المرأة في المغرب
بين دولتي المرابطين والموحدين
إعداد / عاطف أحمد أبو زيتحار
المقدمة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله –
صلى الله عليه وسلم – , وعلى آل بيته الأطهار , وعلى أصحابه الأخيار .
وبعد
فإن المرأة بالنسبة للرجل قسيمة
الحياة ،
ومباءة الشكاه، وعماد الأمر، وعتاد البيت ، ومهبط النجوى، وهي آية الله ومنته
ورحمته .
يقول ربنا – سبحانه وتعالى :" وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ
أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً
وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"([1]).
يكابد الرجل طيلة يومه , ويكد ويتعب من أجل
تحصيل لقمة عيشه , ثم يعود فيجد وزير الصدق في استقباله بعواطف فياضة يتجلى بها
قلبها الخفاق , وكلماتها الرقيقة , وبسماتها الحانية , وصفاء قلبها الرقراق , تُظهر
له وفاءها , ووَلاءها، وحنانها , وإحسانها، وتسليتها , ونقاء سريرتها...، وما إلى
ذلك مما يقيم مائل الحياة، ويلم صدعات الحوادث .., فتمسح وتزيل عنه ما علق بقلبه
وبدنه من عنت ومشقة .
لقد ريع النبي – صلى الله عليه وسلم – في غار
حراء مع بدء الوحي , لرويته مشهداً لم يألفه من قبل , وملكه الفزع منه , فلم يجد -
وهو صفي الله وصفوتهُ من خلقه - من يُسرى روعه , ويخفف عنه , ويَشُدُّ قلبه , إلا
زوجه خديجة –رضي الله عنها – أخرج الإمام البخاري بسنده عن عائشة أم المؤمنين –
رضي الله عنها- أنها قالت :أول ما بدئ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من
الوحي الرؤيا الصالحة في النوم , فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح , ثم
حبب إليه الخلاء , وكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه - وهو التعبد - الليالي ذوات
العدد قبل أن ينزع إلى أهله ويتزود لذلك , ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها , حتى
جاءه الحق وهو في غار حراء فجاءه الملك فقال : اقرأ قال:" ما أنا بقارىء "
, قال:" فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني" , فقال: اقرأ , قلت:"
ما أنا بقارئ , فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني", فقال:
اقرأ , فقلت :"ما أنا بقارئ ,فأخذني فغطني الثالثة ثم أرسلني", فقال :
"اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ
وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ
يَعْلَمْ " ([2])
. فرجع بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرجف فؤاده , فدخل على خديجة بنت
خويلد - رضي الله عنها – فقال:" زملوني زملوني" , فزملوه حتى ذهب عنه
الروع , فقال لخديجة –رضي الله عنها - وأخبرها الخبر: " لقد خشيت على نفسي "
, فقالت خديجة – رضي الله عنها - : كلا والله ما يخزيك الله أبدا , إنك لتصل الرحم
, وتحمل الكل , وتكسب المعدوم , وتقري الضيف , وتعين على نوائب الحق ..، فانطلقت
به خديجة – رضي الله عنها - حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ابن عم
خديجة –رضي الله عنها - , وكان امرءا تنصر في الجاهلية , وكان يكتب الكتاب
العبراني , فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب , وكان شيخا كبيراً
قد عمي , فقالت له خديجة – رضي الله عنها - : يا بن عم اسمع من ابن أخيك , فقال له
ورقة : يا بن أخي ماذا ترى ؟ , فأخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خبر ما
رأى , فقاله له ورقة :هذا الناموس الذي نزله الله به على موسى – عليه السلام - يا
ليتني فيها جذع ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك , فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-
:" أومخرجي هم ؟ , قال : نعم , لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي , وإن
يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا ... , ثم لم
ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي([3]).
ذلك قول المرأة التي آزرت نبي الله – صلى
الله عليه وسلم - ، وَوَاسَتْهُ بمالها وقلبها، وفرّجَت عنه مواطن محدقة مُطبقة , واحتملت
دونه خطوباً جمة فوادحَ، وكان قولها أنفذ في نشر دين الله من ألف سيف تنْتَضى في
سبيل الله..., إنه إلهام الوحي الذي نزل على لسانها ليكون برداً وسلاما على قلب
نبي الله – صلى الله عليه وسلم -
إن من رحمة الله – عز وجل - وكرمه ومنه على
عباده , أن منَّ عليهم وجعل لهم سكناً من أنفسهم , فما كان الله لِيَدَع الرجل تحت
أوقار الدهر, وأثقال الحياة، حتى يخلق له من نظام نفسه، من يذود عنه هموم نفسه،
ويحتمل دونه الكثير من شئونه، ويضيء له ما ظهر من شعاب العيش وظلم الخطوب.
إن المرأة بجوار كل ما سبق من فضل وكمال نفس
, وشرف عاطفة , تبلغ بأمومتها منزلة لم يبلغها الرجال , مهما ارتفع علمهم , وتقدمت
مكانتهم وولايتهم وقوامتهم , فبأمومتها تنزل المرأة عن حقها من الوجود لمن فصل عن
لحمها ودمها تسهر لينام ، وتظمئ ليروى، وتحتمل الألم والمرض - راضية مغتبطة -
لتذيقه طعم الدعة، وتنشيه نسيم النعيم..., تلك هي التضحية بالنفس بلغت بها الأمومة
غايتها..., والجود بالنفس أقصى غاية الجود .. أخرج الطبراني في الأوسط من حديث أنس
بن مالك – رضي الله عنه – أن سلامة حاضنة إبراهيم بن النبي - صلى الله عليه وسلم-
قالت: يا رسول الله تبشر الرجال بكل خير ولا تبشر النساء , قال :"أصحابك
دسسنك لهذا ؟ ", قالت: أجل , هن أمرنني, قال:" أفما ترضى إحداكن أنها
إذا كانت حاملا من زوجها وهو عنها راض , أن لها مثل أجر الصائم القائم في سبيل
الله , فإذا أصابها الطلق لم يعلم أهل السماء وأهل الأرض ما أخفي لها من قرة أعين ,
فإذا وضعت لم يخرج منها جرعة من لبنها ولم يمص مصة إلا كان لها بكل جرعة وبكل مصة
حسنة , فإن أسهرها ليلة كان لها مثل أجر سبعين رقبة تعتقهن في سبيل الله , سلامة
تدري لمن أعني بهذا للمتمتعات الصالحات المطيعات لأزواجهن اللواتي لا يكفرن العشير"([4]).
وفي سبيل ذلك يقول حَّطانُ بن المعلَّى([5]):
لولا بُنَيَّات كزُغْب القطا ... ردُدن من
بعض إلى بعض
لكان لي مُضْطَرَب واسع ... في الأرض ذات
الطول والعرض
وإنما أولادنا بيننا ... أكبادنا تمشي على
الأرض
لو هبت الريح على بعضهم ... لامتنعت عيني عن
الغمض([6])
ولقد قرأت موقف بطولة لإحدى النساء اللواتي
ضحين بأنفسهن من أجل انقاذ حياة أبنائهن , (وهو موقف يقف دونه الرجل عانَىِ الوجوه نادِىَ الجبين
, (ففي صيف 1329هـ كانت إحدى بواخر النيل تحمل العابرين غادية رائحة بين كفر
الزيات ودسوق.. وفي ذات مرة أخرج الرُّبان صدرها بمن احتملهم من قصاد المولد
الدسوقي، فقذفها بضعفي ما تحمل.
سارت البواخر متعثرة تتحامل على نفسها وتضطرب
في خطاها فما كادت تنكشف إلى عرض النيل قليلاً حتى آدها حملها، فانبتَّ عِقدها،
وانحلت عُقدتها ومالت على نفسها، وتدفق الماء من منافذها..., هنالك خرج الناس عن
عقولهم، وتملكهم الفزع الأكبر، وظنوا أنهم أحيط بهم، فأخذوا يتدافعون على صدر
النيل علَّهم يلقون يداً تدفعهم أو ترفعهم.....؛ بين هذا الحفل المتماوج المتدافع
تقطعت الأنساب ، فلا أب ولا أم ولا زوج ولا ولد... "لكل امرئ منهم لِكُلِّ امْرِئٍ
مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ"([7])...
؛ وفي ذلك الموطن الذي دارت عليه كؤوس الموت مُترعة ظهرت امرأة لا تتلمس الشاطئ
كما يتلمسون، ولا تُلَوَّح بيدها كما تلوحون بل كان كن شُغلها والموج يرفعها
ويخفضها والموت يقبضها ويبسطها: أن نزعت خمارها، وأدرجت فيه ولدها، ثم لوحت به إلى
زوجها، وقذفته على صفحة الماء مترافقة إليه وصاحت به متهدجة قائلة : خذ يا فلان
فذلك وصيتي إليك. . . , قالت ذلك ثم غاصت بين طيات الماء بعد ان أسلمت وديعتها
وأبرأت إلى الله نفسها. . ., إلى تلك المنزلة السامية رفع الله المرأة ليكل إليها
أشرف منازل الحياة: منزلة التربية والتعليم، منزلة الأستاذ الذي لا يمحو علمه، ولا
ينسخ آيته أستاذ سواه، بل كل سائر على سنته، ومستنبع طريقه([8]).
لقد كان من سنن اليونان أيام سقراط وأفلاطون
ومن لفَّ لفهما أن يقف الرجل خاشعاً حاسراً الرأس إذا مرت به حامل , وما كان ذلك
لمظهر جثماني فليس في ذلك ما يدعو إلى الهيبة والخشوع، بل ذلك لما مهد الله لها من
عمل روحي ملكّي مقدّس([9]).
إن المرأة ليست باْلَخلْق الضعيف. فإن من
احتمل ما احتملته في ظلمات التاريخ من عنت الدهر، وعسف الأب، وصَلَف الزوج، إلى
وَقْر اَلحْمل، وألم المخاض وسُهد الأمومة - راضياً مطمئناً - لا يكون ضعيفا...؛ وليست
بالخلق الحقير...؛ فإن من وكَلَهُ الله بابتناء الكون وإنشاء الأمة لا يكون
حقيراً...؛ ألا إنما المرأة دعامة الكون لا يزال ناهضاً مكيناً ما نهضت به. فإن
وَهَنَتْ دونه، وتخاذلت عنه، تهاوت عمده، وتصاعدت جوانبه.
ولقد فتح المعز لدين الله ما يلي أفريقية حتى
البحر المحيط، ثم أخذ يرنو إلى مصر واجماً متهيباً فلم يزال ذلك أمره حتى قال
قائل: إن نساء قصر الإخشيد أغرقن في الترف واستهن بالفضيلة. . . فما لبث أن قال:
اليوم فتحت مصر. . .([10]).
لقد أعطى الإسلام المرأة وأولاها عناية خاصة
, وأفرد لها حديثاً مطولاً في مصدريه – القرآن , والسنة - , وذلك لانتشالها مما
كانت فيه من ظلم البعض وعنتهم , ولواذعهم , وأشواكهم في المشرق والمغرب على السواء
, فهي الأمة المستعبدة الذليلة , وهي الموءودة المقتولة بسبب أنوثتها , ولولا هذه
الهنات تجاهها , فإنا واجدوا العرب من وراء ذلك يكادون يذوبون عطفاً وحناناً على
بناتهم، فهم ينزلون عما ملكت أيمانهم إغلاء لهن وإيثاراً للعز والنعمة والدلال
فيهن..., في المشرق كانت أو في المغرب .. , ولعلني في هذا المبحث الموجز , المخطوط
على عجالة أسلط الضوء على مكان نزلت به , أو أناس حلوا بجوارها , فغيروا حالها من
سيء إلى حسن .. , أو العكس , ولأكشف عن وهن التعامل معها أو فتوره في فترات
التاريخ وحقبه , أو قوته وعنفوانه..
إن الدراسة البحثية في التاريخ الإسلامي ,
فيما يخص المغرب العربي ودوله قبل الفتح الإسلامي وبعده لها مذاق خاص , وخصوصا لمن
يقطن المشرق الإسلامي .., وذلك لفوائده الجمة , ومكتسباته العظيمة في كافة جوانب
الممارسات العلمية في المجال التاريخي ..
ومما
يزيد ويرفع درجة الالحاح لدراسة حقب التاريخ المختلفة , ما نلمسه من رغبة بين
الباحثين من الشباب في المشرق والمغرب حول وجود رغبة في التجديد , والتوجه نحو
إبراز جوانب الالتقاء في سائر الجوانب الحياتية , وقراءة النصوص التاريخية بفقه
عصري متجرد يسمى بفقه المرايا المكسورة لا المصقولة... ، وتجريد القراءات
التاريخية للمستشرقين مما علق بها من تحسين لصورة الاستعمار , وإضفاء صبغة
المشروعية عليه..
ولذلك جاء هذا البحث بطلب من شيخي وأستاذي
الأستاذ الدكتور أحمد الجمال المتخصص في دراسة تاريخ المغرب العربي , ليبرز
المواقف البطولة من صنع المرأة المغربية في كثير من جوانب الحياة ..، ولعلني فيه
أصيب وأخطيء , فإن كان من إصابة فمن توفيق الله , وإن كان من خطأ فمن نفسي .. ,
وأدعو الله أن يغفر لي تقصيري , وأن يبارك لي في شيخي وأستاذي , وأن يمد في عمره ,
وأن ينفعنا بعلمه ..
الفصل الأول : الفصل التمهيدي
ويشتمل على المباحث الآتية :
المبحث الأول : التعريف بالمغرب والفتح
الإسلامي له.
المبحث الثاني : التعريف بدولة المرابطين .
المبحث الثالث : التعريف بدولة الموحدين.
المبحث الأول : التعريف بالمغرب والفتح
الإسلامي له
المغرب دولة عربية إسلامية تقع في أقصى شمال غربي
إفريقيا, وقد فتح عقبة بن نافع المغرب الأقصى سنة 62هـ، 681م، لكن فتحه النهائي كان
على يد موسى بن نصير سنة 88هـ، 707م، واستمر قطراً من أقطار إفريقية إلى سنة 172هـ،
788م يديره حكام تابعون لولاة القيروان, وقد شهد المغرب الأقصى فيما بعد ظهور أسر حاكمة
وقيام دول، لكنه ظل مرتبطًا بعموم بلاد المغرب العربي إلى نهاية القرن التاسع الهجري
(نهاية القرن الخامس عشر الميلادي) لأن معظم الأسر الحاكمة به وبإفريقية كانت ترنو
لمد سلطانها على كامل بلاد المغرب العربي, ولم ينفصل المغرب الأقصى بشؤونه تمامًا إلا
عندما فشلت مساعي العثمانيين في ضم الدولة السعدية، وذلك بعد منتصف القرن الحادي عشر
الهجري (منتصف القرن السادس عشر الميلادي).
لقد شهدت منطقة غرب إفريقية بعد الفتح
الإسلامي تقلبات سياسية واجتماعية وفتنا خارجية وانتفاضات متعددة كان لها كبير
الأثر في الحياة العلمية ، والاجتماعية , والسياسية , والحربية ...., وسوف أتحدث
عن ذلك بإيجاز .
أولا : عصر الولاة ( 96هـ _ 184هـ )(1)وقيام
دولة الأدارسة الأولى في المغرب الأقصى :
ويطلق عصر الولاة على فترة ما بين انتهاء زمن
الفتح وحتى قيام الدولة الأغلبية ، وكان حكام هذه الفترة لمنطقة المغرب والأندلس
يعينون من قبل الخليفة إلى أن استقل بالأندلس عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد
الملك سنة 137هـ ([11]).
وامتازت بداية هذا العصر بالترابط بين العرب
وإخوانهم البربر المسلمين الذين أقبلوا في شغف على تعلم الدين الجديد ، وانضموا
إلى الجيش الإسلامي وحدثت بينهم المصاهرات ، وكثر بناء المساجد والكتاتيب في سائر
بلاد إفريقية ، وأخذ أهل مدنها يقلدون العاصمة الإسلامية حتى في طرازها المعماري ،
وانتشرت الثقافة الإسلامية بين البربر ولا غرابة في كل هذا فإن أول الولاة وهو
محمد بن يزيد القرشي (96هـ _ 99هـ ) قد استقر في إفريقية بأحسن سيرة وأعدلها ،
وكان يقسم ما يصيبه من غنائم على المسلمين من البربر والعرب على السواء , وكانت
ولا يته سنتين وأشهراً([12]).
ورحل في تلك الفترة خالد بن أبي عمران بمسائل
للمسلمين الأفارقة ليسأل عنها التابعين في المشرق فدون عن سالم بن عبدالله بن عمر
، والقاسم بن محمد بن أبي بكر وعن سليمان بن يسار كتابا كبيرا رواه أهل القيروان([13]).
ثم قدم إسماعيل بن أبي المهاجر (99هـ_101هـ)
واليا من قبل الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز ، فكان خير وال لخير أمير ، ومازال
حريصا على دعاء البربر إلى الإسلام فأسلم بقية البربر على يديه([14])،
وكان زاهدا متواضعا من كبار العباد فأقبل عليه البربر المسلمون يسمعون منه حديث
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويتعلمون ، وأرسل معه عمر بن عبد العزيز تسعة من
ثقات التابعين وعلمائهم([15])،
لتفقيه أهل إفريقية ونشر العلم في ربوعها ، وكانوا أهل علم وفضل اختط كل منهم دارا
بالقيروان ، وبنى مسجدا وكتابا لتعليم البربر وأبنائهم اللغة العربية ومبادىء
الإسلام ، وقد وصف كل منهم بأنه انتفع به أهل إفريقية وبث فيها علما كثيرا(.
وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عموم البربر كتبا
يدعوهم فيها إلى الإسلام فقرأها إسماعيل عليهم في النواحي فغلب الإسلام على
المغرب([16]).
لقد اندلعت بإفريقية والمغرب ثورات لا نهاية
لها ، ابتدأت سنة 122هـ وهي أول ثورة في إفريقية في الإسلام وتضافرت جهود الإباضية
والصفرية للإطاحة بحكومة القيروان ، وأصبح هم الخليفة بالمشرق القضاء على هذه
الثورات فكان يرسل الجيش تلو الآخر ، وقد ذكروا أن هذه الحروب منذ أن استعرت إلى
أن تم القضاء عليها ، في عهد يزيد بن حاتم سنة 156هـ بلغت 375 موقعة([17])
ذهب ضحيتها آلاف القتلى ، وقد شارك فيها العلماء مقاتلين وواعظين ، فقد استنجد
حنظلة بن صفوان بمن تبقى من بعثة عمر بن عبدالعزيز لما ثارت عليه الخوارج([18])
وقد دامت هذه الحروب أكثر من ثلاثين سنة تمكن الخوارج خلالها من الاستيلاء على
القيروان مرتين حيث استولى عليها الصفرية سنة 140هـ لمدة سنة وشهرين وربطوا دوابهم
في المسجد الجامع ، وقتلوا كل من كان فيها من قريش وعذبوا أهلها ثم وليها بعدهم الإباضية
لمدة سنتين([19])
.
بعض الدول الحاكمة للمغرب :
دولة الأدارسة (172 - 364هـ، 788 - 974م)
أسسها إدريس بن عبدالله، من أحفاد الحسن بن علي
ابن أبي طالب، كان قد التحق بالمغرب الأقصى بعد نجاته من واقعة فخ سنة 169هـ، 785م,
وهناك التفّت حوله بعض القبائل فأعلن إمارة شيعية مستقلة عن القيروان سنة 172هـ, ويُعدّ
ابنه إدريس الثاني (193 - 214هـ) المؤسس الحقيقي لهذه الدولة ولعاصمتها فاس, وقد انقسمت
بعده بين أبنائه العشرة ثم استعادت وحدتها في عهد الأمير يحيى (221 - 234هـ) لتنقسم
بعده، فبقيت كذلك إلى أن استولى الفاطميون على المغرب الأقصى سنة 310هـ، 921م, وقضى
الأمويون بالأندلس على ما بقي من أثر الأدارسة في الجبال المتاخمة لطنجة سنة 364هـ،
974م, وقد كان لدولة الأدارسة دور في نشر الإسلام واللغة العربية بين قبائل البربر
بالمغرب الأقصى([20]).
يقول الدكتور الطرهوني : وفي تلك الحقبة فر
إدريس بن عبد الله بن حسن بن الحسن بن علي إلى مصر بعد معركة فخ ، التي دارت بين
آل البيت وبين العباسيين ومعه مولاه راشد ، ثم توجه إلى المغرب ، فدخل القيروان ثم
تلمسان ثم توجه إلى طنجة ، ثم رجعا إلى أوليلي سنة 172هـ ، حيث استقبلته قبيلة أوزنة
بالحفاوة والترحيب لما عرفهم بنفسه وعلى رأسها أميرها عبدالحميد الأوربي المعتزلي
فبايعوا جميعا إدريس بن عبد الله وخلع عبدالحميد طاعة بني العباس ، والتفت حوله
قبائل البربر من صنهاجة ولمتونة والملثمون في إقليم شنقيط وانضمت إليه قبائل زناتة
وزواغة ولمايه ولواتة وسدراته وغياثه ومكناسة وغيرها ، ولما استوثق له الأمر زحف
على القبائل التي لم تعترف به وعلى اليهود والنصارى والمجوس فأسلموا على يديه ثم
اتجه إلى الشرق وغزا تلمسان وقبائل مغراوة فبايعته ثم عاد إلى أوليلي([21])فدبر
له الرشيد مكيدة لقتله وأرسل له سليمان بن جرير الذي تمكن من التقرب إليه وسمَّه([22]).
ولم يخلف إدريس إلا جاريته كنزة وهي حامل
فانتظروا ولادها فأنجبت إدريس الثاني فربوه وعلموه حتى بلغ الحادية عشرة فبويع له
سنة 186هـ وتم كل ذلك بمشورة راشد مولى إدريس الأول الذي عين وصيا على العرش وقد
جاء الناس لمبايعته من مختلف أصقاع المغرب بل ومن إفريقية أيضا([23]).
وفي المغرب الأوسط في هذه الفترة التي كثرت
فيها الفتن لم تجد حكومة الخلافة بدا من أن تعهد بحكم البلاد لعائلة من عرب
إفريقية تكفيهم مؤونة تلك الفتن التي طالما شغلتهم ، ويكون لها حرية التصرف داخل
البلاد مع التبعية لدولة الخلافة فكان أن كلف الرشيد بهذه المهمة إبراهيم بن
الأغلب بن سالم التميمي الذي كان يتمتع بشجاعة نادرة ، وثقافة عالية بالإضافة إلى
معرفته بشؤون إفريقية فإن أباه الأغلب قد تولى حكم القيروان (148هـ _150هـ ) كما
كان هو عاملا على الزاب.
لقد دامت الدولة الأغلبية بإفريقية مايزيد عن
قرن من الزمان ، يعتبر من أزهى عصور هذه البلاد في المجال العلمي ، وفي مجال
الحضارة والعمران والأمن والاستقرار وازدهرت الحياة الاقتصادية ازدهارا كبيرا خلا
ماكان في عهد إبراهيم ابن أحمد..., واستطاعت الدولة أن تتخلص من فتن الخوارج ، حيث
أسس الصفرية دولتهم (المدرارية) بسلجماسة (140هـ - 296هـ) وأسس الإباضية دولتهم
(الرستمية) بتيهرت الجديدة (161هـ - 297هـ) واهتمت كل من الدولتين بشؤونها
الداخلية ومالتا إلى السلامة غالبا إذا استثنينا بعض المحاولات الفاشلة التي لم
تشكل خطرا على الأغالبة([24]).
ثم قامت بعد ذلك دولة الأدارسة الثانية في
المغرب الأقصى - عصر الشيعة الإسماعيلية (296_362هـ) .
ينتمي العبيديون إلى الطائفة الإسماعيلية من
الرافضة ، وهم القائلون بإمامة
إسماعيل بعد أبيه جعفر الصادق رغم اتفاق أهل
التاريخ على وفاة إسماعيل في حياة أبيه ، ويعتبرون أن عبيد الله صاحب إفريقية رابع
أئمتهم المستورين.
ويلقبون بالباطنية والرافضة ويسمون الملاحدة
، لما في مقالاتهم من الإلحاد ، كما سموا بالمشارقة لقدومهم من المشرق وينتسب عبيد
الله أول ملوك هذه الطائفة إلى آل البيت زورا وبهتانا ، فالصحيح أنه دعي في نسبه ،
وأنه من ولد عبد الله بن ميمون القداح ، وقد كانت هذه الحقيقة شائعة في أول أمرهم
بإفريقية ومصر والحرمين بما لايدع مجالا للشك واللبس .
أما عن دعوتهم في المغرب فإنه لما وقعت
مطاردة الروافض في المشرق أخذوا يبثون دعاتهم في الأمصار البعيدة عن يد الخلافة ،
فكلفوا بأمر المغرب أحد دهاتهم المسمى أبو عبدالله الحسين بن أحمد بن محمد بن
زكرياء الصنعاني ، وقد تعلم طرق الدعوة في اليمن ثم اتصل بحجيج كتامة، فخدعهم
بالحديث عن حب آل البيت حتى ألحوا عليه في مصاحبتهم إلى بلادهم ، فأظهر التمنع
أولا ثم وافقهم بعد أن علم من أوضاع بلادهم ما شجعه وفي كتامة أظهر دعوته والتف
الناس حوله ، ووقعت بسببه فتن كاد يهلك فيها ، ثم قوي أمره وقصدته قبائل البربر من
كل فج ، فبدأ يحتل بلاد المغرب بلدا بلدا ، وفي أثناء ذلك دخل عبيدالله المغرب
متخفيا وعيون الخلافة تلاحقه حتى سجن في سجلماسة ، وبعد حروب دامت أكثر من خمس
سنوات تمكن أبو عبد الله من طرد الأغالبة ، ودخل القيروان سنة 296هـ ثم أخرج عبيد
الله من سجنه بسجلماسة ، ودخلا معا عاصمة إفريقية سنة 297هـ ، بعد أن استطاعا
القضاء على الدولة الرستمية الإباضية في المغرب الأوسط سنة 296هـ ، واستطاع
الباطنيون القضاء على دولة الأدارسة الأولى تماما في حدود سنة 319هـ ، والقضاء على
الدولة المدرارية الصفرية سنة 349هـ .
وبدأ عهد الاضطهاد الذي عاشه أهل السنة تحت
الاحتلال العبيدي ، وقد استمر حكم الإسماعيلية بإفريقية والمغرب ستا وثمانين سنة
كرسوا فيها كل جهودهم لإماتة السنة ونشر البدع ، ومنع العلم ، مستعملين في سبيل
ذلك أخس الوسائل فتعرض الناس في عهدهم لظلم عظيم وضيق شديد ، وكان علماء السنة من
قراء ومحدثين وفقهاء لهم بالمرصاد ، جاء في المعالم : جزى الله مشيخة القيروان
خيرا ، هذا يموت ، وهذا يضرب ، وهذا يسجن ، وهم صابرون لايفرون ولو فروا لكفرت
العامة دفعة واحدة ([25]).
المبحث الثاني : التعريف بدولة المرابطين
أصل الاسم , والانتساب:
1- تسمية الملثمين:
اشتهرتْ القبائل الصنهاجية فى التَّارِيخ
باسم المُلَثَّمين، وأصبح اللثام شعارًا عُرفوا به إلى أن تسمَّوا بالمرابطين،
ويرى بعض المؤرخين إن المُلَثَّمين ينتسبون إلى قبيلة لمتونة إحدى بطون صنهاجة,
وكانت لمتونة تتولى رئاسة سائر قبائل مسوفة، ومسراته، ومداسة, وجدالة، ولمطة،
وغيرها، ثم آلت الرئاسة إلى قبيلة جدالة على عهد الأمير يحيى بن إبراهيم الجدالي([26]).
ويبدو أن إطلاق اسم المُلَثَّمين فى بدايته
كان خاصًّا بقبيلة لمتونة ثم توسع وأصبح شعارًا لكل من حالف لمتونة ودخل تحت اسم
سيادتها.
2- سبب تسميتهم:
وأمَّا سبب تسميتهم فقد وردت أقوال كثيرة فى
سبب تسميتهم بذلك، منها: إن أجدادهم مِن حِمْيَر كانوا يتلثمون لشدة الحرِّ، ويذهب
إلى هذا الرأى مََن ظنَّ إن أصل قبائل صنهاجة يرجع إلى الهجرات القديمة من المشرق
لأسباب متعددة، منها اقتصادية, وسياسية.
ومنها: أنَّهم آمنوا بالرسول × وكانوا قلة
فاضطرُّوا للهرب لما غلبهم أهل الكفر فتلثَّمُوا بقصد التمويه، وقيل: إن طائفة
منهم أغارت على عدو لهم فخالفهم إلى مواطنهم وهى خالية إلا مِن النساء والأطفال
والشيوخ، فأمر الشيوخُ النساءَ بأن يرتدين لباسَ الحرب ويتلثَّمَنَ، ففر الأعداء
وهكذا اتخذوا اللثام سنة يلازمونه وارتقى عندهم إلى مستوى رفيع فى حياتهم وأعرافهم
ومما قيل فى اللثام:
قَوم لهم درك العلا فى حمير
وإن انتموا صنهاجة فهمُ همُ
لما حَوَوْا إحْرَازَ كُلَّ فضيلة
غلبَ الحياءُ عليهمُ فتلثَّموا([27]).
- موطن الملثمين:
سكن المُلَثَّمون الصحراء الكبرى الممتدة من
غدامس شرقًا إلى المحيط الأطلسى غربًا، ومِن جبال درن شمالاً إلى أواسط الصحراء
الكبرى جنوبًا.
ولم تكن هذه الأماكن والمواطن تجرى بها أنهار
دائمة, وكانت قليلة الأمطار وأحيانًا تُحبَسُ عنها الأمطار لسنوات عديدة؛ فيتعرض
سكانها للمجاعة فيرتحلون لطلب الماء والكلأ، فتفرقوا حول الواحات الصغيرة فى تلك
الصحارى الممتدة الأطراف، وكوَّنوا قرى بدائية تتماشى مع ظروف حياتهم الرعوية([28]).
(وقد بدأت دعوة المرابطين على يد الفقيه
المالكي عبد الله بن ياسين ، الذي وفد مع زعيم قبيلة جدالة الأمير يحيى بن إبراهيم
الجدالي إلى بلاد جدالة ، عندما عاد من الحج سنة 429هـ ، فلم يستطع نشر دعوته في
شنقيط لمعارضة الوجهاء والكبراء فانتقل إلى جزيرة منعزلة بالسنغال ومعه يحيى بن
إبراهيم وبعض أتباعه ، وأسس هناك رباطا بث منه دعوته وأرسل البعوث إلى القبائل
فالتف الناس حوله وسموا المرابطين بسبب ملازمتهم لهذا الرباط ، ثم أعلن لهم ضرورة
خروجهم لدعوة الناس وإخراجهم مما هم فيه من الطغيان ، فبدأ الكفاح المسلح وأخضع
عدة قبائل منها قبائل كدالة ولمتونة وكسوفة([29]).
وتعود دولة المرابطين في أصلها إلى حركة إصلاح
ديني ظهرت قبل منتصف القرن الخامس الهجري (منتصف القرن الحادي عشر الميلادي) في صحراء
جنوب المغرب الأقصى بمبادرة من يحيى بن إبراهيم الجدالي شيخ قبيلة جدالة الصنهاجية[30]..
وقد تزعم الحركة عبدالله بن ياسين الجزولي وسمى أنصاره المرابطين. ترك ابن ياسين قيادة
المرابطين العسكرية ليحيى بن عمر اللمتوني. ولما توفي يحيى سنة 448هـ (1056م) خلفه
أخوه أبوبكر وابن عمه يوسف بن تاشفين. وعندما توفي ابن ياسين عام 451هـ (1059م) تجنب
أبوبكر وابن تاشفين الخلاف بأن اتجه الأول نحو الجنوب فنشر الإسلام هناك، وواصل ابن
تاشفين سيره شمالاً, بنى ابن تاشفين مدينة مراكش عام 454هـ (1062م), وفي عهد يوسف بن
تاشفين (480 - 500هـ) تم الاستيلاء على باقي المغرب الأقصى والمغرب الأوسط إلى مشارف
إمارة بني حماد الزيريين, وعبر ابن تاشفين إلى الأندلس عندما استنجد به بعض أمرائها،
فانتصر على ألفونسو السادس في معركة الزلاقة سنة 479هـ، 1086م، ثم عاد إليها في
481هـ و483هـ فأزاح ملوك الطوائف نتيجة تواصل انقسامهم، وترددهم في الولاء للمرابطين،
واستمرار الخطر النصراني، وألحق الأندلس بدولة المرابطين, لكن سلطة المرابطين ما لبثت
أن اختلت في عهد ابنه علي (500-537هـ) بكل من المغرب والأندلس بسبب الانتفاضات المحلية
والهزائم على أيدي النصارى، وبدأ أمر الموحدين بالظهور. وقد تلا الأمير علي بن يوسف
ثلاثة أمراء من المرابطين واصلوا الصراع ضد الموحدين، حتى استولى هؤلاء على العاصمة
مراكش، فقتلوا آخر الأمراء المرابطين إسحاق بن علي بن يوسف، وقضوا على دولة المرابطين
سنة 541هـ، 1147م([31]).
المبحث الثالث :التعريف بدولة الموحدين
كانت بداية ظهورهم مع ظهور محمد بن تومرت
الذي ينتسب إلى بيت النبوة ونشأ نشأة دينية ورحل في طلب العلم إلى الأندلس ، ثم
إلى المشرق وكر راجعا للمغرب والتقى في عودته بالمدعو عبد المؤمن بن علي الذي صحبه
وحفظ عنه تعاليمه ولما وصل مراكش سنة 515هـ قام بدوره في الوعظ والإرشاد ، حتى وصل
نبؤه إلى علي بن يوسف بن تاشفين ، فجمع له مجلسا من الفقهاء تناظروا فيه حول
المنكرات التي تفشت في المجتمع وتأثر الأمير بكلامه إلا أنه أمر بطرده من مراكش
خشية الفتنة، فكانت تلك الشرارة لإعلانه خلع علي بن يوسف والدعوة لمبايعته ، واتخذ
مدينة تينملل مركزا له ودخل في صراع مرير مع المرابطين انتهى بموته سنة 524هـ،
فتحمل أعباء دعوته عبد المؤمن تلميذه المخلص ، والذي يعتبر المؤسس الحقيقي لدولة
الموحدين فاستغرق سنة ونصفا في تنظيم شئون الموحدين ، ثم بدأ الكفاح المسلح ضد
المرابطين ، وكانت لوفاة علي بن يوسف بن تاشفين سنة 537هـ أثر كبير في فت عضد
دولته ، حتى بعد تولي اسحق بن علي بن تاشفين السلطة بعد نزاع عليها مع ابن أخيه
إبراهيم بن تاشفين ، وتمكنت جيوش الموحدين من إسقاط مراكش سنة 541هـ ، وكانت تلك
نهاية دولة المرابطين وبداية دولة الموحدين([32]).
أظهر محمد بن تومرت (514-1120هـ) معارضته للمرابطين
بمراكش سنة 514هـ , فلما طرده الأمير علي بن يوسف منها، انتقل إلى جبل درن جنوب المغرب
الأقصى، حيث أعلن دعوته سنة 515هـ ، 1121م إلى مذهب التوحيد، مدعيًا أنه المهدي المنتظر
وأن نسبه يتصل بالرسول –صلى الله عليه وسلم - من فرع الحسن بن علي, وفي هذه السنة،
هزم حملة مرابطية جاءت تطلبه في إجليز، ثم اتخذ سنة 518هـ، 1124م مدينة تنملل قاعدة
له شن منها سنة 524هـ، 1129م حملة فاشلة على مراكش، وفيها توفي فبايع أتباعه ملازمه
وقائده عبد المؤمن بن علي (524-541هـ) فتلقب بالخليفة أمير المؤمنين وواصل الصراع مستفيدًا
من تفاقم مصاعب الدولة المرابطية، فاستولى على وهران وفاس ثم مراكش سنة 541هـ،
1147م. كما عبر إلى الأندلس في السنة نفسها، فاستولى على أشبيليا وقرطبة ثم على غرناطة,
وفي سنة 546هـ، 1151م بدأ في التوسع شرقًا باتجاه إمارة بني حماد، وكان أمرها في تراجع
والنورمنديون يطرقون سواحلها، فاستولى على بجاية وعنابة وقسنطينة ثم سطيف. وفي سنة
554هـ ، 1159م توجه إلى إفريقية (تونس) برًا وبحرًا، فأخضعها وحاصر المهدية حتى استسلم
من كان بها من النورمنديين صلحًا سنة 555هـ، 1160م، وبذلك وحد بلاد المغرب العربي من
جناحه الغربي، وأصبحت العاصمة مراكش من عواصم العالم الإسلامي الكبرى.
مرت دولة الموحدين بفترة قوة تواصلت إلى آخر عهد
الخليفة أبي يوسف يعقوب المن (580-595هـ)، ثم مالبث أن اضطرب الوضع السياسي بها منذ
بداية القرن السابع الهجري (بداية القرن الثالث عشر الميلادي) بتدخل بني غانية وهزيمة
الخليفة الناصر في موقعة العقاب بالأندلس أمام النصارى سنة 609هـ، 1212م، والصراع على
الحكم بين أمراء الموحدين. فاختل الأمر بالمغرب والأندلس وضعفت سلطة الخلفاء بمراكش،
وقوي نفوذ الولاة والقبائل بالجهات، ومالت الدولة إلى الانحلال, فانفصل بنو هود وبنو
الأحمر بالأندلس، ووالى النصارى هجماتهم واستولوا على مدنها وحصونها، كما استقل بنو
حفص بإفريقية (تونس) سنة 634هـ، 1236م، وبنو عبد الواد بالمغرب الأوسط سنة 633هـ،
1235م، واستفحل أمر بني مرين بالمغرب الأقصى حتى استولوا على مراكش سنة 668هـ،
1269م، ثم تنملل سنة 674هـ، 1275م.
وكان انتشار الأمن إبان قوة دولة الموحدين، والامتداد
الجغرافي لهذه الدولة، قد ساعدا على تنوع منتجاتها الصناعية... ، وبالتالي على نمو
التبادل التجاري الداخلي بين أقطار المغرب العربي والأندلس، والتبادل التجاري الخارجي
بينها وبين بلاد السودان وأوروبا النصرانية والمدن الإيطالية خاصة. كما ازدهر العمران
وتطور الفن المعماري، فظهر في الآثار الموحدية، وخاصة المساجد، اجتماع المؤثرات المغربية
والأندلسية والمشرقية. ومن ذلك منارة جامع حسان بالرباط وقصبة مراكش وجامع أشبيليا
الأعظم ومنارة خيرالدا. وكذلك نشطت الحياة الفكرية في عهد الموحدين، نتيجة اعتنائهم
ببناء المدارس الحكومية منذ القرن السابع الهجري (القرن الثالث عشر الميلادي)، حيث
انتشر التعليم النظامي المجاني، وتقريب الخلفاء للعلماء والفلاسفة. فلمع في الفلسفة
والطب أبو بكر بن طفيل (طبيب الخليفة أبي يعقوب يوسف)، وأبو بكر بن زهر الأشبيلي (طبيب
الخلفاء عبد المؤمن وابنه يوسف وحفيده يعقوب المن)، وأبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد.
كما برز في العلوم الطبيعية والصيدلية أبو العباس أحمد بن محمد بن مفرح الأموي المعروف
بابن الرومية، وضياء الدين بن عبد الملك المالكي الفاسي المعروف بابن السكّاك، وفي
الرياضيات ابن فرحون القيسي القرطبي وأبو عبد الله محمد بن حجاج المعروف بابن ياسمين
الفاسي([33]).
ثم تبع دولة الموحدين الدولة المرينية
(668-869هـ، 1269-1465م) , ثم دولة الأشراف السعديين (956-1022هـ، 1549-1613م) ,
ثم دولة الأشراف العلويين (1050هـ،1641م ................)
الفصل الثاني : دور المرأة ومساهمتها في نشر
الإسلام والنهضة في المغرب.
ويشتمل على تمهيد وثلاثة مباحث :
المبحث الأول : المرأة بين التهميش والعادات الجاهلية.
المبحث الثاني : دور المرأة في نشر صحيح الإسلام
.
المبحث الثالث : دورها في نهضة أمتها.
الفصل الثاني : دور المرأة ومساهمتها في نشر
الإسلام والنهضة في المغرب.
التمهيد :
شهد المغرب الأقصى في النصف الأول من القرن
الخامس الهجري حركة دينية هي حركة المرابطين التي انبثقت في الصحراء جنوب المغرب
الأقصى , وغيرت من وجه الحياة في شتى صورها سياسية كانت أو إدارية أو إقتصادية أو اجتماعية، وامتد تأثير حركة
الـمرابطين إلى الأندلس حيث خضعت لسلطة المرابطين.
وما إن ازدهرت حركة الـمرابطين، وتأسست دولتهم في الـمغرب الأقصى
وتمكن سلطانهم، واستقرت أحوالـهم
حتى اندلعت حركة دينية أخرى معارضة وهي حركة الـموحدين بزعامة الـمهدي بن تومرت وكانت ترسى إلى القضاء على دولة الـمرابطين وإقام نظام جديد .
وبعد صراع مرير، نجح الـموحدون في الإطاحة بدولة الـمرابطين، وإقامة
حكم جديد، و من ثم كان من الضروري التعرض للحياة السياسية للمغرب الأقصى منذ قيام
دولة الـمرابطين، و حتى نهاية حكم الناصر الـموحدي سنة 610ھ - /1213م لما للأوضاع السياسية من أثر في حياة السكان سواء من الناحية الإدارية أو الاقتصادية والاجتماعية.
اختلف موقف الـموحدين عن الـمرابطين فبينما اعترف الـمرابطون بالخلافة
العباسية، كان الـموحدون على العكس من ذلك غير معترفين بالخلافة العباسية بل اعتبروا
أنفسهم خلفاء، وأن مركز الخلافة مراكش وليس بغداد.
وهكذا شهد الـمغرب
الأقصى في ظل دولتين متعاقبتين موقفين مختلفين من الخلافة: موقف الـمرابطين الّذي دعم وجوده الروحي والسياسي بالإتصال بالخلافة
العباسية معترفاً بها طالباً تأيـيدها ورضاها، وموقف الـموحدي الّذي لم يعترف بالخلافة
العباسية، وفي نفس الوقت مقيماً لأول مرة في تأريخ الـمغرب الأقصى مركزاً للخلافة.
المبحث
الأول : المرأة بين التهميش والعادات الجاهلية .
هل عانت
المرأة في دولة المرابطين والموحدين من الظلم الاجتماعي والاقتصادي والتهميش
السياسي , كالتي عاشته شقيقاتها في باقي البلدان العربية ؟
لقد احتلت
المرأة مكانة مرموقة في المجتمع المغربي منذ قيام المرابطين..., وصارت لـها مشاركة واضحة في كثير من الـمجالات، وذلك بجانب وظيفتها الأولى وهي تربية النشئ والإشراف
على إدارة المنـزل...
لقد انتشلت من وحل كانت غارقة فيه , تدنت منزلتها , فالمرأة الملثمة مثلاً مشهورة بالجمال، ( وهى
سمراء اللون, وبعض نساء الطبقة العليا كانت لهنَّ منزلة رفيعة فاقت منزلة الرجال في
بعض الأحيان.
وانتشرت عادات خبيثة في المُجْتَمَع
المُلَثَّم تتنافى مع تعاليم الإسلام، بل هي عادات غارقة في مستنقعات الجاهلية،
ومن أبشع هذه العادات السيئة الزواج بأكثر من أربع حرائر، وعادة الزنى، ومصادقة
الرجل للمرأة المتزوجة بعلم زوجها وحضوره، وغابت العقيدة الإسلامية الصحيحة عن ذلك
المُجْتَمَع واضطربت تصوراتُه وانحرف عن الصراط المستقيم, بعدما كان أجداد هذا المُجْتَمَع
قد آمنوا بالله ربًّا , وبالإسلام دينًا وبمحمد –صلى الله عليه وسلم - نبيًّا
ورسولاً، ونبذوا ديانتهم المجوسية القديمة، بل كان أجداد هذا المُجْتَمَع دعاة إلى
الله ، ورفعوا لواء الجهاد , وخاضوا حروبًا في سبيل إعلاء كلمة الإسلام الخالدة التي
وصلتهم بعد فتح الأَنْدَلُس([34]).
ولعل من أسرار افتراق كلمة المرابطين ,
وتفرقهم , وتشرذمهم ما سرى بينهم من عادات جاهلية تنافت مع تعاليم الإسلام وخصوصا
بين النساء , جاء في فقه التمكين : وبعد ذلك افترقت كلمة المُلَثَّمين, وضاعت كثير
من تعاليم الدين واستمرَّ شتاتهم مدة مائة وعشرين سنة إلى أن قام بالأمر الأمير
محمد بن تيفاوت اللمتوني([35])
الذى وحَّدَهم، وقد استشهد هذا الأمير بعد ثلاث سنوات من حُكمِه على يد الوثنيين،
فقام بالأمر بعده صهره الأمير يحيى بن إبراهيم الجدالى الذى قاد قَومه نحو دين
الله بعد رجوعه مِن حِجِّه ورحلته المشهورة([36]).
لقد انتشرت العادات الجاهلية الوثنية بين
قبائل غمارة في الشمال وكانت هذه القبائل تسكن جبال الرِّيف الممتدة من ناحية
البحر المتوسط من سبتة وطنجة غربًا، إلى وادى نكور بالقرب من المزمة أو الحُسَيْمة
الحالية شرقًا، وتمتد بلادُهم جنوبًا إلى قرب فاس, وكانت غمارة بطنًا من بطون
مصمودة وظهر فيها مشعوذون، وقصدتهم الخوارج للمنعة فى جبالهم، ووصفهم
المُؤَرِّخُون من أمثال ابن خلدون وغيره: بأنَّهم: "عريقون فى الجاهلية؛ بل
الجهالة، والبعد عن الشرائع بالبداوة والانتباذ عن مواطن الخير([37]).
واستمرَّت البدع الكفرية بالرغم من موت
المتنبى المشعوذ وظهر أحد أبنائه ويُدعَى عيسى وكان مُبجَّلاً فى قَومه، وكانت
قبائل غمارة غارقة فى الإباحيَّة بين النساء والرجال، وكان رجالهم يربون شعورهم
كالنساء ويتخذونها ضفائر ويطيبونها ويتعممون بها..([38]).
أيضا انتشرت العادات الجاهلية الوثنية
الكفرية بين أفراد الطائقة البرغواطيَّة:
التي كوَّنت دولة لها فى القرن الثَّانِى
للهجرة فى إقليم تامسنا أو ما يُسمى اليوم بالشاوية ، وكانت دولتهم تمتدُّ من
الرِّبَاط الحالية إلى ثغر فضالة الذى كان قاعدة لأسطولها، وتنتهى عند بلدة أزمور
عند مَصَبِّ وادى أُمِّ الربيع.
ونجد أن المؤرخين اختلفوا حول اسم برغواطة،
فبعضهم يرى بأنَّه لم يكن اسمًا لقبيلة مُعينة يجمعها أصل واحد أو أب واحد، بل كان
اسمًا لأخلاط من البربر اجتمعوا على شخص يهودى الأصل، ادَّعى النبوة، اسمه صالح بن
طريف بن شمعون البرباطي، نسبة إلى وادى البرباط فى جنوب الأَنْدَلُس؛ فصارت كلمة
برباطى تُطلق على كل من اعتنق ديانته، ثم حُرِّفَت إلى برغواطي.
ويرى ابن خلدون أن برغواطة قبيلة من المصامدة
وأن ملوكها كانوا من مصامدة المغرب([39]).
ومن عاداتهم القبيحة ما سنه لهم زعيمهم صالح
بن طريف من تزوُّج النساء فوق الأربع، وأباح لهم الطلاق، وحرَّم عليهم زواج بنت
العم، وزواج المُسْلِمات، كذلك شرع قتل السارق، ورجم الزاني، ونفى الكاذب، وحرَّم
رأس كل حيوان، وحرَّم ذبح الديك، والحوت أى السمك، ولا يُؤكَل إلا أن يُذكى
"أى يذبح" والبيض عندهم حرام، وليس عندهم أذان ولا إقامة وهم يكتفون فى
معرفة الأوقات بصياح الديوك، ولذلك حرَّموها إلى غير ذلك من التعاليم الشيطانية
وإلى حدٍّ كبير تشبه ديانة حاميت المفترى فى غمارة([40]).
لقد كانت تعاليم هذه الدولة الكفرية متأثرة
بتعاليم اليهود المنحرفة، وكذلك ببعض التعاليم الإسلامية حيث يمكننا أن نقول
إنَّها ديانة مشوِّهة للإسلام تعمل للقضاء عليه، وكانت هذه الدولة عند أهل السنة
والجماعة مجوسًا منحرفين مارقين عن الدين الحنيف، ولهذا فرضوا قتالهم واستحلوا
دماءهم.
واستمرَّت هذه الدعوة الكفرية منذ سنة 125هـ
فى خلافة هشام بن عبد الملك إلى ظهور أهل السنة المرابطين المُلَثَّمين الذين قضوا
عليهم قضاءً مُبرمًا، وقد ذكرت كتب التَّارِيخ أن حكام المغرب قبل مجيء المرابطين،
كالأدارسة والأمويين والزناتيين قد قاتلوا برغواطة وأنزلوا بها هزائم منكرة وخسائر
فادحة([41]).
أيضاً من العادات المخالفة للشريعة الإسلامية
في الاندلس بعد الفتح الزواج المختلط , وإن كانت الشريعة أباحت زواج الرجل من
الكتابية , فقد حرمت على المسلمة الزواج من غير المسلمين , لأسباب كثيرة ومقاصد متعددة ليس هذا مجالها ..
لقد وجدنا في كتب التاريخ ما يثبت زواج
المسلمات بغير المسلمين , فالثائر البربري الأصل محمود بن عبد الجبار المصمودي
الذي أعلن الثورة في بلدة ماردة ضد الأمير عبد الرحمن الأوسط , واضطر بعد أن هُزم
إلى اللجوء إلى جليقية , حيث مات , وبقيت أسرته هناك , حيث تزوجت أخته جميلة التي
اشتهرت بجمالها وفروسيتها بأحد قوامسة أي حكام جليقية , وأنجب منها ولداً أصبح
فيما بعد أسقفاً أو القديس يعقوب على مدينة شنتياقب كبرى كنائس إسبانيا النصرانية([42]).
.. , وهذا الفعل لون من التحلل العقائدي , والذوبان الاجتماعي , الذي تنهى عنه
الشريعة الإسلامية .
أيضا من العادات الاجتماعية التي نهى الاسلام
عنها ونسخها بعد أن كانت مباحة , نكاح المتعة , فقد ساد هذا النكاح في الاندلس بين
طلبة العلم وسيلة لتجنب الزنا , وما علموا بأنه زنا يجلد المرء عليه أو يقذف حتى
الموت بعد أن نسخته الشريعة , ولعل العلة في تحريمه , انه لا عدة فيه , ولا ميراث
, ولا طلاق , عن علي بن أبي طالب -رضي
الله عنه- : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن
أكل لحوم الحمر الإنسية"([43]).
قال الإمام النووي: الصواب المختار أن
التحريم والإباحة كانا مرتين فكانت حلالا قبل خيبر ثم حرمت يوم خيبر ثم أبيحت يوم
فتح مكة وهو يوم أوطاس لاتصالهما , ثم حرمت يومئذ بعد ثلاثة أيام تحريما مؤبدا إلى
يوم القيامة واستمر التحريم قال القاضي واتفق العلماء على أن هذه المتعة كانت نكاحا
إلى أجل لا ميراث فيها وفراقها يحصل بانقضاء الأجل من غير طلاق ووقع الإجماع بعد
ذلك على تحريمها من جميع العلماء إلا الروافض ([44])...عن
ربيع بن سبرة عن أبيه أن النبى -صلى الله عليه وسلم- حرم متعة النساء([45]).
المبحث الثاني : دورها في نشر صحيح الدين.
ظهر لنا جلياً العادات الجاهلية الوثنية بين
القبائل المغربية , وكان لتفشي هذه العادات بين النساء أنه لابد من وجود من يتصدى
لها منهن , فهن أقدر على التغيير من غيرهم من الرجال , فتأثير المرأة في الدعوة
يختلف عن تأثير الرجل , وبمقدور المرأة المصلحة أن تفعل مالا يفعله الرجل , وهذا
ما رأيناه من أم شريك-رضي الله عنها - في المجتمع المكي , وغيرها , وعائشة الفقيهة
– رضي الله عنها - في المجتمع المدني , وغيرها ..
ووسط هذه المجتمعات الوثنية ظهر نجم بعض
النساء المصلحات أمثال زينب النفروية – رحمها الله –
حيث تذكر كتب التاريخ أنه بعد أن سار
المرابطون إلى مدينة أغمات، وكان أميرها يومئذٍ لقوط بن يوسف بن على المغراوى
وحاصروها, واضطر لقوط إلى الفرار عندما أيقن عبث المقاومة، فخرج يتلمس النجاة فى
أهله وحشمه تحت جنح الظلام، ودخل المرابطون أغمات عام 449هـ/ 1057م وأقاموا فيها
ما يقرب الشهرين، وتحركوا حركات حربية مُحكَمة للقضاء على فلول المُغراويين،
واستطاعوا قتل أمير أغمات وتزوج أبو بكر بن عمر من زينب النفراوية زوجة لقوط
المغراوي..([46]).
وتذكُر أيضاً كتب التَّارِيخ أن يوسف بن
تاشفين تزوج زينب النفروية بعد أن طلَّقها ابن عمه أبو بكر بن عمر عندما عزم على
السفر إلى الصحراء للجهاد والدعوة والإصلاح، فقال لها: أنت امرأة جميلة بضَّة، لا
طاقة لك على حرارة الصحراء، وإنِّى مطلقك؛ فإذا انقضت عدتك فانكحى ابن عمى يوسف بن
تاشفين، وتزوَّجها يوسف بعد تمام عدَّتِها، وكانت زينب بنت إسحاق مشهورة بالجمال
والرئاسة, بارعة الحسن, حازمة, لبيبة, ذات عقل رصين, ورأى سديد, ومعرفة بإدارة
الأمور، فكانت نِعْمَ الزوجة المعينة لزوجها, وقد مدحت كتب التَّارِيخ هذه المرأة,
واعتبرتها من خيرة نساء دولة المرابطين، وتوفيت عام 464هـ/ 1071م([47]).
وكانت مريم بنت أبي يعقوب تعلم النساء الدين
والأدب حتى شبهت في أدبها وعفتها بمريم العذراء , وشعرها وأمثالها بالخنساء , قيل
فيها :
أشبهت مريما العذراء في ورع وفقت خنساء في الأشعار والمثل
وكذلك طونة بنت عبد العزيز زوج أبي القاسم بن
مدير الخطيب المقرئ , كانت فاضلة دينة , فقيهة مقرئة.
وكذلك كانت فاطمة بنت يحي المغامي التي كانت
خيرة فاضلة عاملة فقيهة , ومنهن خديجة بنت عبد الله بن سعيد الشنتجيالي العالمة
الخيرة الفاضلة .. , وغيرهن كثيرات([48]).
المبحث الثالث : دور المرأة في نهضة أمتها.
1 - مكانة ودور الـمرأة في الـمجتمع الأدبي والاجتماعي:
شهد
الـمسرح الجغرافي للمغرب الأقصى في القرنين الخامس والسادس من الـهجرة عناصر متعددة
من السكان، و جنسيات مختلفة، وفي مقدمة هذه العناصر قبائل البربر وهم السواد
الأعظم من السكان، وأصحاب البلاد الأصليين و عاش معهم العرب الّذين لعبوا دوراً
واضحاً في الأحداث وصار لـهم دور مؤثر في عهد الـموحدين وبجانب البربر والعرب كانت هناك أقليات من
السودانيين والروم والأتراك.
وتتمتع الـمرأة دوراً
بارزاً وفرصة ممتازة خلال هذه الفترة، حيث كانت الـمرأة تتمتع بوضع كريم في
القبيلة الصنهاجية إذ كانت تشترك في مجلس القبيلة وتشارك في الأمور الـهامة ([49]) , وكانت للمرأة سيطرة ونفوذها على الرجل، وقد بلغ من احترامهم لـها أن كثيراً من قادة
الـمرابطين و امراء الدولة كانوا يلقبون بأسماء إمهاتـهن تقديراً لدور الـمرأة في مجتمع
الـمرابطين يقول النويري "واستقامت لـه الأمور _ أي ليوسف بن تاشفين _ وتزوج زينب بنت إبراهيم زوجة أبي بكر
بن عمر، و كانت حظية عنده وأميرة عليه و كذلك جميع الـملثمين ينقادون لأمور نسائهم ولا يسمون
الرجل إلا بأمه فيقولون ابن فلانة ولا
يقولون ابن فلان.([50])
.., ومن هنا وجدنا أبا
عبد اللـه محمد بن يوسف بن تاشفين
وهو أخ الأمير الـمسلمين علي وكان من أعظم قادة الـمرابطين يعرف بابن عائشة . وكذلك عبد اللـه بن فاطمة من أبرز قادة الـمرابطين
ودخل في كثير من
الـمعارك بالأندلس وأحرز فيها عدة انتصارات كان معروفاً بأبن فاطمة ([51]) وأيضاً محمود ويحيى ابناء علي بن يوسف الـمسوفي، و قد تزوج والدهما على بامرأة تسمى
غانية نسباً إلى أمهما . ([52])
وعرفا ببني غانية وقد كانت لـهما مكانتهما في الدولة الـمرابطية ثم تزعمهما
لثورة مسلحة ضد الـموحدين استغرقت وقتاً كبيراً وجهداً عظيماً من خلفاء الـموحدين، و داعية
الـموحدين محمد بن تومرت اشتهر
بنسبته: ابن تومرت وهو
اسم امرأة، وربما كان هذا اسم أحدى جداته أطلق عليه ومن ثم اشتهر به , وهذا كلـه يشير إلى مكانة الـمرأة وإعتزاز الرجال بانتحال أسماء أمهاتهم. وكانت المرأة تتمتع بقسط وافر من الحرية حتى أنـها كانت تختلط بالرجال
في الأماكن العامة والـمناسبات الـمختلفة، مـما جعل ابن تومرت عند عودته من رحلته
يستنكر هذا الوضع في أكثر من مكان، فعند نزولـه ببجاية في عيد الفطر وجد إختلاط الرجال بالنساء مما
دفعه للتفريق بينهم بعصاه, يقول ابن القطان "ثم حضر - أى ابن تومرت - عيداً فرأي فيه من اختلاط
الرجال بالنساء و الصبيان الـمتزينين الـمتكحلين ما لا يحل فزجرهم و غير ذلك عليهم، فوقعت لأجل ذلك نفرة
أستطال فيها الشر وسلبت النساء حليها وقام الـهرج فسأل العزيز عن سبب ذلك فعرف بأنه لا سبب
لـه إلا الفقيه السوسي").(([53]) وبذالك دافع المتمتعون من الرجال و النساء عن عادة متأصلة بينهم حتى
أنـهم قاوموا فعل ابن تومرت. كذلك حين نزل ابن تومرت بتلمسان وجد النساء يستقين الـماء و
بالقرب منهن الرجال يتوضؤن فقال: "أليس هذا منكر النساء مع الرجال مخلوطين, وحين نزل بناحية قلال وهي إحدی الأماكن الّتي عبرها في طريقه سمع صراخ الرجال و النساء نتيجة اللـهو واللعب فلما
نـهاهم عن ذلك كان جوابـهم ..,هكذا السيرة عندنا) [54]،(و لـما وصل إلى مكناسة شهد اجتماع الرجال و النساء تحت شجرة لوز فقام الـمهدي بتفريقهم.. هذا كلـه يشير إلى تمتع الـمرأة في هذا العهد بحرية الاختلاط و مشاركة
الرجال في الـمناسبات. ..
يقول
النويري "و لـم يزل الـمهدي يلازم الأمر بالـمعروف والنهي عن الـمنكر إلى أن وصل إلى
مراكش و هي دار مملكة علي بن يوسف بن تاشفين فرأی فيها من الـمنكرات أكثر مـما عاينه في طريقة
إذ رأی أخت أمير الـمسلمين في موكبها ومعها عدة من الجواري الحسان، و هن مسفرات، و كانت هذه من
عاداتهن فحين رأی النساء كذلك أنكر عليهن وأمرهن بستر وجوههن و ضرب هو وأصحابه دوابهن فسقطت أخت أمير الـمسلمين عن دابتها فرفع أمره إلى أمير الـمسلمين علي بن يوسف.. وفي رواية العمري
الّتي قابلـها ابن تومرت هي زينب إبنة أمير الـمسلمين علي بن يوسف ابن تاشفين)-[55] ) وإعتراض ابن تومرت يشير إلى أن موضوع السفور لم يكن عاماً بالنسبة لنساء الـمجتمع و إلا ما كان هناك وجه
للإعتراض عليه. و ربـما كان هذا خاصاً بالـمرأة الـمرابطية إذ أن هذا شيئ مألوف لديها و من هنا كان
نقد ابن تومرت و هجومه على نساء الـمرابطين دون غيرهن من نساء الـمجتمع([56]).
وفي عهد الموحدين:
لـم تتمتع المرأة بمثل النفوذ
والحرية الّتي كانت تتمع بها في الدولة الـمرابطية، لأنّ ابن تومرت داعي الـموحدين" كان من الّذين يكرهون اختلاط الرجال والنساء ...
، و لـم تبق للمجتمع الحرية الّتي كانت لـها من قبل، ولكن هذا الحد من الحرية لـم يمنع
الـموحدين في مناسبات مختلفة من إظهار تقديرهم وإحترامهم للمرأة، ففي إحدى معارك الـموحدين ضد
الـمرابطين سقط كثير من الأسرى في يد الـموحدين و منهم عدد كبير من النساء و قد قامت إحداهن وهي تاما
كونت ابنة "ينتيان بن عمر" بالتحدث مع عبد المؤمن بن علي وتذكيره بصنيع أبيها مع الـمهدي حين
تشفع فيه عند أمير الـمسلمين علي بن يوسف فأطلق سراحه، وهنا أمر عبد المؤمن بإطلاق سراحها، فرفضت
حتى يطلق معها كل النساء و كان عددهن أربعمائة، فامتــثل عبد المؤمن لـها وأمر بإطلاقهن معززات
حتى معسكر الـمرابطين.([57])..,
وكذلك حين استشنع أبو
شعيب الـمتصوف عند الخليفة عبد المؤمن في إطلاق سراح نساء علي بن يوسف و نساء أولاده فاستجاب، وفي بعض الأحيان اتخذ الـموحدون
من السبايا زوجات لـهم يقول البيذق ”و قسم الخليفة الغنائم - بعد انتصار الـموحدين علی الـمرابطين في إحدى
الـمعارك
صورة الـمرأة
"في الـمجتمع الأندلسي" في عهد الـموحدين536-668هـ
وأخذنا فيها مائة بكر وكن عندنا مؤمنات فقسمهن الخليفة على الموحدين
وتزوجوهن، وبقيت فاطمة بنت يوسف الزناتية و بنت ماكسن ابن الـمعز صاحب مليلة فرمى الخليفة القرعة
مع أبي إبراهيم على فاطمة فأخذها أبو إبراهيم وأخذ الخليفة بنت ماكسن بن الـمعز أم الأمير
إبراهيم والأمير اسماعيل)([58])
(كذلك أكرم الناصر الـموحدي سبايا ميورقة حين أمر باطلاق سراحهن ومساعدتـهن
بالأموال على الزواج, ونفس التكريم وجده نساء العرب الهلالية حين وقعن في الأسر من الخليفة عبد
المؤمن فقد وكّل بـهن الخدم لـخدمتهن حتى وصلن إلى مراكش فأنزلـهن الـمساكن الفسيحة وأجری عليهن النفقات
الواسعة).( إلا أن هذا لـم يكن دأب الـموحدين في تكريم السبايا فقد يحدث أن يبعن
كما تباع السلع والأمتعة و هذا ما حدث لنساء كزولة و لـمطة اللاتي وقعن في أسر
الـموحدين حيث باعهن الـموحدون على أحد أبواب مراكش ويبدو أن بعض تجار الرقيق لا يلتزمون بأحكام الشرع و يسرعون في بيع
النساء، و من هنا صدرت رسالة من الخليفة عبد المؤمن سنة 543ها/1148م، تشير إلى هذا الخطاء حين قال "وأنه أعلمنا بأن من يرضى تلك الفواحش بـما يرضاه ويستبــيحه و لا يبالي أحسن الفعل
فعله أم قبيحه يبتاع المرأة ويبيعها دون استبراء ويبعث في ذلك بكل على االله تعالى
و اجتراء ولا يتحفظ من مواقعة الزنا المحض ومخالفة الواجب مع الفرض" , و قد بين الخليفة علاج ذلك بقوله "فلا سبيل لأحد ممن هنالك أن
يبتاع شيئاً منهن أو يبيع حتى يستأذن الحاكم لأمره منكم والشيوخ لئلا يذهب الحق في ذلك
ويضيع... وكذلك فليتوقفوا عن بيع النساء في جميع ما تغنمونه منهن في تلك الأرجاء حتى تخاطبون
بأصل أمرهن و كيفيته، وتعلمونا من ذلك بجيلته لنرسم لكم فيه ما يكون عليه اعتمادكم و يجري إليه اقتصادكم , وقد اشتهر الـمنصور الـموحدي بإنصابه للمرأة يقول ابن خلكان في صفات
الـمنصور "ويقف للمرأة والضعيف ويأخذلهم بالحق , ومن هذا يتضح أن المرأة
تمتعت بِمكانة طيبة و نالت التقدير و الاحترام من ولاة الأمر بالمغرب الأقصى([59]).
ثقافة
الـمرأة العلمية والأدبية:
لقد ظهر في عهد المرابطين أديبات وحافظات للقرآن وراويات للحديث والشعر .
وكانت الأميرة حواء زوج الأمير سير بن أبي بكر "سيدة فاضلة نبيلة تقرأ القرآن
وتنظم الشعر , وكانت لها ندوة في قصر الإمارة بإشبيلية تحاضر فيها الكُتَّابَ
والشعراء وتسمع إلى حوارهم في الشعر وتشارك في نقد بعض الأبيات" ... وكانت
الأميرة مريم بنت تفلويت "... تحفظ جملة وافرة من الشعر , وتحاضر به وتثيب
عليه([60])..
وكانت هناك تميمة بنت يوسف بن تاشفين أخت
علي بن يوسف بن تاشفين وتكنى أم طلحة وكانت راجحة العقل مشهورة بالأدب والكرم وأيضا حواء بنت تاشفين - وكان تاشفين أخا ليوسف بن تاشفين لأمه - كانت أديبة شاعرة جليلة ماهرة، وكانت
تحضر الـمجالس الأدبية وتجمع الشعراء والكتاب وتحادثهم.. وبـجانب الثقافة والـمعرفة فإن بعض الأميرات قد تدربن على الضرب والطعن
حتى أن إحداهن وهي فانو بنت عمر بن ينتيان ظلت تقاتل الموحدين على أسوار
مراكش حتى قتلت، وقد أعجب الـموحدون بشجاعتها وصمودها يقول البيذق "فاستفتحت ودخلت بالسيف
وكان القتال على القصر
حتى الظهر، و لَم
يدخل حتى ماتت فانو بنت عمر بن ينتيان و كانت ذلك اليوم تقاتل الموحدين في هيئة
رجل،و كان الموحدون يتعجبون من قتالها ومن شدة ما أعطاها االله من الشجاعة وهي بكر
فلما ماتت حينئذ دخل القصر ولَم يعرف الموحدون هل هي امرأة أم لا حتى ماتت"..فإذا ما انتقلنا إلى الدولة الـموحدية وجدنا اشتغال كثير من النساء
بالعلوم الـمختلفة، وفي فترة نشر الدعوة شاركت المرأة في الاستماع إلى كلام ابن تومرت و نصائحه
فحين أحس ابن
تومرت بدنو أجله، جمع الرجال و النساء للاستماع إلى نصائحه ووعظه يقول ابن القطان
"وذلك أنه لما تمادى مرضه – أى مرض ابن تومرت - خرج راكباً على بغلته وجمع الناس ليسمع كلامه و وداعه
وأمر أن يكون الرجال أمامه
والنساء خلفه ليسمع
كلهم كلامه([61])
ومن بنات الخلفاء
المثقفات الّتي أشارت إليهن المراجع الأميرة زينب بنت الخليفة يوسف بن عبدالمؤمن
درست علم الأصول على أبي عبد االله بن إبراهيم وكانت عالمة صائبة الرأى فاضلة ..
ومن الشهيرات حفصة بنت الحاج الركوانية وهي من شاعرات الاندلس وقد مدحت
الخليفة عبد المؤمن بن علي.. ثم قامت بالتدريس في
قصر الخليفة المنصور الموحدي لنساء القصر، وأم خيرونة الفاسية التي كانت تحضر مجلس عثمان السلالحي إمام أهل فاس في الاصول وقد اقترحت عليه
تأليف كتاب في مذهب الأشاعرة فألف العقيدة البرهانية.., وكذلك فاطمة بنت عبد الرحمن فقد درست أصنافاً مختلفة من الكتب إذ
حفظت القرآن بقراءة نافع وكتاب شهاب الأخبار في الحكم و الأمثال والآداب
للقاضي محمد بن سلامة وعدة كتب في اللغة وصحيح مسلم في الحديث وفي التأريخ سيرة ابن اسحق وفي الأدب
الكامل للمبرد، وغير هؤلاء من النساء اللآتي حرصن على التزود من العلوم الإسلامية والدراسات
الأدبية الـمنتشرة في ذلك العصر.
لقد كان
للموحدين قصب السبق في ابتكار التعليم الإجباري المجاني لكل فرد على حدة، وبلغات عدة حتى
يتمكن الجميع من القراءة والكتابة، وتذكر المصادر والمراجع أن من مناقب الخليفة عبد
المؤمن بن علي الموحدي التي تسجل لصالحه، كونه جعل التعليم الابتدائي إجباريا مفروضا
على كل مكلف ذكر أو أنثى، وقد دفعه إلى هذا إصراره على أن يلم ويطلع كل شرائح
المجتمع على العقيدة التومرتية (نسبة إلى ابن تومرت) ومبادئها، وهو نوع من مناهج
التعليم المبتكرة لدى الموحدين، ويقوم على أنه يجب على كل من انضوى تحت راية
الموحدين أن يتعلم الضروري من العقائد وما يتعلق بالصلاة، كما رخص لمن يفهم اللسان
البربري دون العربي أن يقرأ بلسانهم عقيدة ابن تومرت البربرية: التوحيد؛ ومن خلال
قراءة متفحصة لأسلوب ومناهج التعليم لدى الموحدين، يتضح تأثرهم الواضح البارز
للعيان بمنهجية الإمام أبي حامد الغزالي شيخ ابن تومرت في كثير من أنظمتهم التعليمية،
حيث قلدوه مثلا في إدماج "الرياضيات" في مناهج التعليم، وهذا أمر
أهملته الدول الأوروبية آنذاك، ولم تحرص عليه كما حرص عليه الموحدون، كما تأثروا بالإمام
الغزالي في الجمع بين الأدب والعطاء، وفي مراعاة التدريج في ترقية التلاميذ من رتبة إلى
رتبة، ومن تم كان أسلوب التدريس عندهم يقوم على التدريج بالمتعلمين في مدارج
التعليم وعرف رقيا ملحوظا.
لقد كان للمرأة المغربية نصيبا وافرا من التعليم وحضورا متميزا عبر العصور، ومشاركة
فعالة ومثمرة في جميع الميادين، حيث كانت عنصرا حاضرا وفعالا في تقدم البلاد
وازدهارها، وتحريك النوى ذات اليمين وذات الشمال مع أخيها الرجل، ولقد سجل لها التاريخ
مشاركاتها العديدة في الحياة السياسية والاجتماعية والعلمية منذ العصور الأولى،
وما تأسيسها لجامعة القرويين العتيدة سنة (245هـ) على يد أم البنين فاطمة الفهرية
إلا برهانا واضحا على مشاركتها الفعالة المتميزة في بناء أسس المجتمع المغربي،
ولقد نالت المرأة المغربية حظها من التعليم والتنوير مثلها مثل أخيها الرجل حيث
تعلمت وعلَّمت، وحضرت مجالس العلم المختلفة وشاركت فيها بالكلمة والقلم،
وتركت بصماتها العلمية التي ما زال التاريخ يذكرها لها إجلالا وافتخارا.
وللإشارة فقد اهتم المرابطون أيضا بالمرأة واعتبروها عنصرا أساسيا في بناء وتسيير شؤون
الدولة المرابطية، وكان رأيها يعتد به في تسييس أمور الدولة سواء في المغرب
أو الأندلس كما هو معلوم أن يوسف بن تاشفين كان يأخذ برأي زوجته "زينب بنت
إسحاق النفزاوية الهوارية" التي عرفت بحكمتها وذكائها الخارق، فبنى لها مدينة
مراكش تقديرا لذكائها وحنكتها وحُسن تدبيرها، ونفس الشيء بالنسبة "لقمر" زوجة علي بن يوسف
التي كانت تدبر سياسة الدولة معه في حِنكة ورُؤية ثاقبة للأمور؛ كما ظهرت نساء في العهد
المرابطي اشتهرن بالشجاعة والإقدام أمثال السيدة "فانو" بنت الوزير عمر بن
بنتيان اللَّمتونية التي قاتلت الموحدين أيما قتال بالسيف، وحالت دون استسلام الأمير إسحاق بن
علي للموحدين حتى لا يدخلوا مدينة مراكش، ولم تستسلم إلا بعد تسليم مفاتيح مدينة مراكش
واقتحام قصرها وقتلها
سنة 545هـ، مما يؤكد الحضور الفعلي للمرأة على الساحة؛ أما بالنسبة لمشاركتها في ضروب النشاط الفكري بإطلاق علمي وأدبي على عهد
المرابطين، فعلى سبيل المثال لا الحصر تذكر المصادر والمراجع التاريخية من
العائلة المالكة السيدة "حواء بنت تاشفين بن علي"، و"تميمة بنت يوسف بن
تاشفين" المكنَّاة بأم طلحة في العلم والأدب([62])
، وهي من الأديبات المشهورات بالأدب والكرم، ولقد ضاعت أشعارها كما تذكر بعض المصادر المعتمدة، فهاته النسوة يعتبرن رموزا شامخة تظهر
وضعية المرأة في العهد المرابطي الذي رغم قصر عمره الفتي أعطى للمرأة المغربية
والأندلسية حقها في المشاركة في الحياة العلمية والسياسية والاجتماعية، وما كتاب
"طوق الحمامة في الألفة والآلاف" لابن حزم الأندلسي، إلا دليلا حيا على مكانة
المرأة في القرن الخامس والسادس الهجريين.
لم يشذ عصر الموحدين
عن سالفه في فتح المجال للمرأة للنهل من منابيع العلم والاغتراف من معاهده ومؤسساته على اختلاف
أنواعها، فكان لجعل التعليم الابتدائي إجباريا على كل ذكر وأنثى سببا مباشرا في تبحر
النساء في العلم، واقتحامهن لميادين المعرفة العالية، وجلوسهن في حلقات العلم التي كانت تعج بها الدولة الموحدية آنذاك ومشاركتهن
الفعالة فيها.
ولم يقف الموحدون عند
حد تعليم المرأة وتثقيفها وجلوسها في البيت بل فتحوا لها الباب على مصراعيه من أجل العطاء والمساهمة في خدمة المجتمع،
فوظفوها كمُعلمة ومُدرسة بقصر الخلافة أو في المعاهد التعليمية، فضربوا بذلك نموذجا
مشرفا يجب أن يحتدى به في المجتمعات المختلفة من أجل تطوير الحياة العامة، ومشاركة
كل عنصر فعال فيها، وفي هذا الصدد يذكر شيخنا البحاثة المتميز المرحوم سيدي محمد بن
عبد الهادي المنوني أنهم: "..لم يقفوا بالمرأة عند هذا الحد من التثقيف بل
وسعوا نطاق تعليمها، وضربوا ببناتهم مثالا لما ينبغي أن تكون عليه المرأة المغربية، ومن
بنات الخلفاء المثقفات التي حافظ عليها التاريخ زينب بنت يوسف بن عبد المومن.. كانت
عالمة صائبة الرأي، فاضلة معروفة بالشفوف على نساء زمانها، وترجمتها في التكملة
وزوائدها([63])،
فكانت بهذا تمثل المرأة الموحدية النموذج فكرا وسيرة ومذهبا.
وبالإضافة إلى الحرص على تعليم المرأة وتثقيفها استمعوا إلى مشاركتها العلمية
والأدبية، واستفادوا من تربيتها للأجيال، كاستفادتهم من الأديبة الشاعرة المربية
"حفصة بنت الحاج الركونية الغرناطية"، التي كانت أستاذة شاعرة ظهرت في عهد عبد
المؤمن بن علي، واشتغلت أستاذة لنساء المنصور الموحدي بداره بمراكش، توفيت بمراكش سنة (586هـ)، ولا أحد ينكر اهتمام عبد المؤمن الموحدي بالأدب وإكرام أهله نساء ورجالا، حيث كان
يجلس إلى الشعراء ويستمع إليهم، وما أكثرهم في عصره من أندلسيين ومغاربة
وأفارقة، مما يدل على نشاط الحركة الأدبية في ذلك العصر، فأُخصبت الأفكار وتَفتحت
العقول المختلفة([64]).
ولعل في اهتمام
الموحدين بالمرأة وفتحهم المجال لها في تسيير شؤون الحياة بحكم أنها نصف المجتمع ينطلق من اقتناعهم التام بما كفلته لها الشريعة
الغراء من حقوق، مثلها مثل شقيقها الرجل، وفقا للحديث النبوي الشريف الذي رواه الإمام
أحمد وأبو داود عن سيدتنا عائشة رضي الله عنها "إنما النساء شقائق
الرجال"().، وتشبُّعهم بأقدم رأي فكري في تقييم عقل المرأة وطبيعتها وهو رأي الفيلسوف الأندلسي
المغربي ابن رشد الحفيد (ت595هـ)، الذي ذكر في تعليقه على "جمهورية أفلاطون"
بأنه لا يوجد اختلاف بين النساء والرجال في الطَّبع، وإنما هو اختلاف في الحكم، أي أن طبيعة
النساء تشبه طبيعة الرجال، ومن تم للمرأة حق الولوج والمشاركة في مختلف مناحي
الحياة الاجتماعية والعلمية والسياسية.
وأستشهد هنا –في
عجالة- ببراعة النساء الطبيبات والممرضات اللواتي كن ينتمين لعائلة ابن زهر المختصة في الطب، وتنتسب إلى الطبيب
ابن زهر الأندلسي طبيب البلاط الموحدي، كأخته التي كانت لها مكانة مرموقة في
ميدان التمريض، وكانت من ممرضات القصر الموحدي حيث امتازت بمعرفتها لصناعتها ومهارتها
في الطب النظري والتطبيقي، وابنة الطبيب محمد بن زهر المعروف بالحفيد (ت590هـ)
التي كانت لها سمعة مرموقة في علاجها للمرضى وخاصة النساء منهم حيث أصبحت من أشهر
الأطباء في عصرها، كانت مُولِّدة ماهرة إلى جانب قدرتها على العلاج العام لسائر
أمراض النساء، كما خلفتها ابنتها التي امتهنت الطب وذاع صيتها بالولادة وعلاج بعض
أمراض النساء المستعصية([65])
أما بالنسبة للعلوم
الشرعية فاشتهرت من النساء اللواتي كن بارعات في علم الفقه السيدة "مَحلَّة المراكشية" التي كانت من حُفاظ مدونة الإمام مالك رحمه الله، وفي علم الحديث والرواية الشيخة
"أم المجد مريم" بنت أبي الحسن الشاري (579-649ه) صاحب مدرسة "الغرباء" بمدينة سبتة السليبة، والذي حبس عليها أول مكتبة من نوعها بالمغرب، كما اشتهرت السيدة "أم العز
العبدرية" التي كانت تدرِّس "صحيح البخاري"([66]).
ومن النساء العالمات
بعلم التصوف والعقائد إبان الحقبة الموحدية العالمة المتصوفة الذائعة الصيت السيدة "خَيرُونَة"
الفاسية الأصل التي أخذت التصوف على يد الإمام عثمان السلالجي، والذي يقال أنه ألف "عقيدته البرهانية" من
أجلها، ومما لا شك فيه أن لها يد بيضاء في نشر التوحيد على مذهب الأشاعرة بين نساء أهل فاس أسوة بأستاذها السالف الذكر([67]).
نفوذ
الـمرأة في الحكم والسياسة:
أسهمت الـمرأة الـمرابطية
بذكائها و نصائحها في تأسيس الدولة الـمرابطية والسيطرة على ولاة الأمر بـِها. زوجة يوسف بن تاشفين "زينب النفزاوية"
الّتي كانت امرأة حازمة لبيبة ذات رأي و عقل و معرفة بالأمور.. ولفرط ذكاها أطلقوا
عليها لقب الساحرة ([68])
وقد أشارت الـمراجع
إلى النصائح الّتي أسدتها زينب إلى زوجها يوسف بن تاشفين مع المعونات المادية الّتي قدمتها له
حتى استطاع أن يثبت أقدامه في مقعد الحكم واستطاعت زينب هذه الوسيلة أن تتمكن من قلب زوجها وتصير لها الكلمة في البلاد...وكان يوسف بن تاشفين يصرح في مجالسه بمكانتها و فضلها يقول ابن عذاري
”و في هذه السنة - سنة 469ها – ولد للأمير يوسف بن تاشفين ولده الفضل من زوجته زينب النفزاوية و كانت
أحب مالديه، أمرأة غالبة عليه، ولا كان أمر إلا أمرها، و كان يقول لبنى عمه إذا
خلا بهم وورد
ذكرها: إنما فتح البلاد برأيها.. وقد برز مدى سلطة زينب أنها أمرت بعزل أحد القضاة لأنه مدح
"حواء" زوجة سير بن أبي بكر صورة الـمرأة "في الـمجتمع الأندلسي" في عهد الـموحدين
)536ها-668ها( بالجمال و فضلها على سائر النساء، فجاءها الرجل مستعطفاً وظل على بابها أياماً، باع كل ما يملك لينفق
منه، إلى أن سمحت له
بالــمثول بين يديها يقول النويري "قالت - أى زينب لخادمها - فأتني به الساعة فأحضره إليها فقالت له تمدح زوجة سير و تفضلها على سائر النساء و خرجت
في وصفك لها عن الحد، وزعمت أن ليس في الأرض أجمل منها، و ما هذه الـمنـزلة
القضاء، و لا يليق بك أن تترك نفسك في هذه
المترلة فقال ارتجالا:
أنت بالشمس لاحقه و
هي بالأرض لاصقة
فمتى ما مدحتها فهي
من سير طالقة
فقالت له ياقاضي
طلقتها منه قال نعم ثلاثة وثلاثة وثلاثة، وضحكت حتى افتضحت وقالت: واالله لا شم
لها قفا أبدا وكتبت إلى يوسف برده إلى القضاء فرده([69]) وهكذا لعبت الغيرة
دورها في عزل القاضي ثم رده.
بعد ذلك حتى إذا تولى
أمير الـمسلمين علي بن يوسف، ازداد نفوذ النساء وصارت لَهن السيطرة على الحياة العامة في البلاد يصور ذلك المراكشي بقوله ”واستولى النساء على
الأحوال وأسندت إليهن الأمور وصارت كل امراءة من أكابر لمتونة و مسوفة مشتملة على كل مفسد و شرير و قاطع
سبيل، و صاحب خمر و ماخور،
وامير المسلمين في
ذلك كله يتزيد تغافلة ويقوى ضعفه([70])وصارت زوجة أمير المسلمين تتدخل في عزل الولاة، و ذلك ما فعلته والدة سير في عزل تاشفين عن تولى إمارة
الأندلس يقول ابن عذاره "و ذكروا أن والدة سير هي الّتي غارت بأخيه تاشفين لئلا يكبر على ابنها و يتملك في بلاد
الأندلس فكانت سببب عزلته ووصوله۔ أي إلى مراكش فلما جاء تاشفين إلى مراكش صار في ركاب أخيه سير يقف على بابه كأحد حجابه.. و كان هذا من تأثير قمر والدة سير، فلما مات ابنها سير و كان وليها للعهد حاولت نقل ولاية العهد إلى اسحق دون تاشفين و لم يتحقق لها ذلك بسبب صغر سن اسحق مع اختيار الناس لتاشفين...وكان هذا التدخل في شئون الدولة مع ضعف أمير المسلمين علي بن يوسف
أمام سيطرتهن عاملا من عوامل ضعف الدولة المرابطية مما أدى بها إلى الانهيار والسقوط.. وقد أشار المراكشي إلى أن عوامل إختلال أحوال الأندلس في أواخر أيامهم سيطرة النساء على مقاليد الأمور
"فأما أحوال جزيرة الأندلس فإنه لـما كان آخر دولة أمير الـمسلمين أبي الحسن علي بن يوسف، اختلت
أجوالها اختلالاً مفرطاً، أوجب ذلك تخاذل المرابطين و تواكلهم، و ميلهم إلى الدعة و إيثارهم الراحة و
طاعتهم النساء فهانوا على أهل الجزيرة وقلّوا في أعينهم، واجترأ عليهم العدو([71]) حتى إذا قامت الدولة الموحدية لم يكن للمرأة في اتمع الموحدى نفوذ مثيلتها في الدولة المرابطية، وتدخلها في الشؤون
السياسية بذلك الشكل الواضح وقد وجدنا منها مشاركة في الشؤون السياسية حين حضرت مبايعة القبائل لعبد المؤمن بن علي يقول البيذق: "و صاح
بالقبائل-أي عبد المؤمن بن علي بعد رجوعه
من غزو كزولة- و ضم
الموحدين ....واستعمل ركائز و حال بين الرجال والنساء ثم وعظ الناس وقال لهم في
آخر كلامه بقى عندكم عهد بيعة المهدى.. ولم توضح الرواية هل قام النساء بالمبايعة أيضاً؟ وإنما اكتفت الرواية ”فمد
يده وبايعوه - أي أصحابه - ثم تبعه سائر الناس حتى الليل و كانت البيعة ثلاثة أيام
متوالية... , ويرجح أن النساء اشتركن في البيعة لحضورهن
هذا الاجتماع يضاف إلى ذلك أن كلمة الناس التي وردت في النص عامة تشمل الرجال و النساء.
واحتلت زوجة الخليفة
يوسف بن عبد المؤمن من نفسه مكانة طيبة، وهي ابنة عدوه محمد بن سعد أحد المتغلبين على شرق الأندلس وذلك بعد دخوله في طاعة الـموحدين،
فأكرمه الخليفة يوسف بن عبد المؤمن وتزوج من ابنته، واستطاعت هذه الزوجة أن تتغلب عليه حتى
كان الناس يضربون المثل بحب الخليفة بالزرقاء المردنيشية واستطاعت بهذه المنـزلة أن
تشير على زوجها بتعيـيـن بعض قرابتها في بعض المناصب يقول لسان الدين بن الخطيب "و اتفق لقومها من البخت
بسببها ما لم يتفق لثائر ولا مخالف ملك من إعادته إلى ملكه فأنفذ تقديم الأمير أبي الحجاج يوسف بن سعد بن
مردنيش على بانسية وجهاتها وقدم غانم بن محمدعلى أساطيل العدوة بسبته و أمسك هلالا
بحضرته أثير الرتبة لديه([72])غير أن هذا النفوذللمرأة الموحدية لم يبلغ الدرجة الّتي وصلت إليها
المرأة في العهد المرابطي([73]).
المجال
الاقتصادي :
احتلت
المرأة مكانة مرموقة في مجتمعها اقتصاديا , ووكن يتمتعن أثناء قيامهن بالأعمال
بالتخصص فكل واحدة لها تخصص في تجارتها ونشاطها الاقتصادي ومن أعمالهن :
1 -
البائعات :
-
بائعات اللبن.
-
والبيض والدواجن.
-
والخضر والفاكهة.
2 – عاملة الغزل والنسيج.
3 –
حاضنة بيت بيض الدود.
4 –
السراقة.
وهي من
السرق وهو أجود أنواع الحرير , وهي لفظة معربة من كلمة سره , فالسراقة هي الممتهنة
لصنعة الغزل والنسيج لمادة واحدة فقط وهي الحرير.
5 - الشريكة التجارية..
فهي
شريكة بما تحمله الكلمة من معنى بأوجهها المتعددة([74]).
ما خلص
إليه البحث من نتائج وتوصيات:
1 – وضع
المرأة الأندلسية لم يكن الذي تصوره كتابات بعض المستشرقين , وأيضا لم يكن فيه
حرية زائدة خارجة عن التقاليد الإسلامية .
2 – إذا
كان المجتمع سمح للمرأة بالاختلاط فقد كان هذا الاختلاط منظما في أغلب أحواله يصون
المرأة ويحفظ عفتها .
3 –
الحالات التي تزوجت من غير المسلمين من النساء هي حالات فردية لا تشكل عقلا جمعيا.
4 –
المجتمع الأندلسي في ظل دولتي المرابطين والموحدين عمل على افساح المجال للمرأة في
كافة المجالات فاستجابت وأبدعت .
5 –
المرأة المغربية بشكل عام والأندلسية بشكل خاص لعبت دورا كبيرا في الحياة السياسية
والعلمية وأثبتت وجودها في الحياة الأدبية
6 –
تمتعت المرأة باستقلال اقتصادي أتاح لها امتلاك كل سبل الثروة .
7 – على
العلماء في بلاد المشرق توجيه طلابهم للبحث المنهجي , كل في تخصصه لدراسة علوم
المغرب وخاصة الأندلس ومقارنتها بما لدينا من علوم وإبراز الفارق بين الحضارتين
.., لتلافي الأخطاء وتنمية الايجابيات .
8 - على
رجال الأعمال أن يخصصوا أجزاء من أموالهم , وأن يوقفوا بعضاً من ثرواتهم , للدفاع
عن تراث أمتنا , وذلك بدعم ونشر مؤلفات الثقات من رجال التاريخ والآثار, أو إنشاء
وسائل إعلام حديثة تواكب العصر والتطور , من قنوات فضائية ومجلات ونشرات وإذاعات ,
وإنشاء مواقع على شبكات التواصل .. , وبذل هذه الأموال في خدمة طلبة العلم وتنقلهم
بين المشرق والمغرب بحثا عن الحقيقة العلمية –وخصوصا الشرعية - .
بعض المصادر والمراجع
1 - القرآن الكريم
2 - صحيح الإمام البخاري
3 - صحيح الإمام مسلم بن الحجاج
4- الأندلس في العصر الذهبي سوزي حمود, ط:
دار النهضة .
5 – المرأة في المجتمع الأندلسي راوية شافع ,
ط: المهتدين الاسلامية
6 – الأمة الأندلسية الشهيدة عادل سعيد
بشتاوي , ط : المهتدين.
7 – أدب الفكاهة الأندلسي حسين خربوش , ط :
الفردوس.
8 – أثر العصبية في الأدب الأندلسي , عامر
الجفري , ط : رسالة.
9 – رسائل بن حزم الأندلسي , المؤسسة العربية
للدراسات .
10 – تراث وشخصيات من الأندلس , عبد الواحد
ذنون طه.
11 – المرأة العالمة بالمغرب والأندلس نجلاء سامي
النبراوي , ط : الألوكة
12 – وضع المرأة السوداء بالمغرب يس يسني .
13 – نساء من الأندلس احمد خليل جمعة , ط :
اليمامة .
14 – فقه المرابطين في دولة الموحدين للصلابي
.
15 – موجز تاريخ الأندلس , عبد المقصود طه ,
ط : المهتدين .
16 – مقامات ورسائل أندلسية , فرناندودي..,
المجلس الأعلى للثقافة.
17 – تاريخ دولتي المرابطين والموحدين في
الشمال الأفريقي , للصلابي , ط : دار
المعرفة – لبنان –
18 – البربر في الأندلس , محمد حقي , ط :
شركة النشر والتوزيع –الدارس – الدار البيضاء.
19 – مظاهر الابداع الحضاري في الاندلس ,
محمد بشير , ط : دار غيداء للنشر.
20 - المعجب في تلخيص أخبار المغرب: عبد الواحد
المراكشي.
21 - الكامل في التأريخ: ابن الأثير، ،238/8ط
بدون تاريخ الإستقامة.
22 - المرأة المراكشية
في الحقل الفكري"
المنشور بصحيفة
المعهد المصري للدراسات الإسلامية بمدريد، المجلد:6، 1958م
23 - المرأة العربية في جاهليتها وإسلامها عبد
الله بن عفيفي الباجوري (المتوفى: 1364هـ) , ط: مكتبة الثقافة، المدينة المنورة -
المملكة العربية السعودية, الطبعة: الثانية، 1350هـ - 1932م.
[1] - الروم الآية :
21.
[2] - العلق الآيات : 1 – 5.
[3] - أخرجه الإمام البخاري , كتاب : بدء الوحي , باب : كيف
كان بدء الوحي إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم – 1/4 ح رقم : (3) تحقيق : د.
مصطفى ديب البغا أستاذ الحديث وعلومه في كلية الشريعة - جامعة دمشق , ط : دار ابن
كثير ، اليمامة – بيروت , الطبعة الثالثة ، 1407هـ – 1987م... غريب اللفظ في
الحديث : ( الصالحة ) الصادقة وهي التي
يجري في اليقظة ما يوافقها . ( فلق الصبح ) ضياؤه ونوره ويقال هذا في الشيء الواضح
البين . ( الخلاء ) الانفراد . ( بغار حراء ) الغار هو النقب في الجبل وحراء اسم
لجبل معروف في مكة . ( ينزع ) يرجع . ( ما أنا بقارىء ) لا أعرف القراءة ولا
أحسنها . ( فغطني ) ضمني وعصرني حتى حبس نفسي ومثله غتني . ( الجهد ) غاية وسعي .
( أرسلني ) أطلقني . ( علق ) جمع علقة وهي المني بعد أن يتحول إلى دم غليظ متجمد
والآيات المذكورة أول ما نزل من القرآن الكريم وهي أوائل سورة العلق . ( يرجف
فؤاده ) يخفق قلبه ويتحرك بشدة . ( زملوني ) لفوني وغطوني . ( الروع ) الفزع . (
ما يخزيك ) لا يذلك ولا يضيعك . ( لتصل الرحم ) تكرم القرابة وتواسيهم . ( تحمل
الكل ) تقو بشأن من لا يستقل بأمره ليتم وغيره وتتوسع بمن فيه ثقل وغلاظة . ( تكسب
المعودم ) تتبرع بالمال لمن عدمه وتعطي الناس ما لا يجدونه عند غيرك . ( تقري
الضيف ) تهيىء له القرى وهو ما يقدم للضيف من طعام وشراب . ( نوائب الحق ) النوائب
جمع نائبة وهي ما ينزل بالإنسان من المهمات وأضيفت إلى الحق لأنها تكون في الحق
والباطل . ( تنصر ) ترك عبادة الأوثان واعتنق النصرانية . ( الناموس ) هو صاحب
السر والمراد جبريل عليه السلام سمي بذلك لاختصاصه بالوحي . ( فيها ) في حين ظهور
نبوتك . ( جذع ) شاب والجذع في الأصل الصغير من البهائم ثم استعير للشاب من
الإنسان . ( يومك ) يوم إخراجك أو يوم ظهور نبوتك وانتشار دينك . ( مؤزرا ) قويا
من الأزر وهو القوة . ( ينشب ) يلبث . ( فتر الوحي ) تأخر عن النزول مدة من الزمن
], (المرجع : الجامع الصحيح نفس الصفحة والجزء تعليق د. مصطفى ديب البغا)
[4] - أخرجه الطبراني في الأوسط من حديث أنس بن مالك – رضي
الله عنه – 7/20 ح رقم : (6733) , قال الطبراني : لم يرو هذا الحديث عن النبي –صلى
الله عليه وسلم – إلا بهذا الإسناد تفرد به هشام بن عمار.
[5] - هو : سلامة بن جندل ، انظر : الديوان ص 200، المكتبة العربية،
حلب، 1963م.
[6] - شرح ديوان الحماسة لأبي على أحمد بن محمد بن الحسن المرزوقي
الأصفهاني (المتوفى: 421 هـ) تحقيق: غريد الشيخ ,ص : 208, ط: دار الكتب العلمية، بيروت
– لبنان , الطبعة: الأولى، 1424 هـ - 2003م .
[7] - عبس الآية : 37 .
[8] - المرأة العربية في
جاهليتها وإسلامها عبد الله بن عفيفي الباجوري (المتوفى: 1364هـ) 1/14, ط: مكتبة
الثقافة، المدينة المنورة - المملكة العربية السعودية, الطبعة: الثانية، 1350هـ -
1932م.
[9] -المرجع السابق نفس الصفحة والجزء.
[10] - المرجع السابق 1/15.
[11] - الحالة السياسية والاجتماعية من الناحية التاريخية
لمنطقة المغرب العربي , مبحث للدكتور محمد بن الطرهوني , ص : 2.
[12] - البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب لابن عذاري
المراكشي، أبو عبد الله محمد بن محمد (المتوفى: نحو 695هـ), تحقيق ومراجعة: ج. س.
كولان، إِ. ليفي بروفنسال ,1/47 , ط: دار الثقافة، بيروت – لبنان , الطبعة:
الثالثة، 1983 م ، الاستقصا لأخبار دول
المغرب الأقصى لشهاب الدين أبو العباس أحمد بن خالد بن محمد الناصري الدرعي
الجعفري السلاوي (المتوفى: 1315هـ) , تحقيق: جعفر الناصري/ محمد الناصري 1/156, ط :
دار الكتاب - الدار البيضاء .
[13] - طبقات علماء أفريقيا لمحمد بن أحمد بن تميم التميمي
المغربي الإفريقي، أبو العرب (المتوفى: 333هـ) 245, ط: دار الكتاب اللبناني، بيروت
– لبنان- بتصرف .
[14] - تاريخ ابن خلدون 4/187.
[15] - وهم بكر بن سوادة وجعثل بن عاهان وحبان بن جبلة وسعد
بن مسعود وطلق بن جعبان وعبد الرحمن بن رافع وعبد الله بن المغيرة وعبد الله بن
يزيد وموهب بن حي .
[16] - فتوح البلدان لأحمد بن يحيى بن جابر بن داود
البَلَاذُري (المتوفى: 279هـ) , ص: 229 , ط: دار ومكتبة الهلال- بيروت- 1988م.
[17] - بن خلدون 6/113 .
[18] - انظر تاريخ الرقيق 120، الرياض 1/103، وقد استشهد أبو
كريب قاضي القيروان وجماعة كثيرة من العلماء في قتال الصفرية سنة 139هـ (المعالم
1/229) .
[19] - البيان المغرب 1/70.
[20] - دولة الأدارسة
[21] - انظر الطبري 5/27 ، الكامل 6/90 ، المختصر في أخبار البشر
2/11 زهرة الآس ص9، الولاة والقضاة ص131 ، جذوة الاقتباس ص 8 ، أعمال الأعلام
ص1900 ، موريتانيا بلاد شنقيط ص9،10 ، الدر النفيس في مناقب إدريس .
[22] - انظر العبر 4/13 ، أعمال الأعلام ص 194 ، الاستبصار ص
195، صبح الأعشى 5/180 .
[23] - انظر الدرر السنية ص80 .
[24] - البيان المغرب
1/90-138 ، إتحاف أهل الزمان 1/120-119 ، خلاصة تاريخ تونس 78-91 ، العبر
4/196-206، نهاية الأرب 24/100-153 ، الشجرة 2/118-112 ، الكامل 5/204-105 ، 141،
184-186، 215 ،252 الخلاصة النقية 24-35 ، الحلة السيراء 1/613 ، 179 ، أعمال
الأعلام 14-45 ، تاريخ المغرب العربي 2/27-183، تاريخ الرقيق 212-233 ، الدولة
الأغلبية (كاملا) ، المجتمع التونسي على عهد الأغالبة 19-21 ، القيروان 65-80 ،
مقدمة طبقات أبي العرب 7-12 ، معالم تاريخ المغرب 83 -100 ، الأغالبة وسياستهم
الخارجية (كاملا) .
[25] - البيان المغرب 1/124-215210-228 ، حسن البيان 229-233
، المغرب الكبير 2/593-637 ، تاريخ عجائب الآثار 1/26 ، الكامل في التاريخ
6/127-135، 6/ 151 ، 160 ، 190 ، 238 ، 305 ، 311 ، المؤنس 54-65، الشجرة
2/122-123 ، معالم تاريخ المغرب 119-136 ، القيروان 83-97 ، تاريخ المغرب العربي
2/535 ، 577 ، أعلام ابن عاشور 39-44 ، الاستقصا 1/60 ، الرياض 2/41-45 ، 2/59-87
، 292، 297-299 ، 338-339 ، الفرق الإسلامية 200-201 ، الصراع المذهبي 167-193 ،
203-211 ، أعمال الأعلام 46-65 ، الحلة السيراء 1/190-196 ، 2/387-393 ، الخلاصة
النقية 35-42 ، النجوم الزاهرة 3/168-177، الإباضية بالجريد 120 ، 123-125،
المدارك 1/318-321، طبقات الخشني 215 ، 225-226 ، رسالة افتتاح الدعوة 62-274 ،
الفكر السامي 2/148، رحلة التجاني 266، العبر 4/28-49 ، البداية والنهاية 11/179 .
345 ، مقدمة ابن خلدون 21-23 ، اتعاظ الحنفاء 55-101 ، المغرب العربي 166-174 ،
مرحلة التشيع في المغرب العربي 17-58 .
[26] - تاريخ المغرب والأندلس فى عصر المرابطين، د. حمدي عبد
المنعم، ص (27)..نقلا عن : فقه التمكين في دولة المرابطين للصلابي , ص : 6.
[27] - وفيات الأعيان (ج7/130).
[28] - انظر: دولة المرابطين فى المغرب والأندلس، ص (13).
[29] - تاريخ الشعوب الإسلامية 2/183 ، في تاريخ المغرب
والأندلس ص268، موريتانيا بلاد شنقيط ص10،11 .
[30] - انظر: موريتانيا، تاريخ تونس، تاريخ المغرب.
[31] - دولة المرابطين .
[32] - الدولة الموحدية ص47، صبح الأعشى 5/136، المعجب ص 178-303
، العبر 6/226، تاريخ الدولتين ص2،3 ، الأنيس 2/107، أعمال الأعلام 3/264-267،
النبوغ المغربي 2/73، نظم الجمان ص93،94، عصر المرابطين والموحدين 1/225 ،
موريتانيا بلاد شنقيط ص12،13 .
[33] - انظر تاريخ المغرب والأندلس في عصر المرابطين
ص219-232، قيام دولة المرابطين ص 328-329، 388 , والأنيس 2/163،168،186،193،
المعجب 230،235،256 ، نظم الجمان ص 169، تاريخ الجزائر 2/224، الاستقصا 2/147،149،
البيان المغرب 4/65،72، المؤنس 114، أعمال الأعلام 2/309 ، الحلل الموشية ص156 .
[34] - فقه التمكين في دولة المرابطين للصلابي , ص :10.
[35] - ابن أبي زرع، روض القرطاس، ص (746) نقلاً عن دولة
المرابطين لسعدون عباس ص (19).
[36] - فقه التمكين ص : 11 .
[37] - المرجع السابق , ص : 51 .
[38] - فى تاريخ المغرب والأندلس، د. العبادي، ص (278 - 290).
[39] - ابن خلدون، العبر، (ج2/210).
[40] - نص على ذلك التشابه صاحب كتاب مفاخر البربر، ص (77)،
انظر : فى تاريخ المغرب والأندلس، ص (281)..., نقلا عن فقه التمكين ص : 55 .
[41] - فقه التمكين , ص : 55 .
[42] - الإسلام في أرض الأندلس
للعبادي ,ص : 63 , نقلا عن :المرأة في المجتمع الأندلسي لرواية شافع , ص : 43.
[43] - أخرجه الإمام البخاري ,
كتاب : المغازي , باب : غزوة خيبر 4/1544 ح رقم : (3979).
[44] - النووي على مسلم 9/181.
[45] - أخرجه الإمام أبو داود ,
كتاب : النكاح , باب : في نكاح المتعة
2/186 ح رقم : (2075).
[46] - تاريخ المغرب والأندلس، ص (44) , والبداية والنهاية، (12/143).
[47] - فقه التمكين ص : 66.
[48] - نساء من الأندلس ص : 18 .
[49] - قيام دولة الـمرابطين: د.حسن محمود، ص.52
[50] - نهاية الأرب في فنون الأدب: شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب
بن محمد النويري. ،80/22
رقم ،549دار الكتب.
[51] - نظام الجمان: أبو علي الحسين بن القطان، ص ،8ط:1960م، تطوان.)تحقيق:
د.محمود علي
مكي
[52] - الحلة السيراء: ابن الآبار, .205/2
[53] - نظام الجمان: أبو علي الحسين بن القطان، ص ،41ط:1960م،
تطوان.)تحقيق: د.محمود علي
مكي
[54] - أخبار الـمهدي: البيذق، ص.61.
[55] - مسالك الأبصار: العمري، .39/15
[56] - المرأة في المجتمع الأندلسي في عهد الموحدين 214.
[57] - أخبار الـمهدي: البيذق، ص .88
[58] - السابق , ص : 94.
[59] - المرأة في دولة الموحدين , ص : 215.
[60] - مدح النساء في عهد
المرابطين لأحمد القدور ص : 3.
[61] - نظام الجمان: ابن القطان، ص.126
[62] - . انظر:إبراهيم
حركات، المغرب عبر التاريخ، 1/360، ط:1، دار الرشاد الحديثة، الدار البيضاء: 1984م.
[63] -. سيدي
محمد المنوني.العلوم والآداب والفنون على عهد الموحدين، ص:33، ط:2،
مطبوعات دار المغرب للتأليف والترجمة، الرباط: 1977م.
[64] -.للمزيد
انظر: سيدي عبد الله كنون، النبوغ المغربي، 1/111-112، ط:2، دار الكتاب اللبناني.بيروت:1961م.
[65] -. انظر:
علي عبد الله
الدفاع، أعلام العرب والمسلمين في الطب، ص:183، ط:3. مؤسسة الرسالة، بيروت: 1986م.
وللمزيد انظر:
ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء في طبقات الأطباء، وانظر: أحمد شوكت الشطي، تاريخ الطب وآدابه وأعلامه.
[66] -.انظر:
عبد الله علام، الدولة الموحدية بالمغرب في عهد عبد
المؤمن بن علي، ص:244 ،ط: 1.دار المعارف، مصر:1971م.
[67] -.انظر على
سبيل المثال
لا الحصر: "التكملة" لابن الأبار البلنسي. "الذيل والتكملة"
لعبد الملك المراكشي."نفح
الطيب" للمقري."شهيرات
نساء المغرب" للكانوني. وانظر: البحث القيم للبحاثة المتميز سيدي عبد العزيز بن عبد الله حول: "المرأة المراكشية في الحقل
الفكري" المنشور
بصحيفة المعهد المصري للدراسات الإسلامية بمدريد، المجلد:6، 1958م نقلا عن قطوف
علمية من الحقبة الموحدية علية
الأندلسي)
[67] - البيان المغرب: ابن عذاري. ،23-22/4ت د.إحسان عباس....
[69] - الكامل في التأريخ: ابن الأثير، ،238/8ط بدون تاريخ الإستقامة.
[70] - المعجب في تلخيص أخبار المغرب: عبد الواحد المراكشي، ص.177
[71] - المعجب في تلخيص أخبار المغرب: عبد الواحد المراكشي، ص.208
[72] - أعمال الأعلام)القسم الثاني(: ابن الخطيب، ص ،312-311تحقيق
ليفي بروفنسال.
[73] - المراة في عهد الموحدين ص : 217.
[74] - المرأة العاملة بالمغرب د: نجلاءالنبراوي ص :17.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق