جلال موسى اعتبرها رواية موضوعة
ومحاولة من ابن عساكر لانطاق الأشعري([34]).
وإن تعدد الروايات حول سبب التحول يتسم
بالصناعة والسياق المفتعل بل والموضوع أحياناً وربما يرجع ذلك إلى الكره المستحكم
للمعتزلة ولاسيما بعد محنة خلق القرآن ، فجاء تحول الأشعري تعبيراً عن الانتصار
الساحق لأهل السنة والجماعة (من وجهة نظرهم) على المعتزلة، لذلك سيقت روايات
متعددة تبين أن جدالاً ومناظرة بين الأشعري وأستاذه الجبائي انتصر فيها الأشعري
انتصاراً لم يدع فيه لأستاذه أي قدرة للدفاع عن نفسه منها مسألة الثلاثة المؤمن
والكافر والصبي عندما يبعثهم الله يوم القيامة وهذه الرواية مشهورة في كتب العقائد
. وهناك رواية يذكرها أحمد أمين : ان رجلاً سأل الجبائي هل يجوز أن يسمى الله
عاقلاً ...., فقال الجبائي : لا لأن العقل
مشتق من العقال والعقال بمعنى المنع والمنع على الله محال...., فقال الأشعري : قياسك
هذا لا يسمي الله حكيماً لأن هذا الاسم مشتق من حكمة اللجام وهي الحديدة المانعة
للدابة عن الخروج فاذا كان اللفظ مشتقاً من المنع والمنع على الله محال لزمت ان
تمنع اطلاق حكيم عليه تعالى...., فلم يجد الجبائي جواباً..., وسأل الأشعري: ما تقول
أنت , قال : أجيز حكيماً ولا أجيز عاقلاً لأن طريقي في مأخذ أسماء الله السماع
الشرعي لا القياس اللغوي ، فأطلقت حكيماً لأن الشرع اطلقه ، ومنعت عاقلاً لأن
الشرع منعه ولو أطلقه لأطلقته وهكذا سار بينهما الجدل حتى انفصل الاشعري عنه.
... أما الذي يطلع على كتاب الابانة للأشعري
فأنه يجد أن محنة خلق القرآن أثرت كثيراً على اراء الأشعري حتى بدا متعاطفاً مع
علماء أهل السنة بسبب الظلم الذي وقع عليهم من قبل السلطة العباسية لذلك يصرح بأنه
من أتباع الامام أحمد ابن حنبل ومن السائرين على طريقته وطريقة أهل الحديث([35]).
قال بن خلكان : كان أبو الحسن الأشعري أولاً
معتزلياً، ثم تاب من القول بالعدل وخلق القرآن في المسجد الجامع بالبصرة يوم
الجمعة، ورقي كرسياً ونادى بأعلى صوته: من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا
أعرفه بنفسي، أنا فلان بن فلان، كنت أقول بخلق القرآن وأن الله لا تراه الأبصار وأن
أفعال الشر أنا أفعلها، وأنا تائب مقلع، معتقد للرد على المعتزلة مخرج لفضائحهم
ومعايبهم([36]).
وقال أبو بكر اسماعيل بن أبي محمد بن اسحق
الأزدي القيرواني المعروف بابن عزره: إن أبا الحسن الأشعري كان معتزلياً وإنه أقام
على مذهب الاعتزال أربعين سنة وكان لهم إماماً، ثم غاب عن الناس في بيته خمسة عشر
يوماً ، فبعد ذلك خرج إلى الجامع بالبصرة فصعد المنبر بعد صلاة الجمعة ، وقال:
معاشر الناس إني إنما تغيبت عنكم في هذه المدة لأني نظرت فتكافأت عندي الأدلة ولم
يترجح عندي حق على باطل ولا باطل على حق ، فاستهديت الله تبارك وتعالى فهداني إلى
ما أودعته في كتبي هذه ، وانخلعت من جميع ما كنت أعتقده، كما انخلعت من ثوبي هذا
،وانخلع من ثوب كان عليه، ورمى به ودفع الكتب إلى الناس ؛ فمنها كتاب اللمع وغيره
من تواليفه الآتي ذكر بعضها قريبا إن شاء الله : فلما قرأ تلك الكتب أهل الحديث
والفقه من أهل السنة والجماعة أخذوا بما فيها وانتحوها ، واعتقدوا تقدمة واتخذوه
إماماً حتى نسب مذهبهم إليه فصار عند المعتزلة (ككتابيٍ أسلم وأظهر عوار ما تركه
فهو أعدى الخلق إلى أهل الذمة) ، وكذلك أبو الحسن الأشعري أعدى الخلق إلى المعتزلة
؛ فهم يشنعون عليه وينشنعون عليه وينسبون إليه الأباطيل ، وليس طول مقام أبي الحسن
الأشعري على مذهب المعتزلة مما يفضى به إلى انحطاط المنزلة بل يقضي له في معرفة
الأصول بعلو المرتبة ويدل عند ذوي البصائر له على سمو المنقبة ؛ لأن من رجع عن
مذهب كان بعواره أخبر وعلى رد شبه أهله وكشف تمويهاتهم أقدر ، وتبيين ما يلبسون به
لمن يهتدي باستبصاره أبصر([37]).
واتفق أصحاب الحديث أن أبا الحسن الأشعري كان
إماماً من أئمة أصحاب الحديث ، ومذهبه مذهب أصحاب الحديث ؛ تكلم في أصول الديانات
على طريقة أهل السنة ورد على المخالفين من أهل الزيغ والبدعة ، وكان على المعتزلة
والروافض والمبتدعين من أهل القبلة والخارجين عن الملة سبفاً مسلولاً ومن طعن فيه
أو سبه فقد بسط لسان السؤ في جميع أهل السنة ، ولم يكن أبو الحسن الأشعري أول
متكلم بلسان أهل السنة وإنما جرى على سنن غيره وعلى نصرة مذهب معروف، فزاده حجةً
وبياناً، ولم يبتدع مقالة اخترعها ولا مذهباً انفرد به وليس له في المذهب أكثر من
شرحه كغيرة من الأئمة.
وقال أبوبكر بن فورك: رجع أبو الحسن الأشعري
عن الاعتزال إلى مذهب أهل السنة سنة300هـ([38]).
وممن قال من العلماء برجوع الأشعري عن
الاعتزال أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلكان الشافعي المتوفى
سنة(681هـ) : كان أبو الحسن الأشعري معتزلياً ثم تاب([39]).
ومنهم عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر
ابن كثير القرشي الدمشقي الشافعي المتوفى سنة (774هـ )؛ قال :إن الأشعري كان
معتزلياً فتاب منه بالبصرة فوق المنبر، ثم أظهر فضائح المعتزلة وقبائحهم ([40]).
ومنهم شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان
الدمشقي الشافعي الشهير بالذهبي المتوفى سنة (748هـ) ؛قال في كتابه العلول للعلى
الغفار : كان أبو الحسن أولا معتزلياً أخذ عن أبي علي الجبائي ثم نابذه ورد عليه
وصار متكلماً للسنة ، ووافق أئمة الحديث ، فلو انتهى أصحابنا المتكلمون إلى مقالة
أبي الحسن ولزموها لأحسنوا ولكنهم خاضوا كخوض حكماْ الأوائل في الأشياء ومشوا خلف
المنطق فلا قوة إلا بالله([41]).
وممن قال برجوعه تاج الدن أبو نصر عبدالوهاب
بن تقي الدين السبكي الشافعي المتوفى سنة(771هـ) : أقام أبو الحسن على الاعتزال
أربعين سنة حتى صار للمعتزلة إماماً فلما أراده الله لنصرة دينة وشرح صدره لإتباع
الحق غاب عن الناس في بيته، وذكر كلام ابن عساكر المتقدم بحروفه([42]).
ومنهم برهان الدين إبراهيم بن علي بن محمد بن
فرحون اليعمري المدني المالكي المتوفى سنة (799هـ) قال : كان أبو الحسن الأشعري في
ابتداء أمره معتزلياً ، ثم رجع إلى هذا المذهب الحق ، ومذهب أهل السنة فكثر التعجب
منه ، وسئل عن ذلك ، فأخبر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان فأمره
بالرجوع إلى الحق ونصره ، فكان ذلك والحمد لله تعالى ([43]).
ومنهم السيد محمد بن محمد الحسيني الزبيدي
الشهير بمرتضى ؛ قال: أبو الحسن الأشعري أخذ الكلام عن شيخ أبي علي الجبائي شيخ
المعتزلة ، ثم فارقه لمنام رآه ، ورجع عن الاعتزال وأظهر ذلك إظهاراً ، فصعد منبر
البصرة يوم الجمعة ونادى بأعلى صوته: من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا فلان
بن فلان كنت أقول بخلق القرآن وإن الله لا يُرى في الدار الآخرة بالأبصار وإن
العباد يخلقون أفعالهم وها أنا تائب من الاعتزال معتقداً الرد على المعتزلة ، ثم
شرع في الرد عليم والتصنيف على خلافهم ، ثم قال: قال ابن كثير: ذكروا للشيخ أبي
الحسن الأشعري ثلاثة أحوال أولها حال الاعتزال التي رجع عنها ولا محالة والحال
الثاني إثبات الصفات العقلية ؛ وهي الحياة والعلم ، والقدرة ، والارادة ، والسمع ،
والبصر ، والكلام . وتأويل الخبرية كالوجة واليدين والقدم والساق ونحو ذلك، الحال
الثالث إثبات ذلك كله من غير تكييف ولا تشبيه جرياً على منوال السلف وهي طريقته في
الإبانة التي صنفها آخراً([44]).
وبهذه النقول عن هؤلاء الأعلام ثبت ثبوتاً
لاشك فيه ولا مرية أن أبا الحسن الأشعري استقر أمره أخيراً بعد أن كان معتزلياً
على عقيدة السلف التي جاء بها القرآن الكريم وسنة النبي الكريم عليه أزكى الصلاة
والتسليم.
ومن خلال كل ما تقدم يتضح أن مؤرخي علم
الكلام السني حاولوا إظهار الأشعري بأنه كان باحثاً عن الحقيقة، وقد توصل اليها
بعد المساعدة أو العون الإلهي، فأخذ يدعمها بأساليب الجدل والنقاش التي تعلمها على
يد أساتذته المعتزلة , والباحث لا يتفق مع هذا الرأي لأنه لا يستطيع أن يقرر أي
المدرستين المعتزلة أم الأشاعرة كان على صواب أم على خطأ ، بل يستطيع أن يقول إنَّ
كليهما - المعتزلة والأشاعرة- اجتهد ولهما أجر المجتهد ، وكلاهما دافع عن الاسلام
من خلال منهجيته التي اعتمدها وموقعه الذي شغله، وكلاهما له مواقف مشرفة ومحمودة
في الدفاع عن الاسلام([45]).
المبحث الثالث : عقيدة أبي الحسن الشعري
كان أبو الحسن الأشعري يؤمن بأن مصدر العقيدة
هو الوحي، والنبوة المحمدية، والطريق إلى معرفة الوحي هو الكتاب والسنة الصحيحة،
وما ثبت من الصحابة، وهذا ربما كان مفترقاً للطرق بينه وبين المعتزلة، أي انه يتجه
في ذلك اتجاهاً معارضاً للمعتزلة اصحاب العقل، على الرغم من اعتقاده أن الدفاع عن
هذه العقيدة السليمة وغرسها في قلوب الجيل الاسلامي الجديد محتاج إلى الحديث بلغة
العصر العلمية السائدة، واستعمال المصطلحات العلمية ، ومناقشة المعارضين على
اسلوبهم العقلي، وهذا كان ايضاً مفترقاً للطرق بينه وبين كثير من الحنابلة
والمحدثين والذين كانوا يتحرجون من سلوك هذا الطريق ([46]).
... ونتيجة لهذه الموازنة التي سار عليها
الأشعري في حواراته ومناقشاته وأبحاثه أصبح صاحب منهج معتدل كما يقول ابن خلدون : وقام
الشيخ أبو الحسن الأشعري إمام المتكلمين فتوسط بين الطرق ([47]),
وكذلك كان الأشعري يذهب إلى (أن حكم مسائل الشرع التي طريقها السمع تكون مردودة
إلى أصول الشرع التي طريقها السمع، وحكم مسائل العقليات والمحسوسات أن يرد كل شيء
من ذلك إلى بابه ولا تخلط العقليات بالسمعيات، ولا السمعيات بالعقليات ([48]).
مثّل أهل السنة والجماعة جمهور المسلمين منذ
أن عُرفوا بذلك الاسم ، على إثر انفصال الخوارج والشيعة عن جماعة المسلمين ،في
أثناء الفتنة الكبرى (35-40هـ) ،و ما بعدها ، ثم انفصلت عنهم جماعات أخرى في القرن
الثاني الهجري وما بعده ، كان من بينها المعتزلة ،والجهمية ، والكرّامية ، لكن أهل
السنة- مع ذلك- ظلوا ظاهرين يمثلون جمهور الأمة الإسلامية ، مقابل هؤلاء الذين انفصلوا
عنهم ، كالخوارج الشيعة والمعتزلة والمجسمة([49])
.
وأما أصولهم المذهبية -أي أصول أهل السنة-
فهي معروفة ومتواترة ، لا تحتاج إلى توثيق([50])
، منها : الاعتماد على الكتاب والسنة الصحيحة ، كمصدرين معصومين وحيدين ، ومنها
تقديم الشرع على العقل ، والاعتقاد بأن الإيمان هو اعتقاد بالجنان ، وقول باللسان ،وعمل بالجوارح يزيد وينقص .
ومنها أيضا : موالاة كل الصحابة ،وإنهم عدول
غير معصومين من الخطأ ، أفضلهم -بعد رسول الله - عليه الصلاة والسلام- الخلفاء
الأربعة بالترتيب : أبو بكر الصديق ، وعمر بن الخطاب ،وعثمان بن عفان ، وعلي بن
أبي طالب ، رضي الله عنهم .
ومنها : إثبات كل الصفات التي أثبتها الله
تعالى لنفسه ،وأو صفه بها رسوله -عليه الصلاة والسلام- في الأحاديث الثابتة عنه ،
بلا تشبيه ولا تمثيل ،ولا تأويل ،ولا تعطيل ،ولا تكييف ، وإنما هو إثبات وتنزيه ([51]).
إذا كانت هذه هي أصول مذهب أهل السنة
والجماعة , فلقد اعتقدها أبو الحسن الأشعري وتبرأ من التعطيل والتأويل وأخبر بذلك
عن نفسه في كتابه أو أخبر به عنه نبيه عليه الصلاة والسلام من غير تعطيل ولا تأويل
ولا تمثيل ؛ فأقول قال أبو الحسن الأشعري في ابانته: (باب في ابانة قول أهل الحق
والسنة) فإن قال لنا قائل قد أنكرتم قول المعتزلة والقدرية والجهمية والحرورية
والرافضة والمرجئة ، فعرفونا قولكم الذي به تقولون وديانتكم التي بها تدينون .
قيل له: قولنا الذي نقول به وديانتنا التي
ندين بها التمسك بكتاب ربنا عز وجل وسنة نبينا عليه السلام وما رُويا عن الصحابة
والتابعين وأئمة الحديث ونحن بذلك معتصمون وبما كان يقول به أبو عبدالله أحمد بن
محمد بن حنبل نضر الله وجهه ورفع درجته وأجزل مثوبته قائلون، ولما خالف قوله
مخالفون لأنه الامام الفاضل والرئيس الكامل الذي أبان الله به الحق ورفع به الضلال
وأوضح به المنهاج وقمع به بدع المبتدعين وزيغ الزائغين وشك الشاكين فرحمة الله
عليه من امام مقدم وجليل معظم مفخم وجملة قولنا أنا نقر بالله وملائكته وكتبه
ورسله وبما جاءوا من عند الله وما رواه الثقات عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
؛ لا نرد من ذلك شيئاً وأن الله عز وجل إله واحد لا إله إلا هو فرد صمد لم يتخذ
صاحبة ولا ولداً وأن محمداً عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق وأن الله يبعث من
في القبور ، وأن الله مستو على عرشه كما قال :(الرحمن على العرش استوى) وأن له وجهاً
كما قال: ( ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام) وأن له يدين بلا كيف كما قال :( لما
خلقت بيدي ) وكما قال: ( بل يداه مبسوطتان ) وأن له عينين بلا كيف كما قال :( تجري
بأعيننا ) وأن من زعم أن أسماء الله غيره كان ضالاً وأن لله علماً كما قال :(أنزله
بعلمه) وكما قال: ( وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه) ونثبت لله السمع والبصر
ولا ننفي ذلك كما نفته المعتزلة والجهمية والخوارج ونثبت أن لله قوة كما قال: (
أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة) ونقول إن كلام الله غير مخلوق وأنه
لم يخلق شيئاً إلا وقد قال له كن كما قال: (إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له
كن فيكون) وأنه لا يكون في الأرض شيء من خير وشر إلا ما شاء الله وأن الأشياء قبل
أن يفعله ولا يستغني عن الله ولا يقدر على الخروج عن علم الله عز وجل وأنه لا خالق
إلا الله وأن أعمال العبد مخلوقه لله مقدرة كما قال: (خلقكم وما تعملون) وأن
العباد لا يقدرون أن يخلقوا شيئاً وهم يخلقون كما قال: ( أفمن يخلق كمن لا يخلق)
وكما قال :(أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون) وهذا في كتاب الله كثير وأن الله
وفق المؤمنين لطاعته ولطف بهم ونظر لهم وأصلحهم وهداهم وأضل الكافرين ولم يهدهم ولم
يلطف بهم بالآيات كما زعم أهل الزيغ والطغيان ولو لطف بهم وأصلحهم لكانوا صالحين
ولو هداهم لكانوا مهتدين وأن الله يقدر أن يصلح الكافرين ويلطف بهم حتى يكونوا
مؤمنين ولكنه أرد أن يكونا كافرين كما علم وخذلهم وطبع على قلوبهم وأن الخير والشر
بقضاء الله وقدره وإنا نؤمن بقضاء الله وقدره خيره وشره حلوه ومره ونعلم أن ما
أخطأنا لم يكن ليصيبنا وأن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا وأن العباد لا يملكون لأنفسهم
ضراً ولا نفعاً إلا بالله كما قال عز وجل , ونلجئ أمورنا إلى الله أي نثبت الحاجة
والفقر في كل وقت إليه , ونقول إن كلام الله غير مخلوق وأن من قال بخلق القرآن فهو
كافر وندين بأن الله تعالى يُرى في الآخرة بالأبصار كما يرى القمر ليلة البدر يراه
المؤمنون كما جاءت الروايات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ونقول : إن الكافرين
محجوبون عنه إذا رآه المؤمنون في الجنه كما قال عز وجل: (كلا إنهم عن ربهم يومئذ
لمحجوبون) وأن موسى عليه السلام سأل الله عز وجل الرؤية في الدنيا وأن الله سبحانه
تجلى للجبل فجعله دكا فعلم بذلك موسى أنه لا يراه في الدنيا وندين بأن لا نكفر
أحداً من أهل القبلة بذنب يرتكبة كالزنى والسرقة وشرب الخمور كما دانت بذلك
الخوارج وزعمت أنهم كافرين , ونقول إن من عمل كبيرة من هذه الكبائر مثل الزنى
والسرقة وما أشبههما مستحلا لها غير معتقد لتحريمها كان كافراً ، ونقول إن الاسلام
أوسع من الايمان وليس كل إسلام ايمانا ، وندين الله عز وجل بأنه يقلب القلوب بين
أصبعين من أصابع الله عز وجل وأنه عز وجل يضع السموات على أصبع والأرضين على أصبع
كما جاءت الرواية عن رسول الله صلى الله علية وسلم ونديد بأن لا ننزل أحداً من أهل
التوحيد والمتمسكين بالإيمان جنة ولا نار اً إلا من شهد له رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - بالجنة ، وترجوا الجنة للمذنبين ونخاف عليهم أن يكونوا بالنار معذبين
ونقول إن الله عز وجل يخرج قوماً من النار بعد أن امتحشوا بشفاعة رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - تصديقاً لما جاءت به الروايات عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم-
ونؤمن بعذاب القبر وبالحوض وأن الميزان حق والصراط حق والبعث بعد الموت حق وأن
الله عز وجل يوقف العباد في الموقف ويحاسب المؤمنين , وأن الايمان قول وعمل يزيد
وينقص , ونسلم الروايات الصحيحة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي رواها
الثقات عدل عن عدل حتى ينتهي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وندين بحب
السلف الذين اختارهم الله عز وجل لصحبة نبيه عليه السلام ونثني عليهم بما أثنى
الله به عليهم ونتولاهم أجمعين ، ونقول إن الإمام الفاضل بعد رسول الله - صلى الله
علية وسلم - أبو بكر الصديق رضوان الله عليه إن الله أعز به الدين وأظهره على
المرتدين وقدمه المسلمون بالإمامة كما قدمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للصلاة
وسموه أجمعهم خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم عمر بن الخطاب رضي الله
عنه ثم عثمان بن عفان رضي الله عنه وإن الذين قاتلوه ظلماً وعدواناً ثم علي بن أبي
طالب رضي الله عنه ؛ فهؤلاء الأئمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلافتهم
خلافة النبوة ونشهد بالجنة للعشرة الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بها
ونتولى سائر أصحاب النبي صلى الله علية وسلم ونكف عما شجر بينهم وندين الله بأن
الأئمة الأربعة خلفاء راشدون مهديون فضلاً لا يوازيهم في الفضل غيرهم ونصدق بجميع
الروايات التي يثبتها أهل النقل من النزول إلى السماء الدنيا وأن الرب عز وجل يقول
: (هل من سائل هل من مستغفر ), وسائر ما نقلوه وأثبتوه خلافاً لما قال أهل الزيغ
والتضليل ونعول فيما اختلفنا فيه على كتاب ربنا وسنة نبينا وإجماع المسلمين وما كا
في معناه: ولا نبتدع في دين الله مالم يأذن لنا ولا نقول على الله ما لا نعلم
ونقول إن الله عز وجل يجيء يوم القيامة كما قال (وجاء ربك والملك صفاً صفاً) وأن
الله عز وجل يقرب من عباده كيف شاء كما قال: (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد). وكما
قال: (ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى) ومن ديننا أن نصلي الجمعة والأعياد
وسائر الصلوات والجماعات خلف كل بر وغيره, كما روي عن عبدالله بن رضي الله عنهما
كان يصلي خلف الحجاج, وأن المسح على الخفين سنة في الحضر والسفر خلافاً لمن أنكر
ذلك ونرى الدعاء لأئمة المسلمين بالصلاح والاقرار بإمامتهم وتضليل من رأى الخروج
عليهم وإذا ظهر منهم ترك الاستقامة وندين بإنكار الخروج بالسيف وترك القتال في
الفتنة ونقر بخروج الدجال كما جاءت به الرواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -ونؤمن
بعذاب القبر ونكير ومنكر ومسائلتهما المدفونين بقبورهم. ونصدق بأن في الدنيا سحرة
وسحراً, وأن السحر كائن موجود في الدنيا. وندين بالصلاة على من مات من أهل القبلة
برهم وفاجرهم وتوراتهم ونقر أن الجنة والنار مخلوقتان وأن من مات وقتل فبأجله مات
وقتل وأن الأرزاق من قبل الله يرزقها عباده حلالاً وحراماً. وأن الشياطان يوسوس
للانسان ويسلكه ويتخبطه خلافاً لقول المعتزلة والجهمية كما قال الله عز وجل:
(الذين يأكلون الربى لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس) وكما
قال: (من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس) ونقول إن الصالحين يجوز أن
يخصهم الله عز وجل بآيات يظهرها عليهم. وقولنا في أطفال المشركين أن الله يؤجج لهم
في الآخرة ناراً ثم يقول لهم اقتحموها كما جاءت بذلك الرواية، وندين الله عز وجل
بأنه يعلم ما العباد عاملون وإلى ما هم صائرون, وما كان وما يكون ومالا يكون أن لو
كان كيف يكون وبطاعة الأئمة ونصيحة المسلمين ونرى مفارقة كل داعية إلى بدعته ومجانبة
أهل الهوى([52]).
الفصل الثالث : أبرز أئمة الأشاعرة ودورهم الدفاع
عن الإسلام :
ويشتمل على مبحثين , بيانهما كالتالي :
المبحث الأول : أبرز رجالات الأشاعرة .
المبحث الثاني : دورهم في الدفاع عن الإسلام.
المبحث الأول : أبرز أئمة المذهب الأشعري:
1 – أبو الحسن الأشعري وسبق الحديث عنه .
2 – القاضي أبو بكر الباقلاني:
هو : القاضي أبو بكر محمد بن الطيب بن محمد
بن جعفر بن القاسم المعروف بالباقلاني البصري المتكلم المشهور الملقب بشيخ السنة
ولسان الامة ، والباقلاني نسبة إلى الباقلي وبيعه([53])
.
ولد بالبصرة وسكن بغداد ، انتهت اليه رياسة
مذهب الأشاعرة ولد عام 338هـ وتوفي عام 403هـ ([54])
عُرف بالفطانة وقوة المناظرة كان في علم
الاصول على مذهب الأشعري ، وكان موصوفاً بجودة الاستنباط وسرعة الجواب، وكان كثير
التطويل في المناظرة ، وفي الفروع كان على مذهب الامام مالك واليه انتهت رياسة
المذهب المالكي([55]).
... يقال عنه : هو الملقب بسيف السنة ولسان
الامة ورأس المتكلمين وصاحب المصنفات العظيمة ويعد من أكثر العلماء تصنيفاً في علم
الكلام ، حتى انه كان لاينام كل ليلة الا بعد ان يكتب عشرين ورقة، لذلك انتشرت عنه
تصانيف كثيرة منها التبصرة ودقائق الحقائق والتمهيد في أصول الدين وشرح الابانة
وغير ذلك([56]).
2 – ابن فورك :
هو : هو ابو بكر محمد بن الحسن بن فورك ،
أقام في العراق في أول حياته حتى درس به مذهب الأشعري، ثم توجه إلى الري، وكان
متكلماً اصولياً واعظاً وأديباً نحوياً ...وقد توفي الشيح رحمه الله سنة 406هـ في
نيسابور ([57]).
3 - الشيخ أبو اسحاق الاسفراييني :
الفقيه الشافعي المتكلم الاصولي المتقدم في
العلوم، الشيخ ابو اسحاق إبراهيم بن محمد بن ابراهيم بن مهران الأسفراييني الملقب
بركن الدين ([58])
, انصرف من العراق بعد المقام بها، وقد أقر له أهل العلم بالعراق وخراسان بالتقدم
والفضل، ثم توجه إلى نيسابور ، ودرس في المدرسة التي بُنيت بنيسابور والتي لم يُبن
قبلها مثلها ([59]).
... بلغ من الاجتهاد درجة عالية وتبحر في
العلوم ، وأستجمع لشرائط الامامة من العربية، والفقه، والكلام، والاصول، ومعرفة
الكتاب والسنة وكان من المجتهدين في العبادة المبالغين في الورع .. مات بنيسابور
سنة 429هـ([60]).
4 – الإمام الجويني :
هو أبو المعالي عبدالملك بن الشيخ ابي محمد
بن عبدالله بن أبي يعقوب يوسف بن عبدالله بن يوسف بن محمد بن حيويه الجويني الفقيه
الشافعي المعروف بامام الحرمين([61]).
سافر الامام إلى بغداد، ولقي بها جماعة من
العلماء بعدها خرج إلى الحجاز، وجاور بمكة والمدينة المنورة أربع سنين يدرس ويفتي،
ويجمع طرق المذهب ، فلهذا قيل له أمام الحرمين ثم عاد إلى نيسابور في أوائل ولاية
ألب أرسلان السلجوقي ، والوزير يومئذٍ نظام الملك فبنى له المدرسة النظامية بمدينة
نيسابور، وتولى الخطابة بها، وكان يجلس للوعظ والمناظرة ، وظهرت تصانيفه وحضر
دروسه الأكابر من العلماء واستقامت امور الطلبة، وبقى على ذلك قريباً من ثلاثين
سنة، وكان يجلس بين يديه كل يوم نحو من ثلاثمائة رجل من الائمة والطلبة([62]).
... أما دور امام الحرمين في تطور المدرسة
الأشعرية لا ينكر اذ أملى في الطريقة كتاب الشامل وأوسع القول فيه ثم لخصه في كتاب
الارشاد واتخذه الناس إماماً لعقائدهم([63])
, لذلك يقال إنه له دور كبير في دخول واشاعة استعمال الاساليب الجديدة من فلسفة
ومنطق في علم الكلام ، كما تخرج على يديه تلاميذ خدموا المدرسة ولعل أبا حامد على
رأسهم حجة الاسلام الغزالي الذي لا ينكر دوره في خدمة الشريعة الاسلامية على نحو
عام والآراء الأشعرية على نحو خاص...., لقد توفي هذا العالم الجليل سنة (478هـ)
ودفن في نيسابور ([64]).
5 - حجة الاسلام أبو حامد الغزالي:
... هو محمد بن محمد بن أحمد أبو حامد
الغزالي الملقب حجة الاسلام زين الدين الطوسي ([65])
, ولد بطوس سنة (450هـ) لأسرة فقيرة كان والده يغزل الصوف([66]).
... درس الغزالي على يد إمام الحرمين أبي
المعالي الجويني في المدرسة النظامية في نيسابور ، وكان الوزير نظام الملك قد بنى
النظامية في نيسابور والنظامية في بغداد، وكان الغزالي قد بدأ دراسته الفقهية في
مسقط رأسه طوس وفي جرجان ، لكن شهرة إمام الحرمين جذبته إلى النظامية التي كان
يرأسها الجويني، فجلس عنده لطلب العلم فدرس عليه الفقه وأصوله والجدل والمنطق
والفلسفة، وكان إمام الحرمين معجباً بفطانته وحكمته وذكائه وإتساع علمه فكان يقول
عنه . بحر مغرق([67]).
لقد بلغت شهرة الغزالي ومكانته العلمية في
العالم الاسلامي أوجها ووصل الرجل أقصى ما يصل اليه عالم في ذلك العصر من السمو
والرئاسة وأقبل اليه الطلبة من الافاق وخضع له العلماء والامراء والوزراء، وبقي في
عاصمة العالم الاسلامي يدرس ويفيد ويؤلف وكان في ذلك عالماً ومتعلماً يحرص على
الافادة ونشر العلم([68]).
وقد نجح الامام الغزالي في استخدام العقل في
اثبات العقائد وفي مجال التأويل وكذلك في مجال الدفاع عن العقيدة والرد على الخصوم
وهذا مانجده واضحاً من خلال ما تركه لنا من مؤلفات قيمة جداً ولعل من أهمها: قواعد
العقائد ، فيصل التفرقة ، القسطاس المستقيم، تهافت الفلاسفة، وأحياء علوم الدين.
أما وفاته فقد كانت يوم الاثنين الرابع عشر من جمادي الآخرة سنة (505هـ) ودفن بطوس([69]).
6 – الإمام فخر الدين الرازي:
الإمام فخر الدين الرازي العلامة أبو عبدالله
محمد بن عمر بن حسين القرشي الطبرستاني الأصل الشافعي المفسر المتكلم([70]).
تربى الرازي في بيت علم، وكان والده الشيخ
ضياء الدين خطيباً وعالم الري خير مؤثر في تكوين شخصية ولده العلمية والثقافية،
فقد ساعدهُ في تحصيل شتى العلوم، وكان أول أمره فقيراً، ثم فتحت عليه الأرزاق،
وانتشر إسمه، وبُعد صيته، وكان من أهل الدين والتصوف، وكان واعظاً ماهراً
باللسانين العربي والفارسي، ترك الري وتوجه إلى خوارزم، فجرت بينه وبين المعتزلة
مناظرات أدت إلى خروجه منها - وهذا دلالة على انتشار افكار المعتزلة ورجالها في
خوارزم - ، ثم قصد بلاد ماوراء النهر ، فجرت له أشياء مثل ماجرى بخوارزم، فعاد إلى
الري، كما ذُكر انه أقام بهراة، وكان يلقُب بها شيخ الاسلام ، وكان شديد الردّ على
الحشوية ([71]).
... للامام فخر الدين الرازي مصنفات كثيرة في
مختلف العلوم والفنون يذكر أنها زادت على تسعين مصنفاً في كل من التفسير، وعلم
الكلام ، وفي الحكمة، والعلوم الفلسفية ، وفي العلوم والاداب العربية، وفي الفقه
وأصوله، وفي الطب ، وفي الطلسمات والعلوم الهندسية، وفي التأريخ .
ومن تصانيفه في علم الكلام (أساس التقديس) و
(الأربعين في اصول الدين) و(محصل افكار المتقدمين والمتأخرين) و (إعتقادات فرق
المسلمين والمشركين)([72]).
أما وفاته فقد كانت سنة (606هـ)([73]).
هؤلاء بعض أئمة المذهب الأشعري وهم كثر , لهم
دورهم في نصرة الشريعة والذب عنها , ونصرة مذهبهم والدفاع عنه .
المبحث الثاني : دورهم في الدفاع عن الإسلام:
تمثل دور الأشاعرة في الدفاع عن الاسلام في
جبهتين:
1 - الجبهة الداخلية وكان على رأسها المعتزلة
والحشوية.
2 - الجبهة الخارجية وتمثلت في الردّ على بعض
الفرق الخارجة على التوحيد أو المنكرة للنبوات والردّ على الفلاسفة.
اولاً : ... الجبهة الداخلية :
... ظهر الأشاعرة في فترة خصبة جداً لابل
أخصب وانضج فترة من تأريخ الفكر الاسلامي، وسط تنوع أفكار المدارس وآرائها، ولعل
الذي كان يشغل الرأي العام منها أفكار المعتزلة الذين اسرفوا بعض الشيء في
الاعتماد على العقل، وذهبوا إلى نفي الصفات بسبب تأثرهم بالفكر اللاهوتي النصراني،
فجاء فكرهم معبراً عن ردة الفعل حتى لا يقعوا بالقول بإثبات ذوات متعددة قديمة كما
قالت النصارى في الأب والابن وروح القدس. بينما ذهب الطرف الاخر ضدهم (ضد
المعتزلة) أي بالاتجاه المعاكس، فألغوا دور العقل وغلبوا النقل وجعلوا العقل
اسيراً للنقل ، حتى اثبتوا الصفات فجعلوا للخالق جسماً كالأجسام وهذه الصفات ترتبط
صورتها الذهنية بما تدل عليه النصوص دلالة مباشرة وهذه الفرقة يطلق عليها المجسمة أو
الحشوية ([74])
.
هو مذهب الاعتزال وبين الاثبات الذي هو مذهب
أهل التجسيم وناظر على قوله هذا واحتج لمذهبه فمال اليه جماعة وعولوا على رأيه([75]).
... معنى ذلك ان الأشعري أراد أن يسلك السلوك
الوسط من أجل التنزيه، وبما يمتلك من قدرة عالية على التفكير ومهارة وخبرة متراكمة
على النقاش اكتسبها من خلال الفترة الطويلة التي قضاها مع المعتزلة ، فأستخدم
منهجاً عقلياً مؤكداً بالنقل، فتمكن من ادراك العلل والغايات، والربط ما بين
الأدلة والآيات فادرك بان النفي يؤدي إلى تعطيل فاعلية العقيدة في حياة البشر،
وكذلك الاثبات المجسم يؤدي إلى تشويه عقيدة التوحيد.
... والذي يطلع على أسماء كتب الأشعري التي
ذكرها كل من ابن عساكر في تبيينه والسبكي في طبقاته، يجد أن هذه الكتب الفت للرد
على أقوال الفرق المعاصرة لزمن الأشعري، وهذا يبين دور المدرسة الاشعرية في الدفاع
عن الاسلام.
... فالاشاعرة اذاً (وضعوا السلاح الفلسفي
للمعتزلة في خدمة السنة
النبوية)([76])
، أي انهم لم يبتعدوا عن النقل كما فعل المعتزلة، ولم يبتعدوا عن العقل كابتعاد
الحشوية ([77]).
... من خلال ماتقدم يتضح ان للمدرسة الأشعرية
دور في الدفاع عن العقيدة الاسلامية على المستوى الداخلي تمثل في الرد على
المعتزلة والحشوية.
ثانياً : ... الجبهة الخارجية:
... تمثلت المواجهة الفكرية في هذه الجبهة
على ثلاثة اتجاهات:
الاتجاه الأول: ... الرد على الفرق الخارجة
على التوحيد والتي تمثلت في :
اولاً: ... القائلون بفعل الطبائع (أي ان
موجد هذا العالم هو الطبيعة)([78]).
ثانياً: المنجمون (والذين يذهبون إلى ان يكون
صانع هذا العالم ومصوره، ومدبره ونافعه، وضاره ومبتليه: الافلاك السبعة التي هي
الطوالع : الشمس والقمر والمريخ والمشتري وزحل وعطارد والزهرة ([79]).
ثالثاً: الثنوية: وهم الذين اثبتوا أصلين
للعالم هما النور والظلمة ، فالنور إله الخير، والظلمة إله الشر([80]).
رابعاً: المجوس : وهم فرقة من الثنوية إلا
أنهم زعموا أن الأصلين ليسا قديمين، بل النور وهو الإله أزلي، والظلمة وهي الشيطان
محدثة([81]).
خامساً: النصارى :
... ذهبت النصارى إلى ان الباري - سبحانه
وتعالى - عن قولهم جوهر، وأنه ثالث ثلاثة، وعنوا بكونه جوهراً أنه أصل للاقانيم ،
والاقانيم عندهم ثلاثة: الوجود ، والحياة، والعلم ، ثم يعبرون عن الوجود بالأب ،
وعن العلم بالكلمة ، وقد يسمونه إبناً، ويعبرون عن الحياة بروح القدس. ثم زعموا أن
الكلمة إتحدت بالمسيح، وتدرعت بالناسوت منه، وإختلفت مذاهبهم في تدرع اللاهوت
بالناسوت، فزعم بعضهم أن المعني به حلول الكلمة جسد المسيح، كما يحل العرض محله،
وذهبت الروم إلى ان الكلمة مازجت جسد المسيح، وخالطته مخالطة الخمر اللبن.
... وقد رد علماء المدرسة الأشعرية على هذه
الفرق التي خرجت عن التوحيد ولعل أول من انبرى لهذه المهمة القاضي ابو بكر
الباقلاني وذلك من خلال كتابه الموسوم (بالتمهيد في الرد على الملاحدة والمعطلة ،
فقد بين خطأ مقالتهم ووضح تناقض أدلتهم، اذ ناقشهم باسلوب علمي مبني على تقصي
الأدلة المنطقية([82]).
الاتجاه الثاني: ... تمثل في الرد على من
أنكر نبوة سيدنا محمد
- عليه الصلاة والسلام - ، وطعن فيها من
المجوس والصابئة والنصارى واليهود.
الاتجاه الثالث: ... وقد تمثل في الرد على
الفلاسفة .
... تصدى لهذه المهمة حجة الاسلام أبو حامد
الغزالي حاملاً راية الجهاد والدفاع عن العقيدة، فكان جل اهتمامه الرد على
الفلاسفة واظهار تهافت وتناقض مقالاتهم فيما ذهبوا اليه وذلك في مسائل ثلاث وهي:
1- قولهم بقدم العالم (والذي يؤدي إلى تعدد
القدماء).
2- قولهم ان الله - تعالى عن قولهم - لايعلم
الجزيئات المنقسمة بانقسام الزمان إلى الكائن، وما كان ، وما يكون.
3- إنكارهم للبعث والحشر الجسمانيين.
من خلال كل ما تقدم نستنتج ان للأشاعرة دوراً
مهماً وعظيماً في الدفاع عن العقيدة الاسلامية، وقد توزع هذا الدور على جبهتين
جبهة داخلية، وجبهة خارجية، وانهم بجانب الفرق الاسلامية الأخرى كالمعتزلة
والامامية قد شكلوا جداراً قوياً وجعلوا من الاسلام قلعة حصينة تقف بوجه كل من
أراد أو حاول ان يخترقها([83]).
والخلاصة : أن المدرسة الأشعرية بأئمتها ,
أسهموا إسهاما كبيرا في خدمة الإسلام والمسلمين , وكرسوا فكرهم , وأوقفوا أوقاتهم
للدفاع عن العقيدة الإسلامية بعيدا عن الغلو والجمود .
[1] - تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 11/346 ,
وفيات الأعيان لابن خلكان 3/284 .
[2] - وفيات الأعيان 3/285 .
[3] - تاريخ بغداد 11/346.
[4] - أبو الحسن الأشعري حماد بن محمد الأنصاري ص
: 2 , وتاريخ بغداد 11/346.
[5] - الفكر التربوي العربي الاسلامي لدى مدرستي
المعتزلة والاشاعرة - دراسة مقارنة , اطروحة تقدم بها: صالح نهير راهي الموسوي إلى
مجلس: كلية التربية / ابن رشد في جامعة بغداد , وهي جزء من متطلبات نيل: درجة
دكتوراه فلسفة في التربية / الفلسفة التربوية , باشراف الاستاذ المساعد الدكتور:
مقداد اسماعيل الدباغ , 1426هـ - 2005م ص : 11 .
[6] - المرجع السابق ص : 12.
[7] - وفيات الأعيان 3/285 , والمعجب: طبعة العريان والعلمي 270 - 274
وصفة جزيرة الأندلس 189 - 191.
[8] - موسوعة الأعلام 1/165 .
[9] - الاعلام للزركلي 4/263.
[10] - أبو علي الجبائي هو : أبو علي محمد بن عبد
الوهاب بن سلام بن خالد بن جمران بن أبان، مولى عثمان بن عفان، رضي الله عنه،
المعروف بالجبائي أحد أئمة المعتزلة؛ كان إماما في علم الكلام، وأخذ هذا العلم عن
أبي يوسف يعقوب بن عبد الله الشحام البصري رئيس المعتزلة بالبصرة في عصره، وله في
مذهب الاعتزاك مقالات مشهورة، وعنه أخذ الشيخ أبو الحسن الأشعري شيخ السنة علم
الكلام , وكانت ولادة الجبائي في سنة خمس وثلاثين ومائتين. وتوفي في شعبان سنة
ثلاث وثلثمائة، رحمه الله تعالى.(وفيات الأعيان لابن خلكان 4/269)
[11] - شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي 2/303 .
[12] - طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 3/347 , ط : هجر للطباعة والنشر والتوزيع - 1413هـ , الطبعة
: الثانية.
[13] - تبيين كذب المفتري لابن
عساكر ,ص : 28 .
[14] - تبيين كذب المفترى لابن عساكر , ص : 152 .
[15] - تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام أبي
الحسن الأشعري لابن عساكر ,ص : 171 , ط : دار الكتاب
العربي – بيروت – 1404هـ .( ونسب الأبيات إلى القاضي الإمام أبي الحسن
هبة الله بن عبد الله السيبي).
[16] - الاعتقاد والهداية إلى سبيل
الرشاد , للبيهقي , باب : القول في القرآن , ص : 108 , ط : دار الآفاق الجديدة - بيروت
الطبعة الأولى ، 1401هـ , تحقيق : أحمد عصام
الكاتب.
[17] - العلو للعلي الغفار لأبي عبدالله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز
الذهبي,ص : 218 , 219 ط : مكتبة أضواء السلف - الرياض , الطبعة الأولى ، 1995, تحقيق : أبو محمد أشرف
بن عبدالمقصود
[18] - الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب
لإبراهيم بن علي بن محمد، ابن فرحون، برهان الدين اليعمري (المتوفى: 799هـ) ,
2/95 تحقيق وتعليق: الدكتور محمد الأحمدي
أبو النور , ط: دار التراث للطبع والنشر، القاهرة
[19] - شذرات الذهب لابن العماد
الحنبلي 2/303 .
[20] - إتحاف السادة المتقين بشرح أسرار إحياء علوم
الدين للزبيدي 2/2 .
[21] - رسالة في الذب عن أبي الحسن
الأشعري للقاسم عبدالملك بن عيسى بن درباس الشافعي ,ص :5.
[22] - المقالات والفرق للقمي , ص:
4, 5.
[23] 0 فرق الشيعة للنوبختي , ص : 5 , ط : المطبعة
الحيدرية – النجف.
[24] - الملل والنحل للشهرستاني
1/32.
[25] - رسائل العدل والتوحيد
للزيدي ص : 2 , ط : المكتبة المصرية , ط1.
[26] - الانتصار والرد على بن
الرواندي للخياط ,ص : 164 , ط : دار الكتب
المصرية (بتصرف)
[27] - نظرة جديدة إلى التراث لمحمد عمارة ,ص : 43
ط : المؤسسة العربية للدراسات والنشر –
بيروت – لبنان.
[28] - الانتصار للخياط ,ص :126.
[29] - تاريخ المذاهب الاسلامية
لأبي زهرة ,ص : 159 , ط : دار الكتب الفكر العربي – بيروت - لبنان.
[30] - مفتاح السعادة لابن القيم
الجوزية ,ص : 148 , ط : دار الكتب العلمية – بيروت.
[31] - الباقلاني وآراؤه الكلامية لمحمد
رمضان ,ص :75 , ط : مطبعة الأمة – بغداد.
[32] - التبيين لابن عساكر ص :35 .
[33] - المرجع السابق , ص : 42 , 43 .
[34] - مذاهب الإسلاميين للدكتور
عبد الرحمن بدوي 1/179 .
[35] - الفكر التربوي لدى مدرستي الاشاعرة
والمعتزلة 13 : 15.
[36] - وفيات الأعيان لابن خلكان 3/285 .
[37] - التبيين لابن عساكر ص: 40 ,
وأبو الحسن الأشعري لحماد الأنصاري ,ص :61.
[38] - أبو الحسن الأشعري لحماد الأنصاري ,ص :6.
[39] - وفيات الأعيان 2/446.
[40] - البداية والنهاية لابن كثير 11/187 .
[41] - العلو للعلي الغفار للذهبي , ص : 222.
[42] - طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 2/246 .
[43] - الديباج المذهب في أعيان المذهب برهان
الدين إبراهيم بن علي بن محمد بن فرحون اليعمري المدني المالكي , ص : 193 .
[44] - إتحاف السادة المتقين بشرح أسرار احياء
علوم الدين للزبيدي 2/3.
[45] - الفكر التربوي لدى مدرستي
المعتزلة والأشاعرة , ص : 15.
[46] - رجال الفكر والدعوة لأبي
الحسن الندوي , ص : 32 ط : مطبعة جامعة – دمشق .
[47] - مقدمة بن خلدون , ص : 464 ,
ط : دار الكشاف –بيروت – لبنان.
[48] - مذاهب الإسلاميين عبد
الرحمن بدوي , ص : 23 , ط : دار العلم للملايين – بيروت.
[49] - سير أعلام النبلاء للذهبي 11/236 ، ط 9 ،
بيروت ، مؤسسة الرسالة ، 1413 هـ .
[50] - أبو العز الحنفي : شرح العقيدة الطحاوية . حققه
نخبة من العلماء، ط9 ، بيروت ، المكتب الإسلامي ، وحسن خان القنوجي: قطف الثمر في
بيان عقيدة أهل الأثر . ، ط2 ، الجزائر ، دار الإمام مالك ، 1414 هـ .
[51] - الأزمة العقيدية بين الأشاعرة وأهل الحديث
- خلال القرنين:5-6 الهجريين , مظاهرها ، آثارها ، أسبابها ، والحلول المقترحة لها
, للدكتور: خالد كبير علال , ص : 3 , ط: دار الإمام مالك الطبعة الأولي -البليّدة
-الجزائر- -1426هـ/2005م.
[52] - الإبانة عن أصول الديانة للإمام أبي الحسن علي
بن إسماعيل بن إسحاق بن سالم بن إسماعيل بن عبد الله بن موسى بن أبي بردة بن أبي
موسى الأشعري (المتوفى: 324هـ) , تحقيق: د. فوقية حسين محمود ص : 34, ط : دار
الأنصار – القاهرة - الطبعة: الأولى، 1397هـ.
[53] - وفيات الأعيان لابن خلكان 4/269.
[54] - الأعلام للزركلي 7/46 .
[55] - وفيات الأعيان لابن خلكان 4/269.
[56] - الكامل في التاريخ لابن الأثير 2/269 .ط :
المطبعة المنبرية – القاهرة.
[57] - وفيات الأعيان 4/272.
[58] - وفيات العيان لابن خلكان
1/28.
[59] - تبيين كذب
المفتري لابن عساكر ,ص : 193.
[60] - وفيات الأعيان 3/203.
[61] - المرجع السابق ,3/167 .
[62] - طبقات الشافعية الكبرى
للسبكي 5/170 , 171 .
[63] - مقدمة بن خلدون , ص : 465.
[64] - وفيات الأعيان 3/170.
[65] - وفيات الأعيان 4/216 .
[66] - طبقات السبكي 6/191.
[67] - المرجع السابق
[68] - رجال الفكر والدعوة للندوي , ص: 160.
[69] - الطبقات للسبكي 6/201.
[70] - شذرات الذهب لابن العماد
5/21 .
[71] - الطبقات الكبرى للسبكي 8/86
, 87.
[72] - المرجع السابق
[73] - وفيات العيان 4/252.
[74] - علاقة صفات الله بذاته لراجح عبد الحميد الكردي , ص : 182 : 185.
[75] - خطط المقريزي (كتاب المواعظ والاعتبار بذكر الخطط
والآثار) للمقريزي 2/ 359، ط: طبعة دار التحرير - القاهرة.
[76] - تاريخ الأدب العربي، لكارل بروكلمان 4/38 , نقله إلى العربية، د. عبدالحليم النجار، مصر ،ط
: دار المعارف.
[77] - الباقلاني لمحمد
رمضان , ص : 95.
[78] - التمهيد في الرد على الملحدة والمعطلة للباقلاني، ص :34,
تحقيق ريتشارد يوسف مكارثي ، ط : المكتبة الشرقية -بيروت.
[79] - المرجع السابق , ص : 48.
[80] - المرجع السابق , ص : 60 .
[81] - المرجع السابق , ص : 70 .
[82] - الفكر التربوي , ص : 31.
[83] - الفكر التربوي عند الأشاعرة والمعتزلة , ص
: 720..(بتصرف).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق