دكتور عاطف زيتحار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد غالى قوم في حب آل البيت حتى أوصلوا مقامهم إلى مقام
النبوة في الفضل، أو الألوهية في معرفتهم للغيب.
وجفا قوم آل البيت فأبغضوهم وحاربوهم وشنعوا عليهم
وهؤلاء هم النواصب والخوارج.
وتوسط قوم في حبهم لآل البيت فذكروا فضائلهم، واعتبروا حبهم
إيمانًا، وبغضهم نفاقًا, وجعلوا ذلك واجباً وفريضة.
لقد اختلف الأئمة في تعريف آل البيت النبوي على أقوال
أشهرها: أنهم الذين حرِّمت عليهم الصدقة، وبه قال الجمهور. والذين حرمت عليهم
الصدقة هم بنو هاشم وبنو المطلب، وهذا هو الراجح؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما
بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد" أخرجه البخاري في صحيحه، ومن العلماء من
قَصَرَ التحريم على بني هاشم فقط دون بني المطلب. وقيل هم ذرية النبي صلى الله
عليه وسلم وأزواجه خاصة، اختاره ابن العربي(أحكام القرآن (3/623) وانتصر له، ومن القائلين
بهذا القول مَنْ أخرج زوجاته. وقيل آل النبي صلى الله عليه وسلم هم أتباعه إلى يوم
القيامة، واختاره الإمام النووي من الشافعية(شرح صحيح مسلم (4/368) والمرداوي من الحنابلة(الإنصاف
(2/79)..
وذهب مالك وأبو حنيفة: أنهم بنو هاشم فقط, ويعللون ذلك بأن آله صلى الله عليه وسلم هم من اجتمع معه عليه الصلاة والسلام في هاشم, قالوا: والمطلب لم يجتمع معه عليه السلام في هاشم, لأن المطلب أخو هاشم، وكما أن عبد شمس ونوفلا أخوان لهاشم وهما ليسا من آل البيت، فكذلك المطلب؛ ويبين العيني المراد ببني هاشم فيقول: وبنو هاشم هم آل علي وآل عباس وآل جعفر وآل عقيل وآل الحارث بن عبد المطلب .
وذهب الشافعية والحنابلة: أن آل البيت هم بنو هاشم وبنو المطلب
فقط؛ ويؤيد هذا ما رواه جبير بن مطعم رضي الله عنه، أنه قال: مشيت أنا وعثمان بن عفان
إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقلنا: أعطيت بني المطلب من خمس خيبر وتركتنا ونحن بمنزلة
واحدة منك، فقال: "إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد" قال جبير:
"ولم يقسم النبي صلى الله عليه وسلم لبني عبد شمس وبني نوفل شيئا". وفي هذا
يقول الشيخ الشنقيطي في الأضواء: " ولما ناصر بنو المطلب بن عبد مناف بني هاشم،
ولم يناصرهم بنو عبد شمس بن عبد مناف وبنو نوفل بن عبد مناف، عرف النبي صلى الله عليه
وسلم لبني المطلب تلك المناصرة التي هي عصبية نسبية لا صلة لها بالدين، فأعطاهم من
خمس الغنيمة مع بني هاشم، وقال:" إنا وبني المطلب لم نفترق في جاهلية ولا إسلام
"، ومنع بني عبد شمس وبني نوفل من خمس الغنيمة، مع أن الجميع أولاد عبد مناف بن
قصي".
وذهب أغلب الشيعة إلى أنهم أصحاب الكساء واستدلوا بما أخرجه
مسلم في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: خرج النبي صلى الله عليه وسلم غداة
وعليه مرط مرحل من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله ثم جاء الحسين فدخل معه ثم جاءت
فاطمة فأدخلها ثم جاء علي فأدخله ثم قال: "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل
البيت ويطهركم تطهيرا".
وأخرج أخرج الترمذي والحاكم وصححاه وابن جرير وابن المنذر
وابن مردويه والبيهقي في سننه من طرق عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها قالت: في بيتي
نزلت إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت، وفي البيت فاطمة وعلي والحسن والحسين،
فجللهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بكساء كان عليه ثم قال: هؤلاء أهل بيتي فأذهب
عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً. وجاء في بعض الروايات أنه عليه الصلاة والسلام أخرج يده
من الكساء وأومأ بها إلى السماء وقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فأذهب عنهم الرجس
وطهرهم تطهيراً ثلاث مرات.
وقد زادت الجعفرية على أصحاب الكساء بقية الأئمة الاثني عشر،
مع أنه لم يرد لهم في حديث الكساء أي ذكر. ويرون عدم دخول أمهات المؤمنين في عداد
أهل البيت لخروجهم من الحصر في آية التطهير وحديث الكساء, ويقولون بأن خطاب التذكير
في قوله تعالى: (عنكم) و(يطهركم) يمنع من دخول أمهات المؤمنين في جملة أهل البيت، وكل
هذا مردود عليهم؛ وذلك لأنه إذا اجتمع المذكر والمؤنث في جملة غلب المذكر، والآية عامة
في جميع آل البيت النبوي، فناسب أن يعبر عنهم بصيغة المذكر. وإن كان بعض الشيعة
حصر الآل في خمسة فقد زاد بعضهم فجعلهم أكثر من ذلك.., وأين هذا الحصر من حمزة
وجعفر والعباس وعقيل ... رضي الله عنهم فحمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله شهيد
أحد وفارسَ بدر، وعندما استشهد حزن عليه النبي صلى الله عليه وسلم حزنًا شديدًا وقال:
"سيد الشهداء عند الله يوم القيامة حمزة" والعباس بن عبد المطلب شهد فتح
مكة وثبت يوم حنين، وقال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: "إن العباس مني وأنا منه"(أخرجه
الحاكم في المستدرك) وقال: "يا أيها الناس! من آذى عمي فقد آذاني؛ فإنما عم الرجل
صنو أبيه"(أخرجه الترمذي والنسائي). وجعفر الطيار بن عم النبي صلى الله عليه
وسلم صاحب المآثر والمحامد، وهو الذي قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أشبهت
خَلْقي وخُلُقي"(أخرجه الترمذي، وأحمد)
وقد كان أحد السابقين إلى الإسلام، وممن هاجر إلى الحبشة، ولم يزل هناك إلى أن هاجر
النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فقدم إلى المدينة يوم فتح خيبر، ففرح به النبي
صلى الله عليه وسلم فرحًا شديدًا، وقام إليه وعانقه وقبَّله بين عينيه. ولما أرسله
النبي صلى الله عليه وسلم إلى مؤتة نائبًا لزيد بن حارثة رضي الله عنه أبلى بلاءً حسنًا،
وقاتل حتى قطعت يداه واستشهد، فعوَّضه الله عن يديه جناحين في الجنة، فكان يقال له
بعد قتله: الطيار، ولما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم نبأ استشهاده حزن عليه حزنًا
شديدًا، وقال: "دخلت الجنة البارحة فنظرت فيها وإذا جعفر يطير مع الملائكة"( أخرجه الحاكم في المستدرك (3/217)، والطبراني في الكبير (2/107)
وقال: "مر بي جعفر الليلة في ملأ من الملائكة، وهو مخضب الجناحين بالدم أبيض الفؤاد" أخرجه الحاكم في المستدرك (3/234). وأين عبد الله بن
عباس رضي الله عنهما والحسن بن علي رضي الله عنهما وذريته.
فآل البيت أكبر من حصرهم في خمسة, ولو حصرناهم لقيدنا
واسعاً, والرأي الراجح في ذلك ما ذهب إليه جمهور أهل السنة أن أهل بيت النبي هم
الذين حرمت عليهم الصدقة وهم بنو هاشم وبنو المطلب.
فضل أهل البيت في القرآن والسنة بجوار ما سبق:
- جاء في صحيح مسلم
عن يزيد بن حيان قال: (انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم، فلما
جلسنا إليه قال له حصين: لقد لقيت يا زيد خيرًا كثيرًا، رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسمعت حديثه،
وغزوت معه، وصليت خلفه، لقد لقيت يا زيد خيرًا كثيرًا، حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول
الله صلى الله عليه وسلم، قال: يا ابن أخي، والله لقد كبرت سني، وقدم عهدي، ونسيت بعض
الذي كنت أعي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما حدثتكم فاقبلوا، وما لا فلا تكلفونيه،
ثم قال: قام رسول الله صلى الله عليه سلم يومًا فينا خطيبًا بماء يدعى خمًا، بين مكة
والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكَّر، ثم قال: أما بعد: ألا أيها الناس! فإنما
أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما: كتاب الله؛ فيه
الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به. فحث على كتاب الله ورغَّب فيه، ثم قال:
"وأهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي، أذكّركم الله
في أهل بيتي..." الحديث.
- وروى مسلم في صحيحه عن واثلة بن الأسقع قال: سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا
من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم".
- وروى الإمام أحمد في مسنده بإسناده عن رجل من أصحاب النبي
صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: (اللهم صلِّ على محمد، وعلى أهل بيته، وعلى أزواجه
وذريته، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد، وبارك على محمد، وعلى أهل بيته، وعلى
أزواجه وذريته، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد). قال ابن القيم : فجمع بين
الأزواج والذرية والأهل، وإنما نص عليهم بتعيينهم ليبين أنهم حقيقون بالدخول في الآل،
وأنهم ليسوا بخارجين منه، بل هم أحق من دخل فيه، وهذا كنظائره من عطف الخاص على العام
وعكسه؛ تنبيهًا على شرفه، وتخصيصًا له بالذكر من بين النوع؛ لأنه أحق أفراد النوع بالدخول
فيه"
ولذلك نحن نحب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونواليهم،
ونحفظهم ونتعبد لله بهذا الحب لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم، حيث قال: "أذكركم
الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي" وقال أيضًا للعباس عمه، وقد اشتكى
إليه أن بعض قريش يجفو بني هاشم، فقال: "والذي نفسي بيده لا يؤمنون حتى يحبوكم
لله ولقرابتي".
أدب الانتساب إلى آل البيت وحق من انتسب على المسلمين:
فبجوار حرمة الصدقات عليهم, وأن لهم خمس الغنائم, وأنهم
لا يرثون النبي صلى الله عليه وسلم فما تركه صدقة, فإن أدب الانتساب إلى هذه
المدرسة النبوية عظيم وحقوقهم على الأمة أعظم, فمن حقوقهم على الأمة:
1 – المحبة والموالاة والمودة تعبدا لله:
حق الموالاة والمحبة، فتجب محبتهم لإيمانهم، وتجب موالاتهم
لقرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أذكركم
الله في أهل بيتي"؛ ولحديث: "والذي نفسي بيده لا يؤمنون حتى يحبوكم لله ولقرابتي"
وفي رواية عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله إن قريشاً
إذا لقي بعضهم بعضاً لقوهم ببشر حسن، وإذا لقونا لقونا بوجوه لا نعرفها، قال: فغضب
النبي صلى الله عليه وسلم غضباً شديداً، وقال: "والذي نفسي بيده لا يدخل قلب الرجل
الإيمان حتى يحبكم لله ورسوله" رواه أحمد .
يقول الله تعالى: (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا
إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا
حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ) الشورى 23.
وهذه الآية لها معنيان: أحدهما: محبتهم وموالاتهم، والآخر:
أن تحبوني لقرابتي فيكم؛ فإنه لا يخلو بطن في قريش إلا وله صلة قرابة به صلى الله
عليه وسلم.
2- الدفاع والذب عنهم، وتبرئة ساحتهم مما ينسب إليهم كذبًا
وزورًا، والدفاع عنهم لا يعني مجرد الرد على من يسبهم، بل يشمل ذلك، ويشمل الرد على
من غلا فيهم، وأنزلهم فوق منزلتهم؛ فإن ذلك يؤذيهم، وقد ألف شيخ الإسلام ابن تيمية
كتابه الكبير منهاج السنة في الرد على من غلا فيهم..؛ ومما يؤكد أن الغلو فيهم يؤذيهم:
ما جاء في رجال الكشي عن الإمام زين العابدين علي بن الحسين حيث قال: "إن اليهود
أحبوا عزيرًا حتى قالوا فيه ما قالوا، فلا عزير منهم ولا هم من عزير، وإن النصارى أحبوا
عيسى حتى قالوا فيه ما قالوا، فلا عيسى منهم ولا هم من عيسى، وإنا على سنة من ذلك،
إن قومًا من شيعتنا سيحبونا حتى يقولوا فينا ما قالت اليهود في عزير، وما قالت النصارى
في عيسى ابن مريم، فلا هم منا ولا نحن منهم" رجال الكشي (ص:111) وهذا الكتاب أهم
وأقدم كتب الرجال عند الشيعة، ألفه أبو عمرو محمد بن عمر الكشي من شيوخهم في القرن
الرابع الهجري، وقد هذبه شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي في كتابه (اختيار الرجال) وهو
المتداول المشهور.
3 – الصلاة والسلام عليهم حق لهم دون سائر الأمة:
فالصلاة على آله من تمام الصلاة عليه لما سئل النبي صلى
الله عليه وسلم عن كيفية الصلاة عليه في الصلاة؟ قال: "قولوا: اللهم صلِّ على
محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت
على إبراهيم في العالمين إنك حميدٌ مجيد، والسلام كما قد علمتم"..؛ وعن أبى هريرة
عن النبي صلى الله عليه وسلم :"من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى إذا صلى علينا
أهل البيت فليقل اللهم صل على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وأهل بيته
كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد".
4 – ومن محبتهم زيارتهم والتأدب أثناء الحديث عنهم, وكيف
لا وهم أمنة لأهل الأرض؛ روى جماعةٌ من أصحاب السُّنن: أنَّ رسول الله - صلَّى الله
عليه وسلَّم - قال: "النجومُ أمانٌ لأهل السماء، وأهلُ بيتي أمانٌ لأمتي",
وفي رواية مسلم (2531/ 207) بلفظ: عن أبي بردة، عن أبيه، قال: صلينا المغرب مع رسول
الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ثم قلنا: لو جلسنا حتى نصليَ معه العشاء، قال: فجلسنا،
فخرج علينا، فقال: "ما زلتُم هاهنا؟" قلنا: يا رسولَ الله، صلَّيْنا معك
المغرب، ثم قلنا: نجلس حتى نصلي معك العشاء، قال: "أحسنتُم أو أصبتم"، قال:
فرفع رأسَه إلى السماء، وكان كثيرًا ممَّا يرفع رأسَه إلى السماء، فقال: "النجوم
أمنة للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماءَ ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبتُ
أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون".
فمحبَّة آل البيت مِن محبَّة رسول الله - صلَّى الله عليه
وسلَّم - ومحبتُه - صلَّى الله عليه وسلَّم - من محبَّة الله - عزَّ وجلَّ - فمَن أحبَّهم،
فقد أحبَّ النبي، ومن أحبَّ النبيَّ فقد أحب الله، ومَن أحبَّ الله أحبَّه كلُّ شيء.
وهكذا التأدب معهم وقد روي: "أنَّ عبدالله بن عباس - رضي الله تعالى عنهما - كان
يمسك بزمام ناقةِ الصحابي الجليل زيد بن ثابت - رضي الله تعالى عنه - فقال: دعْها يا
ابنَ عباس، فقال ابن عباس: هكذا أُمِرْنا أن نفعلَ بعلمائنا، فنَزَل زيد بن ثابت من
على ناقته، وقال لابن عباس: ناولْني يدَك، فناولَه يدَه فقبَّلها وقال: هكذا أُمِرْنا
أن نفعلَ بآل بيتِ نبيِّنا - صلَّى الله عليه وسلَّم".
5 – ومن محبتهم التعرف على سيرتهم العطرة، والتأسِّي بهم
في أقوالهم وأفعالهم وأعمالهم وسلوكهم؛ لنصيرَ من أحبابهم ومِن محبيهم.
6 - لا يجوز لأحد لم ينتسب إليهم أن ينسب نفسه زورا
وبهتاناً, لأنه جاء الوعيد الشديد فيمن انتسب إلى غير أبيه، أو ادعى قومًا ليس له فيهم
نسب، فقد جاء في الصحيح عن أبي ذر رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه
وسلم يقول: "ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر بالله، ومن ادعى قومًا
ليس له فيهم نسب فليتبوأ مقعده من النار".
7-من انتسب إليهم وجب عليه أن يكون وعاءا صادقاً ومرآة
صافية تعكس ما تحمل من نسب طاهر؛ فرض الله حبه على المسلمين؛ فلا ينبغي عليهم أن
يلوثوا هذا النسب بأخلاق لا تمت إلى آل البيت, أو تقصير في العبادات بحجج واهية لا
دليل عليها من كتاب أو سنة؛ فالواجب على من ينتسب إلى أهل البيت المطهر واللائق به،
أن يكون من أولى الناس حظًا بتقوى الله وخشيته، واتباع طريقة وسنة رسول الله صلى
الله عليه وسلم قولًا وعملًا، باطنًا وظاهرًا، ناظرًا إلى أن التفضيل الحقيقي، إنما
هو بتقوى الله واتباع نبيه صلى الله عليه وسلم.
8- اليقين الجازم بأن نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم وذريته هو أشرف الأنساب..؛ فلا نسب يعلوا نسبه منزلة, ولا ذرية تعلوا ذريته مكانة..؛ ففي سير أعلام النبلاء للذهبي وتهذيب التهذيب لابن حجر في ترجمة العبَّاس: (كان العبَّاسُ إذا مرَّ بعمر أو بعثمان، وهما راكبان، نزلاَ حتى يُجاوِزهما إجلالاً لعمِّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم) وذلك لشرف ما يحمل من نسب, وروى ابن سعد في الطبقات (5/333)، و(5/387 ـ 388) بإسناده إلى فاطمة بنت علي بن أبي طالب أنَّ عمر بن عبدالعزيز قال لها: (يا ابنة علي! والله ما على ظهر الأرض أهلُ بيت أحبُّ إليَّ منكم، ولأَنتم أحبُّ إليَّ مِن أهل بيتِي). هكذا عرف الصحابة والتابعون فضل هذا النسب فاحترموه وقدروه تقديرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
9 – أن آل البيت هم الامتداد لرسول الله صلى الله عليه
وسلم ومن هنا جاءت الموالاة وجاء الحب؛ قال أبو بكر رضي الله عنه: " والذي نفسي
بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه أحب إلي أن أصل من قرابتي " رواه البخاري
ومسلم وقال أيضا: " ارقبوا محمدا صلى الله عليه وسلم في أهل بيته " رواه
البخاري أي: احفظوه فيهم؛ فلا تؤذوهم ولا تسيئوا إليهم. وقال عمر للعباس رضي الله عنهما:
" والله، لإسلامك يوم أسلمت كان أحب إلي من إسلام الخطاب لو أسلم، لأن إسلامك
كان أحب إلى رسول الله من إسلام الخطاب" رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح قاله
الهيثمي في المجمع.. وفي الحديث الشريف : "كل سبب ونسب وصهر ينقطع يوم القيامة،
إلا سببي ونسبي وصهري" أخرجه أحمد في (الفضائل): 2/624، والطبراني في (الكبير):
3/36 [رقم:2632]، وأورده الهيثمي في (المجمع): 9/275، عن ابن عباس، وقال: (رواه الطبراني
ورجاله ثقات).
فرضي الله عنهم, ورزقنا حبهم وجعلنا امتداد لآل بيت
النبي صلى الله عليه وسلم.
دكتور عاطف زيتحار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق